نربأ بآل بيت رسول الله أن ينتقص أحد من شرف التزامهم بأمر الله في السعي على الرزق الحلال مثل بقية المؤمنين الذين كلفهم الله سبحانه بالسعي في مثل قوله تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} وقوله عز من قائل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} ومن آمن بهذا وتشرف بالانتساب إلى النبي الموحى عليه هذه الأوامر الملزمة يستحيل أن يبقى منتظرا ما تجود به عليه الدولة أو المحسنون من فتات.. وبغض النظر عن الفتوى المنسوبة لفلان أو علان.. فإن الحديث عن أناس ينالون نصيبا من الثروة دون جهد يبذلونه مخالف لكل شرائع السماء والأرض.. ذلك أن واحدة من الكليات التي جاء الإسلام ليحافظ عليها هي المال.. وإن إهداره بهذه الطريقة بحيث يسلم لأناس عاطلين عن العمل ويكدس في أرصدتهم بينما بقية عيال الله جياع وعرايا يعد إهدارا بالغا للمال في غير الوظيفة التي شرعها الله له.. ثم إنه يخالف قاعدة الإسلام في تفتيت المال: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} وأي غنى فاحش يمكن أن ينتج من إعطاء أناس محدودين خمس الخمس مهما عظمت الثروة.. ومن المعلوم تاريخيا من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار أن معظم آل البيت كانوا يعيشون كفافا.. فلو أن هذا الحكم أعمله الصحابة والتابعون على الشاكلة التي يتحدث بها العوام ومن يستنبطون الأحكام دون روية أو بصر بفقه المآلات لكان آل البيت أثرى أثرياء الصحابة والتعابعين.. لكنهم لم يكونوا كذلك على الإطلاق.. أضف إلى كل ما سبق فإن تصوير آل البيت وكأنهم عالة لا يقدرون على الكسب هي صورة مزرية بهم أكثر مما يظن البعض أن فيها تكريما لهم.. إذ لا يتطلع إلى ما بأيدي الناس إلا خامل الذهن بليد الإحساس عاطل عن الملكات والمواهب.. ونحن نربأ بمن ينتسبون إلى خير خلق الله الذي قال: "منْ باتَ كالًّا منْ طلبِ الحلالِ باتَ مغفورًا لهُ" (صححه السيوطي) أن يوصفوا بمثل هذه الصفات الذميمة من التطلع إلى ما بأيدي الخلق وعدم السعي في مناكب الأرض لطلب الرزق الحلال والإنفاق على النفس والأهل منه.. ثم إن ثالثة الأثافي كما يقولون هو أن هذا التصور الخاطئ غير المرتكز على فقه رباني يحرم آل البيت من شرف الإنفاق مما يكسبون بعرق جبينهم.. بل يجعل أعناقهم مشرئبة لما في أيدي الصالح والطالح لينفق عليهم وعلى عيالهم.. وكفى بهذا سبة ومذمة.. معاذ الله أن يطلب هذا لنفسه سيد شريف النسب عفيف النفس ينتسب إلى من مات ودرعه مرهونة عند يهودي؛ مما يجد من الخصاصة، وقد كانت بين يديه الدنيا لو أراد.. صلى الله عليه وسلم.