سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    "ابتزاز سياسي واقتصادي للشرعية"...خبير اقتصادي يكشف سبب طباعة الحوثيين للعملات المزيفة    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    إصابة 3 أطفال بانفجار مقذوف شمالي الضالع    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ اليمن الأسود (حكم السلالة وأكذوبة التعايش)... هام يستحق القراءة لتعرف الحقيقة
نشر في لحج نيوز يوم 18 - 12 - 2017

خلال الفترات الماضية ، قرأنا كثيرا وسمعنا أكثر عن التعايش المذهبي الذي تميزت به اليمن عن سائر البلدان ، وعن الانسجام الطائفي الذي تنعموا به ، وانبرى كتابٌ كثر يهرفون بما لا يعرفون ، وينسجون أوهاما وخرافات شتى عن تعايش لم يحصل ، وتناغم لم يوجد عبر قرون ، إما بغرض الترويج لطائفة تحكم بفرية الحق الإلهي والبطنين والنسل النبوي ، أو عن جهل وعدم دراية كافية بالتاريخ اليمني وأحداثه .
دعوني أقل لكم ما قد لا يروق للبعض : لم يوجد عبر تاريخ اليمن الممتد منذ قرابة 1200 عام أي تناغم مذهبي أو طائفي ، التناغم كان عارضا كخطأ مطبعي بين السطور ، الصراع هو السائد ، إلغاء الآخر المخالف هو الشائع ، تسلط طائفة سلالية تدعي الحق الإلهي في الحكم ، والعنجهية والإقصاء والبطش والتنكيل هو الثابت الوحيد في تاريخ اليمن .
من سرب إليكم أن اليمن عاش لقرون في سلام وتناغم طائفي ومذهبي ؟
من أخبركم أن المذهبية والطائفية ظهرت اليوم فجأة ، أو أنها لم تُبتكر من قبل لخدمة الأهداف السياسية لسلالة آل البطنين في حكم اليمن ؟
من أخفى عليكم الحروب التي قادتها هذه السلالة الطائفية لأجل الحكم بالحديد والنار ؟
من قال لكم إن الحوثي ظاهرة عبثية عابرة في تاريخ اليمن ، وليست امتدادا لإرث 1200 عام من تاريخ الصراع المذهبي والطائفي البائس ؟
تقلبت بين كتب المؤرخين أبحث عن حقيقة مزاعم التناغم والتعايش هذه ، فوجدتها محض افتراءات من القول الرخيص الذي لا يؤكده دليل ولا يصدقه تاريخ الأولين ، لم أر في تاريخ اليمن سوى الصراع المرير ، والحقد الدفين ، والدمار والدماء فقط ، وإليكم بعضا من ذلك .
منذ أن فرض الإمام الهادي بن حسين الرسي حكمه عام 284 ه على اليمن بدأت جرائم السلالة ، فقد استطاع الهادي أن يجعل نظرية حصر الإمامة في البطنين نسل الحسن والحسين جزء من عقيدة الهادوية ، وواجبا شرعا وواقعا فرضه على مخالفيه بحد السيف .
وبدأ الصراع يدب في البلاد منذ تأسيس الهادي دولته عام 284 ه . كتب الدكتور حسين العمري عن تلك الحقبة يقول '' أصبح الصراع تقليدا دمغ الحياة السياسية والاجتماعية بميسم الانقسام والاقتتال بين الطامحين والمتصارعين من أئمة البيت الحاكم ، حتى أرهق المجتمع وفقدت الدولة المركزية السيطرة ، وانجرفت البلاد إلى سنوات طويلة من الفوضى ‘‘.
ودخل الهادي في حروب ومعارك مع العديد من القبائل المعارضة لوجوده ، وراح ضحيتها الآلاف من البشر ، وكان الإمام الهادي يقطع أعناق الخارجين عليه ، ويهدم مزارعهم ومنازلهم ، واستعان بجنود من طبرستان شمال إيران اليوم في معظم حروبه ، وخلال أربعة عشر عاما مدة حكمه أحدث دمارا هائلا في كل ربوع البلاد ولم يسلم من شره أحد .
بعده جاء الإمام الناصر أحمد بن الهادي وخاض حروبا طاحنه لأجل تثبيت حكم السلالة حتى هلك عام 325 ه ، ثم بدأ الجيل الثالث من عصر الأئمة الهادية في اليمن ، وبدأ مسلسل الصراع الداخلي والنزاع العائلي بين أولاد الإمام الناصر يحي وقاسم والحسن ، واشتعلت الحروب والصرعات العنيفة بين الإخوة ، وكان ضحيتها من عامة الشعب الذين لا ناقة لهم ولا جمل في حروب هؤلاء ، لكنهم أجبروا على خوضها لأجل نزوات أبناء السلالة ، ولم تنته تلك الحروب إلا بعد دمار صعدة على يد الحسن بن ناصر وأخيه المختار .
وبعد سنوات من ذلك الصراع استقر الحكم للداعي يوسف بن المنصور يحي من عام 368 ه وحتى عام 403 ه ، وسمي بالداعي لأنه لم يكن يمتلك شروط الإمامة حسب المذهب الهادوي ، وخاض بدوره صراعات وحروب مع زعامات القبائل اليمنية وفتك بهم ، واستطاع السيطرة على صنعاء بعد أن اقتحمها بجيشه ، ونهب أهلها وخرب الدور والمساكن ، ثم برز له منافس سياسي جديد على الحكم هو القاسم بن عبدالله بن محمد بن الإمام القاسم الرسي ، وخاضا حروبا شديدة تهدمت على إثرها مدن صنعاء وصعدة ، وانتهت بهزيمة يوسف بن المنصور وتنازله عن الإمامة .
وانتقلت الإمامة من بيت الهادي إلى بيت العياني ، وبدأت مرحلة صراع جديد بين أقطاب الإمامة حين ظهر القاسم بن علي بن عبد الله الرسي المعروف بالعياني قادما من عسير ، وأعلن نفسه إماما منافسا ومعارضا للداعي يوسف عام 389 ه وخاض معاركا ضده ، واستطاع بقوته وبطشه أن يمد نفوذه إلى بلاد حجة ويدخل صنعاء ووصل إلى ذمار وعنس .
وتوالت الأيام والسنون على هذا النهج من الصراعات والحروب الدموية بين أبناء السلالة وأولاد عمومتهم المدعين للإمامة ، وكانت مدن اليمن وسكانها يدفعون ثمن تلك الصراعات دائما ، فقد دُمرت صنعاء وصعدة بمنازلها ومزارعها أكثر من عشر مرات خلال تلك الفترات ، لكن كل ما سبق سيكون مجرد رتوش خفيفة مقارنة بالقادم الأكثر عنفا حين جاء الإمام المنصور عبدالله بن حمزة عام 583 ه ، وهو من نسل القاسم بن ابراهيم الرسي أخو الإمام الهادي الرسي ، وكان صاحب طموح شديد وتطلع كبير للزعامة ، وذو بأس شديد وقسوة كالحديد ، وتعصب عظيم لمذهبه وسلالته .
انطلق عبدالله بن حمزة يشق طريقه بحد السيف والنار ، فعمد إلى حرب كبيره من أجل إسقاط الخلافة العباسية ، وإقامة دولة علوية زيدية تحكم العالم الإسلامي كما خُيل له ، لكن طموحه وبأسه وشدته لم ينصب إلا على الضعفاء من المخالفين لفكره ومذهبه وتعصبه السلالي .
في بداية إمامته دخل عبد الله بن حمزة في معارك وحروب مع المخالفين لدعوته ونظريته في حصر الإمامة في البطنين كما يدعو الحوثي اليوم فبدأ بالمطرفية '' وهم فرقة من فرق الزيدية الهادوية يتابعون الإمام الهادي بالأصول والفروع ، إلا أنهم يخالفونه في شرط حصر الإمامة في البطنين ، ويرون أن الإمامة تصلح في عموم الناس ، ولا يعترفون بالنسب الفاطمي والعلوي ‘‘
فثارت هائجته هذا السفاح وجنونه عليهم ، وقام بملاحقتهم أينما وجدوا ، وبدأ يبيدهم ويسحقهم بوحشية لم يشهد لها تاريخ اليمن مثيل ، واستباد قراهم ودمر مساكنهم وأحرق مزارعهم ودمر مساجدهم ، وحاصرهم وطاردهم في صنعاء وذمار وعنس ، وعزم على تطهير الأرض من رجسهم كما قال ، فأثخن القتل فيهم ، وسفك دماء الأبرياء كبارا وصغارا ، واستحال أعراضهم وأموالهم .
حتى أن بعض مراجع التاريخ تذكر بأنه قد قتل في صنعاء وحدها قرابة مئة الف من المطرفية خلال ثلاثة أيام فقط ، وأحرق مساكن أهلها ، وسبى نسائهم ووزعهن جواري لجنوده ، ثم أصدر حكمه الجائر ضدهم '' بأن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ويقتلون بالغيلة والمجاهرة ، ولا تقبل توبة أحد منهم ‘‘ . ولم تنته حملته المسعورة على اتباع المطرفية حتى أبادهم فردا فردا ، وقضى على أفكارهم ومعتقداتهم المخالفة لعنصريته وجنونه الطائفي .
ومن جملة ما صنع هذا السفّاح المعتوه ، أن أصدر فتوى وحكما ينص على قتل وإعدام كل من يدعي الإمامة خارج البطنين ، ويسعى نحو الزعامة ويتطلع إلى السلطة والرئاسة وهو غير فاطمي علوي .
وبعد هلاك السفاح عبدالله ابن حمزة اندلع الصراع مجددا بين أبناء السلالة من الحمزات أبناء عبدالله بن حمزة وبيت الهادي أبناء سلالة الإمام الهادي الرسي ، واستمر الصراع على هذا المنوال لعقود متعاقبة ، ولم يشهد اليمن أي استقرار يذكر خلال تلك الفترات .
وضل الوضع على هذا الحال ، صراعات داخلية بين أبناء السلالة وصرعات خارجية استجلب فيها الحمزات تحالفات مع الدولة الرسولية عام 646 ه ضد أبناء الهادي ، وخلال الفترة بين عامي 656 ه وحتى عام 1000 ه دخلت اليمن في فصول جديدة من الصراعات والحروب التي دمرت البلاد وأهلكت العباد ، نسرد بعضا منها :
المتوكل أحمد بن عبدالله الحمزة ( 623 656 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب.
الإمام الحسن بن وهاجس الحمزي ( 656 668 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب وحروب.
المنصور الحسن بن بدر الدين ( 657 670 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب وحروب
الإمام يحي بن محمد السراجي ( 659 696 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب عديدة
الواثق المطهر بن المهدي محمد ( 729 802 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب عديدة
الإمام المهدي احمد بن يحي المرتضي ( 793 840 ه ) ادعى الإمامة ودخل في صراعات وحروب
الإمام المنصور الناصر بن محمد الناصر ( 840 876 ه ) أعلن دعوته للإمامة وخاض الحروب مع مخالفيه .
المؤيد محمد بن المنصور الناصر ( 876 908 ه ) استلم صنعاء واستولى عليها بعد أن دفع خمسين الف دينار للملك مظفر بن طاهر مقابل تنازله عن الملك .
المنصور محمد بن علي السرحي ( 900 910 ه ) دعى لنفسه بالإمامة ودخل في صراع وحروب مع السلطان عامر بن عبدالوهاب .
المتوكل يحي شرف الدين ( 910 965 ه) دعا لنفسه بالإمامة وتحالف مع دولة المماليك وخاض حروبا ضد الدولة الطاهرية حتى أسقطوها ، ثم دخل في حرب مع حلفائها المماليك والحمزات مجددا .
ومع تولي بيت شرف الدين للإمامة قدم الأتراك إلى اليمن عام 945 ه ، ودخلوا في حروب مع الإمام شرف الدين الذي كان قد طال حكمه وإمامته ، حتى أن ولده السفّاح مطهر استغل هذا الصراع وتحالف مع الأتراك ضد والده طمعا منه في كرسي الإمامة وأرسل جنوده إلى الجراف لقتال والده ، حتى تمكن من إزاحته بعد أن دخل صنعاء عام 953 وأعلن نفسه إماما .
وبعد وفاة المطهر سنة 980 ه اضطربت أمور الإمامة الزيدية ، واشتعلت الصراعات السياسية بين أولاده الذين تقاسموا البلاد وتفرقوا ، ثم تحالف بعضهم مع القوات التركية التي وجدت في ذلك فرصة لبسط نفوذها وتوطيد سلطتها .
ثم بدء فصل جديد من الحروب مع الأتراك الذين استجلبهم أولاد المطهر ، وخلال هذا الصراع نشأت الدولة القاسمية نسبة إلى الإمام القاسم بن محمد عام 1006 ه واستمرت حتى عام 1382 ه ، والإمام القاسم هو من أحفاد الهادي ونسل الناصر أحمد وذرية الداعي يوسف ، ودخل في حروب كثيرة ضد الإمام المتوكل عبدالله المؤيدي وحلفائه الأتراك ، وكان يغلبهم تارة ويسيطر على مناطق واسعة ثم يغلبونه تارة أخرى ويخرجونه منها .
وبعد وفاة الإمام القاسم خلفه أبنه محمد المؤيد الذي أزاح الأتراك عام 1045 ه من اليمن بعد صراعات عديدة وضعف وتراجع نفوذ الأتراك ، وتميزت فترة إمامته بالاستقرار النسبي ، لكن بعد وفاته دبت الصراعات والحروب بين إخوته على كرسي الإمامة ، حتى استقر الحكم للإمام المتوكل اسماعيل بن القاسم الذي جمع بين الملك والإمامة ، وتحققت في عهده الوحدة اليمنية ، وشهدت فترة حكمه استقرار لم تشهده اليمن منذ فترة طويلة .
لكن حرصه على نشر فقه الهادوية وتعصبه لمذهبه أوحى إليه بالقول بالتكفير بالإلزام ، أي تكفير كل من يخالفه وعلى رأسهم الأتراك ومن والاهم ، حيث أن الأتراك كما يقول كفار ، والكفار إذا دخلوا بلاد وحكموها فتعتبر بلاد كفر لأن أهلها أقاموا تحت أوامر وقيادة الكفار .
وترتب على هذا الحكم أن أصبح اليمن الأسفل بلاد كفر يحق له أن يستبيحها رغم أن أهلها لم يظهروا أي كفر ، سوى سيطرة الأتراك عليهم ، وهي ذات النظرة والحكم التي يطلقه الإماميون الجدد الحوثيون اليوم على مخالفيهم تحت مسميات داعش والقاعدة وغيرها ، وعلى أساسها استباحوا مناطق اليمن الأسفل والجنوب وأشعلوا الحرب في عموم اليمن .
وعقب وفاة الإمام المتوكل برز عدد من عشاق الزعامة وهواة الإمامة من بيت القاسم وغيرهم من البيوت الفاطمية ، واندلعت الصراعات والحروب فيما بينهم وتشرذمت البلاد وقسمت إلى ممالك وإمارات عديدة ، وأظهر المتصارعون بأسا شديدا فيما بينهم ، وخرج من بين ظهورهم سفاحون كثر عمدوا إلى البطش والتنكيل بكل من يخالفهم أو يوالي غيرهم .
وفي عام 1189 ه ورث المنصور علي بن المهدي عباس الإمامة عن والده ، وخلال فترة حكمه بزغ نجم الإمام الشوكاني الذي عينه المنصور قاضي القضاة عام 1209 ه ، وكان الشوكاني بحق هو منارة العلم والنجم المضيء في سماء الإمامة المظلم ،
وقام بأدوار عظيمة في خدمة وتجديد القضاء والحياة السياسية والفكرية في عصره ، وعاصر الشوكاني الرافضي يحي بن محمد الحوثي جد عبدالملك الحوثي الذي كان يصرخ مع أنصاره بلعن وسب الصحابه في الجامع الكبير بصنعاء ويمنعون الناس من أداء صلاة العشاء ، ويجولون في الشوارع يكيلون الشتائم للصحابة ، ويرجمون البيوت ويشتمون الأحياء والأموات من مخالفيهم .
ولا غرابة بأن يكون هذا هو جد عبدالملك وحسين الحوثي ، فليس الخلف بأطهر من السلف !
وفي عام 1251 ه بدأ عصر الفوضى والانهيار وأخذت ممالك الإمامية تصعد وتسقط والحروب تشتعل في كل بقاع اليمن بين أبناء السلالة المتناحرين على الإمامة ، حتى جاء المنصور محمد بن يحي حميد الدين عام 1307 ه / 1889 م الذي استطاع أن ينفخ الروح في الإمامة وإطالة عمرها مع ولده يحي وبنفس نهج العنف والتكفير للمخالفين الذي انتهجه أسلافه السابقين ، وخاض حروبا مع العثمانيين حتى وفاته ،
بعدها تولى ابنه يحي حكم اليمن عام 1322 ه / 1904 م وبدأ عصره بالتخلص من الشخصيات الكبيرة التي وقفت ضد اختياره إماما ، فبدأ بمعلميه ومشائخه ، ودخل في حروب دموية ومواجهات عسكريه مع المعترضين لإمامته من جهة ، ومع الأتراك من جهة أخرى حتى خرج الأتراك من اليمن بعد خسارتهم في الحرب العالمية الأولى .
بعدها استفرد بالحكم وعمد إلى استصئال معارضية وحتى الداعمين له من مشائخ القبائل خوفا منهم ، وعاشت اليمن ما تبقى من عهده في إنغلاق تام وجهل وظلم بينما كانت دول الجوار تشهد تقدما في مختلف المجالات ، حتى اندلعت ثورة 48 الدستورية عام 1948 م وقتل الإمام يحي على إثرها .
ثم جاء ابنه أحمد الذي استطاع بذكائه وحنكته الالتفاف على ثوار 48 وفتك بهم ، وبعد حروب دامية استطاع أن ينتزع الحكم من الهادي عبدالله بن احمد الوزير الذي كان قد أعلن نفسه إماما بعد مقتل الإمام يحي .
وكانت إمامة أحمد حميد الدين الذي لم يتورع في سفك الدماء وتجهيل العامة والبطش والتنكيل بالشعب اليمني هي الفصل الأخير من قرون الإمامة في اليمن ، حيث اندلعت ثورة 26 سبتمبر عام 1962 م التي قضت على دولة الإمامة ، وأُعلنت على إثرها الجمهورية اليمنية .
هذا بالمختصر هو تاريخ اليمن في ظل حكم السلالة ، فلا نستغرب مما يصنعه الحوثي اليوم من تدمير المنازل والمساجد وقتل النفس المحرمة ، فأجدادهم كانوا على نفس النهج وما هم سوى مخلفات قبيحة لإرث أسلافهم السيئ .
إن كل هذا التاريخ الأسود من الصراعات والحروب السلالية يكذب كل من يحدثكم عن الانسجام والتعايش الطائفي التي عاشته اليمن ، ويصدق ما قلته بأن الحوثي امتداد لعقيدة السلالة والبطنين ، ولمن يريد المزيد عليه أن يرجع إلى التاريخ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.