عندما تفجع الشعوب بأبنائها الطيبين تلمع لوامع النور من بين أكوام الفجيعة.. تضئ الطريق وتُرى نهاية النفق وحقيقة النصر خاصة عندما يكون هولا المغيبون بالغدر والاغتيال من حملة غصن الزيتون ومن المسلحين بحب الناس والحرص على المجتمع وسلامته... كان الأستاذ الشهيد صادق منصور جزءا من تركيبة تعز الثورة والتغير.. تعز الوئام والانسجام وقوة السلم التي ظهرت بقوة وجنبت تعز ويلات الحروب وهو ما أزعج أعداءها الذين يحاولون جرحها بأي وسيلة كانت ... صادق منصور من العظماء الذين يرتدون ثوب البساطة في كل أحواله التي لا تعرف الاستعراض ولا الوجل ولا المرافقين.. شخصية تُعرف بالمثابرة والتفاني والبعد عن الأضواء والضجيج ... لا تعرف اليأس ولا التوقف.. يصول ويجول بين مكونات وأحزاب تعز وقواها والمسئولين المحليين من كل الأطياف من أجل جمع كلمة أبناء تعز، و كان من أهم من عملوا لتجنيب تعز الفتنة الأخيرة وكان يعتبر ذلك مشروعه الوطني وهو كذلك. لقد استهدفوا السلم والسلام والتوافق الايجابي باغتيالهم الأستاذ صادق منصور بتلك العملية القذرة التي أودت بحياته الثلاثاء الماضي وفجعت معها تعز بإنسانها وأطيافها وسهلها وجبالها, لقد شعر الجميع أن الطعنة وجهت للوفاق بغية خلط الأوراق وإحداث ثقب في جدار تعز التي صاحت بكلمة واحدة نحن مجتمع واحد ومع اختلافنا نسيج واحد ... وبهذه الكلمة تفردت تعز وكان الشهيد من الكوكبة القيادية مع قيادة الأحزاب والسلطة المحلية حيث كان شعارهم كلنا تعز ومن هنا من تعز الواحدة السلمية ننطلق إلى اليمن الأمن كنموذج للتعايش والحرص على روابط الدم والوطن ووشائج القربى والماء والعيش والملح.. هذا أول اغتيال سياسي لقيادة سياسية بهذا الحجم في تعز، فتعز لم تعرف الاغتيالات السياسية ولا الثارات حتى في أوج القلاقل والمحن, فالغدر لا مكان له، والعنف لا مستقر له في هذه المحافظة التي تتحارب عندما تتحارب بالكلمات، وتتعانق عند الملمات، وتنام وعينها على سلامة اليمن ... هناك اغتيالات هي اقل من أصابع اليد الواحدة في تعز منذ عقود، إن لم تخني الذاكرة، فهذا الاغتيال الثالث بعد اغتيال الشهيديين محمد على عثمان واحمد سيف الشرجبي في سبعينات القرن الماضي ....الاغتيال اختار تعز المكان وصادق منصور الشخصية والتوقيت من اجل خلط الأوراق في اليمن من تعز هذه المرة بعد ما فشلت كل الأوراق لجر تعز إلى مربع الحرب الأهلية ونجحت بكل أطيافها في التصدي لكل تداعيات ما يجري من مؤامرة على اليمن وسلمها الاجتماعي .... باعتقادي أن القتلة الذين سيكشفون قريبا وسينالون عقابهم سيفشلون فشلا ذريعا في تحقيق أهداف الجريمة وعلى أبناء تعز أن يشدوا من العزم والالتحام ويتلقوا الرسالة جيدا، فهي رسالة سودا تستهدف المحافظة وخطها السلمي وتماسكها المتفرد، وانتقاما من هذه المحافظة المحورية وأبنائها التي قتلتهم بالوحدة والاتفاق على حماية أبجديات السلم، فاستعصوا على الانزلاق في بحر الدماء والفتنة لتبقى وكأنها تحتفظ بنواة الدولة وأمانة الحفاظ على روح الأخوة.. قبل أيام و في لقاء ضم المحافظ وقيادة السلطة المحلية والسياسية والأمنية في المحافظة كان الشهيد صادق منصور يصرخ: مستعدون أن نتخلى عن كل شيء خاص، ونضع كل الانتماءات الصغيرة تحت أقدامنا، من أجل الحفاظ على أمن المحافظة ونسيجها، لأن ذلك حفاظ لكل الوطن وما بقى من أمل الناس. إن استهداف الشهيد صادق منصور في هذا التوقيت هي محاولة قذرة لاغتيال ما تبقى من أمل الناس في هذه المحافظة وفي اليمن عموما ... الشهداء هم مشاعل لتجديد عزم الشعوب ومشاعل ضوء، عندما تتراكم ظلمات وحقارة أعداء الأوطان.