من حبريش يقطع الوقود عن المكلا وسيقاتل لوصوله للعسكرية الأولى(وثيقة)    محاولات سلخ حضرموت عن هويتها الجنوبية    القوات الجنوبية تشن ضربات استباقية على تجمعات الحوثي شمالي الضالع    لماذا يستهدف وزير الإصلاح "حيدان" كفاءة عدنية عالية المهارة والإخلاص    عدن.. الحكومة تحظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المختلفة داخل البلاد    البرلماني بشر: السلطة الفاشلة تتخلص من مؤيديها وتلاحق معارضيها.. "كفى عبثًا"    أمن مأرب.. الإنجاز الجمهوري الفريد    مركز تجاري في عدن يعرض تخفيضات هي الأقوى والأرخص ولم تشهد عدن واليمن مثل هذه التخفيضات منذ سنوات    حزب الله يدين الجريمة الصهيونية البشعة بحق الصحفيين في غزة    - وحث المصدر الأمني المواطنين على ضرورة الإبلاغ بأي معلومات أو تفاصيل تتعلق بتلك الأجهزة والمعدات، على الرقم المجاني لجهاز الأمن والمخابرات 100.    محمد تصحيح: عازمون على تحقيق الفوز الأول وإسعاد جماهير الرشيد    القرعة تضع تضامن حضرموت في المجموعة الثانية ببطولة الخليج للأندية    استشهاد مواطن وإصابة اثنين بنيران العدو السعودي في محافظة صعدة    افتتاح معرض تشكيلي في صنعاء يجسد صمود غزة    السعودية ترحب بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبإعلان نيوزيلندا دراستها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    مدرب منتخب الشباب الوطني يعلن القائمة النهائية للمنتخب المشاركة في كأس الخليج العربي    معركة السلاح والهوية    عدن.. البنك المركزي يبحث آلية تغطية الواردات واستقرار الأسعار    شرطة المرور تدعو مالكي الدرجات الكهربائية الاستعداد لهذا الامر!?    مكتب الصحة بلحج ينفذ حملة رقابة على أسعار الأدوية    فرصة إمام جامع وضيعتها    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    ضمن 11 منشأة صحية.. مؤسسة خليفة تبدأ تأهيل مستشفى نصاب    كريستال بالاس يخسر استئناف «كاس»    قصر شبام حضرموت النجدي بين الإهمال والخطر    فيديو وتعليق    المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تدين محاولة اختطاف طفلة في ذمار    انعقاد اللقاء الموسع لقيادات الدولة بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف    اتفاق مبدئي بين يوفنتوس وباريس على صفقة مواني    الكشف عن تفاصيل تعاقد النصر مع كومان    الاعلامي العربي محمد الدين غنيم: السامعي من ابرز الرموز الوطنية في اليمن    قتلى وجرحى في صفوف مليشيا الحوثي بنيران القوات المسلحة في جبهات كَرِش بلحج    الرئيس الزُبيدي يعزي الشيخ صالح الشرفي بوفاة شقيقته    الأرصاد يتوقع توسع حالة عدم استقرار الأجواء    السفارة الهندية تعتزم نقل مكتبها القنصلي من الرياض إلى عدن    تراجع أسعار الذهب مع ترقب المستثمرين للمحادثات الأمريكية الروسية    احتجاج القادسية.. تصعيد وخلاف قانوني    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    5 أخطاء تحول الشاي إلى سم    إعلان نتيجة الدور الثاني لاختبارات الشهادة الأساسية    الإرادة تصنع المستحيل    هيئة الرقابة على المناقصات تدعو الجهات الحكومية لموافاتها بتقارير وخطط المشتريات    في ذكرى ميلاد المصطفى    استعدادات واسعة للاحتفاء بذكرى المولد النبوي    مزرعة ألبان رصابة بذمار.. بين التحدي والطموح    ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 61 ألفا و430 شهيداً    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    565 طالبًا وطالبة يتنافسون على 16 مقعدًا مجانيًا بالجامعة الألمانية الدولية – عدن    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    ناشط حقوقي يتلقى تهديدات بتصفيته وأسرته ويحمّل سلطات صنعاء المسؤولية    كأس خوان غامبر: برشلونة يحرز اللقب بعد سحقه كومو الايطالي    رسوم المدارس الحكومية (المخصخصة) وحرمان الطلاب.. "مشهد من أمام بوابة مدرسة"    وجع بحجم اليمن    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجوع للشرعية الدستورية شرط ضروري لوقف الحرب في اليمن (1)
نشر في المنتصف يوم 23 - 03 - 2016

(ان مواجهة العدوان لا يكون له شرعية سياسية الا اذا تم الالتزام بالشرعية الدستورية)
- الشرعية السياسية- الدستورية
- الدستور، والأشخاص الذين يشغلون مناصب سياسية- دستورية
- تنازع الشرعيات
- لا شرعية العدوان على اليمن
- مفهوم الشرعية السياسية
- فضح الشرعيات الباطلة
مقدمة
قبل ان تشتعل الحرب في اليمن كان هناك تنازع حول الشرعية السياسية بين مختلف القوى السياسية، على الرغم من ان دستور الجمهورية اليمنية كان بكل المقاييس هو الشرعية السياسية الوحيدة. و هنا ينبغي التميز، بين الدستور كعقد اجتماعي، و بين من يمارس الوظائف السياسية. الدستور يحدد المؤسسات السياسية الشرعية و التي تختلف عن من يشغلها.
فوفقا للدستور اليمني، فإن هناك طرقا محددة يمكن من خلالها تغيير من يشغل المؤسسات السياسية دون الحاجة الى اسقاط الدستور بكامله. و لكن و لأسباب غير سياسية او وطنية تم تضليل البعض من خلال اعتبار الدستور والأشخاص الذين يشغلون المناصب السياسية شيئا واحدا، و من ثم فان اسقاط الدستور ضروري لازاحة من اختلفوا معهم سياسيا.
و من الواضح ان هذا التضليل لم يكن خطئا غير مقصود و انما كان نتيجة لعدم قبول هذه القوى بالدستور من حيث المبدأ، لانها لا تؤمن بتقييد سلطاتها السياسية او الدينية باي شكل من الاشكال. لقد اضطرت الى القبول بالدستور و تشويهه من الداخل، و لكنها لم تستطع ان تشوهه بشكل كامل فاستغلت الفرص باشعال خلافات سياسية و استغلالها لتبرير انقلابها على الدستور تحت مسمى ثورة.
و لانها لم تكن تؤمن باي شرعية غير شرعية هواها لم تلتزم لا بالشرعية الثورية كما يفهمها الاخرون و لا باي شرعية اخرى، و الدليل على ذلك انها كانت تغير موقفها من الشرعيات كلما ثبت لها انها لا تخدم اهوائها حتى لو تطلب ذلك اشعال حرب دون شرعية.
و على هذا الاساس فان تنازع الشرعيات السياسية يمكن ان يكون احد اسباب اشعال الحرب و ليس العكس.
و من ثم، فان من يحاول ان يبرر مواقفه من الحرب من خلال ادعاء شرعية سياسية لذلك؛ الشرعية الدستورية، والشرعية الثورية، و شرعية المقاومة، او اي شرعية اخرى، فهو يمارس التضليل على نفسه و على الاخرين.
و من الغريب في الامر ان هناك من صدق ادعاءاته هذه، و الاكثر استغرابا ان هناك عددا كبيرا من الناس يصدقون ذلك.. حيث انهم يجادلون بعضهم البعض انطلاقا من هذه الادعاءات. ولا شك ان ذلك خطأً كبيرا و انحرافا خطيرا.
فالشرعية السياسية لا تتجزأ. فلا يمكن القبول بان تمتزج معا، الشرعية الدستورية و الشرعية الثورية في وقت واحد. و لا الشرعية الدستورية و شرعية المقاومة، والشرعية الدستورية و شرعية التدخل الخارجي.
و من الملاحظ ان هذا الخلط يمارس جهارا نهارا و بدون اي حياء او تفكير او تعقل. و لا شك ان ذلك كله يشير الى اهدار الشرعية الدستورية و اهانتها من خلال التجرؤ على مساواتها بالشرعيات المناقضة لها بل و على اعطاء الاولوية لهذه الشرعيات غير الشرعية. و لم يحاول احد تنبيه الناس الى ذلك.
و الاكثر سخفا ووقاحة ان هناك من يبرر مشاركته و دعمه للحرب اعتمادا على هذه الشرعيات. فان كانت هذه التبريرات غير صحيحة، فان تبرير الحرب بها غير صحيح ايضا.
الحرب وزر، ولا يمكن تبريرها ابتداء. ولا يمكن تبريرها من خلال اختراع شرعيات متعددة لها. بل انه يمكن القول ان توقف الحرب لن يتم الا اذا تم رفض هذه الشرعيات الباطل و الرجوع الى شرعية وحيدة هي الشرعية الدستورية.
***
و قبل الاستمرار في فضح هذه الشرعيات الباطلة، فاني لا بد و ان اوضح موقفي الثابت من شرعية العدوان الخارجي على اليمن، حتى لا يساء فهم ما سأقوله.
العدوان على اليمن ليس له شرعية؛ لا دولية و لا داخلية. و انما هو عدوان على كل اليمن و يهدف الى اذلال اليمنين كل اليمنين سواء كانوا في الحكم او في المعارضة.
المادة (51) من ميثاق الامم المتحدة تنص على، ان من حق اي دولة ان تباشر في الدفاع عن نفسها في حال حصول اعتداء خارجي عليها دون ان تنتظر صدور قرار من مجلس الامن. ويحق لها طلب المساعدة من الدول الحليفة و الصديقة لرد هذا العدوان.
وبما ان اليمن لم يعتدِ على احد و انما كان هو المعتدى عليه من غير انذار او الحصول على اي قرار دولي يعطي اي شرعية لهذا العدوان، فان هذه المادة تبرر لليمن رد العدوان الخارجي مباشرة و طلب المساعدة من اي دولة ترغب في ذلك. فعدوان الدول الخليجية على اليمن ليس الا عدوان غاشم و يتناقض مع المواثيق الدولية و الاعراف و الشرائع و القوانين.
فان كان لهذه الدول مخاوف من التغيرات التي حدثت في اليمن؛ فقد كان عليها ان تحمي حدودها و ربما تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع اليمن وربما ترفع شكوى الى مجلس الامن، لا ان تتصرف من تلقاء نفسها ووفقا لهواها.
و من حيث الشرعية الداخلية فان الدستور و الاعراف و الشرائع تجرم الدفاع على مصالح القوى الخارجية تجاه المصالح الوطنية، و تعتبر ذلك خيانة عظمى يعاقب عليها مرتكبوها باقصى و اقسى انوع العقوبات. فان لم تكن كذلك، فما هي الخيانة العظمى اذن؟ وبالتالي، فان تبرير العدوان على اليمن من اجل حماية مصالح دول العدوان يعد تبريرا سخيفا، وكان على كل اليمنين ان لا يقبلوا ذلك.
و بما ان دول العدوان قد اشارت صراحة الى انها تهدف الى حماية مصالحها، فان الادعاء بانه -العدوان- جاء بطلب من رئيس اليمن فانها بذلك قد نزعت اي شرعية للرئيس اليمني الذى انحاز الى جانب الطرف المعتدي ضد شعبه.
هذا من ناحية، و من ناحية اخرى فان تبرير تدخل هذه الدول في اليمن بناء على طلب الرئيس اليمني، حتى لو سلمنا انه لا زال رئيسا في ذلك الوقت لعدم وجود رئيس اخر، فانه لا يحق له طلب شن عدوان لخدمة مصالح الدول الخارجية.
و ان كان قد طلب الاستعانة بهذه الدول لاعادة سلطته فذلك يتناقض مع الواقع. فلم يطلب الاستعانة عندما فقد سلطته، و لكن بعد ان قبل بفقدانه للسلطة من خلال استقالته و توقفه عن ممارسة صلاحيته وتفريطه بمسئولته الدستورية.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى، كان يجب ان يتم ذلك من خلال الامم المتحدة و ليس من خلال الطلب الى دول معينة.
و ثالثا فان هذا الطلب كان يجب ان يمر عبر المؤسسات الدستورية.
فوفقا للدستور اليمني، فان على رئيس الجمهورية مع حكومته ان يطلب من البرلمان اي مجلس النواب الموافقة على ذلك، و لكنه لم يفعل. مما جعل طلبه هذا باطلا وفقا للدستور.
فتناقض دول العدوان في تبرير عدوانها قد افقدها اي شرعية على الاطلاق. و لم تستح هذه الدول، فقد بررت عدوانها هذا على اليمن؛ مرة بضرورات امنها القومي، ومرة بدعمها للسلطة الشرعية في اليمن - كما تدعي، و مرة اخرى بحرصها على مصلحة اليمن.
ولا شك ان ذلك تناقض فاضح لا يستقيم. مما يدل على ان الدافع الحقيقي هو تدمير اليمن و ايذائه و اذلاله.
ومن المعروف انه لا يقبل العقل ان يكون المدعي والقاضي ومنفذ الحكم جهة واحدة، لان هذه الجهة لن تعمل الا على فرض ما تراه على الطرف الاخر. وهذا ما تفعله دول العدوان في اليمن في الوقت الحاضر.
فلا تناسُب بين ما تدعيه من مخاوف وما تمارسه من افراط في استخدام القوة ومن الحصار والتامر على اليمن و تشجيع ابنائها على الاقتتال لمجرد الاقتتال بهدف تحقيق نصر لهذه الدول حتى و لو تطلب الامر تدمير اليمن. و هذا ما حاصل بالفعل.
و لا يحق لدول العدوان التدخل في شئون دولة مستقلة، لانها لا تقبل ان تتعامل معها الدول الاخرى على هذا النحو. ومن ثم فان تعاملها مع اليمن لم يكن الا من خلال التكبر و الاستضعاف. و من ثم فانه كان على اليمنين كلهم مع اختلاف توجهاتهم ان يقفوا ضد هذا العدوان.
***
ان تحليل هذه الورقة ينحصر على الحرب الداخلية التي تبَرَر من خلال شرعيات تخالف الدستور.
اما التصدي للعدوان الخارجي فهو امر مشروع في الدستور و القوانين الدولية والاعراف. و لكن يجب ان يكون؛ في اطار الشرعية الدستورية، وفي اطار ردع العدوان، وان لا يتجاوزه الى تحقيق مكاسب سياسية من اي نوع.
في هذه الورقة ساحاول توضيح مفهوم الشرعية السياسية بالقرآن والدستور والصحيح من العقل والتاريخ والمصالح المرتبطة به. ثم ايضاح ان هذه الشرعيات المُدَّعاة لا تتفق مع ذلك. و من ثم فاني، ساقترح بعض التصورات للرجوع الى مسار الشرعية الدستورية الحقيقية.
مفهوم الشرعية السياسية
الشرعية السياسية تقوم على اساس التعاقد و التوافق المسبق بين مجموعة من البشر، تنظم كيف يديرون قضاياهم وشئونهم العامة وكيف يحلون خلافاتهم ان حدثت بالطرق السليمة.
و بذلك فانها تتميز عن اي شرعية اخرى.
فقد تكون هناك شرعيات متعددة؛ اما بسبب العادة او الهوى او الاعتقاد، او بسبب الدين او الاخلاق، او اي سبب اخر. ولكنها تختلف عن المشروعية السياسية، والتي قد تتداخل معها في بعض الجوانب.
فالشرعية السياسية تقوم و تنبع من القبول الجمعي والتراضي. ولكنها بعد ذلك تصبح ملزمة ولو عن طريق الاكراه او استخدام القوة.
وبهذا المعنى فانه لا يمكن ان توجد في مكان واحد وبين اي اناس يسكنون فيه الا شرعية سياسية واحدة. ومن الممكن بل و الاصل في ذلك ان يكون هناك تعدد في الدين و الاخلاق و العادات خارج اطار الشرعية السياسية.
و على هذا الاساس، فان الشرعية السياسية، اما انها يجب ان تحتوي على ما تم التوافق عليه من الدين والاخلاق و العادات، وبالتالي فانه لا يكون هناك اي تنازع في الشرعيات. و اما ان من تخلى عن شرعيته الخاصه لصالح الشرعية السياسية العامة فلا يلوم الا نفسه و لا يحق له بعد ذلك الاحتجاج ضد الشرعية السياسية بشرعيته التي اهملها او تنازل عنها.
و لا يمكن ان يكون هناك اي شرعية سياسية لمن فرض نفسه حاكما على الناس بالقوة. و لا يمكن ان يولد هذا الاستحواذ اي شرعية حتى في حال سلوكه سلوكا مقبولا. فما ترتب على انعدام الشرعية لا يمكن ان يولد اي شرعية من اي نوع. وفي الغالب فان الاستحواذ على السلطة بالقوة لا ينتهي الا من خلال ازالة هذا الاستحواذ ولو بالقوة. و لكن ليس من جانب من سيتولى السلطة لاحقا، وانما من جانب المجموع. ولم يؤدي مبدأ الغلبة على طول فترة التاريخ الاسلامي الى اي ممارسة للسلطة بحسب ما يرغب به الناس و ما شرع اليه القران.
فالبيعة تحت الاكراه لا قيمة لها، لانها تحصيل حاصل وتحصيل الحاصل عبث افضل منه ان لا تتم حتى يشعر من اغتصب السلطة انه مغتصب لها و بالتالي لا شرعية له. فمن القبح ان يجارى بان يُعطى بيعة صورية لتصوير الشر على انه خير. ولا شك ان ذلك خداع لله و للمؤمنين.
و على هذا الاساس، فانه لا يمكن تعدد الشرعيات السياسية. وكل من يحاول فعل ذلك فهو مفسد ويجب الوقوف ضده. وفي حال وجود شرعية سياسية يعبر عنها دستور او ميثاق او تعاهد واضح، فلا شرعية لاي ادعاء؛ مثل الشرعية الثورية، وشرعية المقاومة، وشرعية الدين او المذهب او اي شيء اخر.
***
ورد في لسان العرب تعاريف للشريعة وللشرعية. ويمكن اختصارها على النحو التالي:
شرع الوارد يشرع شرعا بالفتح، و شروعا بالضم، اي تناول الماء بفيه. وشرعت الدواب اي دخلت نحو الماء. والشريعة والشراع والمشرعة التي ينحدر الماء منها .
والشريعة في كلام العرب هي مشرعة الماء وهي مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها و يستقون. والعرب لا تسميها شريعة حتى يكون الماء عدلا لا انقطاع فيه و يكون ظاهرا معينا لا يسقى بالرشا.
شرعت في هذا الامر شروعا، اي خضت. و الشريعة والشرعة ما سن الله من الدين و امر به. والشريعة الدين والمنهج والطريق. وقيل على شريعة اي على مثال. وشرع بمعنى اظهر الحق. و الاشتراع الطريق الاعظم الذي يشرع فيه الناس عامة. وشرع المنزل اذا كان على طريق نافذ.
ومن هذه المعاني يمكن استنتاج معنيين كبيرين لكل هذه المشتقات وهما: التساوي، و الظهور.
ولا يمكن ان تتحقق هذه الشرعية على الوجه الاكمل الا في الشرعية السياسية.
***
ومن اجل التميز بين الشرعية السياسية و اي شرعية اخرى، يطلق علي الشرعية السياسية الشرعية القانونية.
وشريعة القانون او الشرعية القانونية تعني التقيد بالقوانين التي تصدر بطريقة شرعية. وكذلك التقيد بالقوانين الاخلاقية، على الاقل ظاهريا والافضل ان يكون ذلك مع وجود الاحترام الداخلي لها. و منها التقيد بما يلزم به القانون وان كان غير مسبب. واكثر الامثلة على ذلك ما يمكن ان يطلق عليها المسلمات اي العادات و البديهيات التي لا تقابل باي اعتراض.
والشرعي بمعنى المشروع ويكون بمعنى عام، اي انه يقال على كل فعل او موقف او شعور و كل كلام على انه مشروع اي انه يمثل حقا مشروعا لمن يصدر منه. ويحق لكل ذي حق مشروع ان يدافع عنه ولكن بالطرق المشروعة. و لا بد ان يوضح كل ذلك بقانون اي بنصوص واضحة بينة.
***
و بالمعنى السياسي، يقال حكومة مشروعة اي قائمة على قانون وملتزمة به.
ومن المشروعية السياسية التعددية السياسية والتي تعني تقسيم السلطة و استقلاليتها مع وجود توازن بينها. فمن المستحسن ان تزداد و الى حد بعيد استقلالية السلطة التشريعية و السلطة القضائية بالنسبة للسلطة التنفيذية. ان ذلك ضرورة من وجهة نظر المواطنين من اجل ان تتوفر لهم ضمانات كافية في مواجهة تعسف السلطات بمكوناتها الثلاث. فعلى السلطة المحافظة على حقوق وحرية الافراد وحمايتها، و ان لا تتدخل فيها او تنتهكها.
و من اجل منع تعسف السلطة بفروعها الثلاثة فانه لا بد من الفصل؛ بين ممارسة السلطة السياسية والتعصب الديني او المذهبي، وان لا تتولى اي وظائف اقتصادية او تجارية الا بالقدر الضروري والذي لا يستطع الافراد منفردين او عبر تجمعات القيام بها.
***
و بما ان اليمن كان ولازال لديه دستور توافق عليه كل اليمنيين سواء الذين صوتوا له بنعم او الذين صوتوا له بلا، فلا شرعية لاي ادعاء يخالف الدستور.
***
و ينبغي ان نوضح هنا؛ ان ما كثر الحديث عنه في الآونة الاخيرة حول الشرعية الثورية، فان ذلك تضليل وتدجيل. فلا شرعية لاي ثورة في ظل وجود دستور. ولم يذكر القران مصطلح الثورة و لا ما يشير اليه.
وفي الواقع فان مصطلح الثورة مرتبط بالفاظ مثل الثأر و العنف والتدمير والقتل العشوائي، و كل ذلك نهى الله عنها في القران و تمجه العقول السليمة. فالثورة هي اشبه بالمرض، والمرض يحدث ولا يسعى اليه. بل انه من الواجب تجنب الاسباب التي تؤدي اليه. وفي حالة عدم القدرة على تجنبه فانه من الواجب السعي الى معالجته باسرع وقت ممكن.
الطبيب يعالج المرضى، واذا ما امرض الناس من اجل ان يعالجهم فانه لا يصبح طبيبا و انما مشعوذا و دجالا.
وكذلك فان الله وعباده الصالحون لا يسعون الى الافساد بين الناس و انما الى الاصلاح. فلا خير في حديث ما لم يامر بصدق اي عفو عن الناس او معروف من اجل الاصلاح بين الناس او قام بالاصلاح بنفسه.
الثورة التي تؤجج و توسع و تستغل هي ثورة الشياطين، و من يشارك فيها على هذا النحو فهو شيطان و لا يمكن ان يكون مصلحا.
وكذلك الامر فيما يخص المقاومة. ففي ظل وجود شرعية سياسية اي دستورية فان حق الدفاع عن النفس و الحقوق قد تم ايكالها الى هذه الشرعية. وعلى هذا الاساس فان مواجهة هذه الشرعية يعني اهدار حقوق الاخرين الذين يجب ان يقفوا ضد من يمارس ذلك.
***
لقد كان في اليمن و لا زال شرعية سياسية تم انتهاكها و مخالفتها من قبل من يدعي الشرعية، سواء الشرعية الدولية او الشرعية الدستورية او اي شرعية اخرى. فلا وجود الا لشرعية واحدة وهي الشرعية الدستورية. و بالتالي فان مواجهة العدوان لا يكون له شرعية سياسية الا اذا تم الالتزام بالشرعية الدستورية.
..... (يتبع: الحلقة الثانية)
* المقال خاص لوكالة خبر
*وزير المالية الأسبق البروفيسور «سيف العسلي»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.