بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لم يبق للنظام سوى الجهل والفقر وهو يراهن على ورقة المرتزقة أكثر مما يراهن على الجيش
محمد عبداللاه القاضي ل«الصحوة»:

في منزله بقرية بيت الأحمر وعلى بعد أمتار من منزل الرئيس علي عبدالله صالح التقينا بالنائب البرلماني و القيادي في الحزب الحاكم- سابقا- محمد عبدالإله القاضي،.. وبرغم من قرب المسافة من العاصمة صنعاء إلا أن الطريق إلى تلك القرية المتزاحمة بالقصور بدت أكثر إدهاشا، فكثير من قصورها لا توجد مثيلاتها في صنعاء.. كانت الزيارة أكثر تنكرا فقد أبلغنا بأنه لا يجب أن نفصح عن وجهتنا كون محمد عبدالإله أصبح مغضبا للنظام والرئيس.. سألنا أطفالا عن المنزل حين وصلنا إلى داخل القرية فأجابونا بسخرية أنها جوار المقبرة ثم كررنا السؤال لآخرين فدلونا متهكمين عليها.. بالطبع لا يوجد هناك تغطية لشبكات الجوال عدا خدمة يمن موبايل.. تحدث القاضي للصحوة عن محطات علاقته بالرئيس والحزب الحاكم و تفاصيل صفقات شابها من الفساد ما شابها، وتعامل رئيس الدولة إزاءها.. وانتهينا من الحوار عند بداية المساء وعدنا برفقة حماية كلفها لنا القاضي حتى مداخل العاصمة فكان هذا الحوار
ما هي أهم الأسباب التي أدت إلى وصول البلاد إلى هذه المرحلة الخطيرة؟
- هناك عوامل كثيرة أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة بداية بعدم أخذ الأمور بجدية وغياب العمل المؤسسي الذي كنظام أو كدولة يدار بطريقة مناقضة للعمل المؤسسي ونظام الدولة.. إضافة إلى الجهل سواءً كان غير مقصود أو متعمد، اختيارنا للحزبية والديمقراطية والتعددية لم تكن تدار بآلية وطريقة صحيحة.. بعد الوحدة حدثت انزلاقات، اختيرت الديمقراطية لكنها كانت شكلية وهذا الأمر أعطى مبررا للخروج عن العمل المؤسسي، كانت الديمقراطية شكلية للداخل والخارج على حد سواء ولم تطبق تطبيقا صحيحا، كان ذلك متعمدا من قبل النظام نفسه.
هل ساهمت الأحزاب في صناعة هذه الديمقراطية الشكلية؟
- بالتأكيد ساهمت، الحاكم أرادها أن تكون شكلية والكل ساعده فيها، هذه الأحزاب لم تأخذ الديمقراطية بجدية أو بالطريقة التي كان يفترض أن تكون عليها، من وجهة نظري التعددية بتلك الطريقة كانت مبكرة على عاداتنا وتقاليدنا في اليمن، لذلك ربما لم نتمكن من فهمها وتطبيقها التطبيق الصحيح.
أنتم أدركتم هذه الإشكالات مبكرا أم الآن؟
- أدركتها مبكرا منذ العام 2003 حين دخلت في السياسة عبر مجلس النواب.. كان عندي مفهوم إنه طالما وقد تحققت الوحدة وهناك دستور في البلاد وتم تأسيس مجلس للنواب والقضاء وغيرها من السلطات، قلت قد يكون هناك فساد واختلالات أو قصور في الفهم، لكن لم أكن أتصور أن هناك قصور في فهم وأداء المؤسسات الدستورية وأدركت ذلك منذ أول يوم لنا في البرلمان وكانت أول كلمة لي في البرلمان إما أن يكون هذا المجلس حقيقيا ويقوم بدوره ومهامه أو أن يكون شكليا وهذا ما يراد له وهو بالفعل الآن شكلي.
عندما أدركتم هذا وأنتم كنتم من القيادات الكبيرة في الحزب الحاكم، ما هو الدور الذي قمتم به لإصلاح هذا المسار؟
- بعد إدراكي أن هناك عوامل كثيرة أدت إلى إدارة العملية الديمقراطية والحزبية إضافة إلى إدارة البلاد بهذه الطريقة كان عندي قناعة أن الجهل والمصالح والترغيب والترهيب هي ما جعلت من شخصيات أو قيادات في البرلمان تتعامل بهذه الطريقة، وهنا جاءتني الفكرة أنه لن تستطيع أن تغير شيئا لوحدك ويجب أن تعمل على الأعضاء أو القيادات بالذات في هذا المجلس، لأنه إذا كان البرلمان قويا سيلعب دورا كبيرا جدا في الإصلاحات فبدأت أعمل مع علاقاتي بالأعضاء والجلوس مع العدد الأكبر من كافة الانتماءات وذلك لمحاولة زرع فكرة أن يكون العضو مستقلا وله حريته ورأيه.. هذا كان أول الأهداف.
هل وصلتم إلى تحقيق نجاح يذكر في هذا السياق؟
- الحمد لله تجاوب معنا مجموعة كبيرة من النواب ونجحنا في بعض القضايا التي كنا نتبناها ونقف في صف المصلحة الوطنية منها.
ما هي أبرز هذه القضايا التي حققتم فيها النجاح؟
- أول شيء كانت قضية النفط المتعلقة ببيع «القطاع 53»، هذه أول قضية عملت هزة أو ثورة داخل البرلمان استطعنا من داخل كتلة المؤتمر أن يكون فيها الموقف صائبا.. نتيجة لتوعية الأعضاء بدورهم، وإيصال المعلومة إلى الأعضاء وإيصالهم إلى قناعة أن هذا شيء لا يمكن السكوت عليه وأنها قضية فساد كبير وواضح، من هنا كانت البداية أن النواب أبعدوا عنهم لباس الخوف وكان عندهم الشجاعة وأنه لن يصيبك أي أذى إذا كان صوتك مخالفا لتوجه كتلتك البرلمانية.
هل واجهتم شخصيات تقوم بالعمل ضدكم وضد جهدكم؟
- بالطبع، أعطيك مثالا لهذا من خلال قضية القطاع 53، وصلتنا معلومات أو بيانات أن الحكومة قامت بعدة مخالفات جسيمة.. فعادة لجنة النفط والتنمية يكون فيها الأغلبية للمؤتمر الشعبي، فمن بين 17 عضوا هناك عضوان من خارج المؤتمر، ورئيس ومقرر اللجنة من المؤتمر، وفي غالبية القضايا التي يراد لها أن تمر، يبدأ الأمر بطرح الفكرة في الكتلة النيابية للمؤتمر ويبدأ النقاش هل يتم نقاش هذه القضية في المجلس أم لا ويتم التصويت على الأمر.. كان هناك مفهوم وتخوف عند الأعضاء من هذه القضايا معتبرين أنها قضايا سيادية وقضايا خاصة ب «فوق».. والحاكم هو من يقرر أن هذا الأمر لصالح البلد أو ضده وأنت كعضو برلماني ما عليك إلا أن تصوت بنعم.. وكان السائد أنه لا يوجد فساد أو شيء من هذا الكلام.
الذي حصل في قضية القطاع (53) أنني ناقشت الإخوة صخر الوجيه وهو كان محسوبا علينا حينها كمؤتمر وأيضا الأخ علي عشال، وبعض الإخوان الذين عندهم معلومات حول هذا القطاع 53، وطرحنا أنه يجب أن يتم مناقشة هذه القضية الخطيرة.
يناقش أولا في اللجنة؟
- نعم.. وكان اعتقادي أن الأمر اعتيادي ولم أكن أعلم أنه لابد أن تستأذن من قيادة الحزب والبلاد، بعد اقتناعنا أن هذه قضية فساد كبيرة، شكلنا لجنة مصغرة لإعداد تقرير حول القضية، وبدأت التسريبات تخرج إلى الكتلة المؤتمرية ثم إلى القيادات العليا ورئاسة مجلس النواب، إلى رئاسة الجمهورية، أن قضية القطاع (53) بدأت تناقش داخل لجنة التنمية والنفط فبدأت الاتصالات من كل مكان..
اتصالات لإيقاف نقاش الموضوع؟
- ليس لإيقافه فحسب وإنما لماذا يتم نقاش الموضوع من الأساس، وتم عقد اجتماعات خاصة داخل الكتلة البرلمانية للمؤتمر وداخل المجلس، حالة من الطوارئ، ووصلوا إلى قرار إن هذا الموضوع لا يناقش، فأخذتني الغيرة إنه لماذا لا يناقش؟.، وجاءوا لنا بمبررات أن هذا الأمر فيه فائدة للمؤتمر الشعبي، وإنه عندما يكون هناك اتفاقيات أو ما شابه فالمسئولون هم أدرى بمصالحنا ونحن علينا السكوت لأنهم هم من يرتبوا كيفية إيجاد مردودات الحزب الحاكم المالية من هذه القضايا.
وهناك من قال لنا الأمر متعلق بعلاقات سياسية مع دول الخليج لأن الشريك في القضية الذي تم بيع القطاع النفطي له كان رجل أعمال من الإمارات، وآخرين قالوا أن القضية مرتبطة بأمريكا وبشركات أمريكية.
ولأن لي علاقة بالأخ الرئيس جيدة قلت لنفسي إن الأخ الرئيس سيفرح أن أحد المقربين منه يكشف له قضايا فساد مثل هذه القضية، وأنه سيقول لي إنه أمر جميل أنك بصرتني أن هناك فسادا وفاسدين، هذا كان اعتقادي فاتصلت به وحدثته عن الأمر، قال إذا الأمر هكذا وأنت متأكد ناقشوه، بينما كانوا في الكتلة البرلمانية للمؤتمر اجتمعوا برئاسة سلطان البركاني الذي خوفهم وقال إنه لا يمكن مناقشة هذه القضية، قلت للرئيس أن هناك أوامر منك بعدم مناقشة القضية قال أنا أعطي أوامر للناس كلهم.. ومنحني كلامه ثقة وحماس.
وكنت قد أعطيت الرئيس عددا من قضايا الفساد في فترات سابقة من بينها الأدوية وقضايا أخرى لكنه يبرد قلبك بالكلام ولا يفعل شيئا.
بعدها اتفقت أنا وعدد من الزملاء في لجنة التنمية والنفط أن ننزل التقرير الذي تم إعداده حول القضية لقاعة البرلمان، فقامت الدنيا ولم تقعد، اتصالات من الإرياني والراعي وحرضوا بقية الأعضاء واللجنة علينا، ونحن مصرون، وأعطينا الأمر للسكرتارية بالطبع، ومعنى ذلك دخوله الجدول وإنزاله للقاعة، وكانت الشوشرة قد بدأت أن حميد وصخر وعشال هم معارضة أما محمد عبدالإله القاضي هو معه فائدة لم يمنحوه فلوس وعمولات فقام بإنزال التقرير، عملوا تشكيكات عند الزملاء وعند الرئيس، فجأة جاء اتصال من الرئيس وسألني «صحيح ستنزل التقرير»، قلت له نعم وأنا قد كلمتك أن اليمن ستخسر بحدود 150 أو 200 مليون دولار ستخسرها البلاد جراء هذه الصفقة، وتجادلنا أنا والرئيس وقال لي: قالوا إنه كان معك عمولة ولم يعطوك إياها، قلت له افترض حتى أن الأمر مثل ما قلت، شكل لجنة وإن كان هذا التقرير صحيحا، وضد مصلحة البلد وإن كان غير صحيح فاعمل إجراءاتك وأحلنا للنيابة..
وهل فعلا عرض عليك مبلغا أو ما شابه؟
- فعلا عرض علي مبلغا ورفضت وقلت ما تفعل لي نصف أو مليون دولار بينما تخسر البلاد كل هذا المبلغ الكبير.
هل اقتنع الرئيس بفكرتك؟
- اقتنع، لكنه رفض فكرة إنزال التقرير لقاعة البرلمان، وعرفت فيما بعد أن رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال حينها أقنعه أنه يتم تسييري من قبل حميد الأحمر، وكأن حميد الأحمر لو تكلم عن خطأ فعلينا السكوت، المهم باجمال أقنعه إن حميد الأحمر يسير محمد عبدالإله.. وأنه يريد الظهور بأنه صاحب مواقف..
بعد ذلك هل تم إيقاف التقرير؟
- لم أوافق على إيقاف التقرير لكن السكرتارية جاءتها توجيهات من رئيس المجلس بعدم طباعة التقرير والتحفظ عليه، لكن اتفقنا أنا وصخر وعشال أن نقوم بتصوير 300 أو 400 نسخة ونوزعه صباحا في بوابة القاعة على النواب.
وزعنا التقرير وقد كنا عملنا توعية على عدد كبير من النواب ولما وزعناه قلنا لهم هذا هو التقرير المهم والخطير الذي لا يريدون مناقشته وإنزاله، حينها ضجت القاعة، وطالبوا بإدراجه في الجدول وبعد ضغط القاعة أدرجوه وتم الأمر.
خلاصة الأمر أننا أوصلنا كثيرا من الأعضاء إلى مرحلة عدم الخوف بعد أن كان يتم ترغيبهم وترهيبهم من قبل قيادة الحزب والكتلة.. وكان أبرز العوائق هي الجهل لأنه يتم توجيههم في الكتلة استغلالا لجهلهم بالمواضيع والقضايا التي يتم نقاشها.
نجحتم في عدد من القضايا بعد القطاع 53 منها موانئ دبي، لكن لماذا بعدها هدأ نشاطكم؟
- قبل موانئ دبي كنا قد وصلنا إلى مرحلة سحب الثقة من الحكومة وحدثت إرهاصات وتهديدات، وبعدها جاءت قضية التجديد لشركة «هنت»، وجاءتنا رسالة بأنه عليكم البت بقضية تجديد عقد شركة هنت حيث وإنه لو لم يتم الحسم فيها وإنزال تقرير في خلال مدة معينة فإنه ستضطر الوزارة والحكومة لمواصلة سريان الاتفاقية القديمة وستخسر اليمن كثيرا من الأموال..
وهذه القضية مليئة بالفضائح أكثر من فضائح القضية الأولى في القطاع (53) وطبعا كان نفس «الشريك» السابق في القطاع 53 واللعبة كلها من أجل العمولة التي قدرها 15 %، مقابل التمديد لشركة «هنت» لمدة خمس سنوات أخرى.
وأول ما درسناها اشتغلنا مع عدد كبير من الأعضاء وتم توعيتهم بالفضائح وتم سحب الاتفاقية من المجلس في آخر اللحظات ثم عملوها بطريقة سرية وتم الضغط من خارج إطار المجلس حتى على رئيس الجمهورية تم الضغط بأنه سنخرج القضية وعليك أن تلغيها، إلى أن أعطى الرئيس أمرا بإلغائها فألغيت أيضا بطريقة غير قانونية وغبية ثم رفعت قضية دولية على اليمن ولولا تقرير لجنة التنمية والنفط في البرلمان لما صدر الحكم لصالح اليمن، حيث استندت المحكمة في لندن إلى تقرير المجلس.
وجاءت بعدها قضية الغاز ثم موانئ دبي وغيرها.
الرئيس كان قد صرح إن بعض الناس يعارضون لأنهم يريدون أن يأخذوا نصيبهم من الكعكة وفهمها الناس على أنه أنت المقصود بهذا؟
- نعم، هذا ما كان يُطرح للرئيس أن أي شخص يقول له أن هناك فسادا في المكان الفلاني، يعطى له المبرر أن هؤلاء يفعلون ذلك لأنهم لم يحصلوا على نصيبهم، وهم يعتقدون ويتصورن إن هذه الاتفاقيات هي الكعكة بالنسبة لهم.
هل كان هذا التصريح نقطة تحول فيما يتعلق بعلاقتك بالرئيس؟
- لا علاقتي بالرئيس والحكومة كانت قد توترت بسبب قضية القطاع 53 وأصبحوا يرون أني عقبة أمامهم في المجلس خاصة بعد أن أصبح عدد كبير من أعضاء الكتلة المؤتمرية يثقون بما نطرح.
هناك من يقول إن محمد عبدالإله القاضي اختفى دوره من البرلمان بعد هذا العدد من القضايا التي تحدثنا عنها؟
- لا بالعكس لم يختف دوري لأن كل القضايا متلاحقة، وفي فترات متفاوتة، وأيضا كانت تأخذ وقتها ويطول أمدها، لم يأت بعد ذلك شيء مرتبط بالنفط، لم نحصل بعدها على قضايا مثل هذه، فقد حاولوا في الحكومة أن لا يتركوا خلفهم أي أثر خوفا من أن يصل إلينا، إلا إذا نزلنا كلجان وهذه قصة طويلة بحاجة لكثير من التفاصيل..الأمر الآخر شعرت بنوع من اليأس بعد أن ظهرت مواضيع مثل القطاع 53 أو هنت ثم المنطقة الحرة، وغيرها أولا أنا مدان من الحاكم، ولا يوجد حتى كلمة شكر، وأنا لست محتاجا في الأساس للشكر لأني بريء أمام ضميري فهذا يكفي، أقل شيء كنا نريد من الرئيس كرئيس دولة أن يتخذ أقصى الإجراءات بحق من قاموا بهذه الاتفاقيات.. أو على الأقل يشكل لجانا من الرقابة والمحاسبة، وبعض الجهات لتقصي الحقيقة، ومن خلالها تتضح له الحقيقة ويعاقب ويحاسب كولي الأمر.. لكن نجد أن الوزير باق في منصبه ورئيس الوزراء باق، وكل المسئولين عن الأمر باقون، بل ويحصلون على المكافآت.
على ماذا يدل هذا الأمر؟
- يدل على أن هناك رضا كبيرا من الحاكم والقيادة العليا ومن يدير البلد على أن يتم هذا الأمر كما تم فعلا.
تحدثت عن يأسك.. فإلى أين دفعك هذا اليأس؟
- دفعني إلى أن أتبنى العمل خارج المجلس بعد أن شعرت أن هذا هو العدد من النواب الذي تمكنا من المراهنة عليه وأستوعبك أو تستوعبه وهو عدد ليس أغلبية تستطيع أن تؤثر داخل مجلس النواب فبدأنا العمل خارج المجلس عبر مجلس التضامن وعبر الإخوة في المشترك وعبر الجانب القبلي والسياسي والإعلامي، لتوضيح الصورة، وأن هناك خللا في آلية إدارة البلاد.. هذه هي الخلاصة، وهذا هو الذي توصلنا إليه حتى الآن.
يعني استغرقت كل هذا الوقت الطويل للوصول إلى هذه النتيجة؟
- نوعا ما.. لكن الحمد لله وصلنا إلى هذه القناعة لأن هناك عوامل كثيرة كانت تحجب أو تمنع، برغم أن الناس فاهمون ومستوعبون، لكن كل له إمكاناته، فالبعض ضعيف، وأخر قدرته محدودة وغير ذلك، واشتغل الحاكم على هذه التفاصيل وسلبهم حريتهم ولم يتمكنوا من العمل كما يفترض أن يفعلوا، واستغل كل الإمكانات، واستخدم الفقر والجهل والضغط والقوة والترغيب والترهيب.
بعد أن وصلنا إلى كل هذا.. كيف تقرأ المشهد اليوم وما مدى خطورة الوضع؟
- من وجهة نظري هي ظاهرة إيجابية.. ما وصلنا إليه الآن من الوقفة الشعبية، أعتقد أنها نقطة البداية لتصحيح مسار إدارة البلاد، طالت أو قصرت مدة تحقيقها، الآن الناس على قلب رجل واحد وصلوا إلى الوضع الحقيقي وأزالوا عن أنفسهم عامل الخوف وبدأوا يتحدثون عن حقوقهم بصوت عال وهم يعرفونها.
أعتبرها إيجابية حين يعرف الشعب بكافة شرائحه وضعه وحقوقه فهي نقطة البداية، لأنه إذا وصلنا إلى هذه المرحلة فأن البلد تكون قد وصلت إلى مرحلة توازن ليبدأ بعدها العمل على صنع إدارة صحيحة.
هل لديك مخاوف من المرحلة القادمة؟
- المخاوف القادمة التي أخشى أن تؤثر علينا هي تلك التي زرعها النظام بقصد أو بغير قصد، سواءً كانت مناطقية أو فقر أو مذهبية، وهذه هي الثلاث العوامل التي يمكن أن نتخوف منها في المستقبل فإذا فهمنا وعرفنا إنه لا وقت لهذه التفاصيل، فهنا ستكون البلاد في خير وسلام.
لكن ألا تلاحظ أن ما يدور في ساحة الحرية والتغيير تجاوز كثيرا من هذه الأشياء؟
- حاليا نعم.. وأتمنى أن لا تستخدم المذهبية وغيرها من النزعات كورقة، ويجب أن تكون الثورة شعبية وننفي عنها كل هذه المفاهيم والجميع الآن سائر عليها.. كل ما أتمنى أن نبقى على هذه الوتيرة، نحن بلد واحد وشعب واحد بعيدا عن المناطقية والمذهبية وغيرها.
يدور الحديث عن أنه يصعب في اليمن أن يديرها اتجاه واحد أو منحى سياسي واحد.. هل الحل هو في التعدد؟
- إذا كان التعدد على مبدأ واحد، ويكون الهدف والغاية واحدة فنعم، أما إذا كان هناك تعدد مذهبي وعقائدي، فهو خطأ، لكن إذا كان هناك تعدد تختلف فيه الوسيلة والطريقة، لكن الغاية والهدف واحد، من ثوابت وطنية وأخلاقية ودينية وغيرها فلا بأس.. وأتمنى أن تأتي الثورة لتصحح المفاهيم وأن نجعل من التعددية تنافسية للوصول للغاية والهدف.
النظام يخوف الناس من حدوث انفصال حقيقي ليس في الجنوب فقط ولكن أن البلاد ستتقسم إلى أربعة أشطار؟
- لا أعتقد.. قضية الجنوب أنا ممن كنت أختلف مع الرئيس حول إدارة الأزمة في الجنوب، لو كان هناك إدارة عادلة للموارد والسياسات لما حدث ما حدث، فالأمر كان منذ البداية مطالب حقوقية، وكانت بحاجة لبرنامج إصلاح متكامل، ليس في الجنوب فقط وإنما في الشمال لكي تنعكس أيضا على الجنوب ويلمسونه.. لو تم هذا الأمر بطريقة صحيحة كانت ستحشر من لهم أجندة انفصالية سواءً كانت رغبة شخصية أو خارجية، كانت ستحشرهم هذه الإصلاحات في زاوية بسيطة، وسيتم التعامل معهم وفقا للدستور والقانون.. لكن الآن أنت شملت الناس كلهم وجمعتهم بمطالبهم كلها ضدك.. والآن مع هذه الثورة أصبح الاتفاق في الهدف بين الشمال والجنوب أصبح معروفا وهو التغيير.. وهنا عرفنا بداية الوحدة الحقيقية.
لو عدنا إلى القضية الاقتصادية كأساس لكل المشاكل.. في المرحلة القادمة، هل لدينا اقتصاد يمكن أن يستوعب كل هذه الإشكالات في البلاد؟
- حتى نكون منصفين لن يكون هذا الأمر بهذه السهولة التي يتوقعها كثيرون.. لكن عندما يعصب الناس على بطونهم، ويتم القضاء على 80 أو 90 % من الفساد الموجود، أعتقد أننا سنتحول على الأقل 70 % إلى الأفضل، فالوضع الاقتصادي الحالي سببه الفساد المستشري في البلاد من جميع الأطراف.. كل يعبث من جهته.. فبعد الثورة إن شاء الله ستصب الموارد الاقتصادية في وعاء واحد هو وعاء الدولة المؤسسية، فعندما تصب هذه الموارد في وعاء واحد يكون من السهل إدارتها بشكل صحيح، بخطط وطرق صحيحة ستعالج أكثر من 70 % من الإشكالات الحالية.
أما ما يأتي من الخارج من هبات ومساعدات وبالطريقة المخزية الحالية فأنا ضده وأرفض التسول والارتهان، لأنه لا يجعل لك قيمة لا داخلية ولا خارجية.. فكما حصل إنه تم بيع 70 % من حصتنا من الغاز بتلك الطريقة وبذلك السعر مقابل الحصول على 5 مليون دولار سنويا في ما يسمى «منحة توقيع»، والاستثمار عليك ورأس المال عليك، وليس على الشركات الأجنبية شيء، وتعطيهم 70 % مقابل إنهم يدعمون بذلك المبلغ الزهيد، وهم يأخذون مليارات وأنت لازلت معتمدا على كم مليون دولار معونات سنوية أو شهرية يقدمونها لك!
اعمل اتفاقيات صحيحة، وأعط حقه بنسبته المساهم فيها، وهنا ستقيم تنمية اقتصادية ودخلا حقيقيا للبلاد، وستحصل على إيرادات تقدر بألف ضعف مما هو من المعونات وإذا استغليت ثرواتك بطريقة صحيحة، فلن تكون محتاجا لمعونات أو غيرها.. وإذا استغلت الموارد بشكل صحيح، فالبلد فيها خير كثير.
هل بالإمكان حلحلة المواضيع الاقتصادية الكبرى مستقبلا وأبرزها موضوعي الغاز وقضية ميناء عدن، كونهما مرتبطين باتفاقيات دولية؟
- أي اتفاق باطل سيتم تصحيحه، هذه ليست اتفاقات لها حماية دولية لفساد أنظمة، لأنه سيكتشف أن فيها فساد أو فيها إجحاف للبلد حتى ولو كانت موقعة ومشرع لها من جميع الأطراف فأنه سيتم إعادة النظر فيها، والعالم سيقف معك في النهاية.
لو عدنا للأحداث الأخيرة، النظام الآن يهدد بحرب أهلية.. أنت كيف تقرأ هذه التهديدات؟
- هذا ما يطمح إليه.
يطمح أم يسعى؟
- يسعى ويطمح، لأنه إذا أنت تسعى فمعناه أنك تطمح، لن تسعى لشيء إلا وأنت تريده.
هل تتوقعون إنه سينجح في ذلك؟
- لا أعتقد.. لأن الوضع والزمن الذي نحن فيه لم يعد يسمح لأن تتقاتل الناس فيما بينها، أصبح الناس في مرحلة الثورات الشعبية السلمية، لو كان الناس يريدون الفتنة والقتل والانقلابات فكان الأمر من أوله سيكون اقتتالا، فهناك قادة عسكريون كان بإمكانهم أن يفكروا بالأمر ويقومون بذلك وستخلف أعدادا كبيرة من الضحايا، لكن بادروا بمواقفهم حين كان الشعب قد نزل إلى الساحات وصرخ بأن ثورته سلمية، فعلي محسن مثلا والوالد لو كانوا أعلنوها قبل نزول الناس للميادين كانت الأوضاع ستنفجر لكنهم صمتوا حتى أعلنها الشعب سلمية فوقفوا إلى جانب مطالبهم بسلمية أيضا، وهذا من عقلانيتهم.
هل يعني أن انضمام هذه القيادات العسكرية بمثابة صمام أمان لعدم قيام حرب أهلية؟
- نعم.. بالتأكيد
إذاً ورقة الحرب الأهلية سقطت من يد النظام.. فماذا تبقى له؟
- تبقى للنظام ورقتا الجهل والفقر، لأن هناك نسبة كبيرة من الجهل، فلو تلاحظ الآن ما يحدث من أعمال شغب وغيرها لا تكون رسمية، فهو لا يستخدم الحرس الجمهوري وهو يرتدي الزي العسكري الرسمي، وكذلك الأمن المركزي، وغيرها من القوى العسكري، فهو يراهن على ورقة المرتزقة والبلاطجة أكثر مما يراهن على القوات المسلحة.
من خلال معرفتك بالرئيس.. حين يتحدث عن استعداده لتسليم السلطة.. هل هو جاد فعلا في هذا الطرح؟
- هو جاد، بعد أن أيقن وثبت له من خلال الواقع ومن خلال ما وصله إن ثلثي الشعب لم يعد راضيا عليه، وهذا الأمر حتى الطفل يقتنع به، أن يكون 80 % من الشعب غير مقتنع به فهو بالتأكيد سيفهم الأمر.. لكن من لديهم مصالح وخائفون على مصالحهم ويعلمون إن وجود علي عبدالله صالح كرئيس سيلبي لهم هذه المصالح وسيحافظ عليها، فلذا مازالوا يحاولون إطالة فترة بقاء الرئيس.. أما هو كشخص معترف ويعلم بهذا الكلام، أيضا هناك مسألة أخرى يفكر فيها الرئيس وهي مسألة بقائي كرئيس لمدة 30 سنة لا يعصى لي أمر، ولا أحد يقول لي لا، فليس من السهولة أن تأتي بين ليلة وضحاها أن تقول له أخرج من هذا الكرسي ولن يكون لك بعد الآن هذه الهيبة وهذه المكانة.. جانب المكابرة يلعب دورا كبيرا.. وهذه المكابرة والخوف على المصالح، والملاحقة هي أكثر ثلاثة ملامح سيكون لها التأثير في صراع التنحي.
النداء بالمحاكمات في هذه المرحلة هل هو منطقي الآن؟
- أريد أن أقول لا شيء يسقط بالتقادم، حتى ولو طال الزمن أو قصر، لكن من الحكمة أن نتجه الآن لبناء بلد وأن يكون التوجه حاليا لما هو أهم، والبلد أهم من النظر للماضي.
ما هو الشكل القادم للدولة, أو النظام الأصلح للبلد؟
- النظام البرلماني أرى أنه الأصلح للبدء في المرحلة القادمة.
كلمة أخيرة؟
- أريد أن أختم بأن القضية أصبحت واضحة الآن، وأتمنى أن تخرج البلاد إلى بر الأمان فالمعركة الآن بين حق وباطل وأبيض وأسود، وأصحاب الحق معروفون ومن هم لازالوا على ضلالة معروفون، نتمنى أنه ممن لازال منتميا إلى هذا الاتجاه أن ينظم إلى ثورة الشباب وثورة الشعب وأن يتكاتف الجميع لإنجاح هذه الثورة وأن يتكاتف اليمنيون على قلب رجل واحد وأن يبدأوا مسيرة واحدة لإصلاح الخراب في هذا البلد، وأن نجعلها بداية لمستقبل مشرق وجديد إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.