يوم السبت الماضي وقف محمد سالم باسندوه رئيس الحكومة اليمنية في البرلمان طالباً موافقته على اقرار قانون الحصانة لعلي عبدالله صالح راجياً من شعبه إنهاء عقود من التأخر والضياع ومنادياً بجملة عبدالرحمن الكواكبي الشهيرة هي كلمة حق وصرخة في واد إن ذهبت اليوم مع الريح فلقد تذهب غداً بالأوتاد. كان نداء باسندوه في البرلمان مشفوعاً بالدموع مؤكدا استعداده للتضحية من أجل وطنه ليسجل مشهداً جديداً من مشاهد الربيع العربي وعلامة من علامته، دموع باسندوه هي جزء من صورة مكملة لدموع ثوار اليمن وأحرارها، صورة تكمل مشهد الدموع التي سكبت في الثورات العربية لتقول بأن الدموع بعد الربيع العربي ليست ككل الدموع، وليست تشبه دموع العرب القديمة دموع قهر وقلة حيلة، بل غدت دموع أمل وتضحية، هي ليست دموع عجز وانهزام بل دموع عزم وانتصار. مشاهد الدموع في الربيع العربي كثيرة برز بعضها كشاهد لغيرها ومعرف بها، كانت في تونس في مشهد بكاء راشد الغنوشي وهو يشاهد سني الاستبداد تطوى بوقفة رجل في وسط شارع الحبيب بورقيبة يصرخ فيها بأن الرئيس بن علي هرب وبأن الخوف ولى وزمن الحرية جاء، وفي دموع المنصف المرزوقي تخالط دعاءه بأن يرحم الشهداء وهو يقف رئيساً لتونس بعد أن كان طريداً مشرداً. لقد جاء الربيع العربي طاوياً فصل الاستبداد وزارعاً أزهار التفاؤل، طاوياً صفحة الهزيمة وفاتحاً صفحة الانتصار وساكباً دموعاً غسلت الاستبداد وأزهرت أزهاراً شتى، أزهار الحرية والعزة والكرامة يضوع شذاها بين الأمصار وهي في مصر دموع وائل غنيم وهو يشاهد صور شباب ضحوا بأرواحهم من أجل حرية مصر ومن أجل كرامتها ومن أجل استقلالها عن الظلم والقهر والاستبداد. وفي ليبيا هي دموع رجل يخالطها توعد بملاحقة القذافي شبراً شبراً وقد كان، ومغالبة أم الشهيد الليبي عماد الزكري لدموعها ودعاؤها وتوسلها لله بأن يمنحها الصبر ويرحم ابنها ويسكنه الجنان. هي دموع رجال ونساء وأطفال سوريا.. هي دموع حزن وألم ودموع إصرار وإرادة بالحرية والعزة والكرامة. لقد تفننت الأنظمة العربية المستبدة بقذف مسيلات الدموع فدمعت الأعين منها ولكنها كانت دموعاً مختلفة غير ما تعودت عليه الأنظمة، صارت تلك الدموع أمطاراً وسيولاً تغسل أدران الاستبداد وتطهر أرواحاً يئست من تغيير أو انفراج. لقد جاء الربيع العربي طاوياً فصل الاستبداد وزارعاً أزهار التفاؤل، طاوياً صفحة الهزيمة وفاتحاً صفحة الانتصار وساكباً دموعاً غسلت الاستبداد وأزهرت أزهاراً شتى، أزهار الحرية والعزة والكرامة يضوع شذاها بين الأمصار. *نقلا عن اليوم السعودية