عائلات بأكملها تركت منازلها منذ امد بعيد ونزحت الى المخيمات والأكواخ هرباً من قذائف الحوثيين التي انهالت على رؤوسهم دون رحمة، هذه العائلات باتت اليوم تعاني ظروفاً لا يمكن تخيلها بسبب الأمطار الغزيرة الغير مسبوقة والتي تداعت بسببها الكثير من البيوت القوية وبعضها سقط، أما بيوت القماش والصفائح الصدئة ستجد بشرا لم تعد الحياة تمثل لهم اي معنى، فالفرق بين الحياة والموت هناك لم يعد كبيراً، فهم يعيشونه مع كل قطرة مطر تنزل على روسهم. من الرمضاء بالنار "ناصر نصر قاسم" مواطن في الاربعين من العمر، اختار النزوح مع عائلته المكونة من خمسة ابناء ما بين ذكور واناث، بالإضافة الى زوجته "أم سعد" 37 عاما، من منطقة "الدريهمي" في محافظة الحديدة بعد اشتداد المعارك هناك، وتوجه الحوثيين لاستهداف المنازل بشكل مباشر يقول ناصر للصحوة نت " حالنا بصراحة يدمي القلب فقد هربنا من الموت بالحرب والصواريخ إلى الموت جوعاً وعطشاً وغرقاً، ومع هطول الأمطار والسيول الغزيرة تدمرت مخيماتنا وبيوتنا وصرنا معرضين للموت في اي لحظة او التشريد، لم نعد ندري إلى أي وجهة نذهب، وصار العذاب والأهوال تحاصرنا من كل الاتجاهات". مضيفاً :" في كل يوم ماطر تأتي السيول لتجر شيئاً من امتعتنا البالية، فيوما تأخذ "وسادة" ويوما آخر تأخذ علينا الصحون وإذا استمر الحال هكذا قد نجد انفسنا بدون اي شئ، والمصيبة أنن لا نستطيع استرداد ما يأخذه السيل لأن ذلك يعني الموت، لقد اصبح الأمر بالنسبة لنا كابوسا مفزعاً ونتمنى ان ينتهي". رعب يومي وتقول النازحة إسراء 32 عاما من محافظة تعز " للصحوة نت "إنه من بداية موسم الأمطار والمياه لا تتوقف عن غمر خيمتها البالية، وفي الاسبوع الماضي عادت من السوق لتجد ما بقي لها من أغراض مغموراً تماماً بالطين وتالفاً، والصحون الي مازالت تملكها تمتلئ بالمياه , فعائلتها تعيش الرعب يوميا. أضافت: "صرنا انا وزوجي واطفالي نشعر بالخوف الشديد عند هطول المطر، ويزيد الخوف مع زيادة الغزارة، وإذا اشتدت الامطار نسارع بالخروج وسط الامطار والسيول لأننا بلا مأوى آخر، لم يسبق ان مررنا بهذه الظروف من قبل، ونسأل الله السلامة". صدام مانع 50 عاماً محافظة البيضاء، يقول: " رغم ما نتعرض له من الهوان والألم بسبب مأساة السيول، إلا أننا نلاحظ نظرات التشفي والفرح واضحة في عيون الحوثيين وكأنهم يكرهوننا لأننا نزحنا وتجنبنا القتال ضد اخواننا اليمنيين المسلمين، فقد كانوا يفضلون أن نبقى في منازلنا حتى تدمرها المدافع والقذائف او نخرج للقتال معهم. صورة من الفاجعة أما خيمة النازح "مقبل عطا" من محافظة الحديدة فتعجز الكلمات عن وصف هول المأساة التي يعيشها مع اسرته البالغ عددها ستة اشخاص داخل ما يسمى مجازاً "خيمة" بينما هي في الحقيقة عبارة عن قطعة قماش ممتلئة بالثقوب والرقع وال "قراطيس" البالية، بينما يعشش العنكبوت والبعوض في كل شبر منها، وتسرح الفئران والديدان داخلها متخطية اجساد طفلين غلبهما النوم والارهاق على فراش قديم ممزق ومتسخ، وبدون اي غطاء رغم الرطوبة الشديدة والبرد القارس. يقول مقبل: " كما ترين فالمنظر يغني عن اي كلام والصورة بنفسها تتحدث، نحن في هذا الجحيم والحمد لله منذ مجئ "نبي صعدة" وميليشياته، نحن نعيش الليل طوال اليوم ولا يوجد لدينا نهارا بدا، ناشدنا التجار وفاعلي الخير لكي يستأجروا لنا بيتا متواضعاً ولا حياة لمن تنادي، أما للتصويت على نجوم "عرب ايدول" فيبذلون الملايين والمليارات، وعلى كل حال سنعيش هكذا حتى تنتهي اجالنا التي كتبها الله لنا ثم نموت، وسنلتقي نحن والحوثي وكل من تسبب في مأساة هذا الشعب، بين يدي الله فالعدالة هنالك فقط".