تزداد تعقيدات المشهد السياسي اليمني، يوماً بعد آخر، خاصة في ظل خطوات حثيثة ينتهجها الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي، من عدن، باتجاه تنفيذ ما احتوته مسودة دستوره عن الأقلمة، وهو ما حذر منه مراقبون سياسيون وإعلاميون بأنها قد تؤدي إلى حرب أهلية، لأنها لم تقر بعد ولم تعرض للاستفتاء. بعد وصوله إلى عدن، بدأ الرئيس – وكأول خطوة – بتغيير حراسة القصر الجمهوري بحي المعاشيق، وتسليم المبنى لحراسة من اللجان الشعبية التي استقدمها من أبين، حيث ذكرت المصادر لوكالة "خبر" أن الحرس الخاص بالرئيس واللجان طلبت من الجنود الذين كانوا متواجدين في منطقة المعاشيق وتحديداً في منزل نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض المغادرة. تتحدث المعلومات أن الرئيس أعطى كافة الجنود والضباط، من أبناء المحافظات الشمالية إجازة مفتوحة، وتولت حراسته الخاصة واللجان، حماية المناطق التي غادرها الجنود المحسوبون على ما كان يعرف بقوات الحرس الجمهوري. لكن الرجل لا يتمتع بقبول لدى معظم الفصائل التابعة لما يعرف بالحراك الجنوبي، والذي يرى أن هادي هو أحد أمراء حرب 1994م. فقد خرج المتظاهرون في أبين (مسقط رأس الرئيس) معبرين عن رفضهم له ولقدومه عدن. اللجنة التابعة لأنصار الله "الحوثيين" أعلنت، الرئيس هادي فاقداً للشرعية، ومطلوباً للعدالة، محذرة من التعامل معه، أو تنفيذ أوامره باعتباره رئيساً للبلد، وأن كل من سيتعامل معه على ذلك النحو سيتعرض للمساءلة القانونية. وأعلنت سفارتا السعودية والإمارات، استئناف عملهما من مدينة عدن، بعد أن كانت نحو 13 بعثة دبلوماسية أغلقت مقارها في صنعاء، بسبب تطورات الوضع، إلا أن إعلان السفارتين الخليجيتين جاء بعد لقاء هادي بالأمين العام لمجلس التعاون، الدكتور عبداللطيف الزياني، الذي رافقه سفراء 6 دول خليجية إلى عدن.. ويبدو أن المسار دخل منحى آخر، فقد حذر زعيم أنصار الله، عبدالملك الحوثي، أبناء المحافظات الجنوبية، من نقل صراع الشمال إلى الجنوب، وقال إن هناك استغلالاً للقضية الجنوبية، يجري على أشده من قبل الرئيس، الذي انتقد تصرفاته بشدة، وقال إنه كان خاضعاً خانعاً للخارج. وقال الحوثي، في خطاب متلفز مساء الخميس، إن هناك مؤامرات لنقل أزمات الشمال إلى الجنوب، وأن هناك مخططات تستهدف المحافظات الجنوبية، عبر تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى وجود استغلال للقضية الجنوبية من قبل عديد أطراف، داعياً أبناء الجنوب إلى استرجاع الماضي القريب، ومعرفة من يتواجد الآن هناك ومن هم أسباب ما حدث في العام 1994م. وكالة "سبوتنك" الروسية نقلت، الجمعة، عن وزير الصحة في الحكومة المستقيلة الدكتور رياض ياسين، تأكيده أنه مدينة عدن، أصبحت هي العاصمة الشرعية لليمن، وأن الرئيس هادي يتجه نحو بناء جيش محايد.. تلك التصريحات جاءت، بعد لقاء عقده المبعوث الأممي جمال بنعمر بالرئيس هادي وقيادات في الحراك. الناطق باسم الحوثيين، سخر الجمعة، بالتزامن مع تظاهرات حاشدة خرجت في صنعاء وبعض المدن، استجابة للدعوة التي أطلقها عبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة سخر من الحديث عن الشرعية التي يتحدث عنها الرئيس هادي، مؤكداً أن الشرعية من الشعب، وليست من الخارج. وأضاف محمد عبدالسلام، أن شرعية هادي "لن تأتي عبر زيارات الخارج ولن يعززها نقل بعض السفارات إلى جواره، إن الشرعية الحقيقية هي من الشعوب، والشعوب هي التي تصنع الشرعيات وتؤسس للدول وتكتب الدستور وتبني الأوطان". ويبقى سقف التوقعات مفتوحاَ، والأسئلة معلقة، حول خيارات الأطراف اليمنية والرئيس هادي، وإلى أين يمكن أن تسير الأمور، خاصة في ظل تصاعد المخاوف، عن توجهات خارجية لتطبيق نموذج الصراع الليبي في اليمن، واتهام الحوثيين لهادي ومكونات حزبية على رأسها حزب الإصلاح، كونه أداة لتنفيذ ما يستهدف اليمن وأمنه واستقراره. واستأنفت الأطراف، مساء الجمعة، جلسة مفاوضاتها بشأن حل الأزمة، برعاية بنعمر، فيما رفضت 6 مكونات سياسية، بينها فصيل في الحراك الجنوبي، مقترح نقل الحوار إلى خارج العاصمة صنعاء. *وكالة خبر