الحكومة: مشاهد الحوثيين بكربلاء تكشف انسلاخهم عن اليمن وانغماسهم بالمشروع الإيراني    انتبهوا    جرائم القتل في سجون الأمن السياسي بمأرب تظهر الوجه القبيح لإخوان الشيطان    مستقبل اليمنيين الهاربين في عدن والتعلم من تجربة 1967    تظاهرة شعبية غاضبة في الضالع    البيتكوين يواصل تحطيم الأرقام القياسية    البنك المركزي يسحب تراخيص ويغلق ست منشآت صرافة مخالفة    نصوص الزيف ترسم خرائط الدم    من تصريح نتنياهو إلى جذور المؤامرة... ثلاثة قرون من التخطيط لإقامة "إسرائيل الكبرى"    اليونان تنتفض في وجه إسرائيل دعمًا لفلسطين ورفضًا لجرام الاحتلال    موقع بحري: حاملات الطائرات تتجنب المرور من البحر الأحمر    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي    الأمطار توقف مباراة الصقر وأمل الخيامي .. واتحاد الكرة يعلن إعادتها صباح غدٍ الجمعة    ريال مدريد يهنئ باريس سان جيرمان على الفوز بالسوبر الاوروبي    ضمن بطولة"بيسان"الكروية تعز 2025 ... طليعة تعز يثخن جراح شباب المسراخ ب 9 أهداف لهدف ، ويعزز حظوظة في دور الثمانية..؟!    استعدادا للتصفيات الآسيوية.. المنتخب الأولمبي يفوز على تضامن حضرموت    المنتخب الوطني للشباب يفوز على وحدة صنعاء استعدادا لكأس الخليج    العثور على مدينة قبطية عمرها 1500 عام في موقع عين العرب    ندوة ثقافية بذكرى المولد النبوي في كلية العلوم الإدارية بجامعة ذمار    حالة من الذعر تهز الأرجنتين بسبب "كارثة" طبية أدت لوفاة العشرات    وزير الكهرباء وأمين العاصمة يدشنان الإنارة الضوئية في ميدان السبعين    سماسرة الدواء وثرائهم على حساب المرضى والجرحى وأمراضهم المستعصية    وزيرا الاقتصاد والنقل يزوران مصنع انتاج الكسارات وخطوط إنتاج الخرسانة    الإفراج عن 34 سجيناً في عمران بمناسبة ذكرى المولد النبوي    تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة    السيد القائد يهاجم صمت زعماء العرب حيال تصريحات نتنياهو    وزير الثقافة يطمئن على صحة الممثل المسرحي محمد معيض    هيئة الزكاة تخفض دعمها للمستشفى الجمهوري بصنعاء بأكثر من النصف والمستشفى يقلص خدماته الطبية    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تشدد على مضاعفة الجهود الرقابية للحفاظ على استقرار أسعار الصرف    صنعاء .. مرضى السرطان يشكون من انعدام بعض الأصناف الدوائية    "تنمية الشبابية" بالتنسيق مع أوقاف مأرب تختتم المرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمي حلقات القران    مليشيا الحوثي تمنع التعامل بالبطاقة الشخصية الذكية في مناطق سيطرتها    اللواء بن بريك يُعزّي العميد عادل الحالمي بوفاة والدته    مدير عام مديرية قشن يدشن عدد من الدورات التدريبية    تدشين توزيع الحقيبة المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين في مدينتي البيضاء و رداع    الحوثيون يهاجمون المبعوث الأممي ويهددون بإنهاء عمله في اليمن    رفض عربي لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى".. واليمن يعتبره تحدٍ واضح لإرادة المجتمع الدولي    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    سريع يعلن عن عملية عسكرية في فلسطين المحتلة    قيادي حوثي يسطو على شقق سكنية تابعة لأوقاف إب    خبير طقس يتوقع أمطار غزيرة إلى شديدة الغزارة مصحوبة بحبات البرد والبروق والرياح    السامعي بسيطًا مثل الناس، نبيلاً كقضيتهم    قرار استثنائي سيظل كسيحا    عمرو بن حبريش.. من هضبة الوعود إلى هاوية الفشل    من يخرجها من ظلمات الفساد.. من يعيد المسار لجامعة عدن (وثيقة)    إجرام مستوردي الأدوية.. تخفيض أسعار أدوية خرجت من السوق قبل 25عاما    باريس ينتزع السوبر الأوروبي من أنياب توتنهام    "عودة الأسطورة".. سعر ومواصفات هاتف Nokia 6600 5G كاميرا احترافية 108 ميجابكسل وبطارية    «فيفا» يختار الحكمة السعودية ريم في مونديال الصالات    10 عادات افعلها صباحاً لصحة أمعائك وجهازك الهضمى    أرقام صادمة وجرائم جسيمة.. عقد من التدمير الحوثي الممنهج للاقتصاد الوطني        نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    جورجينا تعلن موافقتها على الزواج من رونالدو وتثير ضجة على مواقع التواصل    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوميون عرب لا يضجرون من قوميتهم
نشر في المنتصف يوم 04 - 06 - 2015

وسط عالم عربي مهشم بالفتن المذهبية والاتنية وتهدده خرائط التفتيت وترتسم في أفقه حروب وصراعات معقدة، التأم في بيروت المؤتمر القومي العربي في مشهد يبدو «سوريالياً» بالنسبة لعدد من المراقبين الذين لا يستخفون فقط بمثل هذه التظاهرات، وإنما يحملون عليها بقوة ويستخدمون في وصفها ألفاظاً فظة من نوع «قومجي» أو «بقايا البعث والناصرية» أو «أصدقاء المستبدين» وغيرها من التسميات.

وسط هذه الظروف يحتاج حضور المؤتمر ومتابعة أعماله إلى شجاعة نادرة خصوصاً أن وسائل الإعلام التي لا تريد التعرض ل «القومجية» أو ليست لديها مساحات صغيرة فارغة أو لا تهتم بالسجالات الفقيرة والملاسنات تغرب عن أعمال المؤتمر في الظروف العادية، فما بالك في مثل هذه الظروف التي تخيم فيها غيوم كالحة السواد على فضائنا العربي.

بطبيعة الحال لا يكفي وصف الآخرين للخروج باستنتاجات هجومية حول الظاهرة القومية العربية، فالمؤتمر أيضاً وربما أكثر من أي جهة أخرى يتحمل مسؤولية أساسية في تشكل الخطاب المناهض «للقومجية» ليس لأنه لا يريد بل لأنه لم يقرأ حال الأمة كما ينبغي أن يقرأ أو الأصح كما أرى ويرى كثيرون وجوب هذه القراءة.
أضف إلى ذلك اكتفاء المؤتمر بإعلان الموقف وإهمال البحث عن وسائل وكيفيات تفعيله وهنا لا بد من بعض التفصيل.

تعود القوميون في مؤتمراتهم السنوية أن يصدروا تقريراً بعنوان «حال الأمة» ويناقش هذا التقرير في دورات المؤتمر المختلفة وتتخذ إثر المناقشة سلسلة من المواقف هنا وهناك، وتوزع على وسائل الإعلام تماماً كما يفعل أوروبيون في مثل هذه الحالات، إذ يعلنون مواقف ويعبرون عن وجهات نظر في نقاش قضايا محورية على صفحات وسائل الإعلام وشاشتها وأثيرها وتخرج من حصيلة النقاش آراء تستشيرها السلطات الحاكمة وتعمل بأثر منها أو تهملها لعدم صلاحيتها.

هذه السيرورة التي يتبعها المؤتمر لا تنطبق على حال العرب لأسباب عديدة من أبرزها أن الفضاء العربي ليس موحداً ولا تنطق باسمه وسائل إعلام موحدة ومهتمة حصراً بالشأن القومي، وإنما كم هائل من وسائل الإعلام التي تدافع عن بلدان بعينها وعن فئات بعينها وعن مذاهب وطوائف واتنيات..
وبالتالي من الصعب العثور على مساحة مخصصة وسط هذا الحشد للقضايا القومية الجامعة.

وثانيها أن القومية بجوهرها تعني تغليب الهوية الجامعة لكل الهويات الجزئية وبالتالي تكريس الأولوية لهذا الجامع، وعندما تسود أولوية المذهب والطائفة والفئة والاتنية وعندما تتصارع هذه الفئويات تتراجع مساحة الشأن القومي إلى الخلف ثم إلى الخلف والخلف حتى تصل إلى الهامش.

وثالثها إن الشأن القومي يعني بالدرجة الأولى تكريس النظر والقراءة والمواجهة للخارج وليس للداخل.

بكلام آخر أنت تجمع قوماً لمواجهة أقوام أخرى أو للتعاون مع أقوام واستثناء أقوام أخرى، أو للإفادة من أنشطة أقوام والتحذير من خطر أقوام أخرى.
والواضح أن نصوص «حال الأمة» يغلب عليها استنتاج أحوال الداخل العربي، والإشارة إلى مسؤولية الخارج عنها وهذا المنهج ينتمي إلى ثقافة سياسية حزبية تكونت لدى النخب التي تشكل غالبية المؤتمر، حتى ليبدو أحياناً تقرير«حال الأمة» وكأنه حصيلة جامعة لتقارير حزبية منفردة وبالتالي يفقد فرصة شق طريق مختلف في التعاطي مع قضايا الأمة بوصفها قضايا خارجية حصراً..

فالقومي العربي هو الذي ينظر إلى العرب بوصفهم جزءاً من محيط إقليمي متعدد القوميات ومحيط دولي متعدد القوميات أيضاً أو رابعها أن حال التبعية التي تعيشها الأمة العربية في القسم الأعظم من دولها تجعل من وسائل التعبير لديها مسرحاً في أحيان كثيرة لتفضيل القوميات الأخرى على القومية العربية.

وقد لاحظنا عشية الحرب على العراق ذلك الكم الهائل من المقالات التي تدافع عن القومية الكردية «المظلومة» وتقدم القومية العربية بوصفها ظالمة، وهو موقف يعتبر عيباً لا يغتفر في تركيا التي تضم القسم الأكبر من الأكراد، وفي إيران التي تضم قسماً مهماً منهم، ولعل حديث وسائل الإعلام العربية عن القومية الظالمة والمظلومة قد تم بأثر من الحملة العالمية ضد النظام العراقي السابق.

يضيق المجال لبحث كل أبعاد هذه الظاهرة، لكن ما سبق يسمح بعدد من الاستنتاجات، أولها أن لا خيار أمام العرب إن أرادوا العيش كأمة واحدة سوى الخيار القومي لأنهم قوم وشموا تاريخ الإنسانية بإنجازات هائلة ويستحقون الاحترام ولأنهم يعيشون في عالم متعدد القوميات وليس في عالم أفراد ذوي هوية واحدة، ولأنهم يحاربون وينهضون بوصفهم عرباً وليس بوصفهم فئات وطوائف، فالعربي هو الجامع بين مختلف الهويات الدينية والجهوية والمهنية والثقافية والاجتماعية.. إلخ، ونقيضه الهوية الطائفية التي تعني شيئاً واحداً هو المواجهة والمجابهة مع الطوائف الأخرى المقابلة التي تكونت في إطار صراع داخلي حول السلطة ومن يحق له إدارتها وبأية شرعية ولماذا..

وذلك يوم كان العرب فيه أسياداً؟

ولا خيار للعرب غير القومية لأن الصهيونة تعمل على نفيهم واستتباعهم كما تم نفي واستتباع الهنود الحمر في أمريكا الشمالية، والقوميات الأخرى تعمل على نفيهم واستتباعهم باسم الدين وتعتبر أن الدين يعطيها الأولوية في الخلافة عليهم باسم دينهم الذي ظهر في جزيرتهم رحمة لهم وللعالمين.
وسط هذه الظروف ينعقد المؤتمر القومي العربي في بيروت ومن حسن الحظ أن أعضاءه ما زالوا يصرون على وجوب التئامه لاعتقادهم بأن وجهتهم لا غبار على صحتها أو لأن هذه الوجهة إن كانت تحتاج إلى ثورة قومية ضمن الخيار القومي وإلى تجديد شباب هذا التيار فالأصل في ذلك هو احترام دورات انعقاد المؤتمر والتمسك بثوابته العامة والمبدئية التي لا خلاف عليها..
وأخيراً يمكن القول ببساطة: ألف مرة «قومجي» ولا مرة واحدة فئوي وذابح بشر على البث المباشر.

* المصدر: "الخليج"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.