تعز: الحب والسلام, العلم والثقافة, الصناعة والاقتصاد, الثورة والنضال, إلى مقامك السامي يا تعز نرفع تحيات الإجلال والاحترام, منك نتعلم الصبر والشموخ, نُعلن تواضعنا أمام صمودك وثبات نسائك ورجالك... أنت يا عز اليمن, وعنوان فخرها, وتاج رأسها, نتتلمذ بين يديك يا رافعة ثورة الشعب السلمية, وعلى عزيمتك الفولاذية ينكسر المتهورون, وينهزم المستبدون!! تعز: أيتها الطيبة الكريمة, ياحاضنة المقيم والمسافر والزائر, ياموئل الثوار, وموطن الأحرار, أيتها الوادعة المسالمة, كيف غدر بك المجرمون والقتلة؟ لماذا يحملون كل هذه الأحقاد على أهلك الكرام؟ أما يكفي النظام الحاكم التنكر لجميلك, ألم يشف غليله منك أن تعمد تحويلك من حاضرة المدن اليمنية إلى قرية تتمنى شربة الماء, وتشكو الإهمال, وتئن من تدني الخدمات..؟! تعز: يا مدينتي الجميلة, أتذكر حنانك في حنايا شوارعك, ودفئك في زوايا حاراتك, ومع أبنائك قضيت أيام الطفولة والصبا, ونهلت من معينك العذب في مدارسك ومساجدك ومجالس علمائك, دعيني أبكي اليوم عليك دماً أيتها الأم الرؤوم, كيف تجرأ الظالمون على التنكيل بأطفالك, وذبح نسائك , وقتل شبابك وشيوخك, هل أذنبوا لأنهم يطالبون بحقهم في الحياة الحرة الكريمة؟ كيف لا أحزن ومدرسة الشعب التي تتلمذت فيها, أضحى الجنود يقذفون الطلاب من فوق سطوحها, ومدرسة الثورة الثانوية جعلوها مخزناً للبارود وثكنة للمسلحين, بعد أن كانت مناراً للعلم, ومنها تخرج القادة والمثقفون, أليس من المفارقات أن تتحول قلعة القاهرة من معلم رمزي تعتز به المدينة إلى ثكنة للدبابات تقصف المساكن والسكان الآمنين؟ وهل دار في خلد الصينيين حين أهدوا تعز مستشفى الثورة, أن يصبح موقعاً للمدفعية التي تطلق حممها على فضليات نساء تعز وهن يؤدين صلاة الجمعة؟ أما أنتن ياحرائر تعز الكريمات: في أي مدرسة للبطولة تعلمتن؟ وأية لغة راقية تتحدثن بها, وبأي عبارات الإعجاب سنصف بها عزيزة وجميلة وتفاحة ووفاء وياسمين وزينب, وأخت هاني الشيباني, كأني أراكن في سباق على المجد مع بلقيس ملكة سبأ, وصفية بنت عبدالمطلب, والخنساء, وخولة بنت الأزور.. ثائرات على الظلم, متمردات على الطغيان, ساخرات بالأهوال!! الله أكبر ما أحقر أولئك الذين صوّبوا فوهات بنادقهم ومدافعهم إلى رؤوسكن وقد اعتمرن بعَلَم اليمن , وأي تجلّد عظيم رأيناه لدى بنات وأمهات وأخوات الشهيدات والشهداء؟ لقد سمعناهن يتحدثن برباطة جأش, وقوة منطق, وبلسان الواثق بنصر الله, وذلك ينبئ عن تربية إيمانية , وتعليم راسخ, وثقافة راقية, ولعل ذلك ما يثير حفيظة القتلة الذين لا يجيد بعضهم حديثاً ولا يحسن صنعاً, وإن حمل الرتب والنياشين الكاذبة, والشهادات المصنوعة!! جمعة تعز الدامية ترفع عدد شهداء الثورة إلى ألف ومائتي شهيد, ويصل عدد الجرحى إلى ثلاثين ألف جريح ومعاق, فهل يرضي هذا العدد غرور النظام؟ وهل يروي عطشه للدماء, وتلذذه بعذاب الجرحى والمرضى, فيخضع لإرادة الشعب, ويعجّل بالرحيل؟ أما أنت تعز وقد أضحيت مصدر إلهام للثائرين على الظلم, فإنك تبقين عصية على الانكسار رغم جراحك المثخنة, وتحية إعزاز لنسائك وشبابك وشيوخك وقياداتك, فقد أحرق المجرمون في مايو الماضي ساحة حريتك, فأقمت بعدها خمس عشرة ساحة, أرادوا كسر شوكة نسائك وشبابك ورجالك, ففضلوا أن يموتوا واقفين, ولا يطأطئون رؤوسهم لمستكبر, أو يحنو جباههم لغير الله وحده!! تعز لا تستحق الموت, بل هي جديرة بالحياة, ترتقي أرواح الشهداء أحياءٌ عند ربهم يرزقون, وسيذهب القتلة غير مأسوف عليهم, تلاحقهم لعنات جرائمهم في الدنيا والآخرة, والله أكبر وهو القاهر فوق عباده, قادر أن يعجّل بالانتصار للمظلومين, ويبلسم جراح المكلومين.