بالأمس مات جاري.. مات قبل أن يتمكّن مِن اقتراض المبلغ المطلوب للسفر إلى الخارج كي يتلقى العلاج. أعرفُ أن هناك مَنْ سيتمتم بكلامٍ مكرورٍ عن القضاء والقدر. لكنني أعرفُ، كما يعرف الجميع، أنّ ثمة مرضى يعودون مِن الخارج سليمين أصحّاء مِن ذات المرض الذي يموت بسببه الناس هنا، الذين لا قدرة لهم على مغادرة اليمن للتداوي. دعونا نتساءل: ما الذي يفْرق لو أنّ جاري كان أحد ضحايا هجوم إرهابي وقعَ بالأمس؟ صدّقوني ليس ثمة فرق بالنسبة له، فلئن لم يمت في حادثٍ إرهابي فقد مات على فراشه لا يملك تكاليف العلاج. صحيح أنّ الناس، لو أنه مات بحادث إرهابي، كانوا سيمنحونه لقب الشهيد، وكانوا سيلعنون قاتله ويتبرّأون منه. أما في موته على الفراش، بتلك الصورة، فلن يسأل أحدٌ عن القاتل المتخفّي وراء الفقر وقلة ذات اليد. باختصار.. لا فرق بين إنسانٍ لقي حتفه في حادث إرهابي، وإنسان قضى نحبه عاجزاً عن توفير المال للذهاب للتدواي؛ كلاهما يقف خلف موته عددٌ كبير مِن الإرهابيين والقتلة. فيا عجبي كيف يغفل البعض عن التشابه بين الذين يسرقون أرواح الناس بإطلاق النار عليهم، والذين يسرقون أرواح الناس بقطع أرزاقهم والإستيلاء على أقواتهم، وإيصالهم إلى الكفاف؟! أيها الناهبون ثروات البلاد، المستأثرون بخيراتها: سنرى فيكم يوماً حالك السواد. * عبدالله السالمي, فيسبوك