دشنت قوى الثورة اليمنية ما سمتها "مرحلة التصعيد الثوري" ودعت اللجنة التنظيمية إلى مسيرات اليوم الثلاثاء 6 -9- 2011، هي الأولى من نوعها في عواصم المديريات والمحافظات لإسقاط بقايا نظام الرئيس علي صالح وإحلال سلطات ثورية فيها بدلاً عن السلطات التابعة له. وتزامناً مع ذلك تضاعف حجم التوتر العسكري بالعاصمة صنعاء، حيث أغلقت قوات النظام اليمني، المنافذ ومنعت دخول صنعاء ليومين، ثم سمحت بدخول العائلات والمرضى. وتبادلت كافة الأطراف الاتهامات بالإستعداد لمواجهات مسلحة، لم يقتصر أمرها على قوات الجيش والقبائل المؤيدة للثورة في صنعاء وضواحيها ومدينة تعز، لكنها حضرت في منطقة الحصبة بين قوات صالح وأنصار صادق الأحمر شيخ قبائل حاشد الذين خاضوا مواجهات هي الأعنف في مايو الماضي وتوقفت إستجابةً لوساطة العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز. اكتشاف خلية اغتيالات من جهته، نفى مكتب الأحمر إتهامات وزارة الداخلية حول مطالبة أنصاره لسكان الحي إخلاء منازلهم والخروج منها، واعتبرها "اتهامات باطلة تأتي في سياق حملات تضليل اعتادت بقايا النظام الترويج لها لإرهاب المواطنين وإقلاقهم وتشريدهم من منازلهم كمقدمة للعدوان وتكرار جرائمها بحق الوطن والمواطن". واتهم بيان صادر عن المكتب – تلقى إسلام أون لاين نسخة منه- من وصفهم "بقايا النظام بإستمرار الخروقات والاستعدادات متواصلة في منطقة الحصبة من قبل الحرس الجمهوري وقوات الأمن لشن عدوان جديد على ساكنيها". وكشف البيان عن تزامن الإتهامات مع اكتشاف أنصاره "خلية تابعة للأمن القومي والحرس الجمهوري بمنطقة الحصبة كانت تعد لتنفيذ عمليات اغتيال لبعض الشخصيات الوطنية والمعارضة". بدوره، استنكر حزب الإصلاح ما أعتبره "إدعاءات كاذبة وحملات تضليل تمارسها العصابة اللاشرعية عبر وسائل الإعلام الرسمية الممولة من المال العام، والتي تتعمد من خلالها الإساءة إلى الشعب اليمني الثائر والتشهير بقواه الوطنية في محاولة يائسة لمواجهة الثورة السلمية المتصاعدة ضد بقايا السلطة اللاشرعية المتهالكة". وجدد الإصلاح، أكبر أحزاب اللقاء المشترك المعارض، التأكيد على نهجه السلمي وعلى أن "ثورة الشعب التي انطلقت سلمية ستظل سلمية، ولن تحيد عن هذا الخيار مهما كانت فظاعة القوة المنفلتة والغاشمة الموجهة ضد الشعب". اتجاه نحو الحسم ويرى الباحث والمحلل السياسي محمد الغابري أن "ما يجري من تصعيد لا يزال فيه قدر من التهيب, لكنه مقدمة تؤشر إلى الإتجاه نحو الحسم". وبشأن الدعوة لمسيرات في عواصم المديريات والمحافظات لإسقاطها، قال الغابري ل"إسلام أون لاين"، أن هناك ثمان محافظات لم يعد للسلطة فيها وجود (من إجمالي 21 محافظة)، وقد يُحدث ذلك "عملية استكمال انتقال إدارتها إلى الثورة ثم يتم إسقاط ما تبقى من السلطة في العاصمة صنعاء وذلك يعود إلى تقديرات من يقومون بالتخطيط للتصعيد". ويرى الكاتب الصحفي محمد اللطيفي، انه مع دعوة المجلس الوطني لقوى الثورة إلى التصعيد الميداني "قام شباب الثورة في تعز بمسيرات تخطت الحاجز الأمني ودخلت أماكن محسوبة على النظام وكانت هتافاتهم التي عمرها ثمانية اشهر تنطلق وكأنها بدأت اليوم". ويبين اللطيفي ل"إسلام أون لاين"، أن حراك الشباب السلمي بتعز يتزامن مع خوض "المسلحون الموالون للثورة معركة دفاع ضد فصف المدينة بالأسلحة الثقيلة والتي دمرت المنازل وخلفت ضحايا معظمهم من النساء والأطفال". ويضيف "هناك ثورة شعبية متمسكة بالسلمية رغم العنف والعقاب الجماعي والقصف العسكري, حققت أهدافها الرئيسية في منع التمديد والتوريث، ولكن هذه الثورة ليست مثالية، فهي لا تفكر بالانتقام أو الاعتداء، ولكنها مستعدة للدفاع عن نفسها في حالة التمادي والقمع المفرط". العنف لن ينهي الثورة ويرى اللطيفي أن سعي النظام لاستخدام العنف لن "ينهي الثورة أو يقضى على سلميتها، فعلى مدى أكثر من سبعة أشهر واجه اليمنيون قمع ودموية السلطة العسكرية الحاكمة وقدموا الكثير من الدماء". ويدافع عن "اضطرار الموالين للثورة لاستخدام السلاح بشكل منظم وفي نطاق محدود لم يأت عبثا، وإنما في إطار الحق في الدفاع عن النفس خصوصاً، وأن النظام فسر سلمية الثورة على أنها ضعف واستكانة". ويشدد اللطيفي على ضرورة "التفريق بين شباب الساحات وأنصار الثورة، فالشباب ما زالوا على سلميتهم وبنفس الزخم والعزيمة يجوبون الشوارع سلميا لا سلاح لهم غير حناجرهم، بينما يقوم الأنصار بحمل السلاح للدفاع عن أبنائهم وعن مدينتهم عند الاعتداء عليها أو على أبنائها". لكن الغابري يؤكد صعوبة البحث عن "معادلة صعبة، المحافظة على سلمية الثورة مع حماية المتظاهرين"، ويوضح انه "إذا انطلقت المظاهرات سلمية وبدون حماية قد تحدث خسائر بشرية فادحة"، في إشارة إلى استعدادات قوات صالح للقمع ومنعهم خاصة بصنعاء من الاقتراب من مناطق حساسة كدار الرئاسة. ويضيف الغابري "وإن انطلقت المظاهرات مسلحة ستؤدي إلى انفجار عسكري"، ويستدرك "لكن يمكن أن ينطلق المتظاهرون بدون سلاح ويصاحبها مسلحين لردع مسلحي النظام وللوقاية من استهداف المتظاهرين". وكان مسلحو النظام أطلقوا الرصاص الحي على عشرات المتظاهرين تجاوزوا المسيرة الحاشدة التي دشنت مرحلة التصعيد الثوري الأحد الماضي في العاصمة صنعاء وأسفرت الهجمة عن إصابة 6 أشخاص جراحات بعضهم خطيرة. وخرجت الأحد مسيرات حاشدة وصفت بالمليونية في غالب المدن ضمن مرحلة التصعيد, وشدد المشاركون فيها على ضرورة الحسم الثوري وطالبوا بمحاكمة صالح ونجله وأقاربه لارتكابهم جرائم في مناطق عدة خاصة بصنعاءوتعز والقرى المحيطة بهما صنعاء. إستمرار رغم التحديات وأكدت اللجنة التنظيمية للثورة، في بيان لها على الإستمرار في التصعيد أرغم "كل التحديات وآخرها قيام بقايا النظام العائلي بفرض حصار على صنعاء وإغلاق مداخلها وعسكرتها عبر نشر المسلحين فيها، والاستخدام السيئ لوحدات عسكرية تمارس قتل أبناء الشعب، وقطع الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومشتقات نفطية بهدف التضييق على أبناء الشعب ". وقال البيان – تلقى إسلام أون لاين نسخة منه- أن "هذه الممارسات القمعية لن تثنينا عن المضي قدماً في مسيرة الثورة حتى تحقيق كامل الأهداف والمطالب، وفي مقدمتها إسقاط بقايا حكم الأسرة التي اختطفت سلطة الشعب دون أدنى شرعية"، مشيراً إلى أنها "ستزيد من إصرارنا على مواصلة الثورة التي سيتسع نطاقها في كل أرجاء اليمن من مدن ومديريات على طريق الحسم الثوري بالطرق السلمية". وجددت اللجنة "دعوتها لشباب الثورة في مختلف الساحات إلى توحيد القوى والجهود والاستمرار في الفعل الثوري السلمي والتنسيق مع مختلف المكونات السياسية والاجتماعية في جميع مديريات ومحافظات الجمهورية والعمل على إحلال سلطة الشرعية الثورية وإسقاط ما تبقى من نظام صالح وأزلامه". وأوضح عضو اللجنة التنظيمية للثورة حبيب العريقي، أن المرحلة التي ستبدأ اليوم الثلاثاء الهدف منها "إحلال السلطة الثورية الشرعية بدلاً عن سلطة صالح اللاشرعية إبتداءاً بالمديريات ثم المحافظات ثم العاصمة". وقال العريقي ل(إسلام أون لاين) أن شباب الثورة ومكوناتها المختلفة متشبثة بسلمية الثورة كخيار أفضل ووحيد لإسقاط بقايا نظام صالح الجاثم على صدر اليمن وشعبه 33 عاماً، مؤكداً أنها مرحلة تصعيد ثوري وستأتي بعدها مرحلة الحسم الثوري، مع تحفظه عن الكشف عن ماهية الخطوات التي ستكون عليها مرحلة الحسم، والتأكيد على أنه سيكون "حسم سلمي وبخطوات سلمية". وأضاف العريقي "لن ننجر للعنف وسنواجههم بسلميتنا"، وشدد على أن الشباب سيظلون بعيدين عن المواجهات المسلحة، وواصل "سنخرج بمسيرات سلمية بكل المديريات والمحافظات ونرفع شعار السلمية، عزل من السلاح وصدورنا مفتوحة، وإذا أرادوا أن يقتلونا فليفعلوا فلن نرد عليهم". إدانة روسيا ودعا المجلس التنسيقي للشباب- يضم في عضويته 212 مجموعة ثورية- المجتمع الدولي إلى "التدخل لمنع اندلاع حرب أهلية يحضر لها نظام الرئيس صالح". وأضاف في بيان له انه يريد أن "رأس السلطة يحضر لإشعال حرب أهلية شاملة ويدفع بوحدات عسكرية، وتسليح مليشيات وتوسيع بؤر الصراع المسلح في أبينوتعزوصنعاء وأرحب, لكن الجيش والقبائل المؤيدة للثورة تتسم بضبط النفس". من جانبها، دعت منظمة هود للدفاع عن الحقوق والحريات من وصفتهم "عقلاء اليمن والمجتمع المدني ومنظماته ودعاة حقوق الإنسان ورجال القانون والعلماء وكل أبناء الشعب وفئاته إلى العمل (معاً ضد الحرب) حقنا لدماء اليمنيين". ودانت المنظمة استمرار روسيا في تصدير السلاح لقوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجل الرئيس صالح، داعيةً الحكومة الروسية إلى إيقاف تصدير السلاح واعتبرتها "شريكة في قتل أبناء الشعب اليمني وتدمير بنيته التحتية".