لم يكونوا مغتربين وليس لهم من الاسم سوى نسبه إلى الاغتراب أما الاغتراب نفسه فمنال عزيز عليهم فلغربتهم قصص مختلفة، إذ المغترب ذلك الذي يبحث عن فرص أخرى خارج موطنه وله في البقاء خيار، لم يكونوا مخيرين بل منفيين قصرا من أرض من المفترض أن تكون وطنهم إلى أرض من المأمول أن تكون ملجأ لهم، وبين الأرضيين قوافل مشردة وإنسانية منتهكة. الوطن، الأخوة، الجوار، مصطلحات تحولت إلى معزوفة ناشزة اغتربت هي الأخرى عن معانيها فما منها سوى بقايا في حناجر بحت نشيجا وعويلا. منفيون بسياط نظرات صغارهم المنكسرة والأفواه الجائعة المطالبة بلقمة العيش حين عزت في ما يسمى الوطن، منفيون طلبا لفرصة انعدمت بين الهوية والعلم وفي نغم النشيد ( أنت عهد عالق في كل ذمة) وفي ( الكل ) نظر، فمن الذمم من هي بمعزل عن العهد والوفاء ف(رددي أيتها الدنيا نشيدي). منفيون وقابعون في دهاليز حمى (ترمومترها ) مثبت في أفواه الساسة فهم ضحايا النفط والكلام. نستعيد! نستعيد! ماذا نستعيد؟ المواطن أم الوطن؟ الإنسان أم الأرض؟ لا تسرفوا في المقال فلهم مع التصريحات تجربة مريرة وافعلوا شيئا لهؤلاء غير العويل والاستعراض وإلا فنحن أمام طوفان آخر لا يبقي ولا يذر. لفتة: ينبغي على الإخوة أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أن يقتصدوا في تصريحاتهم وخطبهم تجاه أشقائنا في دول الجوار خاصة بشان أزمة المغتربين اليمنيين في الجارة السعودية؛ لأن مؤتمر الحوار هيئة معتبرة وكذلك أعضائه وما من فائدة في الخطابات الحماسية في هذا الموضوع سوى مزيد من التوتر والأزمة، والكلام الدبلوماسي الموضوعي يسهم في حل المشكلة ويساعد على تجاوزها.