هناك في زاوية مجهولة من اقاصي محافظة المحويت ,مديرية اسمها ملحان,سكانها الاكثر بين سائر المديريات,يحضر فيها كل شيئ يخطر في بالك,معاناة وقسوة,فقط الغائب هناك هو الدولة بكل معانيها وصورها. لاصوت يعلو هناك فوق صوت( الشيخ),كل شيئ يتبع هذا الشيخ,فإلى جانب الأرض التي يملكها مقاسمة مع عدد من مشائخ المقاطعات الأخرى في نفس المديرية,فهو يمتلك الطريق ان وجدت,والمدرسة التي بناها البنك الدولي,والوحدة الصحية ان بنتها جمعية خيرية,عضوية البرلمان والمجلس المحلي ليست الا من نصيبهم وحكرا عليهم,وكم كانت مغامرة احدى بنات هذه المديرية وتدعى محفوظة السعفاف وتسكن خارج المديرية,حين قررت منافسة العضو الأبدي لهذه المديرية في آخر انتخابات برلمانية وتحملت ما تحملته نتيجة لقرارها الشجاع هذا. كل ابناء هذه المديرية يكاد يتفقون على ان المتسبب في شقائهم بسيطرة اولئك على تفاصيل حياتهم هو النظام السابق بما قدمه من دعم وتشجيع لهم وتمكينهم من تعزيز سيطرتهم عن طريق استحواذهم على مقاعد المديرية في البرلمان والمجالس المحلية وجعل المنافسة معهم اشبه بالأمر المستحيل,فالمركز الأنتخابي ملكا للشيخ أو قل اكثر من مركز انتخابي يتقاسمونها فيما بينهم كتقاسمهم لأراضي ملحان. ولن تصدق حين تكتشف ان مركزا انتخابيا يبلغ عدد ناخبيه اكثر من ثمانية آلاف ناخب فيما لا يتجاوز عدد سكانه ثمانية آلاف نسمة,ومن القصص التي تروى عن عملية التسجيل هناك ان الشيخ يقوم في اول يوم تصل فيه اللجان المكلفة بأجراء عملية القيد والتسجيل باستقبالهم وضيافتهم وفي صباح اليوم التالي يخيرهم بين أخذهم لمستحقاتهم المالية بعد ان يسألهم كم سيدفعون لكم؟ليقوم بدفع المبلغ لهم منه شخصيا ويودعهم السلامة وفي حال رفضهم فهو الخيار اآخر الذي لاشك سيكون صعبا ومرا,وما عليهم حينها الا ان يتسلموا تلك المستحقات ويعودوا من حيث أتوا ليقوم الشيخ بنفسه بأجراء عملية القيد والتسجيل وبطريقته الخاصة. والأمر يجري نفسه اليوم مع لجان الإمتحانات حيث تؤكد المصادر أن مراكز امتحانية تم اقتحامها وأنه يجري حل اسئلة الامتحانات على السبورة عن طريق مدرسين تدفع لهم مبالغ مالية تفرض على الطلاب المتقدمين لتلك الامتحانات,ومن الجدير ذكره في هذا السياق ان اي مدير للتربية يأتي للمديرية لا بد ان يكون خاضعا لتوجيهات اولئك النافذين والا فأنه لن يستقر له قرار. هذه الحوادث وغيرها ليست مجرد قصص يرويها عدد من ابناء المديرية,بل انها موثقة في تقارير عدد من اللجان التي زارت المديرية سواء كانت هذه اللجان حزبية اومستقلة. بالتأكيد أن الأوضاع المأساوية التي تعيشها هذه المديرية ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة,كانت نتيجة حتمية لممارسة النظام السابق وجزء من السياسة التي كان يتبعها مع سائر مديريات الجمهورية لضمان وجود شيخ مسيطر واتباع ليس في وسعهم الا ان يكونوا اصوات انتخابية عند اللزوم. اخيرا ونتيجة لذلك فأن هذه المديرية من الناحية الخدمية لا ترقى الى المستوى الذي يستحق ذكره,ويكفي ان تعرف ان الطاقم الأداري للمديرية من مدير المديرية الى قيادة المجلس المحلي وبقية الادارات لا يداومون داخل المديرية وانما في مدينة باجل في محافظة الحديدة بسبب انعدام البنية التحتية,كما ان المديرية لا يوجد بها اي مشروع للماء او الكهرباء او خط تلفون او منشأة صحية,