السادية: هي حب اضطهاد الغير والتلذذ بتعذيب الآخرين وإيلامهم وتشنيف الآذان بسماع تأوهاتهم وأنَّاتهم وتوجعاتهم و...الخ. والسادية مرضٌ نفسي خطير جداً، ومن يُصاب به يصير أخطر أنواع المجرمين والقتلة، وقد يرافق مرض السادية مرضٌ نفسيٌ هو أخطر منه بكثير وهو ما يسمونه اليوم (الشيزوفيرينيا) أو مرض الانفصام العقلي بحيث أنَّ من يعتريه يُقدِمُ على عمليات إجرامية بهدوءٍ غريب وبصورة طبيعية جداً حتى لكأنه يُقدِمُ على عمل إنساني خيِّرٍ وطيب. ومن ثَمَّ وفي كلا الحالتين يأتي خطر الساديين والانفصاميين. وفي بلادنا اليمن اليوم ترى آثار السادية شاخصةً في المصائب والأزمات المفتعلة والقتل والفتن وسيلان الدماء والمذابح تترى، ومعاناة الشعب تتزايد يوماً بعد يوم، ومشاهد القتل اليومي والضرب والقصف وبمختلف أنواع الأسلحة وعوامل التضييق والسجون والمطاردات و..... الخ تتجسد كلها بصفة يومية شاخصةً على أرضية الواقع وفي جميع محافظات اليمن، ولكنها أشد ما تكون في محورٍ يتلخص بكلمة (أنَّات) والمأخوذة حروفها من أوائل الكلمات (أرحب – نهم – أبين – تعز) والتي ما هي إلا نموذج مكبر وشديد لكل تلك المصفوفات السيئة الآنف ذكرها. ولَكَم تساءلتُ طوال هذه السبعة شهور تقريباً من عمر الثورة اليمنية كيف يحدث كل هذا الهول العظيم وفي كل اليمن وفي كل الأرض وبالطول وبالعرض من أجل شخصٍ واحد يتشبث بكرسي الرئاسة، وفي سبيل هذا ليكن الطوفان، وليكن الجحيم المستعر لخمسٍ وعشرين مليون نسمة ومن أجل فردٍ بالغ الأنانية حتى لكأنه يتنفس ذاته المتورمة والمتمثلة بشخصه وبكلمة (أنا) فكأنه يدفع (أنا) مع الزفير والشهيق (أنا – أنا – أنا....الخ)، ثم لا شأن له بما يعمله هو وأتباعه من جرائم من أجل ذاته المتضخمة جداً المتشكلة في (أنا) وعلى كرسي الرئاسة، ومن هنا فهو شخص أناني من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، وهو من أجل ذلك يعاند ويأبى الانصياع للملايين المملينة والتي شاركت وما تزال تشارك في المظاهرات والاعتصامات والفعاليات الثورية طوال سبعة أشهر تقريباً وفي أكثر من مائة وثلاثين منطقة ومدينة ومحلة وقبيلة. وهنا تذكرتُ كيف يكون الزعماء الأبطال المخلدون في ذاكرة الشعب اليمني من أمثال الرئيس السلال وعبدالرحمن الإرياني اللذان سلما الحكم دون إراقة قطرة دمٍ واحدة، ودون إثارة إيٍّ متاعب ومن أيِّ نوع.