لم يكن تأسيس التجمع اليمني للإصلاح عام 1990م حدثا سياسيا عاديا بل جاء امتدادا طبيعيا لمسيرة النضال الوطني الذي خاضه اليمنيون عبر عقود طويلة في سبيل الحرية والاستقلال وبناء الدولة. فالإصلاح لم ينشأ من فراغ وإنما انبثق من عمق المجتمع اليمني ومن تراكم تضحيات الرجال الذين واجهوا الاستبداد والاستعمار والإمامة الكهنوتية وكانوا جزءا أصيلا من معركة اليمنيين من أجل الجمهورية. لقد حمل الإصلاح منذ نشأته راية سبتمبر وأكتوبر فهو ابن الجمهورية اليمنية وجزءا لا يتجزأ من ميراثها التحرري. ففكرة الحزب لم تكن منفصلة عن جذور الحركة الوطنية بل كانت استجابة لواقع جديد فرضته الوحدة اليمنية والتعددية السياسية فجاء الإصلاح ليجسد تطلعات أوسع شريحة من الشعب نحو الحرية السياسية والمشاركة الشعبية والتعددية الحزبية. تميز الإصلاح بكونه حزبا جماهيريا ممتدا في كل جغرافيا اليمن وملتقى لمختلف الشرائح الاجتماعية: من العلماء إلى القبائل ومن المثقفين إلى الفلاحين ومن التجار إلى الشباب والطلاب. هذا الامتداد الواسع أكسبه قوة سياسية جعلته شريكا فاعلا في العملية الديمقراطية وفي الوقت نفسه حملته مسؤولية كبيرة في الدفاع عن مكتسبات الشعب ومصالحه الوطنية. لم يكتف الإصلاح بموقع المراقب أو المتفرج على مسار الأحداث بل انخرط بفاعلية في معترك السياسة فشارك في السلطة والمعارضة وكان له دور بارز في البرلمان وفي الدفاع عن التعددية والديمقراطية. ومع كل المنعطفات التي مر بها اليمن ظل الإصلاح ثابتا على قاعدة واضحة: لا وطن بلا جمهورية ولا جمهورية بلا ديمقراطية ولا ديمقراطية بلا شراكة وطنية واسعة. وجاءت اللحظة الفاصلة مع انقلاب الحوثيين كان 2014م ليثبت الإصلاح مرة أخرى أنه ابن النضال الجمهوري. فقد كان الحزب في مقدمة الصفوف الرافضة لمشروع الكهنوت وقدم آلاف الشهداء من قياداته وكوادره وأنصاره دفاعا عن الدولة والجمهورية مؤمنا أن المعركة ليست معركة حزب بعينه بل معركة وطن ضد مشروع سلالي رجعي يسعى لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء. إن التجمع اليمني للإصلاح ليس مجرد حزب سياسي بل هو تعبير عن عمق النضال اليمني وامتداد لتضحيات أجيال حلمت بالحرية والعدالة والدولة. وبعد خمسة وثلاثين عاما من تأسيسه ما يزال الإصلاح يقف شامخا إلى جانب كل القوى الوطنية حاملا هم اليمن ومستقبله ومؤكدا أن لا سبيل للخلاص إلا بمشروع وطني جامع يعيد الاعتبار للجمهورية، ويصون وحدة اليمن واستقلاله.