الذهاب للحديث عن جريمة قتل المصلين في نيوزلندا للرد على التنديد بجريمة قتل المعلم الفرنسي، وفي سياق التبرير والدفاع عن القاتل الإرهابي ليست الطريقة الصحيحة للتعامل مع أمر خطير كهذا، وكلمة صحيحة ليست ذي دلالة موازية لجريمة قتل متوحشة وهمجية أبعد عن روح الإسلام وأخلاق من يظن أن يحب النبي ويقتدي به . ومن جانب آخر فإن عملية القتل هذه قد يكون لها خلفيتها الاستخباراتية وربما تبعاتها السياسية، التي تعمدت سابقا وفي مناسبات كثيرة خلق مثل هذه الظروف المشحونة التي تحفز إنتاج هذا الخطاب وهذه الجرائم، التي لا تعبر عن حالة طبيعية داخل المجتمع الإسلامي في الغرب، بالقدر الذي تعبر عن مزاج وتوجه غربي متصاعد يقابله طيش وتحفز عند بعض المسلمين. وإن كان الرد بالمثل هو الطريقة المناسبة فكان يكفي أن رد البعض على ماكرون بذات الأسلوب الأهوج الذي استخدمه كلاميا - بما في ذلك السخرية من زوجته - وكان يجب التوقف عند هذا الحد، وليس بالعنف المباشر، أما العقلاء والذين يعرفون دينهم بشكل صحيح، ويدركون أن التطرف الذي يمارس هنا وهناك ليس من دينهم؛ فقد حاولوا تقديم طرح إيجابي يسهم في نفي تهمة الإرهاب والأزمة عن دينهم، فتعاملوا مع الأمر بانفتاح، واعترفوا أن المسلمين يعيشون في أزمة ليست بالطبع أكبر من الأزمة التي تعيشها الحضارة الغربية ويمر بها ماكرون ذاته، ووضعوا كل شيء في سياقه، لكن ردود الأفعال المتطرفة والوقوع في التبرير للجريمة بجهل وحماقة أو تحت تأثير انفعال رد الفعل، لن يسهم في حماية المسلمين أو الدفاع عن صورة الإسلام، بل سيمنح تصريحات ماكرون ضد المسلمين مصداقية أمام الفرنسيين والعالم، وربما يمنحه غطاء شعبيا في المضي لتنفيذ خطة العمل العنصرية المتطرفة ضد المسلمين وإقرار مشروع قانونها، الذي سيعرض على الحكومة ويصوت عليه البرلمان في الأشهر القادمة. لكن نقطة مهمة يجب عدم إغفالها في تناول هذه الجريمة أنه لا يستبعد وقوف جهاز الاستخبارات الفرنسية خلف عملية القتل البشعة هذه، خصوصا وأنها جاءت بعد ردود الأفعال الساخطة على خطاب ماكرون العنصري الذي يستهدف المسلمين، التي شعر معها ماكرون أنه محاصر أكثر من الرأي العام المحلي والعالمي بعد تلك التصريحات، وأنه بحاجة لإثبات ما قاله ضد مسلمي فرنسا، وما يزيد الشك قيام رجال الشرطة بقتل القاتل على الفور، على الرغم من وجود التقنيات الكافية لإعاقة حركته دون الحاجة لقتله، كما يفعلون دائما مع كثير من حالات جرائم القتل المشابهة، ربما كانت المحاكمة ستسمح بظهور التفاصيل الخفية، التي لا يريد ماكرون ومن يعمل معه أن تظهر للرأي العام العالمي، كل شيء وارد.