أسهل طريقة للإنتقام من الشخصيات الوطنية؛ المدنية والعسكرية، المحاربة للإرهاب والخراب في وجهة نظر مؤيديه، هي "سماطة" تلتف بإحكام، على وجه أحد القلتة يستقل دراجة نارية رفقة آخر من ذات فصيلة القاتل المأجور، وبيد أحدهما أو كلاهما "مسدس" أو "كلاشنكوف"؛ تصَّوب فوهته وفقاً لخطة محكمة تتوقف معها عجلات الدراجة النارية إن لم تتباطأ رويداً رويداً، أمام الضحية؛ الإنسان؛ فيتوقف نبضه إلى الأبد. على هذه الشاكلة، كثيرة هي العمليات الإرهابية التي تنتهي بها أرواح الوطنيين والشرفاء ممن يعملون لخدمة هذا الوطن ولخدمة أمنه واستقراره، بحيث أضحت لا تعد ولا تحصى من فرط توالدها وتكاثر شبيهاتها في السنوات الأخيرة.غير أنها في كل الأحوال، أضحت مقلقة وغامضة وتبعث على التساؤل والحيرة أيضاً، ولاسيما في ظل توالي أحداثها الدامية والمقلقة في أغلب محافظات البلاد الرئيسية في الأشهر الأخيرة، بحيث كان ولايزال القلق هو الرابط الوحيد بينها وبين بدء تنفيذ بنود التسوية التي أزاحت نظام صالح عن الحكم قبل حوالي عام، فضلاً عن تزامن هذه الأحداث اللا إنسانية مع نشاط مكثف لعناصر تنظيم القاعدة في بعض محافظات البلاد. أحدث الجرائم الإرهابية التي يستخدم فيها القتلة الدراجة النارية في جرائمهم، ذكرت مصادر متطابقة امس الثلاثاء أن مسلحين ملثمين كانا يستقلان دراجة نارية قتلا بالرصاص مستشارا عسكريا عراقيا للجيش، وذلك في أحدث هجوم للقاعدة في إطار سلسلة من جرائم القتل التي تحمل العلامات المميزة لهذا التنظيم. مصدر أمني أوضح إن العميد خالد الهاشمي وهو عراقي الجنسية، يعمل مستشارا في وزارة الدفاع قتل بالرصاص قرب مبنى تابع لجهاز المخابرات الخارجية في العاصمة صنعاء. وهو عضوا في فريق مهمته إعادة هيكلة الجيش. وطبقاً لمصادر أمنية، يعد الهاشمي واحدا بين عدد من خبراء الجيش العراقي الذين استعانت بهم حكومة صنعاء بعد الإطاحة بصدام حسين عام 2003. بعد كل حادثة إغتيال إرهابية، تبادر عدة مصادر أمنية وصحافية كثيرة للحديث عن الحادثة الجديدة باعتبارها متشابهة مع عمليات أخرى سابقة استهدفت شخصيات أمنية وعسكرية كبيرة، وجلها تحمل بشكل أو بآخر، بصمات تنظيم القاعدة. وفيما يبدو من هذه الحادثة الأخيرة، فأن عناصر التنظيم باتت لا تفرق بين شخصية وأخرى طالما وهي مؤثرة في الجيش الذي شن عليهم حرباً حقيقية وحرر أبين من قبضتهم في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن تنسيقه مع الأمريكان لقصفهم عبر طائرات بدون طيار، في تجمعات عدة. بعض المتابعين يستطيع أن يربط بين توالي هذه الأحداث وتمسك بقايا نظام صالح بأجهزتهم الأمنية والعسكرية، ويمكنه أن يقرأ بعض مسببات هذه الأحداث المتزايدة على نحو موضوعي لا يكون بعيداً بالطبع عن استفادة عناصر تنظيم القاعدة الحقيقيين أو الوهميين من خبرة وذخيرة وقادة عسكريين لا يروق لهم الوضع الجديد لليمنيين. وبعيداً عن الحديث عن إمكانية أن يستفيد بعض قادة الجيش، ولاسيما من المحسوبين على النظام السابق، لفكرة الهيكلة من هذا النشاط المتزايد لتنظيم القاعدة وتوظيف بعض عناصرها ونشاطاتهم لأهداف خاصة، لكن الأهم والمقلق أيضاً، أمر انتشار العمليات الإرهابية والمفخخة في أوساط المدن الرئيسة، ومن خلال استخدام وسائل يستخدمها الناس العاديين في أمور حياتهم اليومية، بحيث أصبح تسخيرها للقيام بعمليات إجرامية، أمراً باعثاً على القلق وربما يدعو للانتباه والاحتياط والتأهب من قبل كل القوى اليمنية، خاصة في ظل تواصل طموحهم للخروج من واقعهم الأمني والسياسي والاقتصادي المر. باختصار، لقد غزا الإرهاب كل شيء من دم الإنسان ودماغه وضميره، حتى وسائل مواصلاته اليومية البسيطة.. ففي بلاد المليون "موتور" كما يطلق اليمنيون على الدراجة النارية التي تنتشر بشكل كبير في اليمن، يستطيع موتور الإرهاب أن يتجول الآن بسهولة في العاصمة صنعاء وقلبها في عدن وفي أبين وفي أكثر من محافظة يمنية.. ذلك أن الدراجة النارية بالنسبة لعناصر الإرهاب والتخريب الذين يتصفون بالذعر والجبن والخوف والارتعاد، تعد أفضل طريقة لارتكاب الجرائم، وأنسب وسيلة لأن يلوذوا بعدها بالهروب. [email protected]