عزيزي الصائم الرمضاني، هل جربت أن تتناول سحورك على الكورنيش، لعل هذه أحدث صرعة لمواجهة الطقس الغريب الذي يصادفه المصريون هذا العام، فمع ارتفاع درجات الحرارة وانعدام الهواء وتصبب العرق لدرجة "السيحان"، لن يكون أمامك سوى الهروب من حدود منزلك الضيقة إلى ضفاف النهر الخالد أو البحر الجميل لاختلاس بعض النسمات العليلة والهواء الرطب الذي يصلح ما أفسده الحر. "الحر طفشنا من البيوت وكتمتها"، هكذا قالت أم سعيد التي مع أحفادها وأبنائها فى حديقة بالقرب من مطار ألماظة، فالعائلة الصغيرة تعودت الهروب إلى هذا المكان فى ليالى الصيف الخانقة "علشان نشم نسمة هواء فى وسط الزرع وبالمرة نتسحر هنا"، بحسب التقرير الذي أعدته الصحفية غادة علي ونشر بجريدة الشروق المستقلة.
يختلف الموقف هذا العام، فأغسطس، أكثر أيام الصيف سخونة، تزامن مع شهر رمضان المبارك، مع انقطاع الكهرباء، والموجة الحارة، كما يتوقع وحيد سعودى، مدير مركز التحاليل الجوية الرئيسى، مستمرة إلى نهاية الأسبوع، لكن مع انخفاض طفيف فى درجات الحرارة يبدأ من اليوم، "لكن نسبة الرطوبة العالية هتمنع الاستمتاع بهذا الانخفاض". كورنيش النيل فسحة وكمان سحور
تتذكر الحاجة أم سعيد أجواء رمضان آخر عاشته فى جو كهذا منذ 30 عاما، وكان الطقس وقتها "مش حر أوى كده"، لكن النزهات الليلية مستمرة. تنظر أم سعيد إلى حفيدتها الصغيرة نجلاء وعمرها عامان، "وقتها كان سعيد ابنى عنده 5 سنين، وكنت حامل فى هدى"، هى الابنة الوسطى ووالدة نجلاء.
وجبة السحور يتم تحضيرها فى البيت، ثم تنطلق الأسرة بالسيارة إلى الحديقة التى تبعد 15 دقيقة من منزل العائلة فى شارع جسر السويس. وعلى الرغم من أن أفراد الأسرة كلهم أعضاء فى أحد النوادى الاجتماعية، لكن أم سعيد السيدة الخمسينية ترى "القاعدة على النجيلة فى وسط الهواء أحسن من تكتيفة الكرسى".
بعض المصريين انطلقوا إلى شوارع وسط المدينة، فعانت محال الفول والفلافل هناك من زحام لم يكن فى الحسبان، طبقا لمصطفى أحد العاملين بمطعم مأكولات شعبية فى وسط البلد.
صيام في عز الحر ومع ظروف الصوم الحارة هذه تتغير العادات اليومية للصائمين لتتواءم مع طول فترة الصوم خلال النهار وشدة ارتفاع درجة الحرارة، فما هي ملامح هذا التغيير ومن هم الأكثر عرضة للتغيير.. هذا ما سيطر على أغلب ما كتبته وسائل الإعلام غلى النحو الآتي بيانه من خلال استطلاع آراء المواطنين:
إيمان فضل، ربة منزل، ترى أنه لا توجد أي تغييرات تطرأ على جدول حياتها اللهم إلا أنها تستطيع نيل قسط أكبر من النوم وممارسة أنشطتها المنزلية بدون تسرع وذلك لطول فترة النهار خلال فترة الصيف، أما بخصوص شدة الحرارة فترى أن ربات البيوت أقل تأثرا بها لأن تعرضهم للحرارة لا تزيد إلا عند قضاء احتياجات المنزل من الأسواق وهذه في نظرها لها حل أن تشتري ما تريد لتجهيز اليوم التالي بعد الإفطار. الخيام الرمضانية تجتذب المصريين
أما كريمان، موظفة بشركة اتصالات، فتقول أنها تستمتع برمضان كثيرا حين يحل في أيام الصيف حيث يحلو السهر مع الأسرة وتبادل الزيارات ومشاهدة المسلسلات وممارسة "الدايت" أو الريجيم الذي يحافظ على قوامها رشيقا خصوصا وأنها لا تزال آنسة لذا تعتبر رمضان في شهر الصيف فرصة ذهبية للصحة والنشاط.
وإذا انتقلنا إلى معشر الرجال سنجد لديهم أقوال أخرى، حيث يؤكد جهاد احمد، صحفي، أن أجندة حياته ستتغير تمام هذا العام فهو حسبما يروي، كائن ليلي لذا سيمارس عمله الصحفي بعد الإفطار لا قبله، ويوجه نداء للحكومة المصرية أن تقتدي بأغلب دول الخليج التي تعطي موظفيها أجازة خلال شهر رمضان لإتاحة وقت للتعبد وتخفيف وطأة الصوم عليهم.
أما خالد محمود، من جيل الشباب، فيحمد الله كثيرا على أن رمضان هذا العام ولعدة سنوات مقبلة سيحل قدومه خلال العطلة الصيفية بعد انتهاء امتحاناته الجامعية وهذا في نظره سيتيح فرصة أكبر لقيام الليل وأداء شعائر صلاة التراويح بالمسجد والتي تعطي بهجة لا تعادلها أي متعة للمسلمين.
نهى، 12 عاما، تقول أيضا أنها نظرا لحداثة عهدها بالصوم فإنها ستقضي فترة النهار في قراءة القرآن الكريم ومشاهدة بعض البرامج والمسلسلات المتميزة ولن تغادر المنزل أبدا قبل انطلاق مدفع الإفطار. بائع القطائف أشهر واحد في رمضان
ويؤكد طارق الشيمي أن أصعب حاجة في رمضان هذا العام أنه سيهل في أشرس شهور الصيف حرارة لكن مش مهم فنحن جميعا نسعد بأيام وليالي رمضان وأهم حاجة أن أولادي لن يذاكرون فيه، صحيح أنهم سيحرمون من الاستمتاع بشواطئ المصيف، لكن لا شيء يهم مع فرحتنا بالشهر المعظم.
ومن أصحاب الياقات البيضاء إلى المكافحين، يقول عم احمد، عامل نظافة،: "إحنا مش بمزاجنا نختار الوقت اللي نشتغل فيه، فلزاما علينا أن نكتوي بنار الشمس الحارقة في شهر الصوم لتنظيف الشوارع لكن مع هذا فربنا كريم ورمضان رزقه واسع جدا، فالله تعالى يحنن قلوب القادرين فيتعطفون علينا ويكرموننا مما رزقهم الله.
ولا تختلف ظروف خالد، بائع عصير متجول، كثيرا عن عم احمد، فطبيعة عمله تحتم عليه التواجد في الشارع وهو صائم ليبيع التمر هندي والعرقسوس والخروب للصائمين الذين يقبلون على الشراء منه بفرحة تمنحه السعادة وتجلب له الرزق أيضا، ويؤكد أيضا أن أصحاب القلوب الرحيمة لا ينسون الغلابة فدائما ما يعطيه المشترون أكثر مما يطلب هو ابتغاء مرضاة الله وعملا بمبدأ الحسنة المخفية في البيع والشراء.