لم تدم هجعة القاعدة في اليمن طويلاً, فهاهو التنظيم المتصدر القائمة العالمية للإرهاب يعاود نشاطه مجدداً عبر عمليات لوجستية وأخرى ميدانية دفعت بعدد من الدول وفي مقدمتها اليمن وأمريكا لاعلان حالة الاستنفار لمواجهة تهديدات قاعدية محتملة في أكثر من مكان أميط عنها اللثام خلال الاربع والعشرين ساعة الأخيرة بالتزامن مع عودة حوادث اغتيال ضباط امن واستخبارات يمنيين مجدداً بعد أن كانت توقفت في الشهرين الماضيين . ويوم أمس الأحد أعلنت مصادر أمنية يمنية رفيعة أن العشرات من عناصر تنظيم "القاعدة" تسللوا خلال الأيام الماضية من محافظات أبين وشبوة وحضرموت ومأرب إلى صنعاء. وقالت المصادر, التي فضلت عدم الكشف عن اسمها, في تصريح ل"السياسة الكويتية" أن عناصر "القاعدة" شوهدوا من قبل سكان محليين وهم يتردون على مساجد في منطقة حزيز ومسيك وسعوان والسنينة. وأوضحت أنهم قدموا إلى صنعاء بهدف تنفيذ هجمات إرهابية واسعة تستهدف سفارات دول غربية وعربية ومنشآت حيوية أخرى بينها مقري وزارتي الدفاع والداخلية ودوائر عسكرية وأمنية واستهداف ضباط في الجيش والأمن, انتقاما لمقتل 17 من قيادات وعناصر "القاعدة" بغارات جوية أميركية من دون طيار في محافظات أبين وشبوة وحضرموت خلال الأيام الماضية. وأكدت المصادر أن المخطط الإرهابي للتنظيم يتضمن استخدام دراجات نارية في عمليات اغتيال وتوجيه انتحاريين بسيارات مفخخة بالتنسيق مع خلايا التنظيم الموجودة في صنعاء في تنفيذ مخطط التنظيم. ومساء أمس أيضاً أغتال مسلحون مجهولون يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة ضابطاً في الامن السياسي بمحافظة البيضاء وسط المدينة. وقال مصدر أمني بمحافظة البيضاء إن ثلاثة مسلحين مجهولين على متن دراجة نارية أطلقوا النار من مسدس كاتم الصوت على الضابط في جهاز الأمن السياسي - محمد ناصر المعمري- أردته قتيلاً ثم لاذوا بالفرار السادسة من مساء اليوم الأحد، بالقرب من مبنى البريد القديم بحي الفريد بمدينة البيضاء. السلطات اليمنية شددت من الإجراءات الأمنية حول دار الرئاسة وبحسب مصادر اعلامية فقد أغلقت منطقة السبعين المحيطة بها, وانتشرت وحدات أمنية حولها ووضعت حواجز أسمنتية على الشوارع المتفرعة لسببين الأول متعلق بتهديدات "القاعدة" والثاني خشية قيام عسكريين محتجين باقتحامه, كما شددت من الإجراءات الأمنية حول مقرات الوزارات والسفارات الأجنبية والعربية وفي مقدمها السفارات التي أعلنت إغلاق أبوابها وهي سفارات الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا, إضافة إلى تشديد الإجراءات حول الشركات النفطية وإقامة مزيد من النقاط الأمنية المتنقلة في شوارع صنعاء بحثا عن سيارات مشتبهة وأشخاص مطلوبين. وأشارت المصادر إلى أن السلطات أصدرت تعميما إلى قيادات الجيش والأمن وأجهزة المخابرات تحذرهم من هجمات محتملة ل"القاعدة" وتدعوهم إلى الحيطة والحذر, خاصة وأن وزارة الداخلية أعلنت تشديد الحراسات على المباني والمنشآت الحكومية ومقر الحوار الوطني والمصالح الأجنبية بمختلف أشكالها وعمل التحريات اللازمة, وتشديد إجراءات التفتيش في النقاط الأمنية داخل المدن, ومناطق الحزام الأمني المحيط بالمحافظات والمدن الرئيسة والمطارات والموانئ والمنافذ البرية والمنشآت التابعة لها. من جانبها قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بعض السفارات والقنصليات الامريكية التي اغلقت يوم الاحد في الشرق الاوسط بسبب تهديد من القاعدة سيستمر اغلاقها حتى العاشر من اغسطس آب بدافع الحذر وليس بسبب تهديدات جديدة. وقالت الوزارة ان بعثات دبلوماسية أخرى من بينها بعثات في كابول وبغداد والجزائر أغلقت يوم الاحد ستفتح أبوابها يوم الاثنين. أما البعثات الدبلوماسية في أبو ظبي وعمان والقاهرة والرياض والظهران وجدة والدوحة ودبي والكويت والمنامة ومسقط وصنعاء وطرابلس والخرطوم فسوف تظل مغلقة حتى يوم السبت.وسيستمر ايضا اغلاق بعثات في العواصم الافريقية أنتاناريفو وبوجمبورا وجيبوتي وكيجالي وبورت لويس. إلى ذلك ذكرت شبكة ال"سي ان ان" أن قرار الولاياتالمتحدة إغلاق سفاراتها في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد جاء بعد اعتراض مراسلات بين شخصيات قيادية في تنظيم القاعدة خلال الأيام الماضية، ورصد مخاطر متصاعدة من اليمن. وأشارت المعلومات إلى أن العديد من المسؤولين الأمريكيين كانوا خلال الأسابيع الماضية يعملون على مراقبة "تهديدات متزايدة" مصدرها اليمن، حيث ينشط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ولأهمية المعلومات التي حصلت عليها قالت ال"سي ان ان_CNN" أنها وافقت على طلب مقدم من إدارة الرئيس باراك أوباما، يقضي بعدم نشر المزيد من المعلومات بسبب حساسية القضية. وبحسب المعلومات المتوفرة فإن تزامن تزايد وتيرة المراسلات بين تلك الشخصيات القيادية إلى جانب عمليات تهريب سجناء تنظيم القاعدة في عدة دول بالمنطقة واقتراب موعد انتهاء شهر رمضان دفع البيت الأبيض إلى اتخاذ قرار إغلاق السفارات. وفي ذات السياق تقول فران فراغوس توسند، خبيرة شؤون الأمن القومي لدى CNN، إن المسارعة إلى إغلاق السفارات هدفه شراء الوقت والسعي لتحديد هوية الجهات التي قد تكون على وشك تنفيذ الهجمات.