هناك ردة فعل إيجابية تجاه التعسف الانفصالي المناطقي وما جرى في عدن، ولكن في الحقيقة أن الانفصال حاصل، وعمليات الترحيل المناطقية مستمرة من العام الماضي. الفارق أنها بدأت مؤخراً كحملة رسمية فيما كانت تحصل الشهور الماضية بواسطة ميليشيات ومجموعات شبه رسمية وغير رسمية. الفارق أيضاً أن بعض الأطراف فتحت أعينها على ما يجري، وهذا شيء جيد، وإن كان متاخراً وبعضه مسيس. أما الانفصال، فما تم تعيين محافظ ومدير أمن من عمق الحراك الداعي للانفصال، إلا لترسيخ الانفصال، وما تم تأسيس قوات على أساس مناطقي إلا لترسيخ لذات الغرض، وهو لا يتطلب أو يعني الانفصال بإعلان دولة جديدة، وإنما انفصال واقعي بسلطات ومجموعات لا تعترف بالأجزاء الأخرى من البلد. ما سلم هادي صنعاء وانتقل عدن إلا لأجل أشياء تعني واقعاً الانفصال، وعدن كانت السبب الأخير قبل التدخل. وفكرة نقل العاصمة كانت كذبة إعلامية لتضليل من يقرأ الأمور من سطوحها. وإلا فالعاصمة مؤسسات دولة متراكمة وليس من السهل ان تنقل عاصمة بين ليلة وضحاها ولو بسنوات، وها هو كل شيء ينكشف. تصريح عيدروس الزبيدي، الذي قال إن هادي وافق على الخطة يبدو مقبولاً، لأنهم جميعاً لم يكونوا يتوقعون ردة فعل كما حصل، فالتهجير والترحيل عملياً يتم منذ شهور، والانفصال يتم عملياً فلم يعد هناك مسؤول من المحافظات الشمالية بالجنوب ولا قوة مركزية، والعلم المرتفع منذ شهور هو الراية التي تشير للانفصال، بغض النظر هل ستصل لدولة أم لا. المهم أن الواقع مفروض فيه واقع تجزيئي. وبعيداً عن الشحطات والردات الانفعالية، نتمنى أن تتسبب أحداث الجنوب بتوحيد وصلح الأطراف "الشمالية" كما تسمى، ليس ضد أحد ولكن لتحافظ على ما يسمى "الشمال" وتوقف الاقتتال فيما بينها والفتن الاجتماعية والفرز المناطقي الذي يهدد بما هو أسوأ، لاقدر الله.