مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أ.د. سيف العسلي: الرجوع للشرعية الدستورية شرط ضروري لوقف الحرب في اليمن (3)
نشر في المنتصف يوم 26 - 03 - 2016

- الشرعية السياسية و القرآنية في الدستور اليمني
- الدستور المستفتى عليه الحل الأمثل
- المواد المرجعية المقبولة جمعيا
- لا شرعية الوثائق والمخرجات المخالفة للدستور
- لا يوجد اي حل إلا بالعودة إلى الدستور
- انقلاب- بمعنى الكلمة
الشرعية السياسية و القرآنية في الدستور اليمني
من المسلم به انه كان ولا يزال لليمن دستور تتوفر فيه على الاقل الحد الادنى للمشروعية السياسية والتي تتوافق مع رغبات وتطلعات جميع اليمنيين.
صحيح ان هذا الدستور تضمن موادا لم يتم تطبيقها وموادا ثبت فيها بعض القصور عند التطبيق لانها لم تكن مباشرة وفعالة، وخصوصا في تلك المواد التي تناولت تقسيم السلطة السياسية بين السلطات الثالث وبين السلطة التنفيذية و بعضها البعض.
ولكن من الواضح الجلي ان هذا الدستور قد تضمن مبادئ هامة كان يمكن الرجوع اليها في عام 2011 و كانت قادرة على حل الازمة السياسية التي نشبت في ذلك الوقت بكفائة وباقل الخسائر التي لحقت بالوطن جراء تجاهل الدستور.
و يمكن القول بانه وعلى الرغم من الاخطاء التي ارتكبت من قبل جميع الاطراف من خلال تجاهلها ومخالفتها الصريحة لنصوص الدستور الذي قبله جميع اليمنيين، فان الدستور المستفتى عليه لا زال يمثل الحل الامثل لما يعانيه اليمن. بل انه يمكن القول ان العودة الى هذا الدستور ضرورة لحل الازمة اليمنية ان لم يكن عاجلا فاجلا. ومن وجهة نظري فانه لا يوجد اي حل سوى ذلك.
***
تمثل المواد التالية مرجعية مقبولة من جميع اليمنيين التي تنص على التالي:
مادة (1) الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزءٍ منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية.
مادة (2) الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية.
مادة (3) الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات.
مادة (4) الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقه غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة.
مادة (5) يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين.
مادة (6) تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة.
في مواجهة هذه المواد فلم يكن هناك اي ضرورة لاي ثورة على هذا الدستور، لا من منظور ديني ولا من منظور وطني. والدليل على ذلك؛ ان ما تضمنته المبادرة الخليجية و مخرجات الحوار من اسس تتناقض مع هذه الاسس، لم تحظى بالقبول العام، ولم تات باي شي جديد افضل مما تضمنته هذه المواد. فهذه المواد قد توافق عليها اليمنيون و لا يوجد في الوقت الحاضر اي اعتراض عليها.
***
لم يكتفي الامر عند هذا الحد بل امتد الى مستويات معيبة اخرى، فهذه الوثائق قد خالفت صراحة هذه المواد من دون تعديل الدستور وفقا للالية المحددة فيه.
ومن ثم فان المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وغيرها من البدائل التي اعتمدت مخالفة للدستور، لا شرعية لها.. بحكم الدستور وبحكم فشلها في اخراج اليمن من ازمته. بل انه يمكن القول بانها قد ضاعفت من ازمته التي كان يعاني منها في ذلك الوقت وخلقت ازمات جديدة.
***
وقد تضمنت المواد التالية حقوقا اساسية للمواطنين كان في حال اللجوء اليها و المطالبة بها يمكن اصلاح النظام من غير الحاجة الى الدعوة الى قيام ثورة وتبرير العنف بسببها و تحويلها الى انقلاب اقام نظاما يهدر هذه الحقوق:
مادة (41) المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة.
مادة (42) لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون.
مادة (43) للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون الأحكام المتعلقة بممارسة هذا الحق.
مادة (44) ينظم القانون الجنسية اليمنية، ولا يجوز إسقاطها عن يمني إطلاقاً ولا يجوز سحبها ممن اكتسبها إلا وفقاً للقانون.
مادة (45) لا يجوز تسليم أي مواطن يمني إلى سلطة أجنبية.
مادة (46) تسليم اللاجئين السياسيين محظور.
مادة (47) المسئولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءاً على نص شرعي أو قانوني، وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات، ولا يجوز سن قانون يعاقب على أي أفعال بأثر رجعي لصدوره.
مادة (48) :
أ- تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكم من محكمة مختصة.
ب- لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجبه ضرورة التحقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقًا لأحكام القانون، كما لا يجوز مراقبة أي شخص أو التحري عنه إلا وفقاً للقانون.
كما لا يجوز مراقبة أي شخص أو التحري عنه إلا وفقاً للقانون وكل إنسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً، ويحظر القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات، وللإنسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الإدلاء بأية أقوال إلا بحضور محاميه ويحظر حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن.
ج- كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة يجب أن يقدم إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر وعلى القاضي أو النيابة العامة تبليغه بأسباب القبض واستجوابه وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته ويجب على الفور إصدار أمر مسبب باستمرار القبض أو الإفراج عنه. وفي كل الأحوال لا يجوز للنيابة العامة الاستمرار في الحجز لأكثر من سبعة أيام إلا بأمر قضائي، ويحدد القانون المدة القصوى للحبس الاحتياطي.
د- عند إلقاء القبض على أي شخص لأي سبب يجب أن يخطر فوراً من يختاره المقبوض عليه كما يجب ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز، فإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمه الأمر.
ه- يحدد القانون عقاب من يخالف أحكام أي فقره من فقرات هذه المادة، كما يحدد التعويض المناسب عن الأضرار التي قد تلحق بالشخص من جراء المخالفة، ويعتبر التعذيب الجسدي أو النفسي عند القبض أو الاحتجاز أو السجن جريمة لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها.
مادة (49) حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وأمام جميع المحاكم وفقاً لأحكام القانون، وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقاً للقانون.
مادة (50) لا يجوز تنفيذ العقوبات بوسائل غير مشروعة وينظم ذلك القانون.
مادة (51) يحق للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة وله الحق في تقديم الشكاوي والانتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
مادة (52) للمساكن ودور العبادة ودور العلم حرمة ولا يجوز مراقبتها أو تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها القانون.
مادة (53) حرية وسرية المواصلات البريدية والهاتفية والبرقية وكافة وسائل الاتصال مكفولة ولا يجوز مراقبتها أو تفتيشها أو إفشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها إلا في الحالات التي يبينها القانون وبأمر قضائي.
مادة (54) التعليم حق للمواطنين جميعاً تكفله الدولة وفقاً للقانون بإنشاء مختلف المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية، والتعليم في المرحلة الأساسية إلزامي، وتعمل الدولة على محو الأمية وتهتم بالتوسع في التعليم الفني والمهني، كما تهتم الدولة بصورة خاصة برعاية النشء وتحميه من الانحراف وتوفر له التربية الدينية والعقلية والبدنية وتهيئ له الظروف المناسبة لتنمية ملكاته في جميع المجالات.
مادة (55) الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين، وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها، وينظم القانون مهنة الطب والتوسع في الخدمات الصحية المجانية ونشر الوعي الصحي بين المواطنين.
مادة (56) تكفل الدولة توفير الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة في حالات المرض أو العجز أو البطالة أو الشيخوخة أو فقدان العائل، كما تكفل ذلك بصفة خاصة لأسر الشهداء وفقا للقانون.
مادة (57) حرية التنقل من مكان إلى آخر في الأراضي اليمنية مكفولة لكل مواطن، ولا يجوز تقييدها إلا في الحالات التي يبينها القانون لمقتضيات أمن وسلامة المواطنين وحرية الدخول إلى الجمهورية والخروج منها ينظمها القانون، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن الأراضي اليمنية أو منعه من العودة إليها.
مادة (58) للمواطنين في عموم الجمهورية - بما لا يتعارض مع نصوص الدستور- الحق في تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً والحق في تكوين المنظمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتحادات الوطنية بما يخدم أهداف الدستور، وتضمن الدولة هذا الحق، كما تتخذ جميع الوسائل الضرورية التي تمكن المواطنين من ممارسته، وتضمن كافة الحريات للمؤسسات والمنظمات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية والاجتماعية.
مادة (59) أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون.
مادة (60) الدفاع عن الدين والوطن واجب مقدس، والخدمة العسكرية شرف، وخدمة الدفاع الوطني ينظمها القانون.
مادة (61) الحفاظ على الوحدة الوطنية وصيانة أسرار الدولة واحترام القوانين والتقيد بأحكامها واجب على كل مواطن.
***
فقد كان على الثوار ان يمارسوا هذه الحقوق وان منعتهم السلطة من ذلك فقد كان عليهم ان يستخدموا الادوات المشروعة التي تضمنها الدستور.
لكن ان ينقلب النظام على نفسه وان يطالب باسقاط النظام اي اسقاط الدستور فهذا تعدٍ فاضح يدل على عدم اعتبار هؤلاء لاي مشروعية مقبولة من الجميع، فقط يهتمون بمشروعيتهم. هم فعندما كانوا راضين تمسكوا وطالبوا الاخرين بالتمسك بالشرعية الدستورية، وعندما تغيرت مصالحهم طالبوا باسقاطها. ان ذلك نوع من الافساد والفوضى و التدمير.
والدليل على ذلك ان ما فرضوه على الشعب باسم الثورة لم يكن كما كان يتطلع الشعب، اي المزيد من الحقوق والحكم الرشيد، وانما المزيد من الضيق و الاستبداد و الضعف.
***
فعلى سبيل المثال فان المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار قامت بالغاء كل من السلطة التشريعية والسلطة القضائية لصالح السلطة التنفيذية التي اصبحت هى المسيطرة على البلاد متجاهلة النصوص الدستورية التالية:
مادة (62) مجلس النواب هو السلطة التشريعية للدولة وهو الذي يقرر القوانين ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة والحساب الختامي، كما يمارس الرقابة على أعمال الهيئة التنفيذية على الوجه المبين في هذا الدستور.
مادة (63) يتألف مجلس النواب من ثلاثمائة عضو وعضو واحد، ينتخبون بطريق الإقتراع السري العام الحر المباشر المتساوي وتقسم الجمهورية إلى دوائر انتخابية متساوية من حيث العدد السكاني مع التجاوز عن نسبة (5%) زيادةً أو نقصاناً وينتخب عن كل دائرة عضو واحد.
مادة (98) لمجلس النواب حق سحب الثقة من الحكومة، ولا يجوز طلب سحب الثقة إلا بعد استجواب يوجه إلى رئيس الوزراء أو من ينوب عنه، ويجب أن يكون الطلب موقعاً من ثلث أعضاء المجلس ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره بالطلب قبل سبعة أيام على الأقل من تقديمه ويكون سحب الثقة من الحكومة بأغلبية أعضاء المجلس.
مادة (99) يسمع رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم في مجلس النواب ولجانه كلما طلبوا الكلام ولهم أن يستعينوا بمن يرون من كبار الموظفين، ولا يكون لهم أي صوت معدود عند أخذ الرأي إلا إذا كانوا من أعضاء مجلس النواب، ولمجلس النواب أن يطلب من الحكومة أو أحد الوزراء حضور أي من جلساته، وعليهم تلبية ذلك.
مادة (100) يجري التصويت على مشاريع القوانين مادةً مادة ويتم التصويت النهائي على كل مشروع قانون جملة وتوضح اللائحة الداخلية للمجلس الإجراءات المتعلقة بذلك.
***
فمجلس النواب كمؤسسة كان يمثل كل مناطق اليمن وبالتالي فانه يمثل الشعب اليمني بشكل معقول. وكان له صلاحيات معقولة. ومن ثم كان يمكن الاحتكام اليه عندما نشبت ازمة 2011. لكن لان القوى السياسية كانت قد اضعفت شرعيته من خلال التمديد له و الوقوف امام اجراء الانتخاب التشريعية في موعدها، فلم يكن قادرا على القيام بهذه المهمة. و مع ذلك فقد كان الاحتكام الى مجلس النواب احد الخيارات والتي كانت في نظري افضل من خيار المبادرة الخليجية التي الغت دوره تماما.
***
مادة (149) القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته، وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون، ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم.
مادة (150) القضاء وحدة متكاملة ويرتب القانون الجهات القضائية ودرجاتها ويحدد اختصاصاتها كما يحدد الشروط الواجب توفرها فيمن يتولى القضاء وشروط وإجراءات تعيين القضاة ونقلهم وترقيتهم والضمانات الأخرى الخاصة بهم ولا يجوز إنشاء محاكم استثنائية بأي حال من الأحوال.
مادة (151) القضاة وأعضاء النيابة العامة غير قابلين للعزل إلا في الحالات وبالشروط التي يحددها القانون ولا يجوز نقلهم من السلك القضائي إلى أي وظائف غير قضائية إلا برضاهم وبموافقة المجلس المختص بشئونهم ما لم يكن ذلك على سبيل التأديب وينظم القانون محاكمتهم التأديبية كما ينظم القانون مهنة المحاماة.
مادة (152) يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويبين اختصاصاته وطريقة ترشيح وتعيين أعضائه، ويعمل على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل وفقاً للقانون، ويتولى المجلس دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء، تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة.
مادة (153) المحكمة العليا للجمهورية هي أعلى هيئة قضائية، ويحدد القانون كيفية تشكيلها ويبين اختصاصاتها والإجراءات التي تتبع أمامها، وتمارس على وجه الخصوص في مجال القضاء ما يلي:-
‌أ. الفصل في الدعاوى والدفوع المتعلقة بعدم دستورية القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات.
‌ب. الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء.
‌ج. التحقيق وإبداء الرأي في صحة الطعون المحالة إليها من مجلس النواب المتعلقة بصحة عضوية أي من أعضائه.
‌د. الفصل في الطعون في الأحكام النهائية وذلك في القضايا المدنية والتجارية والجنائية والأحوال الشخصية والمنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية وفقا للقانون.
‌ه. محاكمة رئيس الجمهورية ونائب الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء ونوابهم وفقاً للقانون.
مادة (154) جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام والآداب وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية.
***
و من ثم فان اللجوء الى السلطة القضائية في عام 2011 كان احد الخيارات الشرعية و المتاحة للتعامل مع اي انحرافات صادرة من كل السلطة التنفيذية والتشريعية. وكان من الممكن في حال حدوث ذلك حل الازمة بتكلفة اقل مما تسببت به الحلول الاخرى اي المبادرة الخليجية.
انقلاب - بمعنى الكلمة
هل تجميد هذه الصلاحيات لمجلس النواب ووضعها بيد شخص واحد هو ما عدوا به من اغتر بشعاراتهم في الميادين او في البيوت؟
فلم يكن هناك من حاجة للانقلاب على الدستور وهو ما حدث في عام 2011. فلم تكن المبادرة الخليجية الا انقلابا بكل ما تعنيه الكلمة، و كل من وقع او سكت على ما تضمنته المبادرة الخليجية فهو انقلابي وقد شارك به لانه لم يتمسك بالدستور.
فقد عطلت المبادرة الخليجية دور مجلس النواب تماما وبالتالي تم تعطيل دور السلطة القضائية. واصبح القرار بيد شخص واحد لم ينتخب انتخابات حرة، ورئيس انتقالي تجاوز الفترة المقررة له بالاتفاق السياسي و خالف المواد الدستورية التي لم ينص صراحة على تعليقها في المبادرة الخليجية.
و لسوء الحظ فقد كان من الممكن تصحيح هذا الانقلاب على الدستور في عام 2014 من خلال الغاء المبادرة الخليجية والعودة الى الدستور.
فلم يكن هناك حاجة لاي اعلان دستوري على النحو الذي حدث. فالاعلان الدستور خالف الدستور الشرعي، ومن ثم فلا شرعية له. و قد اتبتت نفس الممارسات التي تلت احداث 2014 بناء على الاعلان الدستوري انها لم تكن قادرة على اخراج البلاد من ازمتها السياسية وبالتالي فلم تكتسب اي شرعية في هذا المجال.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد - اي انتهاك كل من النظام الانقلابي الاول والثاني للدستور ولمعظم مواده على الرغم من ادعائهما باعتباره مرجعية لتصرفاتهما عندما يتم تزيين ديباجة اي قرارات يتم اصدراها- وانما تم مخالفة ما اعتباره تعديلات غير شرعية للدستور كالمبادرة الخليجية والاعلان الدستوري.
ولكثرة ذلك ووضوحه فلا داعي لتتبعه، ومن يشك في ذلك فما عليه إلا ان يراجع ذلك بنفسه.
.. (يتبع: الحلقة 4 والأخيرة: مقترح دستوري لوقف الحرب في اليمن)
* المقال خاص لوكالة خبر
*وزير المالية الأسبق البروفيسور «سيف العسلي»
- أ.د. سيف العسلي: الرجوع للشرعية الدستورية شرط ضروري لوقف الحرب في اليمن (1)
- أ.د. سيف العسلي: الرجوع للشرعية الدستورية شرط ضروري لوقف الحرب في اليمن (2)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.