اعتبر وزير الاعلام نصر طه مصطفى، أن كل "السيناريوهات مفتوحة" إذا لم تقدم جماعة الحوثيين تنازلات مقابل ما قدمته الدولة، مشيرا إلى أن "اليمن البلد الوحيد ربما عربياً وعالمياً، الذي حظي بتوافق دولي نادر، وإجماع كبير حول أهمية أمنه واستقراره". وأعرب مصطفى، في حوار مع صحيفة البيان، عن أمله في أن يدرك الحوثيون أن ممارسة العنف يجب أن تتوقف على أبواب صنعاء، فاليمنيون جميعاً سيهبون من كل حدب وصوب للدفاع عن عاصمتهم إذا ما هاجمها الحوثيون، كما سيدافعون عن طموحاتهم في مستقبل آمن ويبدأ تحقيقه من صنعاء. وأكد وزير الإعلام أن السلطات اليمنية تشعر بالقلق من محاولات ضرب تجربة الحوار الوطني التي وصفها بالتجربة الفريدة في التغيير وتعتبر قصة النجاح الأهم للمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، عبر إنجاز عملية التغيير بشكل سلمي وبأقل قدر من الخسائر في أحد بلدان الربيع العربي. وقال إن تقوية اليمن لعلاقاته مع أشقائه في الخليج ضرورة للطرفين، فالانفتاح وفق رؤية وآليات تضمن ذهاب المساعدات إلى مكانها الصحيح هو أمر مهم، وكفيل بإخراج اليمن من أزمته الاقتصادية، مشيرا إلى أنها "أكبر وأعمق من أن تحلها بضعة مليارات أومشروعات، وسبق أن طالب باحثون استراتيجيون بمشروع تنمية خليجي عملاق في اليمن على غرار مشروع مارشال في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية، نتمنى رؤية تنفيذه قريباً". وأضاف "نأمل أن يمثل قرار مجلس التعاون الأخير بتعيين مبعوث دائم له باليمن، خطوة حقيقية لملء الفراغ ومعرفة الإشكاليات للتعامل معها بصدق وموضوعية". وفيما يلي نص الحوار تجربة انتقال السلطة السلس في اليمن، والحوار الوطني كانا محط إشادة دولية ويمكن تعميمهما في بلدان أخرى والمشهد الراهن يجعل بلادكم على أعتاب انتكاسة فعلية، ماقولك؟ بالتأكيد نحن نشعر بالقلق من محاولات ضرب تجربتنا الفريدة في التغيير والتي نعتبرها قصة النجاح الأهم للمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي في إنجاز عملية التغيير بشكل سلمي وبأقل قدر من الخسائر في أحد بلدان الربيع العربي، فاليمن هو البلد العربي الوحيد وربما البلد الوحيد في العالم الذي حدث توافق دولي نادر حول أهمية أمنه واستقراره وضرورة نجاح عملية التغيير فيه. والحقيقة أننا في اليمن تجاوزنا مراحل خطيرة خلال الفترة الماضية ونجحنا في الخروج من تعقيدات كبيرة جداً بما فيها قضية الجنوب، التي تم التوافق حول حلولها بما يرضي أبناء المحافظات الجنوبية، ويحقق تطلعاتهم ويعيد الاعتبار لهم جميعاً وعلى مختلف الصعد، وإذا تجاوزنا الأزمة القائمة مع الحوثيين فيمكننا القول إننا أعدنا تجربتنا في التغيير إلى مسار النجاح والمستقبل الآمن. ما هو السيناريو المتوقع للأزمة القائمة اليوم مع جماعة الحوثي خصوصاً وهناك مخاوف من انزلاق البلاد نحو العنف؟ كل السيناريوهات مفتوحة إذا لم تقدم جماعة الحوثي تنازلات مقابل ماقدمته لها الدولة، وفي ظني أن لدى الحوثيين مستشارين سياسيين على قدر من النضج، يمكن أن يصلوا بهم وبالبلاد إلى بر الأمان وعليهم أن يستمعوا إليهم جيداً، وأملنا كبير أن يدركوا أن ممارسة العنف يجب أن تتوقف على أبواب العاصمة صنعاء، فاليمنيون سيهبون جميعاً من كل حدب وصوب، للدفاع عن وطنهم وعن طموحاتهم المستقبلية لبلد آمن لان تحقيقها يبدأ من صنعاء. يحمل الكثيرون الحكومة اليمنية والرئيس عبد ربه منصور هادي مسؤولية ما آلت إليها الأوضاع في البلاد إذ لم يستغلا السنوات الثلاث من عمر الفترة الانتقالية، في السعي لإتمام عملية توحيد الجيش ومعالجة آثار الممارسات التي تمت في الجنوب والحروب في صعدة، مارأيك؟ لا شك في أنه كان هناك قصور في الأداء خلال الفترة الماضية، لكن بالمقابل لا بد أن ندرك أن التركة التي ورثها الرئيس هادي وحكومة الوفاق ،كانت صعبة ومعقدة للغاية على مختلف الصعد سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً واجتماعياً، فقد تسلمت حكومة الوفاق في ديسمبر 2011م بلداً مدمراً تتنازعه الانقسامات السياسية والانهيار الاقتصادي والصراعات المسلحة والانفلات الأمني وجيشاً منقسماً مهزوماً. لقد كانت الأوضاع تحتاج إلى معجزة لتجاوزها والوصول إلى بر الأمان، أما بناء ما خلفته سنوات ما قبل 2011م فيحتاج إلى عقود وليس إلى مجرد سنوات معدودة، ومع ذلك فقد تمت المرحلة الأولى من هيكلة الجيش والأمن وتم التوصل إلى الحلول النظرية لقضيتي الجنوب وصعدة من خلال مؤتمر الحوار الوطني، وننتظر إنجاز الدستور لندشن الخطوة الأولى في عملية بناء اليمن الجديد خاصة أن تجاوزنا التحديات الأمنية التي أشرنا إليها في إجابة سابقة. المرحلة الانتقالية هناك نقد قوي للمحاصصة الحزبية وتحميلها مسؤولية فشل الأداء الحكومي وتحول جماعة الحوثي إلى قوة معارضة رئيسة، هل تتفقون مع ذلك؟ لا يمكن أن نعفي طرفاً في السلطة من المسؤولية وتحمل طرفاً آخر المسؤولية في المرحلة الانتقالية كانت تضامنية بين الرئيس ورئيس الوزراء والحكومة وطرفي المبادرة الخليجية المشاركين فيها. وفي تقديري فقد نجحت حكومة الوفاق الوطني في خلق حالة ممتازة من الانسجام بين أعضائها على اختلاف انتماءاتهم الحزبية، وهذا ما مكنها من تحقيق عدد من النجاحات وتجاوز العديد من التعقيدات، إلا أن ذلك لا يعفيها من المسؤولية عن جوانب عديدة من القصور في الأداء التنموي والاقتصادي. وفي ما يتعلق بتحول الحوثيين إلى قوة معارضة رئيسة فالمسئولية فيه سياسية وأمنية وعسكرية بالدرجة الأولى، والمعنيون بتلك الجوانب في مختلف مستويات السلطة يتحملون المسئولية عن ذلك. يواجه اليمن ثلاثة تحديات رئيسة، مواجهة تنظيم القاعدة ومشكلة الحوثيين، والمطالين بانفصال الجنوب، بجانب الأزمة الاقتصادية الخانقة، والفقر والبطالة وأزمة المياه، فهل لدى الحكومة أو المنظومة السياسية أي رؤية بشأن التعامل مع تلك التحديات؟ تلك التحديات كانت قائمة قبل ثورة التغيير عام 2011م ولا تزال وستظل قائمة في الأمد المنظور، ولم يعد من المجدي البحث عن كبش فداء لإلقاء اللوم عليه الآن، فنحن على أبواب تشكيل حكومة جديدة ستستمر حتى إنجاز أول انتخابات رئاسية ونيابية بموجب الدستور الجديد. وأملنا كبير أن تضع الحكومة الجديدة اللبنات الصحيحة لمعالجة كل تلك التعقيدات وأن تتمكن من إنجاز ما فشلت حكومة الوفاق في إنجازه. وحتى تنجح الحكومة الجديدة فإنها يجب أن تكون شريكاً كاملاً لرئيس الجمهورية في كل القضايا بما فيها السياسية والأمنية والعسكرية، فلا يعقل أن تكون الحكومة أي حكومة مغيبة عن أي أمر، من منطلق أنها يجب أن تهتم فقط بالاقتصاد والخدمات والتنمية، فالشراكة هي مفتاح النجاح المطلوب للرئيس والحكومة على حد سواء. هناك تعهدات كبيرة من المانحين، إلا أن عجز الحكومة كان سبباً رئيساً في عدم وصولها ،ما حقيقة ذلك، وهل هناك أسباب سياسية لا تزال تحول دون وصول تلك التعهدات؟ لا أستطيع تحديد سبب واحد لذلك، لكن في تقديري أن الحكومة بذلت جهوداً كبيرة، وتمكنت من تخصيص بعض التعهدات.وقد بدأ العمل في مشروعات، فيما لا يزال بعضها مجمداً، ولا أظن أن هناك أسباباً سياسية تحول دون ذلك، فالجميع متعاطفون مع اليمن ويريدون مساعدته بكل صدق، وفي المقدمة أشقاؤنا في دول التعاون الخليجية. رفع الأسعار قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، لم يرافقه أي زيادة في الأجور والمرتبات، ولا إجراءات تمس كبار المسؤولين خاصة في قضايا الفساد، وارتفاع نسبة التهرب الضريبي، وقانون ضريبة المبيعات الذي لم يطبق منذ سنوات. برأيك لماذا تجاهلت الحكومة كل تلك القضايا، واتجهت نحو رفع الأسعار فقط ؟ لم يكن ممكناً المخاطرة برفع الأجور قبل ضمان توفير التمويل لذلك، وهناك مساع رئاسية وحكومية للبحث عن مصدر للتمويل، وكانت هناك إجراءات مصاحبة للقرار تمس كبار المسئولين مع التشديد على زيادة التحصيل الضريبي والجمركي، والبحث عن موارد جديدة لتمويل العجز في الموازنة ، إلا أنها تحتاج لبعض الوقت حتى تظهر آثارها وتختلف عن إجراء رفع الدعم الذي تظهر آثاره بسرعة. الدولة الاتحادية اعتبر الوزير نصر طه أن الانتقال لمرحلة الحكم الاتحادي لابد أن تتم بالتدرج، ووفق رؤية إستراتيجية شاملة وعملية تأهيل واسعة للكوادر المحلية يصاحب كل ذلك برنامج واضح لتعزيز الأمن والاستقرار وتقوية شوكة الدولة ووضع برنامج واضح للتنمية البشرية وبناء الإنسان اليمني. وإعادة صياغة شخصيته، بما يتفق وتعزيز الوحدة الوطنية وإدراج العصبيات الضيقة في أطرها المحددة بحيث تصبح وسيلة لإثراء الحياة العامة وليس تكريسها العصبيات، وجميعها أمور ضرورية لا بد من إنجازها مقدمة للولوج في مرحلة الحكم الاتحادي.