"إننا بحاجة إلى وقفة جادة ودراسة متفحصة لكل الأسباب التي دفعت وتدفع بالملكيين (الإمامين) في الماضي والحاضر إلى استمرار إصرارهم على ترسيخ الطائفية السياسية فيما بيننا في كل مجالسهم وكتاباتهم وخطبهم وفتاواهم". ما سبق من سطور جزء من مقال لرئيس الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني الإصلاح، محمد اليدومي، في صحيفة "الصحوة" العدد 284 عام 1991. نشر المقال في عدد الصحيفة 284))، وهو العام الذي تتحدث كتب التاريخ عن وصول، يحيى الرسي، مؤسس العنصرية والطائفية في اليمن قادما من طبرستان إلى صعدة، ومنذ ذلك الحين تحول اليمن السعيد إلى بلد التخلف والمجاعة والحروب والفقر. صناعة الوعي أدرك حزب الإصلاح قيادة وقواعد خطورة الفكر الإمامي، وعملوا على مقاومته فكريا وتوعية اليمنيين بمخاطره وتعريته وفضح سلوكه وجرائمه. مع اعلان تأسيس حزب الإصلاح اليمني، في 13 سبتمبر 1991، ظهرت أهداف الحزب مستوحاة من مبادئ ثورة ال 26 من سبتمبر، فيما يخص الجمهورية والديمقراطية والجيش والحرية والنضال السلمي والالتزام بالنظام والدستور. في الهدف ال 5 من أهداف حزب الإصلاح يتحدث عن الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة "ممارسة الديمقراطية الحقيقية في المجتمع ضماناً للتداول السلمي للسلطة ورفض الاستبداد"، في إشارة إلى التحذير من عودة "الإمامة" أو مخلفاتها. وتخوف من خطر المشروع "الإمامي" العنصري سخّر حزب الإصلاح، فكرة وحزب، وسائله المتاحة الثقافية والعلمية والإعلامية لمحاربة ذلك الفكر الكهنوتي الطائفي والعنصري ونجح إلى حد كبير بشهادة الجميع، في تحجيم المشروع في مختلف محافظاتاليمن وصولا إلى وكره. نشر ثقافة الجمهورية يرى الكاتب والباحث، عادل الأحمدي، أن حزب الإصلاح امتدادا لحركة وطنية لديها فكر ثقافي يقع على النقيض تماما من الإمامة، مضيفا أن الحركة الإصلاحية قبل عام 1990، تمكنت من نشر ثقافة الجمهورية في مناطق كانت إمامية خالصة، ثم عبر صحيفة "الصحوة" وعبر المعاهد العملية تم نشر فكر مقاوم للفكر الامامي. وتطرق الأحمدي وهو رئيس مركز نشوان الحميري للدارسات والاعلام، في حديثه ل "الصحوة نت" إلى كتابات عدد من قيادات ومفكري ومثقفي الحزب وأقلام عديدة التي كان لها دور في توضيح خطر مخلفات الإمامة والتحذير من خطرها على اليمنيين واليمن منهم، محمد اليدومي، وحارث الشوكاني، ونصر طه مصطفى وناصر يحيى، وعبدالفتاح البتول. التضحية بالدماء لم يقف دور حزب الإصلاح عند دور المواجهة الفكرية وإن كانت هي الأهم، لكن عندما كشرت مخلفات الإمامة عن أنيابها لنهش اليمن واليمنيين، تصدى لها الإصلاح بقيادته وأعضائه ومناصريه في كل ربوع اليمن. في هذا الخصوص يؤكد الباحث الأحمدي، أن دور الإصلاح، الذي تماسك في الظروف الصعبة، عمّد دوره الوطني بالدماء عبر قوافل من الشهداء من أعضائه، مضيفا أن الإصلاح كان هدفا لمليشيا الإمامة التي كانت تعتبر استعداءها له استهداف لأحد مداميك الثورة والجمهورية. يأمل الأحمدي أن يستمر عطاء حزب الإصلاح بشكل دائم عبر إصدارات وندوات وجهود توعية لفضح المشروع الامامي وتعريته، كون الحزب يضم لفيفا من العلماء والمفكرين والمثقفين، مشيرا إلى الدور الذي يقوم به الإصلاح يجب أن يكون مستأنسا بأدوار من سبقوه في الحركة الوطنية او كانوا متزامنين معه من الأحزاب والقوى الأخرى في الساحة الوطنية سواء فكريا أو سياسيا. وأكد أن معركة الوعي والفكر ستبدأ بعد معركة تحرير صنعاء لتنقية الساحة من الضلالات والخرافات والشعوذات التي غرسها الحوثيون في عقول كثير من النشء من أبنائنا في مناطق سيطرة المليشيات الإرهابية. المتتبع للدور التنويري لحزب الإصلاح وقيادته والتحذير من خطر الإمامة، يدرك مدى الرؤية الواضحة التي تمتع بها الحزب وحرصه على الجمهورية والثورة من "الإمامة" ومخلفاتها التي تتربص بها للانقضاض عليها وهو ما حدث مع الأسف. الإمامة فكرة وليست دولة الباحث والكاتب زايد جابر في حديثه ل "الصحوة نت " أكد أن الامامة فكرة قبل ان تكون دولة، وأن ثورة ال 26 من سبتمبر 1962، أسقطت الإمامة كدولة لكنها بقيت كفكرة تحت الرماد تتحين فرص العودة، وازداد نشاط التيار الامامي بعد الوحدة التي سمح دستورها بالتعددية. استغلت "الإمامة" التعدد السياسي وانشأت أحزابا سياسية ونواد ومنتديات ثقافية وغيرها من المؤسسات كغطاء لإحياء تراث الامامة بما يتضمنه من فكر عنصري وسلالي. مسؤولية مبكرة يؤكد جابر أن حزب التجمع اليمني للإصلاح، من ابرز القوى والاحزاب والتيارات السياسية الجمهورية التي ادركت مبكرا خطورة النشاط الامامي على النظام الجمهوري. وأضاف أن الإصلاح تصدى للنشاط الامامي وأخذ على عاتقه منذ وقت مبكر كشف هذا النشاط وبيان الاعيبه وتناقضه مع اهداف الثورة اليمنية والنظام الجمهوري. وتطرق إلى الدور الذي قدمه الإصلاح في توعية اليمنيين من هذا الفكر واظهار تناقضه مع قيم الاسلام ومبادئه الداعية للمساواة والحرية ونسف الطبقية في اوساط المجتمع. يتفق الباحثان عادل الأحمدي وزايد جابر، بالمعركة الفكرية التي خاضها الإصلاح لمواجهة وتفنيد أكاذيب وادعاءات أتباع المشروع الإمامة الطائفي، عبر وسائله الإعلامية والثقافية والفكرية. وسائل اعلام الإصلاح يؤكد جابر أن وسائل اعلام حزب الإصلاح، لعبت دورا هاما في التصدي لفكر الإمامة منذ وقت مبكر، حيث كتب قادة الحزب وعلماءه وناشطيه المقالات ونشروا دراسات وابحاث علمية منها على سبيل المثال - لا الحصر - ما كتبه الأستاذ ياسين عبدالعزيز القباطي نائب رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح آنذاك كتابه القيم " أضواء على حقيقة المساواة ". يضيف جابر أن الكتاب فنّد بفكر اسلامي مستنير دعاوى التفضيل والاصطفاء الالهي للسلالة وتناقضها مع مبادئ الاسلام ونصوصه الصريحة في المساواة وحصر الافضلية بالعلم والعمل الصالح وليس بالنسب، ونشر الكتاب على حلقات في صحيفة "الصحوة" الاسبوعية قبل ان ينشر في كتاب. وأضاف جابر أن كتابات أمين عام الإصلاح، الأستاذ محمد عبدالله اليدومي، آنذاك، عدة افتتاحيات في صحيفة الصحوة، تناولت خطورة الفكر الامامي وذكرت بقيم ومبادئ الثورة اليمنية والنظام الجمهوري ودعت الحكومة والاحزاب السياسية لليقظة وعدم التهاون مع أعداء الجمهورية والفكر الامامي الذي يروج له دعاة الامامة مستغلين الحرية الفكرية والسياسية. معركة مع دعاة الإمامة لعقدين كاملين خاضت وسائل اعلام الإصلاح، خاصة صحيفة الصحوة الاسبوعية وكتابها الكبار معركة فكرية مع دعاة الامامة الجدد. وفنّد كُتاب الإصلاح أباطيل دعاة الإمامة ومحاولات تضليلهم للمجتمع في بيان لدعاة الإمامة أصدره بعض علماء حزب الحق "الامامي" عام 1991، إضافة إلى الدور التنويري التي قامت به "الصحوة" في تناول وتفنيد ما تنشره الصحف الامامية من طعن بالثورة والجمهورية وإحياء للنعرات المذهبية والسلالية. مواقف وطنية ثابتة ظل حزب الإصلاح ثابتا في مواقفه الوطنية المستوعبة للخطر الامامي، ليأتي التمرد الحوثي في 2004، ليثبت صحة مواقف ومخاوف حزب الإصلاح من هذا الخطر المتدثر بأغطية ومسميات جمهورية. لم تتوقف معركة حزب الإصلاح مع مخلفات "الإمامة" عند المعركة الفكرية والثقافية، بل ضحى بالدماء والأرواح دافع عن الجمهورية والثورة في متارس البطولة والرجولة منذ سبتمبر 2014، وحتى اليوم. رفضه لقوانين التمييز العنصري واستعرض زايد جابر بعضا من مواقف حزب الإصلاح خلال العامين الماضيين في مناهضة التمييز العنصري والسلالي التي تمارسه مليشيا الحوثي ضد اليمنيين في مناطق سيطرتها. منها موقف الإصلاح من ما أسمته قانون الزكاة والخمس الذي اصدرته الجماعة الحوثية عام 2020، واسست هيئة سلالية لنهب اموال اليمنيين تحت هذا المسمى. وقد أصدر الحزب بيانا أكد وقوفه في وجه التمييز العنصري، في فرض قانون الخمس والزكاة، مؤكدا على ضرورة التجريم لكل أشكال العنصرية، وصنوف التمييز الطبقي، وكل ما من شأنه أن يتعارض مع قيم العدالة والمساواة وحق المواطنة ومبدأ الإخاء الوطني. وطالب من البرلمان إصدار قانون يجرّم التمييز العنصري والطبقي والسلالي، ويكرس مبدأ الحقوق المتساوية لجميع المواطنين. كما طالب بإعادة صياغة مناهج التعليم بروح وطنية تهدف لتحرير العقول وتحصينها من تأثير حقب الإمامة السوداء وتاريخها المظلم. دفع الإصلاح ثمن مواقفه الوطنية وتحذيراته من خطورة عودة المشروع الإمامي، حياة عشرات من قياداته في محافظات عدة، وشرد الآلاف، ونهبت وأحرقت مقراته ومؤسساته، في محاولة من المليشيات وممولوها تحييد دور الإصلاح في المعركة العسكرية والفكرية التي يخوضها اليمنيون، باعتبار الإصلاح حاجزا صلبا تحطمت عليه مطامع وأحلام "الإمامة" في استعادة حكم اليمنيين واستعبادهم.