اجتماع الصالة الرياضية بصنعاء، الذي سمي بالمؤتمر الوطني الموسع، مما قيل فيه أن على المسروق أن يستعيد ما سرق منه خلال ثلاثة أيام وإلا...! هذا المنطق المقلوب يقول: إن المسروق هو من يتحمل المسؤولية وعليه يقع اللوم. كانت هناك دولة، وكانت هناك حكومة ومؤسسات نعلم جميعاً أنها كانت تعاني من ضعف وقصور، وعلى الجميع العمل لبث الروح فيها وتفعيل دور مؤسساتها، فصودرت الدولة والحكومة، ونُهبت المؤسسات والمرافق، بما في ذلك ما كان يبقيه النهّاب الأول من المقدار الذي يسد الرمق. وبدلاً من أن يراجع النهاب الجديد المعتدي على الدولة ومؤسساتها موقفه وموبقاته، ويسحب مليشياته إذ به يلقي باللائمة على المنهوبين .. وإلا...! وهذا الموقف المضحك المبكي -وشر البلية ما يضحك- الذي خرجت به الصالة الرياضية، أمر يثير السخرية والشفقة معاً، السخرية من هذا التخبط الأعمى لجماعة صادرت المؤسسات، وتريد بالمليشيات أن تستقوي على الشعب، والشفقة عليها لهذا التدني في الأفق والرؤية. وفي سياق العجب والعجائب تطالعنا بعض تصريحات البعثات الدبلوماسية وبالأخص منها تصريحات بعض الدول التي منحت نفسها لقب (الدول الراعية) .. بعض هذه الدول لم تبخل على اليمن واليمنيين بإطلاق التصريحات تلو التصريحات عن اهتمامها بالشأن اليمني، وأمن اليمن واستقراره ووحدته، وكلما أوغلت المليشيات في العبث بشأن اليمن واليمنيين، كلما زعمت بعض هذه الدول من خلال تصريحات جديدة أن على العابثين أن يتوقفوا .. ويتمادى بعضها بالكلام الاستهلاكي من أن صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد؟!! مثل هذه العبارات التي توحي بشيء من التهديد؛ فهمها رجل الشارع اليمني في البداية أنها رسالة صادقة بهدف إيقاف العابثين بأمن الوطن واستقراره وسلامة أراضيه، وأن ضغوطاً ما قد تمارس لتجنيب اليمن واليمنيين ويلات انهيار الدولة –لا سمح الله– أو الحرب الأهلية. لكن النتائج التي كان اليمنيون يلمسونها مادياً وميدانياً أن صبر المجتمع الدولي لم ينفد من أعمال وممارسات المليشيات والعابثين بأمن الوطن والمعتدين على الدولة ومؤسساتها، وإنما كان صبره ينفد كما يبدو –بحسب قناعة رجل الشارع مؤخراً- من أن قوى الثورة السلمية لم تذهب للصدام المسلح مع تلك المليشيات، حتى راح بعض المراقبين والمحللين السياسيين في الداخل والخارج يتحدثون باستهجان وارتياب من مواقف أطراف في الدول الراعية تتعامل مع من يهدد الانتقال السلمي للعملية السياسية بل ذهب بعضهم إلى حد الاتهام للأمم المتحدة والتشكيك ببعض مواقفها أو مواقف بعض الدول الراعية. أما استجداء المليشيات لبعض المواقف الدولية بمبررات جماعات العنف فهو استجداء رخيص لا يخدم اليمن حاضراً ولا مستقبلاً، وإنما يسوق أصحابه للارتهان الخارجي. وبالتالي فإن الشارع اليمني بوسائل ثورته السلمية هو الرقم الصعب الذي ينبغي أن يكون حاضراً لإنقاذ اليمن الذي يتسع لكل أبنائه بشراكة وطنية واسعة دون السماح لتغول أي أحد على هذا الشعب حتى ولو كانت المليشيات.