ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع ''صنعاء القديمة''    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ اليمن الأسود (حكم السلالة وأكذوبة التعايش)
نشر في المشهد اليمني يوم 01 - 09 - 2022


مقالات
أسامة قائد
خلال الفترات الماضية ، قرأنا كثيرا وسمعنا أكثر عن التعايش المذهبي الذي تميزت به اليمن عن سائر البلدان ، وعن الانسجام الطائفي الذي تنعموا به ، وانبرى كتابٌ كثر يهرفون بما لا يعرفون ، وينسجون أوهاما وخرافات شتى عن تعايش لم يحصل ، وتناغم لم يوجد عبر قرون ، إما بغرض الترويج لطائفة تحكم بفرية الحق الإلهي والبطنين والنسل النبوي ، أو عن جهل وعدم دراية كافية بالتاريخ اليمني وأحداثه .
دعوني أقل لكم ما قد لا يروق للبعض : لم يوجد عبر تاريخ اليمن الممتد منذ قرابة 1200 عام أي تناغم مذهبي أو طائفي ، التناغم كان عارضا كخطأ مطبعي بين السطور ، الصراع هو السائد ، إلغاء الآخر المخالف هو الشائع ، تسلط طائفة سلالية تدعي الحق الإلهي في الحكم ، والعنجهية والإقصاء والبطش والتنكيل هو الثابت الوحيد في تاريخ اليمن .
من سرب إليكم أن اليمن عاش لقرون في سلام وتناغم طائفي ومذهبي ؟
من أخبركم أن المذهبية والطائفية ظهرت اليوم فجأة ، أو أنها لم تُبتكر من قبل لخدمة الأهداف السياسية لسل. الة آل البطنين في حكم اليمن ؟
من أخفى عليكم الحروب التي قادتها هذه الس. لالة الطائفية لأجل الحكم بالحديد والنار ؟
من قال لكم إن الح. َوثي ظاهرة عبثية عابرة في تاريخ اليمن ، وليست امتدادا لإرث 1200 عام من تاريخ الصراع المذهبي والطائفي البائس ؟
تقلبت بين كتب المؤرخين أبحث عن حقيقة مزاعم التناغم والتعايش هذه ، فوجدتها محض افتراءات من القول الرخيص الذي لا يؤكده دليل ولا يصدقه تاريخ الأولين ، لم أر في تاريخ اليمن سوى الصراع المرير ، والحقد الدفين ، والدمار والدماء فقط ، وإليكم بعضا من ذلك .
منذ أن فرض الإمام الهادي بن حسين الرسي حكمه عام 284 ه على اليمن بدأت جرائم الس. َلالة ، فقد استطاع الهادي أن يجعل نظرية حصر الإمامة في البطنين نسل الحسن والحسين جزء من عقيدة الهادوية ، وواجبا شرعا وواقعا فرضه على مخالفيه بحد السيف .
وبدأ الصراع يدب في البلاد منذ تأسيس الهادي دولته عام 284 ه . كتب الدكتور حسين العمري عن تلك الحقبة يقول '' أصبح الصراع تقليدا دمغ الحياة السياسية والاجتماعية بميسم الانقسام والاقتتال بين الطامحين والمتصارعين من أئمة البيت الحاكم ، حتى أرهق المجتمع وفقدت الدولة المركزية السيطرة ، وانجرفت البلاد إلى سنوات طويلة من الفوضى ''.
ودخل الهادي في حروب ومعارك مع العديد من القبائل المعارضة لوجوده ، وراح ضحيتها الآلاف من البشر ، وكان الإمام الهادي يقطع أعناق الخارجين عليه ، ويهدم مزارعهم ومنازلهم ، واستعان بجنود من طبرستان شمال إيران اليوم في معظم حروبه ، وخلال أربعة عشر عاما مدة حكمه أحدث دمارا هائلا في كل ربوع البلاد ولم يسلم من شره أحد .
بعده جاء الإمام الناصر أحمد بن الهادي وخاض حروبا طاحنه لأجل تثبيت حكم السلالة حتى هلك عام 325 ه ، ثم بدأ الجيل الثالث من عصر الأئمة الهادية في اليمن ، وبدأ مسلسل الصراع الداخلي والنزاع العائلي بين أولاد الإمام الناصر يحي وقاسم والحسن ، واشتعلت الحروب والصرعات العنيفة بين الإخوة ، وكان ضحيتها من عامة الشعب الذين لا ناقة لهم ولا جمل في حروب هؤلاء ، لكنهم أجبروا على خوضها لأجل نزوات أبناء السلالة ، ولم تنته تلك الحروب إلا بعد دمار صعدة على يد الحسن بن ناصر وأخيه المختار .
وبعد سنوات من ذلك الصراع استقر الحكم للداعي يوسف بن المنصور يحي من عام 368 ه وحتى عام 403 ه ، وسمي بالداعي لأنه لم يكن يمتلك شروط الإمامة حسب المذهب الهادوي ، وخاض بدوره صراعات وحروب مع زعامات القبائل اليمنية وفتك بهم ، واستطاع السيطرة على صنعاء بعد أن اقتحمها بجيشه ، ونهب أهلها وخرب الدور والمساكن ، ثم برز له منافس سياسي جديد على الحكم هو القاسم بن عبدالله بن محمد بن الإمام القاسم الرسي ، وخاضا حروبا شديدة تهدمت على إثرها مدن صنعاء وصعدة ، وانتهت بهزيمة يوسف بن المنصور وتنازله عن الإمامة .
وانتقلت الإمامة من بيت الهادي إلى بيت العياني ، وبدأت مرحلة صراع جديد بين أقطاب الإمامة حين ظهر القاسم بن علي بن عبد الله الرسي المعروف بالعياني قادما من عسير ، وأعلن نفسه إماما منافسا ومعارضا للداعي يوسف عام 389 ه وخاض معاركا ضده ، واستطاع بقوته وبطشه أن يمد نفوذه إلى بلاد حجة ويدخل صنعاء ووصل إلى ذمار وعنس .
وتوالت الأيام والسنون على هذا النهج من الصراعات والحروب الدموية بين أبناء الس. َلالة وأولاد عمومتهم المدعين للإمامة ، وكانت مدن اليمن وسكانها يدفعون ثمن تلك الصراعات دائما ، فقد دُمرت صنعاء وصعدة بمنازلها ومزارعها أكثر من عشر مرات خلال تلك الفترات ، لكن كل ما سبق سيكون مجرد رتوش خفيفة مقارنة بالقادم الأكثر عنفا حين جاء الإمام المنصور عبدالله بن حمزة عام 583 ه ، وهو من نسل القاسم بن ابراهيم الرسي أخو الإمام الهادي الرسي ، وكان صاحب طموح شديد وتطلع كبير للزعامة ، وذو بأس شديد وقسوة كالحديد ، وتعصب عظيم لمذهبه وسلالته .
انطلق عبدالله بن حمزة يشق طريقه بحد السيف والنار ، فعمد إلى حرب كبيره من أجل إسقاط الخلافة العباسية ، وإقامة دولة علوية زيدية تحكم العالم الإسلامي كما خُيل له ، لكن طموحه وبأسه وشدته لم ينصب إلا على الضعفاء من المخالفين لفكره ومذهبه وتعصبه الس. َلالي .
في بداية إمامته دخل عبد الله بن حمزة في معارك وحروب مع المخالفين لدعوته ونظريته في حصر الإمامة في البطنين كما يدعو الح. َوثي اليوم فبدأ بالمطرفية '' وهم فرقة من فرق الزيدية الهادوية يتابعون الإمام الهادي بالأصول والفروع ، إلا أنهم يخالفونه في شرط حصر الإمامة في البطنين ، ويرون أن الإمامة تصلح في عموم الناس ، ولا يعترفون بالنسب الفاطمي والعلوي ''
فثارت هائجته هذا السفاح وجنونه عليهم ، وقام بملاحقتهم أينما وجدوا ، وبدأ يبيدهم ويسحقهم بوحشية لم يشهد لها تاريخ اليمن مثيل ، واستباد قراهم ودمر مساكنهم وأحرق مزارعهم ودمر مساجدهم ، وحاصرهم وطاردهم في صنعاء وذمار وعنس ، وعزم على تطهير الأرض من رجسهم كما قال ، فأثخن القتل فيهم ، وسفك دماء الأبرياء كبارا وصغارا ، واستحال أعراضهم وأموالهم .
حتى أن بعض مراجع التاريخ تذكر بأنه قد قتل في صنعاء وحدها قرابة مئة الف من المطرفية خلال ثلاثة أيام فقط ، وأحرق مساكن أهلها ، وسبى نسائهم ووزعهن جواري لجنوده ، ثم أصدر حكمه الجائر ضدهم '' بأن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ويقتلون بالغيلة والمجاهرة ، ولا تقبل توبة أحد منهم '' . ولم تنته حملته المسعورة على اتباع المطرفية حتى أبادهم فردا فردا ، وقضى على أفكارهم ومعتقداتهم المخالفة لعنصريته وجنونه الطائفي .
ومن جملة ما صنع هذا السفّاح المعتوه ، أن أصدر فتوى وحكما ينص على قتل وإعدام كل من يدعي الإمامة خارج البطنين ، ويسعى نحو الزعامة ويتطلع إلى السلطة والرئاسة وهو غير فاطمي علوي .
وبعد هلاك السفاااح عبدالله ابن حمزة اندلع الصراع مجددا بين أبناء الس. َلالة من الحمزات أبناء عبدالله بن حمزة وبيت الهادي أبناء سلالة الإمام الهادي الرسي ، واستمر الصراع على هذا المنوال لعقود متعاقبة ، ولم يشهد اليمن أي استقرار يذكر خلال تلك الفترات .
وضل الوضع على هذا الحال ، صراعات داخلية بين أبناء الس. َلالة وصرعات خارجية استجلب فيها الحمزات تحالفات مع الدولة الرسولية عام 646 ه ضد أبناء الهادي ، وخلال الفترة بين عامي 656 ه وحتى عام 1000 ه دخلت اليمن في فصول جديدة من الصراعات والحروب التي دمرت البلاد وأهلكت العباد ، نسرد بعضا منها :
المتوكل أحمد بن عبدالله الحمزة ( 623 656 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب.
الإمام الحسن بن وهاجس الحمزي ( 656 668 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب وحروب.
المنصور الحسن بن بدر الدين ( 657 670 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب وحروب
الإمام يحي بن محمد السراجي ( 659 696 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب عديدة
الواثق المطهر بن المهدي محمد ( 729 802 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب عديدة
الإمام المهدي احمد بن يحي المرتضي ( 793 840 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب
الإمام المنصور الناصر بن محمد الناصر ( 840 876 ه ) أعلن دعوته للإمامة وخاض الحروب مع مخالفيه .
المؤيد محمد بن المنصور الناصر ( 876 908 ه ) استلم صنعاء واستولى عليها بعد أن دفع خمسين الف دينار للملك مظفر بن طاهر مقابل تنازله عن الملك .
المنصور محمد بن علي السرحي ( 900 910 ه ) دعى لنفسه بالإمامة ودخل في صراع وحروب مع السلطان عامر بن عبدالوهاب .
المتوكل يحي شرف الدين ( 910 965 ه) دعا لنفسه بالإمامة وتحالف مع دولة المماليك وخاض حروبا ضد الدولة الطاهرية حتى أسقطوها ، ثم دخل في حرب مع حلفائها المماليك والحمزات مجددا .
ومع تولي بيت شرف الدين للإمامة قدم الأتراك إلى اليمن عام 945 ه ، ودخلوا في حروب مع الإمام شرف الدين الذي كان قد طال حكمه وإمامته ، حتى أن ولده السفّاح مطهر استغل هذا الصراع وتحالف مع الأتراك ضد والده طمعا منه في كرسي الإمامة وأرسل جنوده إلى الجراف لقتال والده ، حتى تمكن من إزاحته بعد أن دخل صنعاء عام 953 وأعلن نفسه إماما .
وبعد وفاة المطهر سنة 980 ه اضطربت أمور الإمامة الزيدية ، واشتعلت الصراعات السياسية بين أولاده الذين تقاسموا البلاد وتفرقوا ، ثم تحالف بعضهم مع القوات التركية التي وجدت في ذلك فرصة لبسط نفوذها وتوطيد سلطتها .
ثم بدء فصل جديد من الحروب مع الأتراك الذين استجلبهم أولاد المطهر ، وخلال هذا الصراع نشأت الدولة القاسمية نسبة إلى الإمام القاسم بن محمد عام 1006 ه واستمرت حتى عام 1382 ه ، والإمام القاسم هو من أحفاد الهادي ونسل الناصر أحمد وذرية الداعي يوسف ، ودخل في حروب كثيرة ضد الإمام المتوكل عبدالله المؤيدي وحلفائه الأتراك ، وكان يغلبهم تارة ويسيطر على مناطق واسعة ثم يغلبونه تارة أخرى ويخرجونه منها .
وبعد وفاة الإمام القاسم خلفه أبنه محمد المؤيد الذي أزاح الأتراك عام 1045 ه من اليمن بعد صراعات عديدة وضعف وتراجع نفوذ الأتراك ، وتميزت فترة إمامته بالاستقرار النسبي ، لكن بعد وفاته دبت الصراعات والحروب بين إخوته على كرسي الإمامة ، حتى استقر الحكم للإمام المتوكل اسماعيل بن القاسم الذي جمع بين الملك والإمامة ، وتحققت في عهده الوحدة اليمنية ، وشهدت فترة حكمه استقرار لم تشهده اليمن منذ فترة طويلة .
لكن حرصه على نشر فقه الهادوية وتعصبه لمذهبه أوحى إليه بالقول بالتكفير بالإلزام ، أي تكفير كل من يخالفه وعلى رأسهم الأتراك ومن والاهم ، حيث أن الأتراك كما يقول كفار ، والكفار إذا دخلوا بلاد وحكموها فتعتبر بلاد كفر لأن أهلها أقاموا تحت أوامر وقيادة الكفار .
وترتب على هذا الحكم أن أصبح اليمن الأسفل بلاد كفر يحق له أن يستبيحها رغم أن أهلها لم يظهروا أي كفر ، سوى سيطرة الأتراك عليهم ، وهي ذات النظرة والحكم التي يطلقه الإماميون الجدد الحوثيون اليوم على مخالفيهم تحت مسميات داعش والقاعدة وغيرها ، وعلى أساسها استباحوا مناطق اليمن الأسفل والجنوب وأشعلوا الحرب في عموم اليمن .
وعقب وفاة الإمام المتوكل برز عدد من عشاق الزعامة وهواة الإمامة من بيت القاسم وغيرهم من البيوت الفاطمية ، واندلعت الصراعات والحروب فيما بينهم وتشرذمت البلاد وقسمت إلى ممالك وإمارات عديدة ، وأظهر المتصارعون بأسا شديدا فيما بينهم ، وخرج من بين ظهورهم سفاحون كثر عمدوا إلى البطش والتنكيل بكل من يخالفهم أو يوالي غيرهم .
وفي عام 1189 ه ورث المنصور علي بن المهدي عباس الإمامة عن والده ، وخلال فترة حكمه بزغ نجم الإمام الشوكاني الذي عينه المنصور قاضي القضاة عام 1209 ه ، وكان الشوكاني بحق هو منارة العلم والنجم المضيء في سماء الإمامة المظلم ،
وقام بأدوار عظيمة في خدمة وتجديد القضاء والحياة السياسية والفكرية في عصره ، وعاصر الشوكاني الرافضي يحي بن محمد الحوثي جد عبدالملك الحوثي الذي كان يصرخ مع أنصاره بلعن وسب الصحابه في الجامع الكبير بصنعاء ويمنعون الناس من أداء صلاة العشاء ، ويجولون في الشوارع يكيلون الشتائم للصحابة ، ويرجمون البيوت ويشتمون الأحياء والأموات من مخالفيهم .
ولا غرابة بأن يكون هذا هو جد عبدالملك وحسين الحوثي ، فليس الخلف بأطهر من السلف !
وفي عام 1251 ه بدأ عصر الفوضى والانهيار وأخذت ممالك الإمامية تصعد وتسقط والحروب تشتعل في كل بقاع اليمن بين أبناء السلالة المتناحرين على الإمامة ، حتى جاء المنصور محمد بن يحي حميد الدين عام 1307 ه / 1889 م الذي استطاع أن ينفخ الروح في الإمامة وإطالة عمرها مع ولده يحي وبنفس نهج العنف والتكفير للمخالفين الذي انتهجه أسلافه السابقين ، وخاض حروبا مع العثمانيين حتى وفاته ،
بعدها تولى ابنه يحي حكم اليمن عام 1322 ه / 1904 م وبدأ عصره بالتخلص من الشخصيات الكبيرة التي وقفت ضد اختياره إماما ، فبدأ بمعلميه ومشائخه ، ودخل في حروب دموية ومواجهات عسكريه مع المعترضين لإمامته من جهة ، ومع الأتراك من جهة أخرى حتى خرج الأتراك من اليمن بعد خسارتهم في الحرب العالمية الأولى .
بعدها استفرد بالحكم وعمد إلى استصئال معارضية وحتى الداعمين له من مشائخ القبائل خوفا منهم ، وعاشت اليمن ما تبقى من عهده في إنغلاق تام وجهل وظلم بينما كانت دول الجوار تشهد تقدما في مختلف المجالات ، حتى اندلعت ثورة 48 الدستورية عام 1948 م وقتل الإمام يحي على إثرها .
ثم جاء ابنه أحمد الذي استطاع بذكائه وحنكته الالتفاف على ثوار 48 وفتك بهم ، وبعد حروب دامية استطاع أن ينتزع الحكم من الهادي عبدالله بن احمد الوزير الذي كان قد أعلن نفسه إماما بعد مقتل الإمام يحي .
وكانت إمامة أحمد حميد الدين الذي لم يتورع في سفك الدماء وتجهيل العامة والبطش والتنكيل بالشعب اليمني هي الفصل الأخير من قرون الإمامة في اليمن ، حيث اندلعت ثورة 26 سبتمبر عام 1962 م التي قضت على دولة الإمامة ، وأُعلنت على إثرها الجمهورية اليمنية .
لكن الوضع لم يتغير كثيرا ، فقد سقطت الإمامة لكن لم تسقط الفكرة ، فتقبلت البلاد في حكم الجمهوريين من السلال إلى الإرياني إلى الحمدي إلى الغشمي حتى جاء علي عبدالله صالح الذي حول اليمن إلى جمهورية إمامية بقالب ديمقراطي زائف ، وتناقضات سياسية وصراعات وحروب مختلفه اعتاش عليها وبنى مملكته الخاصة التي حرص على توريثها لنجله أحمد لولا قيام ثورة 2011 التي أجهضت كل أحلامه وطموحاته الإمامية .
لذلك عمد إلى جلب أحقاد الس. َلالة عبر طوفان مليشيات الحوثي والحرس الجمهوري التي اجتاحت صنعاء ودمرت الدولة والجمهورية .
هذا بالمختصر هو تاريخ اليمن في ظل حكم الس. َلالة ، فلا نستغرب مما يصنعه الح. َوثي اليوم من تدمير المنازل والمساجد وقتل النفس المحرمة ، فأجدادهم كانوا على نفس النهج وما هم سوى مخلفات قبيحة لإرث أسلافهم السيئ .
إن كل هذا التاريخ الأسود من الصراعات والحروب السلالية يكذب كل من يحدثكم عن الانسجام والتعايش الطائفي التي عاشته اليمن ، ويصدق ما قلته بأن الح. َوثي امتداد لعقيدة الس. َلالة والبطنين ، ولمن يريد المزيد عليه أن يرجع إلى التاريخ .
* اليمن
* الإمامة
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.