لم تعرف اليمن الكثير من الهدوء بعد شن طائرات بدون طيار امريكية منذ اعوام على عدد من المناطق اليمنية وفي محافظات كانت تعتبر من المحافظات المسالمه والهادئة قبل ان تقصف تلك الطائرات عدد كبير من الواقع فيها وتقتل العشرات فيها "المشهد اليمني " يواصل في تقريره في الحلقه الثانيه رصد تلك الانتهاكات : حضرموت محافظة حضرموت شرق اليمن، التي عرفت بهدوئها ونزوعها لتطبيق القانون، كانت مسرحاً للعديد من هجمات الدرونز الأمريكية، خلال العام 2012، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين، وآخرين لم يكونوا سوى وقوداً لحرب عبثية، ينظر إليها السكان المحليون هناك على أن هذه الضربات مجرد غطرسة أمريكية واستعراض للقوة واستفزاز لمشاعر الشعوب الضعيفة والمغلوبة على أمرها. في زيارة لوفد "هود" والكرامة إلى العديد من المناطق التي شهدت هجمات للطائرات الأمريكية بدون طيار ، كان الكثير في حضرموت يعبرون عن امتعاضهم الشديد لهذه الاعتداءات المستفزة التي لا يجدون لها مبرراً ولم يعهدوا لها مثيلا من قبل!! مدينة الشحر غارتان أمريكيتان على الأقل شهدتهما مدينة الشحر بمحافظة حضرموت، الأولى بتأريخ 24 ديسمبر/ كانون الأول 2012، والثانية بتأريخ 28 ديسمبر/ كانون أول 2012، لا تزال الغارتان تشغلان حيزاً من أحاديث السكان هناك، كما لا تزال آثار تلك الغارتين وتداعياتهما حاضرة بقوة في حياة الناس وذكرياتهم الأليمة. السادسة والنصف مساءً، بتأريخ 24 ديسمبر/ كانون اول 2012، دوت أصوات ثلاثة إنفجارات متوالية هزت أرجاء مدينة الشحربحضرموت، صواريخ من نوع "هلفاير" من طائرة "الدرونز" التي كانت تحوم في سماء المنطقة على علو منخفض، وقعت الصواريخ في ملعب شعبي لكرة القدم، يقع وسط المدينة، مستهدفةً أربعة أشخاص، على الأقل، قيل إنهم يشتبه بعلاقتهم ب"القاعدة"، بعضهم لم تعرف هوياتهم، بعد أحالتهم الصواريخ إلى أشلاء متناثرة في المكان. في الطرف الآخر من الملعب كان مجموعة من الأطفال يلعبون كرة القدم، أحدهم الطفل حمزة حسين بن دحمان، 16 سنة، أصيب بصدمة نفسية عنيفة جراء الهجمات تسببت في التهاب شديد في الدماغ، وأصبح معاقاً عن الحركة والكلام. وكان من بين الضحايا الذين قتلوا في هذه الغارة واحتفلت السلطات اليمنية بمقتله السيد نبيل سالم زين الكلدي، باعتباره أحد عناصر "ألقاعدة"، حسب السلطات والسيد نبيل الكلدي يبلغ من العمر 33 سنة، متزوج وله طفلة واحدة، كانت عناصر من قوات الأمن ألقت القبض عليه في تأريخ 21 اكتوبر/ تشرين الأول 2007، فور انتهائه من أداء صلاة الظهر في مسجد الشهداء الكائن بمدينة المكلا، دون أن يظهروا أي مذكرة قضائية أو إذن بالقبض وفي تأريخ 11 ديسمبر/ كانون الأول 2010، قضت المحكمة الجزائية بحبس الكلدي خمس سنوات تبدأ من تاريخ القبض عليه، غير أنه كان قد قضى معظم هذه المدة بدون أي إجراء قانوني، وعليه فلم تمض سوى ستة أشهر من تأريخ صدور الحكم على الكلدي ورفاقه حتى تمكن مجموعة من السجناء في سجن المكلا من الهروب عبر نفق أرضي حفروه من داخل السجن. خشامر القطن حضرموت في 29 أغسطس/ آب 2012، هزت أربعة إنفجارات منطقة خشامر التابعة لمديرية القطن (13 كم شرقاً)، التاسعة والنصف مساءً، استهدفت خمسة أشخاص، ثلاثة من بين الضحايا، تزعم السلطات اليمنية أنهم من عناصر "القاعدة"، بينهم شخص يدعى جمال عيسى بن صلاح، وهو أحد الفارين من سجن المكلا في يونيو/ حزيران 2011، ضمن مجموعة مكونة 63 سجيناً، في حين لم تعرف هوية اثنين آخرين قتلوا في الغارة، بحسب السكان المحليين في المنطقة. من بين الضحايا شخصان مدنيان ليس لهما علاقة البتة ب"القاعدة"، هما: - الأول: سالم بن احمد بن سالم بن علي جابر، 50 سنة، متزوج وأب لسبعة أولاد، إمام وخطيب مسجد المتضررين في المكلا، شخصية تربوية يعمل مدرساً ويحضر الدكتوراه في جامعة حضرموت. - الثاني: وليد عبدالله عبد المحمود بن علي جابر، 26 سنة، متزوج وله طفل واحد، عمره سنتان ونصف، يعمل الضحية جندياً في شرطة المرور، ويقول أصدقاؤه إنه شاب مسالم، وليس له أي علاقة بالجماعات المسلحة، ويحظى باحترام وتقدير أهله أصحابه. يقول الأهالي في شهاداتهم إن الصواريخ وقعت بصورة متتالية وعلى بُعد حوالي عشرة إلى خمسة عشرة متراً من المباني الترابية الآهلة بالسكان وعلى مقربة من طريق للمارة، وأثارت الإنفجارات حالة من الرعب بين أهالي المنطقة والمناطق المجاورة وخلّف آثاراً نفسية عميقة لدى معظم العائلات، وأسفر دوي الإنفجارات عن تحطًم نوافذ المنازل المجاورة، وظهور تشققات في جدران المنازل، كما تطايرت شظايا الصواريخ في محيط المكان ، وأصابت بعض المواشي ما أدى إلى نفوقها. في خشامر، لا يزال يتحدث سكانها عن مآثر الشيخ سالم ضحية الطيران الأمريكي بدون طيار، ومناهضته للأفكار المتطرفة، فالرجل كان قد ألقى كلمة في لقاء العيد بمنطقته حذر فيها من خطر التكفير وسفك الدماء وفكر الغلو، فأثارت كلمته حفيظة بعض المتعاطفين مع "القاعدة"، الذين طلبوا مناقشته، فنزل عليهم برفقة ابن عمه وليد عبدالله بن علي جابر "جندي في شرطة المرور"، وعند مدخل القرية امطرتهم الطائرات الأمريكية بدون طيار بالصواريخ. يقول الأهالي إن طقمين من الشرطة حضرا إلى المكان لكن الأهالي أجبروهما على الابتعاد عن المكان تحت تأثير حالة الغضب والاستياء، في حين أصيب أهالي خشامر بحالة من الهلع، وأسعف عدد من النساء والأطفال إلى المستشفيات بسبب الصدمة التي تعرضوا لها، وتوفيت أم سالم بعد شهر ونصف من الحادثة، نتيجة الصدمة وحزنا على ولدها سالم. التقى الوفد الحقوقي نجل سالم الأكبر اسمه محمد، يبلغ من العمر 19 سنة، شاب أبكم لكنه تحدث بلغة الإشارة عن ما حدث لأبيه، والحزن الذي أصابه بعد فقدان والده. استمرت حالة الغضب تسود المنطقة، عبر عنها الأهالي بالخروج في مظاهرات حاشدة للتنديد بهذه الغارات، شاهدنا على مداخل المدينة عبارات مكتوبة على جدران المدينة "لا للقصف الأمريكي"، "لا للاحتلال الأمريكي".
الوفد الحقوقي شاهد آثار القصف واستمع إلى بعض الشهادات على النحو التالي: شهادة احمد بن سالم صالح بن علي جابر، 77 سنة، والد الضحية سالم: كنت جالساً في هذا المكان في حوش المنزل مع أم سالم، وفجأة رأينا صاروخاً يضيء في السماء ثم ينفجر هناك بالقرب من المنزل.. نهضت من مكاني لأطلع على مكان سقوط الصاروخ، ثم عدت لأجد أم سالم قد سقطت على الأرض مغشياً عليها من هول الإنفجارات التي توالت بتوالي سقوط الصواريخ التي هزت المكان بقوة وكانت تأتي من اكثر من جهة، الصاروخ الأول فالثاني فالثالث فالرابع. عدت إلى مكاني الذي كنت جالساً فيه وسحبت والدة الضحية من المكان الذي سقطت ثم أدخلتها مع إحدى البنات والنساء إلى داخل المنزل، وتوجهت إلى مكان سقوط الصواريخ لأرى ماذا حصل لأني لم أكن أعلم ماذا جرى بالضبط، وإذ بي أجد الأهالي والناس يجتمعون هناك في مكان الحادث وهم يلفون اللحم المتطاير لبني آدم من الأرض من هنا وهناك ويضعونها في الأكفان مثل لحم الشياه، سألتهم ماذا يصنعون بها وأين يضعونها فقالوا لي تحت المكيف، فقلت لهم المكيف صغير واللحم كثير مقطع لأربعة ضحايا، فلو نذهب به ونضعه في الثلاجة في سيئون أحسن. في أثناء الكلام معهم جاءني أحدهم وأمسك بيدي وقال لي أين ولدك سالم؟!، فقلت له سالم ذهب لزيارة صديقه البارحة في القرية القريبة منا، وغداً سوف يعود إلى هنا ثم يسافر إلى المكلا، فقال لي هذا صاحبه الذي نزل عنده البارحة (اسمه سيف)، فجاءني سيف وأمسك بيدي وهو يتمتم بكلمات ويقول لي الحمد لله الحمد لله يا أبو سالم، وما إن قال لي الحمد لله حتى كأني صحيت وأفقت على شيء لم أكن أتوقعه. كان سالم نهار اليوم التالي عازم على الذهاب إلى المكلا لأداء مهمة التدريس في المكلا، وبعد مقابلتي صاحبه سيف والناس التي جاءت إلى مكان الواقعة قال لي عظم الله أجرك، فحمدت الله وشكرته، بينما كان النساء والأطفال هنالك في البيت يصرخون ويبكون. لدى سالم سبعة من الأولاد، ولم يأتيني أحد حتى يقف على ما حصل لي لا من الدولة ولا غيرها سواكم أنتم. تحدث اهالي المنطقة عن حالة الذعر بين الأطفال والنساء وان كثير من الأطفال أصيبوا بحالة التبول الا إرادي وحدثونا عن فتاة عمرها 31 سنة كانت تعاني من حالة نفسية أنها فقدت عقلها بشكل كامل بعد دوي الإنفجارات التقينا بوالدها و أكد لنا ما حدث لابنته لكنه رفض السماح لنا ان نلتقي بها او نذكر اسمها شهادة أبو عيسى رجب خميس بارفعة، العمر: 42 سنة، راعي إبل: كنت جالساً هنا في هذا المكان تحت هذه النخلة وكان أمامي أربعة أشخاص وخامسهم كان فوق السيارة، غادرت المكان وتوجهت إلى الطريق العام الذي يبعد عن القرية مسافة مائة متر تقريبا قطعتها في مدة دقيقتين مشياً على الأقدام، لم تمض سوى دقائق ثم في أثناء عودتي الى الدار شاهدت صاروخاً يسقط على الأشخاص الذين فارقتهم قبل دقائق وبعدين سقط صاروخ ثاني بمسافة بسيطة من الأول، خرج الشخص الخامس مسرعاً من السيارة باتجاه القرية، فلحقه صاروخ ثالث استهدفه بشكل مباشر، فيما سقط الصاروخ الرابع على السيارة. كان في الجهة الأخرى مجموعة من المواشي إبل وأغنام، قتلت 2 من المواشي، تناثرت الجثث في كل الاتجاهات، الصاروخ الثالث الذي استهدف سائق السيارة الذي حاول الهروب انفجر بجوار المنازل واخترقت شظايا الصاروخ المنازل الأمامية للمنطقة، إنفجارات لم يسبق لها مثيل هزت المنطقة وأرعبت النساء والأطفال وأصيب الكثير بالهلع والخوف والحالة النفسية كما أصيبت أمرآة بشلل نصفي وأجهضت بعض الحوامل. بحسب وفد منظمتي "هود"والكرامة إلى مناطق القتال في محافظة أبين ونشرته الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "هود" في تقرير لها