العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    غارات على صنعاء    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    «CNN»:الصاروخ على مطار بن غوريون خرق أمني لأكثر المواقع تحصيناً في «إسرائيل»    قال حزب الله إن العملية البطولية اليمنية في قلب الكيان الصهيوني تؤكد فشل العدوان الأمريكي ..حركات المقاومة الفلسطينية تبارك الضربة النوعية لمطار بن غوريون    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى "إسرائيل"    سريع يعلن المطارات الاسرائيلية اهداف عسكرية في سياق حصار جوي شامل    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    بن بريك والملفات العاجلة    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    التركيبة الخاطئة للرئاسي    أين أنت يا أردوغان..؟؟    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الذي أعد كلمة بان كي مون؟؟
تساءل بعض الجنوبيين..في كون حل القضية الجنوبية مسؤولية مشتركة
نشر في الصحوة نت يوم 04 - 12 - 2012


من الذي أعد كلمة بان كي مون ؟؟
تساءل بعض الجنوبيين..في كون حل القضية الجنوبية مسؤولية مشتركة

لماذا أغفلت كلمة بان كي مون في الذكرى الأولى للتوقيع على المبادرة الخليجية ذكر القضية الجنوبية وهي الطرف غير الموقع على المبادرة الخليجية إلى جانب الحوثيين؟ لماذا تجاهلتهم كلمة الأمين العام للأمم المتحدة في صنعاء، رغم أن قياداتهم التاريخية في الخارج كانت قد توجهت إليه برسالة تضمنت مطالبهم عبر مبعوثه الخاص إلى اليمن بن عمر في اجتماع القاهرة الذي عقد قبل حوالي عشرة أيام فقط من المناسبة والذي وعدهم بدوره بنقل مضمونها إلى الأمين العام . إذاً هل كان كاتب خطاب بان كي مون يريد أن يركز مضمون الكلمة فقط لدعم الرئيس عبدربه منصور هادي الذي خذله مجلس الأمن في انتزاع قرار بإدانة أو معاقبة المعطلين لتنفيذ المبادرة الخليجية والذين يربكون و يشتتون أداءه ويضعفون مساحة نفوذه ومناوراته؟ ربما و لكن الفهم لدى البعض أن عدم ذكر القضية الجنوبية في خطاب الأمين العام كان مقصودا بغرض توجيه رسالة إلى حراكي الجنوب مفادها أولا: أن الأمم المتحدة غير راضية عن الأداء السياسي للجنوبيين /الحراكيين في الداخل والخارج الرافض المشاركة في الحوار الوطني الشامل إلا بشروط سقفه التحرير والاستقلال وهو ما يتعارض مع توجهات المجتمع الدولي والإقليمي و يتناقض أيضا مع بنود القرارات الأممية والمبادرة الخليجية والتي ذكرتها سفيرة الاتحاد عند لقائها بالقيادات الجنوبية في القاهرة و أكدها جمال بن عمر مع ذات القيادات.
ثانيا : عدم وجود اصطفاف جنوبي لمكونات الحراك والشخصيات الجنوبية الفاعلة في الداخل والخارج مما يضعف رؤيتهم وأدائهم .
ثالثا : ترى بعض الجهات الراعية للمبادرة أنة يجب إعطاء القضية الجنوبية حجمها الطبيعي دون زيادة أو نقصان .
رابعا: إن فرصة حوار كهذه لن تتكرر للجنوبيين في القريب العاجل ولذا عليهم اقتناصها والاستفادة القصوى منها لتصحيح مسار الوحدة والعمل مع الآخرين من أجل بناء وطن يتسع للجميع وعلى أسس مواطنة متساوية وتوزيع عادل للسلطة والثروة.
خامسا : إن الحراك كان من الممكن أن يستفيد من مشاركته الفعالة في اللجنة الفنية للحوار الوطني باقتراح مرجعيات وضوابط للحوار مع بقية القوى المدنية الممثلة تعزز من ضمانات حصولهم على مطالبهم المشروعة.
في المقابل، يرى الجنوبيون/الحراكيون أولا :أن الأمم المتحدة لم تهتم بقضيتهم بشكل كاف بدليل أن المبادرة الخليجية لم تشملهم عند توقيعها وأن ذات المبادرة اقتصرت في وجهة نظرهم على كونها مجرد تسوية لفض الاشتباك والمواجهات بين القوى التقليدية المتصارعة في الشمال ودليل ذلك أن الفريق الأممي لم ينشغل بالقضية الجنوبية منذ توقيع المبادرة ولم يقم بزيارة الجنوب إلا مرتين يتيمتين شديدتي القصر لا تكفيان لفهم خصوصية قضيتهم . بل اتهم البعض المبعوث الأممي بقضاء وقت أكبري في الاستماع إلى أراء بعض الجهات الشمالية فيما يتعلق بالجنوب وتلبية دعوات أحد القيادات القبلية ورجل الأعمال حميد الأحمر أكثر من استماعه لرأي الجنوبيين في قضيتهم أو لقاء الجنوبيين.
ثانيا: لا يستطيع معظم الحراك الجنوبي ومكوناته فهم لماذا لا يعترف المجتمع الدولي بقضيته المشروعة في استعادة دولته وكرامته التي استلبتها حرب 94م وما تلاها من قرارات التسريح من الجيش والوظائف العامة والاستيلاء على أراضيه وثرواته، فيساوي بينها وبين قضايا داخلية في الشمال مثل القضية الحوثية وقضية الجعاشن.
ثالثا : يجزم الحراكيون أن هذا الحوار الوطني الشامل محكوم عليه بالفشل مسبقا لعدم حدوث أي تغيير حتى الآن ولو بسيط على أرض الواقع يساهم في بناء الثقة وجبر الضرر والخواطر، مثال ذلك عدم تنفيذ العشرين نقطة التي تقدمت بها لجنة الحوار إلى الرئيس عبدربه هادي . بينما يري القياديون في الحراك أن مسار الحوار يجب أن يكون أولا على قاعدة حوار ندية بين الشمال و الجنوب مع ضمان تنفيذ مخرجات الحوار وتحديد مكان انعقاده والاتفاق على مرجعياته.
رابعا: يشكو الجنوبيون أن التكوينات الشمالية الحقوقية والمدنية طوال السنوات الماضية، لم تتفاعل مع المعاناة الجنوبية ومطالباتهم الحقوقية المشروعة.
إن عرض وتحديد هذين الموقفين ليس الغرض منهما سوى فهم أين يقف الطرفان؟ وكيف يمكن الاشتغال على نقاط الاختلاف والالتفات إلى تحسين الأداء تجاه بعضهما البعض وبالتالي فتح إمكانية للتفاهمات وبداية حوار محدود تمهيدي بين الإطراف المعنية حول القضية الجنوبية.

استخلاصات أولية:
بإيجاز قد يكون مخلا بانفعالي العال بأوجاع ومخاوف الكثير ممن التقيتهم من الحراك الجنوبي الشعبي والقيادي ولا عاكسا لتقديري واحترامي الكبيرين لشخوصهم الوطنية ومطالبهم العادلة ولتحملهم أسئلتي المستفزة والمباشرة والتي هدفت إلى إطلاق شرارة حوار داخلية جادة وعقلانية وإلى تبادل أفكار وإلى التعرف على التحديات التي تئد تطلعاتنا جميعا إلى حياة حرة كريمة وإلى مواطنة متساوية و دولة النظام والقانون والعدل. ومن ثم التوصل إلى رؤى و قرارات تدعمها أسس علمية وبحثية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
حل القضية الجنوبية مسؤولية مشتركة
-بوضوح لا يقبل الشك وبتكرار غير ممل يمكن التأكيد على أن سقف المطالبات الحراكية التي بدأت في 2007م ارتفعت من مطالب حقوقية إلى مطالب سياسية داعية إلى فك الارتباط بسبب الاستمرار في إهمال التعامل مع مطالبها واستمرار الممارسات والتعسفية والقمع والقتل والسجن لأبناء الجنوب في ظل دولة الوحدة هذا بالإضافة إلى إجراءات التسريح والاستغناء فيما يسمى بسخرية لبرامج (خليك بالبيت) وإلى نهب للأراضي والعقارات من قبل شركاء الغنائم والجيش المنتصر بعد حرب 94م. بل عندما طرح المقترح الفيدرالي كحل للقضية الجنوبية في المؤتمر الجنوبي الأول في نهاية عام 2011م لم تلتقطه الدولة حينذاك وارتفع السقف إلى فك ارتباط واستعادة دولة الجنوب لدي القيادات الجنوبية في الخارج بعد أن تحول إلى مزاج عام في الشارع الجنوبي.
وعليه وكما ساهمت معظم القوى السياسية التقليدية في رفع هذا المزاج، فإنها قطعا تتحمل مسؤولية تخفيضه وإعادة شوكة ميزانه للاعتدال دون تلاعب أو مزايدة وعملا لا قولا. فكيف يمكن ذلك ؟ وهي تتبنى حلولا للقضية الجنوبية تتراوح ما بين تجريب الدولة البسيطة التي لم تجرب بشكل صحيح في عهد الرئيس السابق وبين اللامركزية التدريجية. وهي الحلول التي تتباين في أهدافها مع الخيارات الجنوبية السابقة واللاحقة. إن التوصل إلى توافق في شأن القضية الجنوبية سيعكس دون شك جدية هذه الأحزاب في بناء الدولة وفي التغيير بينما عدم التوافق سيؤكد ما يذهب إليه الكثير من أن التغيير الوحيد الحادث بعد ثورة الشباب هو تبادل أدوار لاغير وأن انضمام قوى المعارضة للثورة تلخص في الوصول للسلطة وقد حدث.
إن التعامل العادل مع القضية الجنوبية هو الذي سيفرز أصحاب مشاريع التغيير عن دونهم. كما أن الانتصار لعدالة حل القضية الجنوبية من قبل المجتمع الدولي سيدخل في ميزان حسنات مكافحة التطرف والإرهاب.
وإن ضعف اهتمام المجتمع الدولي بالقضية الجنوبية كما يطرحه الجنوبيون مردة دون شك إلى خلل في أداء كلا الطرفين. فعلى المستوى الجنوبي يتلخص ضعف الأداء في عدم الاصطفاف الذي ينبئ عن اختراق سهل له من قبل ذوي الأجندات الخاصة، وإلى تباين الرؤى والتوجهات وإلى غياب المرونة في اقتراح سيناريوهات مختلفة لمعالجة القضية الجنوبية هذا بالإضافة إلى عدم فهم المزاج الدولي الذي يتسم بقصر النفس في المداولات الطويلة الأجل. كما يتسم الأداء الجنوبي بالضعف بسبب عدم بناءة واستثماره الذكي للعلاقات الدولية مع عدم الدراسة الكافية للقرارات و الخيارات الجنوبية التي تفتقر أحيانا إلى سند قانونيا أو منطقي. أما على المستوى الدولي فيتلخص ضعف الأداء في قلة الانسجام والتعاون بين أغلب دول مجموعة العشر وبين المبعوث الأممي جمال بن عمر فيما يعتبره البعض محاولة استفراد بن عمر بملف التسوية اليمنية المتشعب القضايا ومن أهمها القضية الجنوبية. ويأتي هذا الاستئثار رغم ضعف إمكانية مكتبه في صنعاء من حيث قلة عدد العاملين والمتخصصين فيه لتلبية احتياجات الأطراف المعنية للتواصل وباستمرار. هذا بالإضافة إلى عدم تعيين موظف دولي رفيع المستوى مقيم في صنعاء يستطيع اتخاذ القرار في غياب المبعوث الأممي. مما لا شك فيه أن عدم تنسيق واستفادة جمال بن عمر تحت مظلة الأمم المتحدة من المعاهد والمؤسسات الأوروبية المعنية بالحوار المتواجدة في اليمن مثل مؤسستي برجهوف و فريدريش ايبرت الالمانيتين تحرم الأطراف المعنية في اليمن خاصة في الجنوب من فرصة تكثيف و تفصيل التواصل والإعداد لحوار محلي ومن ثم حوار أوسع. كما أن عدم الاستفادة القصوى من مخرجات زيارات سفراء ودبلوماسيي الدول العشر للجنوب ولقاءاتهم مع الجنوبيين في صنعاء وعدن أو في الخارج يستدعي إنشاء آلية تنسيقية بين الجهتين تحفظ لكل طرف مجهوده واجتهاداته في الشأن الجنوبي ولكنها في النهاية تصب في مصلحة السعي من أجل حلها.
-من الأمور الإيجابية التي يمكن الإشارة إليها والإشادة المعتدلة بها هي أن استدراك مبعوث الأمين العام ولو المتأخر لقصور تواصله مع القيادات الجنوبية في الخارج في القاهرة مع القيادات الجنوبية في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر قد أثمر بيانا صادرا عن القادة الجنوبيين المتواجدين في القاهرة (باعوم، العطاس،والجفري) في 17 نوفمبر 2012 مختلفا في مضمونة وإشاراته وكانوا أكثر مرونة برسائلهم السابقة للأمين العام و مبعوثة، مما يعني أن ضمانة الاعتراف بوجود القضية الجنوبية والتعرف عليها من قياداتها في الخارج مباشرة من قبل المبعوث الأممي لهو سبيل من السبل ربما الناجعة في تلطمين الجنوبيين وتهدئة مخاوفهم من المشاركة في الحوار الوطني . كما أن هناك إشارة إيجابية أخرى تمثلت في تمثيل 50% من الجنوبيين في أغلب مكونات الحوار الثمانية وفي لجنة التوفيق بالإضافة إلى تخصيص 85 مقعدا لهم على طاولة الحوار. أما كيف يمكن أن يستثمر الجنوبيون هذه الاستفتاحات للحصول على المزيد من المكاسب عائد لحنكة القيادات الشعبية للحراك والقيادات التاريخية الجنوبية ومدى تأثيرها على المشهد الحراكي العام.
-لاشك أن انسلاخ الحراكيين من الثورة الشبابية الشعبية التي انخرطوا فيها في أسابيعها الأولى قد باعد بين الإمكانية المثيرة لالتحامهم بالقوى المستقلة والمدنية للثورة في تعز وصنعاء التي انتفضت من أجل كرامتها التي أهدرت من قبل نفس القوى المتنفذة العصبوية المالكة للسلطة والثروة التي عاثت في ارض الجنوب والشمال فسادا. فماذا لو استمر الجنوبيون في التحامهم بالثورة ؟ هل كانت ستكون نتائجها مختلفة؟ هل كانوا سيقوون الاتجاه المدني ويقودون الحراك الثوري الشامل ليكون رقما من الصعب تجاهله على طاولة المفاوضات؟ احتمال ربما كان وارد ولكن المؤكد أن هذا الانسلاخ كان إيذانا بانسلاخ الأوجاع والمعاناة الجنوبية عن أوجاع وانتهاكات أبناء التهائم واليمن الأسفل بل معاناة بعض جهات وأبناء المحافظات الشمالية وصعدة.
هذا الفصل في المعاناة أرسل رسائل مربكة إلى بقية الأرجاء اليمنية مفادها أن أضرار وأوجاع الجنوب أكبر وأكثر تميزا من أضرار وانتهاكات مواطني بقية اليمن لذا سينصب تعاطف الجنوبيين مع أنفسهم لكنهم في المقابل يشكون من عدم تعاطف أبناء و بنات الشمال معهم . بينما المتداول انه حتى يشعر بك الآخرون لابد أن تشعر أنت بهم وهنا يحدث التعاطف المشترك والوقوف مع بعض في مواجهة الظلم والقهر.
-أن أي موقف أو قرار يستوجب أن يسبقه ويسانده فهم للمناخ الدولي الذي لن يستمر اهتمام باليمن لفترة طويلة مما يستدعي الجنوبيين إلى اقتناص هذه الفرصة التي لن تتكرر مرة أخرى في القريب العاجل أو المتوسط من أجل تحقيق مكاسب مرحلية لقضيتهم. كما أن اتخاذ قرارات إستراتيجية أو تكتيكية يجب أن تسبقها عملية جمع معلومات ودراسات وبحوث سريعة من أجل الوصول إلى رؤى و خطط و سيناريوهات تتناسب والمرحلة . ولابأس من رفع سقف المطالب كتكتيك للحصول على أفضل المكاسب لشعب الجنوب والذي ستنسحب فوائده على كافة الشعب اليمني ولكن من العبث رفع السقف دون دراسة لإمكانية حدوثه بعد تعبئة عاطفية للجمهور الجنوبي مما سيشعره بالإحباط وربما يدفعه إلى اللجوء للعنف حين ما لا يتحقق هذا السقف لذا يجب وضع كل الخيارات والاحتمالات أمام ناظري الحراك الشعبي.
وختام هذه الاستخلاصات التي يجب أن يتم التفكير فيها بشكل عقلاني و بصوت عال وجمعي ودون حساسية مفرطة، هي أن الحنين (نستولجيا) لاستعادة دولة الجنوب حرفيا كما كانت ستواجه بتحديات عدة منها أنها لا يمكن أن تعود كما كانت لعدة أسباب منها عدم إمكانية عودة القيادات الجنوبية السابقة للحكم بسبب إرثها الصراعي والمنعكس حاليا على الحراك هذا بالإضافة إلى رفض الحراكيين الشباب لعودتها مع احترامهم لهم كرموز وطنية.
أما التحدي الثاني فيبرز في عدم وجود حوامل جديدة من القيادات الجديدة والمتمكنة لإداراتها حتى الآن مع إدراكنا أن الأداء السياسي للنظام السابق والأحزاب السياسية قاوم صعود صفوف ثانية و ثالثة من القيادات السياسية المجيدة للعمل العام والإدارة لتصبح مشكلة تعاني اليمن كلها وليس فقط الجنوب. التحدي الثالث يتمثل في ظهور وتأصل متغيرات في البنية الفكرية والسياسية وبالتالي الثقافية في الجنوب تمثلت في انخراط أبنائه في الأحزاب السياسية الوافدة إلية مثل حزب الإصلاح والمؤتمر وتيارات أخرى هذا بالإضافة إلى ارتباط مصالح تجارية واستثمارية جنوبية و شمالية مما يضيف بعد جديدا لطبيعة المتغيرات في الجنوب والمتمثل في المصالح المشتركة و المشتبكة مع الشمال . لاشك أن أي دراسة موضوعية لاستعادة دولة الجنوب ستظهر هذه المتغيرات بالإضافة إلى ما تم ذكره في بداية هذه الورقة من أن المجتمع الدولي والإقليمي غير مؤيد لتوجه استعادة دولة الجنوب من خلال فك الارتباط. أخيرا إن الانفصال ربما لن يخلص الجنوب من عصبوية استغلال السلطة والثروة في الشمال مالم يشتبك ويلتحم مع القوى المدنية الأخرى في أنحاء اليمن لتفكيك هذا المركز المقدس وإلا سيستمر النزاع في هذه الحالة على مستوى الدولتين في الجنوب وفي الشمال.
أفكار أولية في محاولة حل القضية الجنوبية
-استثمار الإشارات الإيجابية المتبادلة السالفة الذكر بين المبعوث الأممي و الجنوبيين من أجل تطوير التواصل والتعامل الجاد مع القضية الجنوبية من قبل المبعوث الأممي وتحسين الأداء بالمزيد من الاصطفاف ودراسة القرارات والمواقف من قبل القيادات الجنوبية ويكون ذلك من خلال آلية محددة تتفق عليها الجهتان.

-سرعة البدء في تنفيذ النقاط العشرين الممهدة للحوار وخاصة ما هو متعلق بالجنوب لإثبات حسن نوايا الحكومة الانتقالية وعلى رأسها الرئيس هادي ومنعا لأي تفسيرات وتحليلات تؤدي إلى تكريس التمزق في النسيج الجنوبي . ولاباس أن يتم التنفيذ على مراحل ومن خلال وضع آليات قابلة للتنفيذ و تشكيل لجان جديدة على أن تستفيد من العمل التراكمي للجان السابقة.
تشكيل مجموعة عمل محترفة ومشهود لها بعدم الانتماءات المحدودة من أجل دراسة وإدارة مخاطر تنفيذ النقاط العشرين (خاصة تلك المتعلقة بالجنوب) المحتملة على رئيس الجمهورية من قبل بعض مراكز القوى المؤثرة والمعارضة لتنفيذ هذه النقاط المتمثلة في قوى متنفذة عسكرية وشركاء المغانم.و لابأس من البدء بتنفيذ النقاط المعنية بتعويض قتلى الجنوب ومشافاة جرحاهم وهي الأقل مواجهة واعتراضا. ومن المهم هنا الإشارة إلى ما يقترحه البعض (ولا أدري إذا كان من الممكن تنفيذه) من إمكانية استصدار قرارات أممية بشأن النقاط العشرين من اجل رفع الضغوط عن الرئيس هادي وتمكنه من تمهيد الأجواء من أجل مشاركة جنوبية حقيقية في الحوار.
-دعم ومساندة الحوارات الجنوبية الجنوبية وجهود الاصطفاف الجنوبي من قبل الأمم المتحدة أو من خلال برامج دعم الحوار الوطني التي تمولها دول أوروبية مثل الاتحاد الأوروبي وألمانيا.ويتمثل هذا الدعم في توفير الدراسات والخبرات والأدلة للمؤتمرين وفتح الخيارات أمامهم للاختيار الواقعي الأصوب في ما له علاقة ببناء الدولة من حيث الشكل والنظام. ومن خلال مراجعة نتائج المؤتمرات الجنوبية السابقة كمؤتمر الجنوبي في القاهرة أواخر عام 2011م ودعم و متابعة وتقييم نتائج مؤتمرين قادمين للحوار الوطني سيقاما في عدن ، أحدهما ينسق له القيادي الجنوبي البارز محمد علي أحمد لينعقد ربما في 9-11 من شهر ديسمبر ومازال طور التحضير الأولى. هذه الحوارات يجب أن تسبقها القرارات الجمهورية منفذة وممهدة لهذا المستوى من الحوار.
-تعريف الحراك الجنوبي الشعبي بكل مجموعاتة و تكتلاتة باليات الحوار وانظمتة ولوائحة التي انجزتها اللجنة الفنية للحوار مع الاشارة الى مكامن ونقاط القوة والضعف فية بالنسبة لهم كقوة عددية (85 حراك )(50% تمثيل جنوبي في اغلب المكونات) حتى يتمكنوا من التفكير خارج القفص وفي تخطيط تحالفاتهم المستقبلية واعداد سيناريوهات خاصة بهم.
-سرعة إيجاد آلية تنسيق عالية المستوى بين مكتب الأمم المتحدة والمعني بتنفيذ المبادرة الخليجية الذي يرأسه جمال بن عمر ومجموعة الدول العشر الراعية للمبادرة بين المكتب الأممي في صنعاء وبين البرامج الداعمة للحوار التي يمولها الاتحاد الأوروبي وألمانيا في ما يتعلق بالقضية الجنوبية.
إجراء تفاهمات سريعة بصدد:
-تحديد مكان الحوار عن طريق تفاهمات تتم بين الجنوبيين ومؤسسة الرئاسة بالنظر إلى الوضع الأمني غير المستقر في العاصمة صنعاء و ترك الخيارات مفتوحة لاختيار أنسب الأماكن الآمنة.
-وقف التحريض من قبل المؤسسات الصحفية والقنوات الفضائية العامة والخاصة مع ضرورة الدعوة لتحري الدقة والمهنية في نقل الأخبار عن طريق تفاهمات أو مواثيق شرف تساعد في إعدادها نقابة الصحفيين اليمنيين ووزارة الإعلام مع إحدى الجهات الداعمة.
في الختام على كل القوى الشبابية والمدنية الصاعدة أن تتفاعل مع القضايا المصيرية وأن تقف إلى صف مشروع التغيير في بناء الدولة من خلال الدراسة الجادة للأطروحات السياسية المتباينة بصدد القضية الجنوبية والانتصار للأطروحة التي تحمي تطلعاتهم وتبني وطنهم.
جميلة علي رجاء
2/12/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.