تعد التوأم رفا ورهف (9 أشهر) المصابتان ب"سوء التغذية الحاد الوخيم" في نوم عميق على سرير المرض بمستشفى بني سعد الحكومي بمحافظة المحويت (شمال غرب اليمن)، محاولتان استعادة قوامها بعد أن فقدتا نصف وزنهما. جسدان هزيلان لاتكادان تقويان على التقاط أنفاسهما، وإلى جانب "سوء التغذية الحاد" الذي تعانياه أصيبتا بعد أسبوع من تلقيهما العلاج بوباء "الكوليرا" مازاد حجم معاناتاهما. تقول والدة التوأم رفا ورهف (19 عاما) ل"المشهد اليمني" خلال جولة استطلاعية بمستشفى خميس بني سعد: "كانتا ترفضان الرضاعة وأي سائل يشربانه يتقيآنه مع اسهال حاد في نفس الوقت". "كانت حالتهما تسوء يوما بعد يوم وكنت عاجزة عن معرفة السبب (...) قررت الذهاب بهما إلى المستشفى بحثاً عن العلاج"، تضيف والدة التوأم. تتابع والدة التوأم "لم نكن نمتلك المالك الكافي لنقلهما أو حتى شراء دواء خافض للحرارة إلى المستشفى، حتى تكفل أحد الميسورين في المنطقة باسعافهما على نفقته إلى المستشفى". يقول د. عبدالكريم صالح عبده الموظف في قسم سوء التغذية بمستشفى خميس بني سعد الذي افتتح في يونيو 2018 بإشراف مباشر من منظمة الصحة العالمية ل"المشهد اليمني": "تم اسعاف الحالتين إلى المستشفى واجراء الفحوصات الأولية وتبين اصابتهما بسوء التغذية الحاد الوخيم"، مضيفاً "تعاني التوأم رفا أيضاً من متلازمة المنغولية او ما يعرف بمتلازمة ب"داون" منذ ولادتها". وأشار د. عبدالكريم صالح عبده إلى أن حالة التوأم تحسنت في الاسبوع الأول من العلاج إلا أن حالتهما انتكست إثر إصابتهما بمرض الاسهالات المائية الحادة المعروف ب"الكوليرا". ووفقاً لمنظمة الاممالمتحدة للطفولة "يونيسف" يقدر عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في اليمن خلال عام 2018 ب1.8 مليون طفل، بمن فيهم نحو 400 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم الذي يهدد أرواحهم. وقدمت "يونيسف" بحسب بيان نشرته على موقعها الالكتروني الشهر الماضي، رعاية علاجية لأكثر من 244 ألف طفل باليمن تحت سن الخامسة، أغلبهم يعانون من تغدية حادة وذلك بداية من العام الجاري، كما علاجاً من نقص عناصر غذائية محددة لأكثر من 317 ألف طفل تحت سن الخامسة أيضًا. من جانبه يقول مدير مستشفى خميس بني سعد الدكتور فؤاد الحسني ل"المشهد اليمني" إن "قسم سوء التغذية استقبل 34 حالة منذ افتتاح القسم في يونيو 2018، منها سبع حالات خلال اكتوبر الماضي". وأكد الحسني أن المستشفى يستقبل حالات مرضية أخرى مثل؛ الملاريا، التيفوئيد، الجارديا، حمى الضنك، مضيفاً "أربع حالات توفت خلال الاسبوع الماضي جراء مرض حمى الضنك". "الوضع الصحي يتدهور بشكل رهيب (...) والمرض صار قاتلاً آخر يزيد معاناة اليمنيين إلى جانب الحرب، يجب أن ينتهي هذا في أقرب وقت"، يقول الحسني. وكان منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك حذر في اكتوبر الماضي من خطر حدوث مجاعة كبرى وشيكة في اليمن، لم يشهد مثيلها من قبل أي مهني يعمل في المجال الإنساني. ويتم إعلان حدوث مجاعة في مكان ما عند الوصول إلى درجات معينة من انعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية، ومعدلات الوفيات. والمعايير الثلاثة للمجاعة هي: أن تواجه أسرة واحدة على الأقل من بين كل خمس شحا شديدا في الغذاء، أن يعاني أكثر من 30% من الأطفال تحت سن الخامسة من سوء التغذية الشديد، أن يموت شخصان على الأقل من بين كل عشرة آلاف يوميا. وتشهد اليمن حرباً أهلية منذ العام 2015 أودت بحياة 10 آلاف مدني وأدت إلى نزوح حوالي 3 ملايين مواطن من منازلهم، والتسبب في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، بحسب تصنيف منظمة الاممالمتحدة.