بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرق الأوسط: تذكرة بريطانية للعودة إلى الجنوب اليمن
نشر في المنتصف يوم 01 - 10 - 2014

تبعثرت أوراقٌ وتاهت خيوطٌ كثيرة، من بين أيدي الفاعلين والمُدبِّرين المركزيين وراء التطورات والتداعيات الدرامية المُتسارعة، التي أخذتها المشاهد الأخيرة لمجريات الأحداث على الأرض، وصولاً إلى العاصمة صنعاء، فيما عُرف ب«الأزمة اليمنية»؛ وهو توصيف مخفف لوقائع انطوت في مجملها على ما هو أكبر من معطيات أزمة، وأكثر من مجرد خلاف، وأخطر مما تمظهرت وتجلت من شواهد ومشاهد. فإن المغيب والمتواري وراء الستائر والجدران وفي الكواليس؛ كوقود ومحرّك للأحداث على الأرض، لا يكاد يُقارَن بالقليل من المُعلن والمعروف إعلامياً وحتى سياسياً.
شمالاً.. جنوباً
بينما ينجز الحوثيون أهدافهم، بسرعات ومسافات قياسية بالفعل لفتت إليها الأنظار والتساؤلات، كان جماعة آخرون على الخط، وفي دوائر عليا، يتحرّون، أيضاً، أهدافاً وغايات قِيلت كثيراً وترددت مؤخراً أكثر، في تحليلات وإفادات وإحاطات إعلامية وصحفية لمحللين وكُتَّاب وسياسيين، رأوا أن رجالاً فاعلين وصُنَّاع قرار في أعلى هرم السلطة الانتقالية، يتوخّون الإفلات من عاصمة مُجتاحة ومُتاحة للزاحفين، وباتت خاوية إلا قليلاً من أهم عتادها العسكري والأسلحة التي أخذت طريقها بوتيرة متسارعة إلى ناحية قصيَّة في بلديات محلية بعينها من أبين جنوب البلاد. ولاحقاً تبعتها الطائرات. فيما معسكرات وألوية ومكونات الجيش، وأهمها قوات النخبة، كانت قد أنهكت تماماً بمعاول ما أسميت «الهيكلة». بالتوازي استقوت جماعات الإرهاب والقاعدة، وتمدَّدت في مساحات شاسعة جنوب وشرق اليمن، وباتت معفيَّة من الملاحقة. ورقة أخرى استُخدمت بكثرة هي مُسميات وكيانات وظاهرة «الحراك» الذي انتهى أخيراً في عقر هادي! دعوات الانفصال ليست بمعزل عن هذا وذاك.
من معطيات كهذه، بنى مراقبون مقاربة شديدة الوضوح وشديدة الوعورة في آن: بينما تُمهد ومُهدت فعلياً الطريق إلى العاصمة أمام المد الحوثي المكتسِح، تتمهد ومُهدت، بالتزامن وبالمثل، الطريق إلى عدن، أمام طاقم وجماعة أعلى الهرم. وتواترت المعلومات والشواهد منذ مفتتح ولاية الرئيس الانتقالي إلى حميمية خاصة تتسم بها العلاقات مع حكومة بريطانيا، التي تمثل مرجعية وخلفية مُمتدة للرئيس هادي. هذا المُعطى يعني أن البريطانيين يضمنون لحليفهم إسناداً وتحشيداً بصدد الهدف الأخير.
أكثر من معركة.. وشرعية مُغتصَبة
وإعلامياً، كما سياسياً، راح واستمر النظام وأركانه يكيلون الاتهامات بالمسئولية على المتهم المفضَّل دائماً، الرئيس السابق، في كل شيء وأي شيء. واستخدمت في السياق، أيضاً، مهمة المبعوث الدولي، بحيث بات المُلوِّح الشهير بعصا العقوبات ضد من تشاء الرئاسة الانتقالية ولحساباتها الخاصة!!
لم يكن من خيار أفضل من هذا، ولا منطق وحجة ولغة تبرير أسوأ من هذه؛ للتهرُّب من المسئولية اللازمة على سلطة ورئاسة، حظيت بدعم إقليمي ودولي لم يتوافر لغيرها ولسابقاتها، وإلقائها المسئولية على الرئيس السابق، والإلحاح المُستميت على منعه من العمل السياسي في إطار المؤتمر الشعبي العام، بل وحد المطالبة المتكررة إلى سفراء العشر وقادة دول وحكومات تبني مطلب إخراج صالح من اليمن. كانت تحركات جانبية، أيضاً، وفي الأثناء تمتد بأيادي الرئاسة إلى قيادات مؤتمرية، بهدف استقطابها وإخلاء المقاعد حول صالح، رئيس المؤتمر، كتعبير آخر عن رغبة مُستعِرة إلى تملُّك المؤتمر ووراثة الصالح، هنا كما في الرئاسة. أكثر من معركة وخط نار صُوّبت باتجاه صالح والموالين له. وأكثر من معركة كان يخوضها الرئيس الانتقالي، الذي تجاوز فترة ولايته الشرعية بداية من 21 فبراير 2014. صار رئيساً بالتمديد كأمر واقع. شرعية الأمر الواقع، هي التي تحكم لا غير. ما مِنْ شرعية أخرى، وتعطلت الانتخابات المقرَّرة وفقاً للمبادرة والآلية المزمَّنة. واعتمد هادي على تحالفه المُتفق والمنسق مع الإخوان وعلي محسن، محلياً لتمرير شرعية اللاشرعية. تحالفهم ذاك هو الذي أدرج اليمن تحت البند السابع ووصاية دولية مباشرة. هلّل وصفَّق الإخوان وإعلامهم، واحتفل هادي بنصره الخاص، وضع اليمن تحت عصا الوصاية الدولية(!!) قبل أن ينقلب السحر على السَّاحر، بطريقة دراماتيكية طالت بلهبها الجميع، فيما كان صالح يمارس جدوله اليومي، ويستقبل الوفود المُندِّدة بمخطط النفق الإرهابي، الذي أحبطته ذات العناية والرعاية التي أعادت الرئيس صالح من الموت في جريمة التفجير الإرهابي بجامع النهدين وجمعة رجب في يونيو 2011.
سيناريو وليست صدفة
تدرَّج الحوثيون الزاحفون تباعاً؛ من أقصى شمال الشمال، مروراً بمواقع ووقائع دماج وكتاف وحاشد وضين ودنان وغيرها، وصولاً إلى عمران كمحطة مِفصلية حاسمة في مسار الصراع وترجيح كفة أحد الطرفين، وكان هنا هو الحوثي، قبل الانتقال منها إلى همدان فالظفير وبني مطر غرب وشمال غرب العاصمة، بالتزامن مع سِجال مُسلح وعنيف في الضفة الأخرى إلى الجوف وشيء من مأرب. وما إنْ حُسمت في الجوف حتى اشتعلت في ضلاع همدان، توغلاً إلى شملان ومنها إلى مذبح والثلاثين وجهاً لوجه مع أهم معقلين لخصومهم المتقهقرين إلى وراء أسوار مقر الفرقة الأولى مدرع (المُنْحلَّة) معقل اللواء علي محسن، وجامعة الإيمان معقل الإخوان، ومنبع المتطرفين والمتشددين، كما حددهما الحوثيون هدفاً نهائياً في العاصمة صنعاء.
وما كان لجماعة، مهما كانت من القوة والعدد والعتاد، أن تجرف أمامها مناطق
ومحافظات وسلطات ومعسكرات، وأخيراً العاصمة نفسها، بهكذا سيناريو متراكض الخطى والمكاسب، إلا إذا وافق عزمها وغرضها غاية وغرضاً لدى مركز السلطة والحكم، ولكل غاية.
تحذير سابق: «فوضى منظمة» ودوائر عليا
«أتيحت صنعاء» وما قبل صنعاء أيضاً؛ يؤكد خبراء ومحللون يتعاطون حبوباً للإفاقة من آثار «الصدمة»، كما جاء هذا الوصف لما حدث في صنعاء على لسان رئيس جهاز الأمن القومي شخصياً.
قبل أيام على اجتياح العاصمة حذَّر مسئول سياسي يمني قريب من كواليس الحدث - نشرته وكالة "خبر" في حينه، الخميس 9 سبتمبر- من «توجُّه لإغراق العاصمة صنعاء في الفوضى، تديره مراكز نفوذ في هرم النظام الانتقالي»، بالموازاة عبر التحركات الميدانية والتغطية الإعلامية.
وقال المسئول، في اتصال مع "خبر" للأنباء: «إن التوجُّه بدأ بتقديم تسهيلات للمسلحين لدخول العاصمة صنعاء»، لافتاً إلى أن «دوائر عليا، تدفع باتجاه الاشتباك مع وحدات من الجيش، لحسابات خاصة».
أوضح المسئول اليمني لوكالة "خبر"، أن التوجُّه (محل التحذير) يركز على دفع الوضع باتجاه الصدام المسلح داخل صنعاء، عبر تمكين مجاميع مسلحة من تنفيذ هجمات متقطعة واستفزازية، على مواقع عسكرية داخل صنعاء، ترافقاً مع حملة تغطية إعلامية وإخبارية تسارع إلى تقديم تفسيرات مضللة دون معطيات من الواقع أو شواهد معلوماتية مثبتة، وتوظيفها، حصراً، للنيل من صالح وأقاربه وقيادات المؤتمر الشعبي، كهدف أول وُضع على رأس قائمة أولويات مكتب إعلامي مُخصَّص للغرض، يديره نجل الرئيس.
وفي ضوء وقائع ومُعطيات يومية متصاعدة؛ تعتمد متوالية الأحداث بتدرُّج ملحوظ؛ إتاحة تسهيلات على الأرض للتحركات الميليشاوية داخل صنعاء، بالتوازي مع اعتماد خط إعلامي يتصنَّع الخصومة مع تلك التحرُّكات، ويصعّد اتهامات بالمسئولية ضد قيادات وشخصيات عامة ومسئولين سابقين، كجزء من تصفية حسابات خاصة وخصومات مكرسة.
تحذيرات كثيرة كهذه ذهبت أدراج الرياح.. وحدها النوافذ والأبواب، على مصراعيها، أشرعت أمام رياح الزاحفين من الشمال.
وكان مصدر مسئول في المؤتمر الشعبي العام استهجن، (يوم الخميس نفسه الذي حذّر المسئول اليمني من توجُّه لإغراق العاصمة في الفوضى)، حملة تحريض وتضليل تستهدف قياداته من قِبَل مواقع تتبع جلال هادي، النجل الأكبر للرئيس.
وفي تصريح لوكالة "خبر"، استنكر المصدر «سُعار الحملات التحريضية المنفلتة، والتي تسعى، ومَنْ وراءها، إلى خلط الأوراق، وبث الفتنة، وإثارة الكراهية والأحقاد، الأمر الذي يهدّد السلم العام، وحياة الأفراد والقيادات، وممارسة التضليل المُغرض والتخريبي».
واعتبر المصدر، أن ما تقوم به تلك الوسائل والمواقع الإليكترونية من تحريف وادعاءات، إنما هي دعوة صريحة للقتل.
وحمَّل المصدر، الدولة ورئيس الجمهورية والنائب العام، مسؤولية الحفاظ على أمن تلك القيادات وحياتها وأُسَرِها، معتبراً هذا بلاغاً عاماً للنائب العام والسلطات الأمنية والقضائية والعدلية.
وفي إشارة، ذات دلالات عميقة، قال المصدر: «إن ذلك يأتي في سياق التستُّر على علاقة جهات في السلطة، بالأحداث الأخيرة التي وقعت في مناطق شمال صنعاء، وما تلاها شمال وجنوب العاصمة، إلى جانب مساعٍ لاستثماره، إلى جانب استغلالها لتحريض وحدات عسكرية على بعض الجهات».
بين هادي والأحمدي
في «لمح البصر»، كما قال رئيس الأمن القومي ل"السياسة" الكويتية، أو في مفاجأة غير متوقعة أبداً، كما قال بنعمر، أو «مؤامرة» غامضة، كما يقول هادي.. أخذ الحوثيون صنعاء، بأيسر ما يكون، وتهاوت قلعة علي محسن في ليلة، بينما كان المرحوم القشيبي صمد أشهراً. توافق بنعمر وهادي والأحمدي وغيرهم على وصف ما حدث بالصدمة والبغتة وغير المفهومة والمفاجأة. لكن هادي يقول، إن صنعاء لم تسقط، وينفي هذه الصيغة جملة وتفصيلاً.
بينما الأحمدي يشدّد أن صنعاء سقطت، بل احتلت، بل حدث انقلاب كامل على الشرعية والمبادرة والتسوية. لم يجد الأحمدي من واجبه أن يقول لليمنيين كيف ولماذا حدث كل هذا إذاً؟؟ وأين كانت الرئاسة والسلطة والأمن القومي ومؤسسات الحماية وغيرها؟ الواقع يفيد أن صنعاء أتِيحتْ أولاً وسُلمتْ آخراً إلى الزاحفين من أقصى الشمال، وتسلموا كل شيء في صنعاء يمت للسلطة وللدولة بصلة. الأمن والحماية أيضاً. كل هذا ويخرج هادي بخطاب جنائزي مُحبط ليحدثنا بطريقة مدهشة عن مؤامرة من وراء الحدود. هو حتى لا يذكر أية حدود بالضبط؟ معلق قال، يومها،إن هادي يغمز السعودية أكثر مما يعني إيران، كما يتبادر أولاً.
وبعد يومين، لا أكثر، كان هادي يأمر بالإفراج عن خبراء إيرانيين وعن طاقم سفينة الأسلحة الإيرانية جيهان، وتفاصيل أخرى غير مسرَّبة ضمن صفقة قادتها وساطة عاصمة خليجية مع طهران.
تعزز يقين المعلق السابق بأن هادي لا يعني إيران بالحديث عن مؤامرة. فلا أحد يتهم ويدين طرفاً بالتآمر ثم يمنحه كل هذه التنازلات والامتيازات، ويغلق ملفات تحقيق لم يكتمل، ولم تعلن نتائجه، ولم يعرف اليمنيون، أبداً، ما الذي يحدث هنا؟ كما لا أحد يفيد شيئاً: ما هو المقابل؟ مقابل ماذا أفرج عن هؤلاء؟؟
الساعات الأخيرة قبل تهاوي أسطورة من رماد
كيف تهاوى وانهار علي محسن وجبهته ومعقله العتيد، الذي حِيكَتْ حول سطوته ورهبته الأساطير، وتبخَّرت كلها في لحظة واحدة، وانكشف غطاء ومستور الجنرال العجوز، الذي قدَّم نفسه وقدمه أصحابه وإخوانه، الإخوان، كمحارب صنديد وقائد جبهة الحرب ضد الحوثيين، أو كما قالوا ويقولون «الروافض» وحلفاء إيران الذين هوَّل محسن والإخوان من خطرهم على حدود المملكة الجنوبية وأمنها، واستخلصوا بهذه الذرائع والروايات «الانتهازية المحترفة»، كما وصفها كاتب عربي، أموالاً وتمويلات طائلة من خزانة مال المملكة التي دفعت، مؤخراً، لعلي محسن ملياري ريال؛ لإخماد حركة الحوثيين. وها هو يفر إلى السعودية بجله هرباً من الحوثيين الذين اخذوا معاقله وقصوره في قلب العاصمة، وبالكاد نجا منهم بجلده.
بعد معارك ضلاع وشملان ومذبح، وصل الحوثيون إلى أسوار الفرقة وجامعة الإيمان. استمرت الاشتباكات عن بُعد، وازدادت عنفاً يوماً عن يوم. خلال هذه الفترة كان هادي يبطل اتفاقاً لإنهاء الأزمة، أبرمه الإرياني وهلال مع العزي والمشاط. ثم يقرِّر، فجأة، تسليم الملف لجمال بنعمر. نُقل عن الدكتور الإرياني قوله لبنعمر: سنحملك مسئولية الحرب. نحن يمنيون وأدرى بظروف ومصالح بلادنا. لكن هادي أصر.. وكانت المسئولية تلقى على ضغوط كل من محسن والإصلاح وابنه جلال لرفض الاتفاق. ثم وصل بنعمر ومرافقين إلى صعدة وبقي هناك أياماً، بينما تقترب النيران من صنعاء، ووصلت قبل أن يتمخض المفاوضون في صعدة عن اتفاق. نقل مراسل لوسيلة إعلام خارجية، يرافق بنعمر في صعدة، أن خلاصة قِيلت، بوضوح وصراحة ويعرفها الجميع هناك: لا اتفاق أو توقيع اتفاق قبل إنجاز المهمة على الأرض في صنعاء. وهكذا كان.
في الليلة السابقة على اقتحام الفرقة مدرع، اتصل علي محسن بهادي مشككاً في مقدرة وكفاءة قائد المنطقة العسكرية السادسة الذي يتواجد داخل مقر الفرقة في التصدي للمهاجمين. ودخل محسن الفرقة بأوامر هادي، الذي اتصل بالحاوري وقال له سيأتيك علي محسن وذلك للتعاون في مواجهة الحوثيين وإخراجهم وإرجاعهم إلى مران!!
ذهب محسن إلى الفرقة، وبحوزته أموال سعودية، جزء من المليارين سعودي التي استلموها من أجل مواجهة الحوثيين. ترجّح معلومات ومعطيات متواترة، أن جملة ما صرفه محسن للقبائل والمليشيا الحزبية والمقاتلين الذين جلبوهم من مناطق مختلفة، يصل إلى 500 مليون ريال سعودي. وفي تلك الليلة صرف مبالغ مالية لشخصيات قبلية كانت معه في مقر الفرقة، وهم قيادات محلية كبيرة في حزب الإصلاح، من الجوف ومأرب وأرحب، إضافة إلى المجاميع التي تواجدت وأدخلت للمعسكر.. كما صرف، طبقاً لمعلومات من مصادر حضرت الواقعة، 5000 بندقية آلي.
برغم كل هذا وكل شيء، عجز محسن ومن معه في فعل أي شي أمام تقدم واقتحام مسلحي الحوثيين، الذين اقتحموا البوابة والأسوار، ولم يفلح من في الداخل ومن جاء لردهم إلى مران صعدة، في صدهم أو وقف أو إعاقة تقدُّمهم. انتهت الأساطير على محك امتحان عملي مباشر. هنا، وهكذا سجَّل نظام «هادي / محسن» نهايته وانهار. ما بقي منه مجرد غبار في مهب رياح الشمال. آجلاً أو عاجلاً سينصرف هادي، وهو يدرك الآن أكثر من غيره وأكثر من أي وقت مضى، أنه وصل إلى نهاية السِّكة. لا مفر. لن تحتمل اليمن، بعد الآن، أكثر مما احتملت. ومن غير المتوقع، أبداً، أن يقبل اليمنيون المضي في التيه واغترابهم عن الدولة واغتراب الدولة عن حياتهم.
غنائم الحوثيين.. ترسانة أسلحة
لكن لم تنته القصة هنا.. لنحصي ما غنمه الحوثيون من أسلحة وترسانة حقيقية في مقر الفرقة الأولى (كان يفترض أنها مُنحلة بقرار القائد الأعلى، لكنها بقيت رغماً عنه ولم تنفذ مذبحة الهيكلة، عن عمد، إلا ضد قوات النخبة المؤهلة المهنية والحرفية، الحرس والخاصة ومكافحة الإرهاب).
توافرت قائمة شبه أنموذجية بما غنمه وأخذه الحوثيون من الفرقة، كما يلي:
11 دبابة - 15 مصفحة مدوبلة والتي جاءت من أفريقيا
11 مدرعة بي إم بي 1
20 مدرعة بي تي آر
24 مدفعاً عيار 23
12 مدفعاً عيار 14.5
200 رشاش معدل 14.5
200 رشاش 12.7
200 آر بي جي 7
100 صاروخ بي تي إس
كلها مع ثلاثة إلى أربعة خطوط نارية استلمها "أنصار الله" كغنيمة بعد فرار علي محسن من الفرقة.
وهنا، أيضاً، ما غنموه من منزلة الشخصي:
800 صاروخ لو
400صاروخ سام 2
5000 بندقية آلي
5 ملايين طلقة آلي
3 ملايين طلقة شيكي
على سبيل الإجمال
إجمالي ما يملك الحوثيون اليوم:
200 دبابة ما بين 55 و 66
300 عربة مصفحة
250 طقماً مسلحاً ما بين 12.7 و 23


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.