هكذا وبلا مقدمات ودون خوف من كشف المستور – على الأقل فيما يخص تحالفهما بشأن العرق – لم تعد أمريكا في نظر إيران الشيطان الأكبر, وإنما هي في طريقها لتصبح الحليف الأكبر, بل السيد المطاع, فإن إيران على لسان رئيسها تعلن بل تعرض استعدادها لأن تلعب دور شرطي المنطقة لحساب واشنطن, أو على الأقل أحد شرطها, فهي تراعي جيدا حساسية الكيان الصهيوني من أن ينافسه أحد في الحظوة والمنزلة لدى الإدارة الأمريكية. ما يهمنا هو أن إيران لم تتحرج من اسقاط الأقنعة ( الثورية جدا), وتعرض في الحال خدماتها جهارا نهارا لمن كانت تسميه الشيطان الأكبر, سعيا لكي تصبح واشنطن الحليف الأكبر, وهذا هو واقع وحقيقة أذناب إيران وأذيالها في المنطقة العربية وأينما كان لها أذناب. هذا على كل حال أمر يخص السياسة الإيرانية التي تدير سياستها وفق مصالحها, وهذه النقلة النوعية (الظاهرة) للسياسة الإيرانية, تجعلنا نتساءل كيف أن إيران من أجل مصالحها لم تجد حرجا, ليس فقط في إقامة علاقة مع واشنطن, بل إنها تعرض خدماتها للإدارة الأمريكية. فيما النظام الرسمي العربي يتأبى أن يقيم علاقة طبيعية مع مواطنيه في العالم العربي حيث ما تزال الانظمة تنظر إلى الشعوب بعين الريبة والشك والحذر, إن لم نقل الخصومة والعداء. أليس المطلب الملح اليوم الذي يتقدم كل الأولويات هو أن تتعامل الأنظمة الحاكمة في عالمنا العربي مع الشعوب بشكل آخر يقوم على الشراكة الوطنية وأساس المواطنة الكاملة من أجل أن تنطلق قدرات ومقدرات الشعوب لإخراج الوطن العربي من عجزه وتخلفه وألا ترهن هذه الانظمة حاضرها ومستقبلها في سلة الخارج فقط . فها هو ذا الغرب يخطو خطوات تقارب وربما تحالف مع إيران على حساب السياسة العربية الرسمية الحمقاء. أن على النظام العربي الرسمي أن يتصالح مع شعبه, فالشعوب هي الباقية والثابتة على عهودها, والخارج متغير ومتنكر لصداقاته تبعا لمصالحه المتغيرة. فهل يعي النظام العربي الرسمي ما ينبغي أن يكون عليه؟ أم سيظل ينظر الى الشعب العربي بعين الريبة والشك!