في ال11 من فبراير الجاري وهي الذكرى الأولى لثورة الشباب أو بداية اعتصام الثوار، قدمت تعز مفاجأة جديدة تمثلت باحتفال كرنفالي مليوني لم تعرف مثله من قبل، ففي يوم السبت الماضي اندهش العالم وهو يرى عبر وسائل الإعلام المختلفة المدينة التي دمرها الحقد لعدة أشهر تغسل ظلام القصف والإرهاب بطهر الحفل والفرح، يتساءل العالم كيف يمكن أن يكون ذلك ليعود قائلاً لا غرابة أنت في تعز. في أي مدينة يمنية يمكن أن يقام حفل كرنفالي متعدد الفقرات والفعاليات ولكن في تعز فقط، لاحتفالات الثورة والحرية طعم آخر وفي تعز فقط، يصل عدد الحاضرين إلى أكثر من مليون ونصف، عدد لا يمكن أن تصل إليه أي مدينة أخرى وهو أمر طبيعي لمدينة استحقت أن تكون عاصمة الثورة بامتياز.. إذا سأل الناس عن أول ساحة وأول خيمة في هذه الثورة سيكون الجواب ساحة الحرية بتعز، وحيثما وجهت نظرك لقراءة أسماء الشهداء في أي مدينة ستجد أن تعز هي المدينة الوحيدة التي سقط أبناؤها في كل المدن ستراهم يتصدرون قوائم الشهداء في صنعاء وعدن والحديدة.. وغيرها. في تعز فقط وجدت الحرية نفسها فأقامت لها أكثر من10 ساحات في مديريات المدينة الثائرة من وحي أجواء تعز استطاع أيوب أن يغني للوطن والثورة والتضحية والكرامة. ذات يوم ثوري نقلت وسائل الإعلام صورة لشباب اعتصموا أمام مكتب التربية، عندما أراد القتلة تحويله إلى ثكنة عسكرية فتصدى الشباب لهذا العدوان وكتبوا على بابه (مغلق من قبل الشعب) صورة أبكت الكثيرين حول العالم، هؤلاء هم شباب الحالمة وذات يوم ثوري آخر خرج شباب تعز بمسيرة سلمية ضاق بها ذرعاً أعداء الحرية، فاعتدوا عليها، تعذر وصول سيارات الإسعاف، فابتكر أبناء الحالمة إسعافاً جديداً عبر الدراجات النارية ليتحول أصحاب الدراجات النارية في كل اليمن إلى مسعفين لشباب الثورة متى اعتدى عليهم القتلة. كان شباب الثورة في صنعاء يتحدثون عن خيار الزحف _ مع تحفظي على هذا الخيار_ فقال لهم شباب ساحة الحرية بتعز منكم القرار ومنا الدماء. في تعز أحرقت الساحة بمن فيها للنيل من إرادة شبابها فانتفض شعبها بسلميتهم ليصنعوا المعجزات. قصفت المدينة من كل اتجاهاتها، قتل الناس في الشوارع والحارات وحتى في مصلى النساء التابع للساحة وسقطت شهيدة أثناء أداء صلاة الجمعة ولم تخضع المدينة، تأجج الحقد في نفوس القتلة فهدموا البيوت على ساكنيها ليلاً، وبينما انتظر المجرمون رايات بيضاء تخرج ملوحة من هذه البيوت خرجت فتاة بجانب أخيها الشهيد تطلق زغرودة وتخضب يدها بدم الراحل وتكتب بدمه (ارحل يا سفاح). بلغ الإجرام حده وأشده فقصفوا المستشفيات بمن فيها من المصابين ليكملوا خطة الموت التي بدأوها لهذه المدينة وشبابها فخرجت المدينة بشبابها لتهدي الوطن كله حياة متمثلة بمسيرة راجلة هي الأكبر والأضخم والأروع في مسيرات التاريخ الحديث إنها المسيرة الأسطورية التي لن تتكرر (مسيرة الحياة). الصمود يتجدد كل يوم والهتافات تتنوع كل ساعة، والحرية يرتشفها الناس مع كل نفس في هذه المدينة أفلا تستحق بالفعل أن تكون عاصمة الثورة؟؟.