أما آن لليمن أن يرتاح من مراهنات الحوثي – صالح، العبثية، على عامل الوقت الذي كان منذ بدء الأزمة ضدهما؟ اليوم، وبعد سنة ونصف السنة من الحرب التي أراد منها الانقلابيون بسط سيطرتهم الصورية على البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، لجعلها منفذ إيران إلى المنطقة، ثبت بالدم أن هذه الدولة العربية ليست لقمة سائغة لأحد، حتى لو كان من بعض أبنائها، كما أثبت اليمنيون أنهم تعلموا من دروس التاريخ، خصوصا درس سيف بن ذي يزن، ولن يكرروا ذلك الخطأ التاريخي مهما كانت الخسائر كبيرة، والظروف صعبة، فكيف إذا كان حليفهم بالقوة التي عليها التحالف العربي؟ توهم الثنائي الانقلابي أن انخفاض اسعار النفط، وحديث دوائر مالية عالمية عن عجز ما في ميزانيات الدول الأعضاء في التحالف العربي، يمكن ان يساعدهما على تحقيق هدفهما الذي هو في الحقيقة مجرد حلم ليلة صيف، لن يكتب له التحقق بأي شكل من الأشكال، لذلك انقلبوا مرات عدة على نتائج المفاوضات في الكويت، وأفشلوا كل المساعي السلمية لوقف الحرب، وخرقوا الهدنة عشرات المرات، إلا أنهم اكتشفوا في نهاية المطاف أن التحالف والحكومة الشرعية والمقاومة الشعبية عادوا الى الحرب مثلما كانوا في يومها الأول، بل أكثر قوة بفضل المناطق التي استعيدت إلى حضن الشرعية، فيما هم الى انحسار دائم. صحيح أن هناك بعض التأثير السلبي لانخفاض أسعار النفط على ميزانيات دول التحالف، لكنه في الواقع تأثير محدود لا يمكن ان يجعلها بحاجة إلى التنازل عن سيادتها، أو تسليم شبه الجزيرة العربية إلى ايران، أو أن تكرر التجربة العراقية التي تسببت الثقة بالولايات المتحدة الأميركية فيها بتسليم العراق على طبق من فضة إلى نظام الملالي، ولا أن تكرر أيضا التجربة اللبنانية، والمراهنة على اعتبارات وهمية مثل تلك المتعلقة ببنية النظام السياسي الطائفي، الذي جعل من لبنان مزرعة يحكمها «حزب الله»المرتبط عضويا بحبل سري بإيران، ولا أن تسعى إلى توازنات سياسية إقليمية تكرر التجربة السورية، فكل هذا جربته دول التحالف العربي وكانت نتائجه كارثية على الأمن القومي العربي ككل، بل أنتج أشكالا من التطرف لم يسبق أن شهد مثلها العالم العربي، منذ انهيار السلطنة العثمانية، التي يسعى الفرس حاليا لاستبدالها بامبراطورية لهم، تكون بوابتها الجزيرة العربية ينفذون منها إلى الأماكن الإسلامية المقدسة وخزان النفط العالمي. ولأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فإن دول التحالف العربي ماضية بمشروع إعادة اليمن إلى حضنه العربي، مهما كانت الخسائر المالية التي هي في الحقيقة خسائر ثانوية، لا تؤثر في مركزها المالي، إضافة إلى أن أسعار النفط المنخفضة اليوم هي اعلى بقليل مما كانت عليه عندما بدأت عملية التصدي للانقلابيين في اليمن، وهي لا شك لن تكون عليه مستقبلا، ما يعني أن رهانات الانقلابيين على سراب، لأن الخسائر التي سيتكبدها اليمن ومعه دول التحالف العربي، إذا قدمت أي تنازل لفريق القتل والتدمير، أكبر بكثير مما تدفعه اليوم، فهذا لبنان المثقل بديون وصلت الى نحو 80 مليار دولار، جراء تبعات اختطاف «حزب الله» للدولة، وهذا العراق أيضا المفترض أنه من أغنى الدول العربية اقتصاديا وماليا بفضل مخزونه النفطي الهائل، يرزح تحت ديون تسبب بها عملاء إيران نتيجة عمليات النهب التي مارسوها طوال 13سنة مضت تكبد فيها نحو 225 مليار دولار، فاذا كانت هذه النتائج ماثلة أمام قادة التحالف العربي، فهل سيعيقهم انخفاض أسعار النفط عن دفع بضعة مليارات لإفشال المشروع التوسعي الايراني؟ أحلام الخفافيش، لا يمكن أن تتحقق مادامت الغالبية الساحقة من اليمنيين مؤمنة بأنها تخوض صراعا على مصير بلدها ضد قلة ارتضت لنفسها أن تكون أداة في يد عدو تاريخي للأمة العربية، كالنظام الإيراني.