من الأمور الملفتة للنظر ؛ أنه وبرغم إنتشار التعليم في كثير من بلدان العالم الإسلامي ، واتساع نطاق الصحوة الإسلامية ، وتقلص مساحة الإعجاب بالعلمانية وتفرعاتها المتعددة الألوان والأشكال ؛ فلا يزال هناك عدداً محدوداً يصر على قناعاته بأنه لادين في السياسة ، ولاسياسة في الدين ..! قد يبدو الأمر _عند البعض _ مثيرا للضحك أحيانا ، ويدعو للشفقة أحيانا أخرى ؛ الاَّ أني أعزو مثل هذه القناعة لدى هذا العدد المحدود الى جهل كامل بالإسلام ، أو إلى عدم استكمال البحث والدراسة في هذا الموضوع ..! لقد أُقصي الإسلام عن السياسة منذ اليوم الأول الذي أُسقطت فيه الخلافة الإسلامية في منتصف الحقبة الثالثه من القرن العشرين نتيجة عوامل كثيرة يرجع بعضها الى المسلمين أنفسهم ، وبعضها الآخر يرجع الى خارج حدودهم ..! وكان لهذا الإقصاء أثره وانعكاساته السلبية على وعي أجيال من المسلمين لم يَعُدْ يروا تطبيقا للإسلام في حياة المسلمين الاَّ في أمور الزواج والطلاق ، وفي توزيع المواريث ومراسم الدفن وتشييع الجنائز ...! لقد غُيِّب الإسلام عن حياة الناس عمداً وعن سبق إصرار ، وإذا قُدِّم قُدِّم كخادم لعائلة أو قبيلة ، أو حارس لطاغية أو مستبد أو عابث بمقدَّرات الأمة وإمكاناتها ، وبائع لشرفها وكرامتها ، وحصروا قدرتها على الحركة في انتظار المنقذ الأسطوري الذي ينهض بها والذي نعتوه بصفات وقدرات لم يحضى بها رسول الله _صلى الله عليه وسلم ..! ولذلك وُجد حشد ضخم من الكسالى والخاملين الذين ينتظرون العزة والنصر على قارعة التاريخ وهم فاغري أفواههم وأفئدتهم هواء ..! إن عدم الوعي _عند البعض _بحقائق الاسلام وشموليته، كان _ولايزال_ من أهم العوامل التي أضعفت الأمة من داخلها ، وتسببت في إذلالها من خارجها ..! إن الذين يصرِّون على إزاحة الإسلام عن إدارة شئون حياتهم ولايعقلون أنهم بذلك يصيغون جيلاً سلبيا إنهزاميا خائراً واهماً بعيداً عن حقائق الحياة واعبائها ومتطلباتها ، وتاركا الدنيا للمفسدين في الأرض يعيثون فيها فسادا ..!! *صفحته في الفيس بوك