لقد صنع الشعب اليمني العظيم ثورته السلمية في ميادين الحرية والتغيير ضد واحد من أكثر الأنظمة الاستبدادية في العالم . وهذه الثورة ستشكل بعون الله حداً فاصلاً بين عهد صالح الكئيب , والزمن القادم المشرق , وبها سيتمكن هذا الشعب من التحرر من الاستبداد وإلى الأبد . لقد خرج الشعب اليمني برجاله ونسائه بالملايين وهم يهتفون بصوت واحد وبكل إصرار وحسم : " الشعب يريد إسقاط النظام " . كأجمل نشيد غناه اليمنيون اليوم مستلهمين منه واقع أفضل , ومزلزلين به عرش الطاغية وجنوده . وبمزيد من الأكبار والإجلال وقف العالم أمام ثورة الشعب وشهد العالم لليمنيين بالتفوق الحضاري والأخلاقي على النظام البائد , واستحق ثوار اليمن الأحرار تعاطف المجتمع الدولي والإقليمي ليعيش هذا الدكتاتور في عزلة تليق به كمتهم لا كرئيس دولة . وبهذا تنظم ثورة اليمن وبكل اقتدار إلى الثورات الملهمة في العالم وسوف يقتبس الإنسان منها دروسا مهمة على مستوى التنظير والممارسة كلما حاول الإنعتاق من جلاديه وطغاته . في الحقيقة ليس غريب أن يصنع الشعب اليمني العظيم ثورة بهذه المعايير فذلك طبعهم فى الأداء الحضاري الرائع منذ القدم . أما أولئك الذين تفاجأوا بأداء الشعب اليمني في هذه الثورة هم الذين حكموا على اليمنيين من خلال فترة صالح التي حاول جاهداً خلالها تشويه صورة اليمن أرضاً وانسانا أمام العالم . فالحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع ان اليمن ومنذ فجر التاريخ يسهم في ركب الحضارة الإنسانية حاملا لمشعلها رائداً لقوافلها نحو دروب الهدى والنور . فقد أسهم اليمانيون في بناء العالم القديم وإقامة حضاراته وهو ما يمنح اليمن بعداً حضارياً يضرب جذوره في أعماق التاريخ الذي يشهد أن التدين كأبرز صفات الأمة الخيرة سمة بارزة من سمات الشخصية اليمنية . فقد أعتنق اليمنيون اليهودية ثم النصرانية عند ظهورها وواجهوا الابتلاءات وتم رميهم في الأخاديد . ولما أشرقت شمس الإسلام سارع اليمانيون في الاستجابة لدعوة الإسلام ودخلوا في دين الله أفواجاً بطواعيه ثم صاروا وقوداً لحروب الإسلام ضد الجاهلية . واستحقوا ثناء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أكثر من نص ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (( أتاكم أهل اليمن ألين قلوب وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية )) . وفي عصور الانحطاط التي حلت بالعالم الإسلامي ظهر في اليمن علماء أفذاذ حملوا مهمات الدعوة إلى الإصلاح وتجديد الفكر الإسلامي من شوائب الجمود والتعصب والتخلف أمثال أبن الوزير و المقبلي وأبن الأمير والشوكاني وغيرهم . تلك هي الصورة الحقيقة لهذا الشعب الكريم وليس ما يذكره طاغية صنعاء من أنهم ثعابين , غير مدنيين , قنابل موقوتة , قناصة , إرهابيين , مستبيحين الاختلاط مع النساء إن ثورة الشعب اليمني السلمية التي أذهلت العالم منطلقة من تاريخ مجيد لهذا الشعب , وتجلى في هذه الثورة التوازن في الأداء اليمني بين الماضي والحاضر ولم يتمرد اليمنيون على أمجاد أجدادهم وثبتوا أنه لم يزل هنا يعيش شعب عظيم . أبرز السمات التي تفردت بها ثورة اليمن السلمية هي : - تمت الثورة بعد محاولات جادة للحوار مع الحاكم لتغيير النظام السياسي , وخاضت القوى الوطنية المعارضة حوارات مع الشعب اليمني في ما سمي بالتشاور الوطني ثم الحوار الوطني وإصدار وثيقة تضمنت رؤية للإنقاذ الوطني . - الدور الفاعل للمرأة اليمنية الذي تمثل في وجود النساء في التشكيلات الممثلة للثورة , في العمل الإنساني كعلاج الجرحى وتقديم الغذاء إلى ساحات الاعتصامات , المشاركة في الاعتصامات والمسيرات وبأعداد كبيرة جداً , وتعرضهن إلى أذى النظام بالاعتقال والسجن والتشويه . - اكتملت في الثورة اليمنية أبرز مظاهر النضال السلمي كالحوار , المهرجانات , الاعتصامات المغلقة والمفتوحة , المسيرات , العصيان المدني وتميزت هذه الفعاليات كلها بحسن الأداء ودقة التنظيم . - تمكن الثوار من إفشال نظام صالح الدموي في جر الثورة إلى مربع المواجهة المسلحة , وترك اليمنيون السلاح خارج ميادين الاعتصامات وواجهوا رصاص الغدر بالصدور العارية وهو السلوك الذي أذهل العالم . - وجود قناة فضائية ( قناة سهيل ) لدعم الثورة إعلامياً وسياسيا.
- الزخم الثقافي والأناشيد الحماسية المعبرة عن سير الثورة وأهدافها .
- تحققت كثير من المكاسب للشعب اليمني أثناء الثورة .
تلك بعض الخصائص والمميزات التي تفردت بها ثورة الشعب اليمني وغيرها كثير وسيكتب عن ثورة اليمن بكل ملامحها المتابعون للشأن اليمني والمهتمون بكفاح الشعوب في سبيل الحرية والمجد .