توجد 196 حكومة في العالم ، مقابل 137 شركة عملاقة تسيطر على اقتصاد العالم .. اربع شركات منها تسيطرعلى 90% من انتاج القمح والسكر والبن والشاي.. وعشر شركات تستحوذ على 90% من كافة المنتجات الغذائية.. في حين تسيطر أربع شركات (أميركية) على عالم النت والبرمجيات.. وست شركات على عالم النفط والطاقة.. واربع وكالات اعلامية على85% من الاخبار والمعلومات التي تشكل أدمغتنا صباح مساء...
وأرقام كهذه تقودنا للتساؤل تلقائيا عمن يحكم العالم فعليا !؟
... بدون شك هناك تناغم كبير بين السياسة والاقتصاد.. اتفاق غير مكتوب بين الحكومات السياسية والشركات العالمية تلبي بموجبها الأولى متطلبات الثانية، مقابل تمويل الثانية لخزينة الأولى..
الشركات العالمية الكبرى لا تحكم العالم بطريقة مباشرة بل "تتحكم" بالعالم من خلال تأثيرها الاقتصادي والعابر للقارات.. لا تلعب دور الحكومات ولا تسن القوانين والتنظيمات، بل تؤثر على الدول لتفعل ما يناسب مصالحها..
لن أضرب مثلا بحكومات العالم الثالث (المغلوبة على أمرها) ولا بالحكومات الديكتاتورية (التي تبيع أوطانها) بل بحكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تملك أنظمة انتخابية ومؤسساتية يصعب التلاعب بها.. ففي أميركا تملك الشركات وقطاعات الأعمال قوى ضغط سياسية ترعى مصالحها وترجح فوز وخسارة من يعارضها .. يوجد في واشنطن لوبي خاص بصناعة النفط، والسلاح، والصلب، والفحم، والسيارات وكل صناعة يمكنك تصورها..
لوبي السلاح والنفط هو مثلا من ضغط لاحتلال العراق زمن الرئيس بوش الابن (وجميعنا يتذكر فضيحة شركة هليبورتون النفطية التي كان يترأسها نائب الرئيس ديك تشيني واتهامها باستنزاف الحكومة الأميركية وتزوير مبيعات الوقود الخاصة بالجيش).. وهو من أطال أمد المعارك في فيتنام واستثمر في صناعة طائرات الأباتشي رغم خسائر الجيش الأميركي.. وجدت شخصيا أكثرمن 43 كتابا (في موقع أمازون) تؤكد وجود مؤامرة لتسهيل قصف بيرل هاربر (من قبل القاذفات اليابانية) كي تضطر الحكومة الأمريكية لدخول الحرب العالمية ضد اليابان...
وحين نترك لوبي السلاح نكتشف أن بقية اللوبيهات إن جاز التعبير تعتمد على القوة الناعمة في اختراق حكومات العالم المختلفة.. أسهل طريقة لفعل ذلك هي التعاون مع كبار المتنفذين في الدول الأجنبية لاقتحام أسواقها المحلية وتقاسم الأرباح معهم.. بهذه الطريقة غزت المطاعم الأميركية السريعة أسواق العالم، وتغلبت السيارات اليابانية على نظيراتها المحلية، وأصبحت 80% من مبيعات الهواتف الذكية بيد ثلاث شركات فقط (وكل هذا باسم العولمة)...
والحقيقة هي أن الشركات العابرة للقارات تبدو معقدة كشبكة العنكبوت.. فهي مثلا ترتبط بمؤسسات مالية أكبر منها (مثل جي بي مورغان ومجموعة ميلون نيويورك بنك) .. وتملك غالبا علامة تجارية مميزة وطاغية (كالمشروبات الغازية) ولكنها تعمل بمعزل عن نظيراتها في دول العالم المختلفة.. كما تملك من جهة أخرى منتجات مستترة لا تربطها عمدا بمنتجها الأكثر شهرة (فمن كان يعرف مثلا أن شعير كويكرز، وبطاطس ليز، تابعة لشركة بيبسي كولا).. وفي المحصلة تكتشف أن 90% من المنتجات الغذائية التي تراها في بقالة الحي تتحكم بها عشر شركات عالمية فقط (هي نستلة، وداناو، وبيبسي، وكوكاكولا، وكيلوكز، ومارس، وموندليز، ومايلز، والأغذية البريطانية، وشركة ينيليفر التي تبيعك شاي ليبتون مع مسحوق أومو ومعجون سيجنال)..
وكل هذه الأرقام تثبت أن (عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي) تتحكم فيه شركات متعددة الجنسيات أكثر قوة وثراء من أي حكومة عالمية ، وأطول عمرا وتأثيرا من أي رئيس يتم انتخابه كل أربع سنوات!!