بدأت الفواكه اليمنية بغزو الأسواق الخارجية، كما هو حال فاكهة المانجو، والتي توصف في اليمن بأنها “ملكة الفواكه” و استعادت محاصيل زراعية يمنية عافيتها بعد سنوات من الانزواء خلف “شجرة القات” ذلك النبات المخدر الذي اجتاح الأراضي المزروعة في البلاد. وخلال الشهرين الماضيين، صدّرت اليمن أكثر من 7 آلاف طن من ثمار المانجو إلى الأسواق العربية والخليجية، وهو رقم قياسي، من شأنه تحفيز المزارعين على الاهتمام أكثر بالمحاصيل الغذائية وإهمال شجرة القات، وفقا لخبراء اقتصاديين . وارتفعت صادرات اليمن من ثمرة المانجو هذا الموسم؛ بسبب الإجراءات الرقابية التي اتخذت لتحسين جودة السلع الزراعية، إضافة إلى تحسين الثمار، وفقا لاشتراطات الصحة النباتية، ومعالجتها بالتعقيم الحراري عبر محطات فنية متخصصة، حسب وزارة الزراعة اليمنية. وقال جميل رمضان، مدير الحجر النباتي في وزارة الزراعة اليمنية، إن “إقامة محطات التعقيم الحراري، سيعمل على تحقيق قفزات نوعية لتشجيع ودعم الصادرات الزراعية، وتلبية احتياجات الدول المستوردة”. وحسب المسئول في وزارة الزراعة اليمنية، في حديثه لوكالة الأناضول، فإن أغلب صادرات ثمار فاكهة المانجو خلال الشهرين الماضيين، كانت إلى السعودية وقطر والكويت، إضافة إلى لبنان والأردن. ولم يطلق اليمنيون على ثمرة المانجو “ملكة الفواكه” إلا لمزاياها المتنوعة، خاصة احتوائها على كميات كبيرة من الكالسيوم والفيتامينات، ومذاقها المميز الذي جعلها تغزو الأسواق الخارجية. وتعد محافظات“الحديدة وحجة”،غربي البلاد، و تعز ولحج، جنوبها، من أهم مناطق زراعة المانجو، وفقا لإحصائيات رسمية. وتقدر الهيئة العامة للتنمية الزراعية (حكومية) عدد أشجار المانجو في اليمن ب 2 مليون و17 ألف شجرة، يزرع نصف هذا العدد في محافظتي الحديدة وحجة فقط . وتتميز الأراضي اليمنية بزراعة أصناف عديدة من المانجو أبرزها “قلب الثور”، “السوداني”، “الناشري “، “البركاني”، “أبو سمكة”، “الزبدة “، لكن قلب الثور والتيمور هما الصنفان الأجود واللذان يتصدران اهتمامات السوق الخارجية خلافا للأصناف الأخرى. ويرى عبد السلام الطيب، رئيس الهيئة العامة لتطوير تهامة (حكومية)، أن “تصدير المانجو قد يصنع نهضة في القطاع الزراعي، لكن الأصناف المرغوبة خارجيا “قليلة جدا”، وهو ما يستدعي القيام بعملية إحلال للأصناف من خلال التطعيم وليس الاقتلاع”. والتطعيم هو نقل جزء من نبات إلى نبات آخر، فينمو الأول على الثاني ويسمى الأول الطعم، والثاني الأصل، وتستخدم هذه الطريقة لإكثار أنواع وأصناف ذات مواصفات جيدة وعالية الإنتاجية، وخالية من الأمراض. وتضم غالبية الأراضي الزراعية اليمنية أشجار ذات أحجام كبيرة لثمار المانجو، حيث تنتج الشجرة الكبيرة (يتراوح عمرها من 10 - 40 عاما) من 80 إلى 90 كيلو غراما، فيما تنتج الأشجار الصغيرة (يتراوح اعمارها من 3-4 سنوات) من 20 إلى 70 كيلوغراما، وهو ما جعل الجهات الحكومية تفكر بزيادة الأشجار ذات الحجم الأصغر. وكشف رئيس هيئة تطوير تهامة، في حديثه لوكالة الأناضول، عن محاولة وزارة الزراعة اليمنية إدخال أصناف جديدة إلى اليمن، حتى يتم التطعيم منها، مثل نوعية “كيت” المتواجدة حاليا في هيئة البحوث الزراعية لأقلمتها . وحسب الطيب، فإن الأصناف الصغيرة تقوم بإنتاج أنواع فاخرة، وخصوصا “كيت”، كما أن المسافة بين الأشجار قصيرة 3 مترات، وليس 10 مترات كما يحصل بين الأشجار الكبيرة، مما يتيح زراعة أعداد أكبر من الأشجار في نفس المساحات. ويباع الكيلو غرام من فاكهة المانجو في السوق اليمنية بحوالي دولارين، وقد تنخفض القيمة إلى النصف كلما زادت كمية الإنتاج المزروع في ذروة الموسم الخاص بالفاكهة، والذي يبدأ عادة في مارس/آذار، وينتهي أواخر يونيو/حزيران من كل عام . وعلى الرغم من ارتفاع الكمية المصدرة من فاكهة المانجو إلى الأسواق الخارجية العام الحالي في اليمن، قياسا بأعوام مضت، إلا أن رئيس هيئة تطوير تهامة يرى أن آلية التصدير المتبعة ” ما زالت محاطة بالكسل” . وأوضح “ليس هناك نية بفتح أبواب تسويق جديدة.. يجب استهداف أسواق أوروبية بعيدة وليس العربية فقط.. الأسواق الأوروبية مبشرّة، والقدرة الشرائية لديهم أكبر” . وأضاف الطيب، “على الجهات الحكومية والمزارعين دعم إرسال شحنات استكشافية إلى الأسواق الأوروبية، ودراسة السوق هناك وكمية العائد، بهذه الحالة سيحقق القطاع الزراعي قفزة لا مثيل لها”. ويعيب مراقبون ضعف عملية التغليف والمستلزمات الخاصة بالتعقيم، التي كانت تقف حائلا دون انتعاش سوق تصدير فاكهة المانجو اليمنية، للأسواق الخارجية خاصة الأوروبية. ويقول مختصون زراعيون إن الدول العربية تتخوف من انتقال الآفات الزراعية من اليمن إلى بلدانهم، مثل “دودة الخوخ “، مما جعل الجهات المختصة تبادر بإنشاء مراكز خاصة لإعداد الصادرات في محافظة الحديدة، ومحطات تعقيم وتعبئة حرارية في صنعاء.