" التغيير" خاص محمد علي شائف*: ليس بمستبعد ولا مستغرب من حكومة فقدت مصداقيتها داخلياً و خارجيا, حتى أطلق عليها مسمى " حكومة اللصوص" روبرت .د. بوروز , صحيفة الصحوة عدد(1015) وثمة من أطلق عليها مصطلح"حكم اللصوص من أجل اللصوص", أن تثير زوابعها الإعلامية لذر الرماد على العيون من كل ظهور لحالة فساد : نهب أو بيع للثروة فوق الأرض أو تحتها . فمافيا الفساد تسمي الفضيحة حنكة سياسية , وسياسات الإفقار والتجويع إنجازات اقتصادية وهلم دجلاً . إن عقلية الاستحواذ والإقصاء التي تسم السلطة القائمة, أنها عقلية جعلت من الوطن وموارده ملكية خاصة بها,لا حق لأحد فيها إلا بقدر قرابته أو قربه من الحاكم بأمره' المالك المتصرف بهما لوحده. ما الذي تبقى في "عدن" لم ينهب؟ إن كل مصانع ومؤسسات الدولة في الجنوب قد تم نهبها أو الاستيلاء عليها تحت ذريعة الخصخصة , مثل مصنع الطلاء والاملشن, مصنع أل إسفنج , مصنع البلاستيك , " ومصنع سيجما غاز الذي أعلن إفلاسه مؤخرا بعد عجزه عن تسديد رواتب العمال وفصل 40 عاملا من عماله" ( الناس: عدد 288). ومنشأة جحيف النفطية وغيرها من المؤسسات, ومواصلة للنهب تم تسليم المؤسسة العامة للملح عدن للمؤسسة الاقتصادية العسكرية دون تبرير هذا الإجراء بذريعة من ذرائع مافيا الفساد. لان مؤسسة الملح ناجحة منذ إنشائها عام 1886م وفي عام 2001م حصلت على الجائزة الذهبية للجودة من أوروبا .. لكنه الفساد المولود التائه للاستداد. بالنسبة للميناء فقد فشلت كل الصفقات السابقة لتشغيله, فأتحفنا الفساد إن خسر خزينة الدولة مليون دولار لشركة استشارية تشرف على مناقصة دولية لتشغيله!! أليس عجيبا ذلك ومثيرا للأسئلة؟! المهم.. رست شروط المناقصة على ثلاث شركات : شركة دبي , شركة الكويت وشركة فلبينية.. وطالما قبلت الشركات الثلاث لتقديم عروضها التنافسية فإن شروط السمعة / الخبرة لم يعد قائما بعد ذلك.. ثم انه ليس الشرط السابق على شرط مصلحة البلاد الاقتصادية. تقدمت الشركات المذكورة بعروضها فكانت النتيجة لصالح الشركة الكويتية فمن خلال الرقم الإجمالي للمضمون ومشاركة الحكومة اليمنية في الدخل, نجد حجم الفارق كبيرا: فأجمالي عرض شركة دبي:( 296,975000 دولارا) و إجمالي عرض شركة الكويت : ( 926,092,262 دولارا), بفارق يربو عن ستمائة مليون دولار. فجاء تقرير الشركة الاستشارية , الاستشاري لصالح الشركة الكويتية طارحا خيارين أمام الحكومة: الخيار الأول: في حال اهتمت الحكومة بالمدفوعات المالية الإجمالية وللحد العلي من الحركة المضمونة على مدى ثلاثين عاما, فترتيب العطاءات يرسو على شركة رابطة للكويت وبعدها دبي , أما بالنص " في حالة رغبة الحكومة اليمنية في التعاون مع مشغل معروف في المنطقة...الخ", فالترتيب يرسو على موانئ دبي وبعدها الكويتية. أن الخيار الثاني يستحث الرغبة في التعاون وهو أمر لا ينسجم مع علاقة محكومة بالأرقام وهدف مركزي هو العائد الاقتصادي من صفقة كهذه. إن تغليب الرغبة على مصلحة الاقتصاد الوطني فضيحة بكل المقاييس وسعيا وراء إكساب الرغبة مشروعية ما, طلبت الحكومة جولة ثنية لتحسين العروض, فجاءت نتيجة العروض الإجمالية لصالح شركة الكويت ب : ( 911,177,855 دولارا), و إجمالي شركة دبي : (569,509000 دولارا). للاطلاع انظر صحيفة " الأيام" العدد (2005) بتاريخ 29/12/2005م. بيد أن تقرير الاستشاري جاء منسجما مع رغبة الحكومة متخذا من السمعة مبررا لصالح شركة دبي رغم إقراره بأفضلية عرض شركة الكويت. وليس كذلك وحسب فان الفوارق في الأرقام كبيرة جدا بين عرض الشركتين. فمثلا عرض شركة دبي عند بلوغ الحاويات (20 مليونا) فإن العائد المضمون للحكومة (1,209 بليون دولار) طوال سنوات الاستثمار. بينما عرض الشركة الكويتية على الرقم ذاته بلغ : ( 7,374 بلايين دولار) بفارق اكثر من "6" بلايين دولار عن عرض شركة دبي , سوق تعود لصالح الحكومة وهكذا يتصاعد الفارق لصالح شركة الكويت كلما زاد عدد رقم الحاويات حتى يصل إلى 50 مليون حاوية. السؤال : هل رغبة الحكومة وتذرعها بقشة السمعة سوف تعودان على البلاد ببلايين الدولارات؟ لماذا تُغيب الحكومة الهدف الأساسي من صفقة كهذه وتتذرع بسمعة شركة دبي؟ إن الأرقام تفضح رغبة الفساد وتدينه بلا محكمة. وجدير بالذكر أن شركة دبي تدير تشغيل ميناء جيبوتي كأقرب ميناء منافس لميناء عدن, فضلا عن إدارتها لموانئ أخرى في المنطقة, الأمر الذي يجعل من إدخالها ميناء عدن في مستوى المنافسة الدولية منطقياً غير ممكن. لان الشركة ستعمل على إحداث حالة توازن بين كل الموانئ التي تديرها ان لم تحوله " الى مخزن لفائض حاوياتها" حسب الزميل عرفات مدابش معلقاً على كلام و كيل وزارة النقل في الحلقة التلفزيونية الأولى من برنامج " قضية الساعة " التي ناقش هذه القضية. ان إدارة شركة دبي لموانئ عربية قريبة من ميناء عدن ميزة عليها وليس لها كما يود الفساد تمرير صفقته الخاسرة بزعم" السمعة" على حساب مصلحة الاقتصاد الوطني. ان هذه الازمة تعيد الى الذاكرة فضيحة القطاع(53) النفطي. فهل يستطيع مجلس النواب ومعه المعارضة والرأي العام على افشال هذا العبث واستغفال العقول من قبل حكومة الفساد؟ * كاتب وأديب يمني.