وكأني بالشمس تحكي كسوف الربيع العربي ! ، وكأني بها تحاول الارتفاع نقية صافية ويحاول حجبها الأقزام بغربال ! فهذه أول مرة تغرب شمس آخر يوم من السنة الهجرية كاسفة آسفة ! فهي شمس ناقصة ! وحرية مُصَادرة ! وشهيد مسلوب ! وقاتل طليق ! في أمل وألم يجتمعان في قرصٍ يحاكي الواقع المشهود عياناً بياناً ! وبعد يوم من ظهور هذا القرص ذي الوجهين، تشرق أخرى في اليوم التالي 1 / 1 / 1435 ه و يُقدّم فيها الدكتور محمد مرسي للمحاكمة الآثمة الظالمة ! كثير من الفقهاء والدعاء يتكلمون أن الشمس والقمر ينكسفان بإرادة الله إذا أكثر الناس من الذنوب والمعاصي فهي آيات تخويف من الله سبحانه للتذكير بالعودة والرجوع إليه ! وما تجرأ فقيه واحد أن يذكر الإجرام في حق الأمة جميعاً ، بسرقة إرادتها ومحاكمة قيادتها التي اختارتها طائعة راضية. فليس للأمة أن تشرق شمسها ساطعة كاملة وما زال الظالمون ساهرون من الليل حتى ساعة متأخرة من الصباح يعدّون العدّة ! إن الاستهانة بكرامة الشعوب وإرادتها منكر أي منكر ، وأي منكر أعظم من أن تُحكم الأمة جبراً، وتساق للموت والمعتقلات كالقطعان ، وليس لها بعد ذلك حتى في قولة : لا ! بمجرد أنها أعلنت من المحيط إلى الخليج أنها تريد : حرية – حقوق – شريعة – إصلاح .....إلخ وإن الوقوف تجاه المنكر الأكبر المتمثل في محاولة اغتيال الربيع العربي من التحالف الصهيوأمريكي الخليجي الرافضي هو واجب الوقت على كل مسلم. والسكوت أو التراخي تجاه سلب إرادة الملايين خيانة تستحق الغضب الربّاني وهذا ما نفهمه من سنن الله الكونية- وما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة - ، والتوبة هنا هي توبة الحرية وعدم الخنوع للظالمين ، والقول كما كان يعجب الفاروق عمر من الرجل أن يقول بملء فيه للظلم : لاااااا . وهذه توبة من توبات ، ووقفة من وقفات ، وإن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن . ورصّ صفوف الأحرار لقلع جثامين الاستبداد وأوتادهم مطلب لكل حرّ فكيف بمسلم ! إن الأمة تُغتال اليوم بمحاكمة مرسي لأنها رفعت رأسها وأبت الركوع لبقايا الاستبداد .. كما حوكمت غزّة العزّة وعُزلت لأنها اختارت حماس رمز المقاومة للصهاينة، وكما حوكم صدام بالإعدام في عيد الأضحى لأنه رفض هيمنة بوش الأرعن.. ولعلّ في زيارة جون كيري لوزير خارجية طغمة الانقلاب بالأمس هو اعتراف حقير وضوء أخضر للانقلابيين باغتيال الأمة عبر اغتيال مرسي بأي وسيلة فيما بعد لتشتيت الأوراق-لاسمح الله- والله العالم والحافظ وحده ، كما اغتيل صدام حسين-رحمه الله- من قبل . لتثبت أمريكا العفنة أنها لم ولن تكون أهلا للثقة يوما ما في الانحياز لإرادة الشعوب ، بل هي التي تعاقب الأمة بأجمعها الآن ، لأنها رفضت التبعية لها كباقي أذنابها المأجورين من العرب المُستغربَة! وكأني بهم يصيحون في وجوهنا : يا قومُ لا تتكلموا ........... إن الكلامَ محَرّمُ ناموا ولا تستيقظوا ......... ما فاز إلا النوّم لا يستحق كرامةً ............. إلا الأصمُّ الأبكم فارضَوا بحكم الدهر ....... مهما كان فيه تحكّم
إن قيل هذا شهدُكم .............. مرٌّ فقولوا علقم أو قيل إن نهاركم ............. ليلٌ فقولوا مظلم فتحمّدوا وتشكّروا ............. وترنّحوا وترنموا
إنهم يحاكمونا على حريتنا ، وفي يد كل دجّال منهم نارٌ العقوبة التي هي جنتنا ، فيقتحم الحرّ تلو الحرّ ويسقط الشهداء ، وبين استرخاص قطرة الدم واستمرار صلاة الكسوف ورصّ الصفوف والرجوع إلى الله مغيث الملهوف توهب الحياة وتتحق الآمال المُبتغاة . ولتعلمنّ نباه بعد حين .