تعددت الحركات فيما يسمى بزمن التغيير نحو الأفضل كما يقال.. اذ لم يقتصر الحراك على ما يسمى بالحراك الجنوبى الذى ظهر عام 2007م فهناك الحراك التهامى والحراك الماربى وقضية صعدة وغيرها من الفعاليات التى تصب فى هذا الاتجاه.. وكلها تحمل أبعاداً مناطقية بمعنى أنها تأتى على حساب الهوية الوطنية.. الامر الذى يطرح تساؤلات عدة عن أسباب هذا المخاض أهو نتاج لقضايا حقوقية فعلية تستوجب العلاج أم أنها تستغل لاعتبارات سياسية الهدف منها تقسيم اليمن إلى ما هو أبعد من الشطرين وفق نظام جديد يقوم على الفيدرالية.. علامات استفهام كثيرة لطالما تثار في أذهان الكثير .. والحقيقة المرة، في اعتقادي، أن الفساد والممارسات السلبية خلال العقود المنصرمة وحتى اليوم أسهمت في خلق الكثير من المشاكل والتراكمات التي نجم عنها تنامي الشعور المناطقي فهناك عناصر فاسدة ومفسدة تنامت ممارساتها السلبية حتى باتت مراكز نفوذ و اخطبوط في الجسد اليمنى فنهبوا الأراضي في الكثير من المحافظات ليس في الجنوب أو تهامة فحسب. لم يقتصر ذلك على نهب الأراضي بل والعبث في موارد الدولة واستغلالها لمصالحهم الخاصة.. ونتيجة لذلك ظهرت الكثير من القضايا والمشاكل التي استغلها بعض القوى سياسياً حتى أخرجتها من واقعها الحقوقي إلى بعد سياسي باسم المناطقية.. هذا المخاض الذى بدأ باسم الحراك الجنوبي عام 2007م كنتاج لسياسة البيض والعطاس اللذين فشل مشروعهما الانفصالي عام 1994م وعادا من جديد لدغدغة عواطف أبناء المحافظات الجنوبية بذريعة الممارسات السلبيه المشار إليها والتي اكسبوها بعدا سياسيا لإنجاح مشروعهم الانفصالي باسم فك الارتباط وصولا الى الازمة التى اشعلتها بعض القوى السياسية كأحزاب المشترك بقيادة الاصلاح وبعض مراكز النفوذ كعلي محسن وحميد الأحمر.. فسيست تلك القضايا وباتت تسير فى اتجاه تحقيق المصالح السياسية لتلك المراكز والقوى وليس في إطار المصالح الحقوقية للمواطنين من خلال المعالجات الفعلية لقضاياهم .. والدليل على ذلك مرور عام ونصف على التغيير ولم تنجح الحكومة في معالجة أي من القضايا والهموم التى اتخذت ذريعة لإشعال ما يسمى بثورة 11 فبراير. فهل سيدرك المتحاورون فى مؤتمر الحوار ان علاج القضايا المطروحة امامهم لن يتم بتغيير الخارطة التكوينية لبناء هيكل الدولة عبر الفيدرالية أو النظام البرلماني، كما يقال بقدر ما يكمن في احترام سيادة القانون والترفع عن الممارسات السلبية .. انطلاقا من إخلاص النوايا في مراعاة مصلحة الوطن والمواطن اولا وقبل كل المصالح الشخصية والفئوية .. هل سيدركون إننا لسنا بحاجة لمزيد من الديمقراطية في الدستور الجديد بقدر ما نحن بحاجة لممارستها بشكل بناء ينطلق من نوايا وطنية صادقة بحيث نجعل منها - أي الديمقراطية - ثقافة وسلوك لبناء الوطن وتحقيق آمال وتطلعات الجماهير وليس أداة لتحقيق المصالح الشخصية والابتزاز السياسي؟ هل سيدركون أن المدنية المنشودة تقوم على كيفية احترام سيادة القانون بما يراعى الصالح العام وليس تفصيل القانون بما يراعى المصالح الخاصة المتعارضة مع الصالح العام؟! آمل منكم أعضاء مؤتمر الحوار مراعاة هذه النقاط في نقاشاتكم.. وعليكم ان تتذكروا انكم امام مسؤولية تاريخية عظمى ستساءلون عنها أمام الله والشعب والتاريخ .. فانتم ترسمون مستقبل اليمن وهو ما يستوجب منكم رمى خلافات الماضي خلف ظهوركم وترك الولاءات الحزبية والفئوية والمصالح الشخصية خلف أبواب قاعات المؤتمر ولتجعلوا غايتكم الوطن والمواطن .. وفقكم الله لما فيه صالح اليمن. * المنتصف