يفترض أن تكون بداية العام الدراسي حالة تبعث على التفاؤل والإحساس بالطموح والرغبة في العمل وتحقيق الذات. غير أن هذه الفرضية ليست كذلك بالنسبة الى قطاع واسع من الطلاب اليمنيين في مراحل التعليم الثانوي أو الجامعي. فمع بداية العام الدراسي يشعر الطلاب بأن هناك فصلاً جديداً من المعاناة والشكوى من عدم القدرة على تدبير مستلزمات الدراسة في ظل ظروف اقتصادية صعبة وكثرة أفراد العائلة الذين يتلقون التعليم. وتتحول الأسابيع الأولى من الدراسة غالباً إلى عذابات ومشكلات اجتماعية ومواجهات بين الشباب وذويهم نظراً للضغوط التي تمارسها المدارس لتأمين الاحتياجات وبينها الزي الموحد وأدوات الهندسة والرسم والأقلام والدفاتر والحقائب ورسوم التسجيل والمناهج, فضلاً عن احتياجات الدروس الخصوصية وغيرها. ويقول علي, وهو طالب في مدرسة خالد بن الوليد الثانوية بصنعاء, إن لديه ستة أشقاء في مراحل تعليمية مختلفة بينهم ثلاث بنات, يحتاجون إلى مبالغ كبيرة لتأمين حاجات المدارس, مع أن والده موظف بسيط في البلدية ولا يتجاوز راتبه 12 ألف ريال في أحسن الأحوال. ويضيف علي: "كثيراً ما تحدث مشاجرات عائلية تكدر صفو حماستي للدراسة بسبب المال الأمر الذي ينعكس سلباً على مظهري داخل المدرسة وبالتالي مستواي الدراسي طوال العام". وفي شارع جمال وسط العاصمة اليمنية كما على أرصفة شوارع باب اليمن والأسواق الشعبية, تتدافع الأسر اليمنية لتأمين حاجات أبنائها بأسعار رخيصة ومناسبة. غير أن لسان حال الجميع الشكوى المريرة والألم من ضيق ذات اليد. وفي رأي حمود عزام وهو "ولي أمر" كما يقول اليمنيون, فإن "موسم دخول المدارس يبعث على التشاؤم دائماً على رغم حرصنا على تعليم أبنائنا مهما كلفنا الثمن. وسرعان ما تتبدل الفرحة بسبب الأعباء الكثيرة التي تثقل كاهلنا نتيجة متطلبات المدرسة غير المنتهية, مما يضطر الآباء إلى تقليص نفقات حياتهم أو الاقتراض ومضاعفة الإنتاج والعمل وقت أطول, والمحزن أن كثيراً من الطلاب يقضون جزءاً كبيراً من عطلتهم الصيفية لتأمين قيمة الزي المدرسي والحقيبة ورسوم التسجيل". أما صالح وهو طالب في الصف الأول الثانوي, فيعتبر أن دخول المدارس هو بداية الشقاء له ولأسرته إذ انه يشمر عن سواعده للعمل بعد الظهر في أي ورشة أو مطعم لتأمين بعض المصروفات الدراسية له ولأخوته. ويشير إلى أنه على هذه الحال منذ خمس سنوات وبعد وفاة والده. ويتحدث صالح عن تفوقه الدراسي وتميزه كونه يشعر بمسؤولية كبيرة في تحقيق النجاح والاستمرار في الدراسة حتى الحصول على مؤهل جامعي تلبية لأمنية والدته. وتمكن الملاحظة بسهولة أن صالح ليس وحده من يعمل ويعول أسرة في سن غضة, فهناك آلاف يعملون في نشاطات مختلفة في اليمن في ظاهرة مقلقة للرأي العام والمنظمات الإنسانية والدولية. ويبدو أن مصاعب الطلاب الدراسية في اليمن لا تقف فقط عند تكلفة بداية العام بل تتمثل ايضاً في إضطرار أعداد كبيرة ممن يدرسون الى الرحيل من المدرسة نتيجة الظروف المعيشية. ويشير تقرير أصدرته الأمانة العامة للمجلس الأعلى لتخطيط التعليم إلى أن معدل الالتحاق بمرحلة التعليم الأساسي ما زال متدنياً إذ بلغ 46 في المئة, ما يتطلب حشد الجهود لرفع معدلات الالتحاق والقضاء على الأمية من خلال السعي إلى نشر التعليم الأساسي على مستوى الريف والمدينة. ويؤكد التقرير ان مدارس الريف في وجه عام "تعاني من قصور كبير في المباني المدرسية والتجهيزات والمعلمين والوسائل التعليمية وغياب الادارة المدرسية". ويقول التقرير إن "أكثر من مليوني طفل خارج التعليم معظمهم من الإناث وهؤلاء يشكلون عائقاً تنموياً كبيراً باعتبار ذلك الرافد الأساسي لتغذية الأمية وإذا لم تطرأ تحولات جوهرية على التعليم الأساسي فسوف يزداد هذا العدد ليصل إلى أكثر من 3 ملايين طفل خلال السنوات الخمس المقبلة". وفي مجال محو الأمية وتعليم الكبار يشير التقرير إلى الجهود المبذولة في هذا المجال "والسعي إلى تخفيف منابع الأمية التي تصل إلى 45 في المئة وترتفع أكثر في أوساط النساء لتصل إلى 70 في المئة". وتسعى استراتيجية تطوير التعليم إلى رفع معدلات الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى 69.3 في المئة عام 2005 وتقليل الفوارق بين البنين والبنات وبين الحضر والريف. وتشير تقارير اللجنة الوطنية للمرأة إلى معوقات اجتماعية تحرم الفتاة اليمنية من التعليم "منها قلة وعي الأسرة بأهمية تعليم البنات مع الاهتمام في المقابل بتعليم البنين من منطلق أن الرجل مسؤول عن الأسرة مالياً واجتماعياً, وأن المرأة يقتصر دورها على الأعمال المنزلية الروتينية التي لا تحتاج إلى تعليم, كما أن دورها في الأسرة سينتهي بزواجها, فضلاً عن الزواج المبكر والنظرة التقليدية للمرأة وتعليمها وعملها ودورها في المجتمع". ويؤكد المسؤولون في وزارة التربية والتعليم اليمنية أنهم أكملوا الاستعدادات لدخول المدارس في شكل جيد بعيداً من المعاناة الأسرية قدر المستطاع, ولهذا فإن المناهج الدراسية ستوزع مجاناً وسيدفع أولياء الأمور 150 ريالاً رسوماً للمرحلة الأساسية و 200 ريال فقط للمرحلة الثانوية (الدولار يعادل نحو 184 ريالاً) وهي رسوم زهيدة لا تساوي قيمة الحبر أو الورق أو الأغلفة التي طبعت بها هذه المناهج. وبالنسبة لموضوع الزي المدرسي الموحد يؤكد المسؤولون في التربية اليمنية أنه تم تحديد لون لكل مرحلة وبما يتناسب مع المناطق الحارة والباردة والمعتدلة للبنين والبنات ووفقاً لظروف الأسر. طلاب يمنيون قلقون من إرهاق أسرهم بمصاريف السنة الدراسية الجديدة صنعاء - إبراهيم محمود الحياة 2004/09/14 يفترض أن تكون بداية العام الدراسي حالة تبعث على التفاؤل والإحساس بالطموح والرغبة في العمل وتحقيق الذات. غير أن هذه الفرضية ليست كذلك بالنسبة الى قطاع واسع من الطلاب اليمنيين في مراحل التعليم الثانوي أو الجامعي. فمع بداية العام الدراسي يشعر الطلاب بأن هناك فصلاً جديداً من المعاناة والشكوى من عدم القدرة على تدبير مستلزمات الدراسة في ظل ظروف اقتصادية صعبة وكثرة أفراد العائلة الذين يتلقون التعليم. وتتحول الأسابيع الأولى من الدراسة غالباً إلى عذابات ومشكلات اجتماعية ومواجهات بين الشباب وذويهم نظراً للضغوط التي تمارسها المدارس لتأمين الاحتياجات وبينها الزي الموحد وأدوات الهندسة والرسم والأقلام والدفاتر والحقائب ورسوم التسجيل والمناهج, فضلاً عن احتياجات الدروس الخصوصية وغيرها. ويقول علي, وهو طالب في مدرسة خالد بن الوليد الثانوية بصنعاء, إن لديه ستة أشقاء في مراحل تعليمية مختلفة بينهم ثلاث بنات, يحتاجون إلى مبالغ كبيرة لتأمين حاجات المدارس, مع أن والده موظف بسيط في البلدية ولا يتجاوز راتبه 12 ألف ريال في أحسن الأحوال. ويضيف علي: "كثيراً ما تحدث مشاجرات عائلية تكدر صفو حماستي للدراسة بسبب المال الأمر الذي ينعكس سلباً على مظهري داخل المدرسة وبالتالي مستواي الدراسي طوال العام". وفي شارع جمال وسط العاصمة اليمنية كما على أرصفة شوارع باب اليمن والأسواق الشعبية, تتدافع الأسر اليمنية لتأمين حاجات أبنائها بأسعار رخيصة ومناسبة. غير أن لسان حال الجميع الشكوى المريرة والألم من ضيق ذات اليد. وفي رأي حمود عزام وهو "ولي أمر" كما يقول اليمنيون, فإن "موسم دخول المدارس يبعث على التشاؤم دائماً على رغم حرصنا على تعليم أبنائنا مهما كلفنا الثمن. وسرعان ما تتبدل الفرحة بسبب الأعباء الكثيرة التي تثقل كاهلنا نتيجة متطلبات المدرسة غير المنتهية, مما يضطر الآباء إلى تقليص نفقات حياتهم أو الاقتراض ومضاعفة الإنتاج والعمل وقت أطول, والمحزن أن كثيراً من الطلاب يقضون جزءاً كبيراً من عطلتهم الصيفية لتأمين قيمة الزي المدرسي والحقيبة ورسوم التسجيل". أما صالح وهو طالب في الصف الأول الثانوي, فيعتبر أن دخول المدارس هو بداية الشقاء له ولأسرته إذ انه يشمر عن سواعده للعمل بعد الظهر في أي ورشة أو مطعم لتأمين بعض المصروفات الدراسية له ولأخوته. ويشير إلى أنه على هذه الحال منذ خمس سنوات وبعد وفاة والده. ويتحدث صالح عن تفوقه الدراسي وتميزه كونه يشعر بمسؤولية كبيرة في تحقيق النجاح والاستمرار في الدراسة حتى الحصول على مؤهل جامعي تلبية لأمنية والدته. وتمكن الملاحظة بسهولة أن صالح ليس وحده من يعمل ويعول أسرة في سن غضة, فهناك آلاف يعملون في نشاطات مختلفة في اليمن في ظاهرة مقلقة للرأي العام والمنظمات الإنسانية والدولية. ويبدو أن مصاعب الطلاب الدراسية في اليمن لا تقف فقط عند تكلفة بداية العام بل تتمثل ايضاً في إضطرار أعداد كبيرة ممن يدرسون الى الرحيل من المدرسة نتيجة الظروف المعيشية. ويشير تقرير أصدرته الأمانة العامة للمجلس الأعلى لتخطيط التعليم إلى أن معدل الالتحاق بمرحلة التعليم الأساسي ما زال متدنياً إذ بلغ 46 في المئة, ما يتطلب حشد الجهود لرفع معدلات الالتحاق والقضاء على الأمية من خلال السعي إلى نشر التعليم الأساسي على مستوى الريف والمدينة. ويؤكد التقرير ان مدارس الريف في وجه عام "تعاني من قصور كبير في المباني المدرسية والتجهيزات والمعلمين والوسائل التعليمية وغياب الادارة المدرسية". ويقول التقرير إن "أكثر من مليوني طفل خارج التعليم معظمهم من الإناث وهؤلاء يشكلون عائقاً تنموياً كبيراً باعتبار ذلك الرافد الأساسي لتغذية الأمية وإذا لم تطرأ تحولات جوهرية على التعليم الأساسي فسوف يزداد هذا العدد ليصل إلى أكثر من 3 ملايين طفل خلال السنوات الخمس المقبلة". وفي مجال محو الأمية وتعليم الكبار يشير التقرير إلى الجهود المبذولة في هذا المجال "والسعي إلى تخفيف منابع الأمية التي تصل إلى 45 في المئة وترتفع أكثر في أوساط النساء لتصل إلى 70 في المئة". وتسعى استراتيجية تطوير التعليم إلى رفع معدلات الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى 69.3 في المئة عام 2005 وتقليل الفوارق بين البنين والبنات وبين الحضر والريف. وتشير تقارير اللجنة الوطنية للمرأة إلى معوقات اجتماعية تحرم الفتاة اليمنية من التعليم "منها قلة وعي الأسرة بأهمية تعليم البنات مع الاهتمام في المقابل بتعليم البنين من منطلق أن الرجل مسؤول عن الأسرة مالياً واجتماعياً, وأن المرأة يقتصر دورها على الأعمال المنزلية الروتينية التي لا تحتاج إلى تعليم, كما أن دورها في الأسرة سينتهي بزواجها, فضلاً عن الزواج المبكر والنظرة التقليدية للمرأة وتعليمها وعملها ودورها في المجتمع". ويؤكد المسؤولون في وزارة التربية والتعليم اليمنية أنهم أكملوا الاستعدادات لدخول المدارس في شكل جيد بعيداً من المعاناة الأسرية قدر المستطاع, ولهذا فإن المناهج الدراسية ستوزع مجاناً وسيدفع أولياء الأمور 150 ريالاً رسوماً للمرحلة الأساسية و 200 ريال فقط للمرحلة الثانوية (الدولار يعادل نحو 184 ريالاً) وهي رسوم زهيدة لا تساوي قيمة الحبر أو الورق أو الأغلفة التي طبعت بها هذه المناهج. وبالنسبة لموضوع الزي المدرسي الموحد يؤكد المسؤولون في التربية اليمنية أنه تم تحديد لون لكل مرحلة وبما يتناسب مع المناطق الحارة والباردة والمعتدلة للبنين والبنات ووفقاً لظروف الأسر. نقلاً عن : الحياة