كتب احد القيادات العمالية ل " التغيير " القصة الكاملة لشبهة الفساد في ميناء عدن والمناقصات التي دارت وأعيدت والخيارات التي طرحت وكيفية الالتفاف على الشركات المتقدمة وبالأخص الفائزة بالمناقصات.. وينشر " التغيير " ما كتب دون تدخل ودون ذكر اسم القيادي العمالي نزولا عند رغبته ورغبته أيضا في إجلاء الحقيقة للقيادة السياسية والشعب اليمني ووسائل الإعلام فإلى نص ما كتب: بدأت مناورة الاستيلاء على ميناء الحاويات بعدن منذ عام 2004م حيث تم إنزال مناقصة دولية في ديسمبر وبشروط محددة استدرجت عدة شركات عربية ودولية لتقديم عروضها لتشغيل وتطوير الميناء . وتم فتح عروض المناقصة في مارس 2005م ، وكان عرض شركة ال "KGL" الكويتية هو أعلى العروض وأفضلها ويأتي بعده عرض شركة موانئ دبي العالمية تم عرض الشركة الفلبينية . ودون أدنى شك في نتيجة العروض هذه ودون أي منازع آلت هذه العملية إلى فوز الشركة الكويتية بالتشغيل على اعتبار أنها تقدمت بأفضل العروض ليتم بعد ذلك استكمال الإجراءات المترتبة على هذا النجاح . وما إن انتهت هذه العملية التي تكللت بفوز الشركة الكويتية " KGl " بتشغيل الميناء ، ليبرز لنا في الجهة المقابلة نوايا الوجه الأخر لشركة دبي التي بدأت تلوح باستخدامها لسلاح ذو حدين يهدف أحداهما إلى : 1- شن هجمات شرسة باستخدام قواعدها الثلاثية للهجوم من مثلث الشر " ميناء دبي + ميناء جيبوتي + ميناء السخنة في مصر " لتضيق الخناق على ميناء عدن للحاويات والحاقة بضربات تجارية موجعة . 2- فيما يهدف الآخر إلى استعدادها إلى فتح حنفيات الورق الأخضر لتذليل كل الصعوبات والمعوقات أمام إعادة النظر في نتيجة المناقصة الرأسية على الشركة الكويتية . وبهذه المناورة استطاعت شركة دبي أن تقلب موازين القوى لصالحها مستخدمة هذا العيار الثقيل من الأسلحة لينجلي أخيراً غبار المناورة بتجنيدها بعض عناصر الفساد اليمني لترويج أفكارها وجادين ومخلصين لها في البحث عن شتى الذرائع والحيل لوأد عملية نجاح الشركة الكويتية في المناقصة ، معللين ذلك في ضرورة عرض ملف هذه العملية برمتها لموافقة مجلس النواب الذي قام بدوره في تأدية الصلاة على الميت الحاضر " الملف " ساعة وصوله ودفنه في وسط قاعة المجلس . وفي الوقت الذي اتجهت فيه النوايا صوب التفاوض المباشر مع شركة دبي لجأت عناصر الفساد إلى ذريعة واهية تضمن لشركة دبي العودة إلى الساحة مرة أخرى ، وكانت الذريعة هي إعادة المناقصة في مايو 2005م تحت مبرر تحسين العروض المقدمة من الشركات المتنافسة . حينها قامت شركة دبي بوضع عرض أقل وأدنى مما عرضته في المناقصة السابقة تيقناً منها بأن مصير ميناء عدن للحاويات سوف يؤول إليها لا محالة . وبرغم ذلك التحايل وانكشاف الأوراق مسبقاً إلا أن عرض الشركة الكويتية لا زال هو الأفضل إلا أن عناصر الفساد والإفساد حاولوا قلب وتزوير الوقائع وتم ترسية المناقصة على شركة دبي وشركات " بقشان " . الجدير بالذكر أنه قد تم إصدار قرار وزاري موجه إلى وزير النقل آنذاك بشأن تشكيل لجنة لدراسة عرض شركة دبي مع العلم مسبقاً بالعرض المقدم منها وقبل الشروع في المناقصة الأخرى وإعادتها. وكانت اللجنة قد تدارست العرض المقدم من شركة دبي بالاشتراك مع بيت الاستثمار " بقشان " لتشغيل ميناء الحاويات بعدن وتوصلت إلى نتائج سيئة خاصة أن هذا العرض قد تخللته عيوب كثيرة أخلت بمبدأ توازن المصالح وبشكل واضح مصلحة الحكومة اليمنية الأمر الذي يتطلب إعادة النظر فيه بما يكفل تحقيق التوازن المطلوب . ومن أهم ما توصلت إليه اللجنة أيضاً هو أن هناك ثمة محذور يجب التنويه إليه فيما لو اتجهت الأمور صوب التفاوض المباشر مع الشركة مقدمة العرض لكون ذلك يأتي في الوقت الذي تقوم فيه شركة استشارية متخصصة في " روتروام الاستشارية " وبتكليف من الحكومة وبالتنسيق مع البنك الدولي بإعداد وثائق مناقصة دولية تنافسية لإدارة وتشغيل ميناء الحاويات الأمر الذي يخشى منه أن تتعرض سمعة البلد بسبب ذلك إلى عدم المصداقية والعجز في التعامل بشفافية على نحو ما تطالب به وتشترطه هيئات التمويل الدولية . بعد ذلك سلكت هذه العملية مسلك المد والجزر في المفاوضات وإتمامها وإبرام الاتفاقية إلى أن وجه رئيس الجمهورية بإلغاء الاتفاقية وتوجيه خطاب حرر في 28 مايو 2007م عبر مدير مكتب رئاسة الجمهورية إلى رئيس مجلس الوزراء باعتماد خيار التفاوض مع جميع الشركات الكبرى الراغبة ذات السمعة العالمية بما في ذلك شركة موانئ دبي وذلك على طاولة واحدة يضع الجانب اليمني خياراته أمامها لاختيار الأفضل " وذلك خارج إطار شروط المناقصة والعروض المقدمة سلفاً " . وكانت شركة موانئ دبي قد تمسكت بعرضها الأخير القاضي بإعطاء اليمن 50% من صافي الربح والذي هو عبارة عن الفارق بين إجمالي الإيرادات وإجمالي النفقات التشغيلية والاستثمارية والتي تتضمن خصم أقساط تسديد القروض وإيجار الأرض السنوية وقيمة المعدات الأمر الذي سيؤثر على صافي الربح ويجعله سالباً لعدة سنوات . إضافة إلى أن تمسك شركة دبي بتقاسم صافي الربح 50% بدلاً من إعطاء اليمن مبلغاً مقطوعاً ستة دولار عن كل حاوية يعد من الناحيتين المالية والاقتصادية متدنياً جداً مقارنة بما كانت عليه الاتفاقية الأساسية التي كانت الأفضل من بين العطاءات الثلاثة سواءً بما يتعلق بضمان عدد الحاويات أو ضمان الدخل . والذي على أساسه يتم التفاوض والتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاقية الأساسية في ديسمبر 2005م مع الإحاطة أن المناقصة وما ترتب عليها يعد ملغياً حكماً وقانوناً . وبالتالي فإنه في ظل هذه المعطيات التي وضعت أصحاب القرار أمام عدة خيارات منها : • الخيار الأول : 1- القبول بعرض ال 50% المقدم من شركة موانئ دبي وهو عرض غير مجد اقتصادياً فضلاً عن أنه سيعتبر عرضا خارج معايير وشروط المناقصة المعلنة والذي قد يعرض اليمن لمساءلة قانونية من قبل الشركات المتنافسة وبالتالي قد يسيء إلى سمعة اليمن على المستوى الدولي . وهذا ما تم التوصل إليه بالفعل من حكومتنا الموقرة . 2- كما أن هذا العرض قد يعتبر بأنه تراجع عن ما كانت عليه الاتفاقية الأساسية سواء في ضمان عدد الحاويات أو في ضمانه العوائد المالية فضلاً عن ما تضمنته الاتفاقية من برامج لتطوير وتوسيع الميناء واتفاقية الشراكة الإستراتيجية لتطوير المنطقة الصناعية وقرية الشحن وتطوير شركة أحواض السفن . • الخيار الثاني : إلغاء المناقصة وإعلان مناقصة جديدة يترتب عليها عدة احتمالات : 1- احتمال عدم تقدم شركات كبرى مرموقة في نشاط مناولة الحاويات عالمياً للمناقصة بتأثير ما آلت إليه نتائج المناقصات السابقة وقد لا تكون شركة دبي بمنأى عن لعب دور سلبي في هذا الاتجاه خاصة إذا ما تم السؤال عن أسباب عدم تفعيل الاتفاقية المتفق عليها مسبقاً . 2- احتمال مشاركة بعض الشركات الكبرى في المناقصة ولكن بسقوف أدنى مما تم عرضه في جولتي المناقصة السابقة . 3- ضياع مزيد من الوقت قبل التوصل إلى اختيار مشغل جديد للميناء مما يعني ضياع مزيد من الفرص. 4- عدم التأكد من أمكانية قبول وقدرة الشركات المشاركة في المناقصة لتنفيذ المشاريع التطويرية الأخرى في الميناء والهادفة إلى خلق قيمة إضافية للاقتصاد الوطني . • الخيار الثالث : طالما وأن التفاوض جاري مع شركة موانئ دبي خارج إطار المناقصة فإنه لا مانع من استطلاع رغبة أكبر شركة في العالم لمناولة الحاويات وهي شركة (هيتشستون) الصينية في هونج كونج " تناول خمسين مليون حاوية سنوياً بينما موانئ دبي ثمانية مليون حاوية في العام " وهذه الشركة سبق وأن دخلت المناقصة ثم انسحبت منها لأسباب غير معلومة . ((ومن الأفضل فتح باب التفاوض لجميع الشركات الكبرى ذات السمعة العالمية بما في ذلك شركة موانئ دبي على طاولة واحدة ويضع الجانب اليمني خياراته أمامها في تفاوض واضح وشفاف ويتم اختيار الأفضل. وهذا ما نوه إليه رئيس الجمهورية مشيراً إلى اعتماد الخيار الثالث وإلغاء الاتفاقية مع شركة دبي . ولكن عناصر وقوى الفساد لم تكن بمنأى عن هذا التوجه السليم بل استمروا في غيهم عابثين بمصالح اليمن وتعطيل مرافقها السيادية والعمل على الاستيلاء عليها بشتى الطرق الاحتيالية وبأسوأ الأثمان والشروط بهرولة نواياهم السيئة صوب الخيار الأول الذي لا يسمن ولا يغني من جوع . وبدلاً من إرساء المناقصة الأولى التي اتسمت بالنزاهة والشفافية على الشركة الكويتية "KGl" وإنقاذ ميناء عدن من الحالة المتردية والمضي به قدماً نحو التطوير. أبت أيادي العبث والفساد إلا أن تلعب دور الدلال والترويج لهذه البيعة الرخيصة حيث لجأت إلى إعادة المناقصة بزعم تحسين العروض كحيلة قبيحة لإعطاء شركة دبي فرصة العودة لدخول المناقصة مرة أخرى لكي تعمل على تحسين عرضها . إلا أن السحر انقلب على الساحر ، فعرض شركة دبي لم يكن ذاك العرض المتوقع الذي يحافظ على ما تبقى من ماء الوجوه لهؤلاء الفسده ليتذرعوا به أمام الشركات المتنافسة . وما كانت شركة دبي ستتقدم بهذا العرض المتدني إلا بعد أن أسالت لعاب من باعوا أنفسهم وضمائرهم لها مقابل حفنات من دراهم هم بها مساءلون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . ونوضح هنا بعض ما كشف من أخطاء الاتفاقية الموقعة في 13- يوليو 2008م مع شركة دبي التي ترقى إلى مرتبة الفساد والجرائم الاقتصادية الجسيمة ومقارنة مع شروط المناقصة للاتفاقية السابقة: 1- تخلت الحكومة عن إلزام موانئ دبي وشركائها " بقشان" بكميات محددة من الحاويات السنوية في هذه الاتفاقية . بينما التزام ضمان كميات محددة هو أساسي وجوهري وشرط أساسي لشروط المناقصة الدولية التي أنزلتها الحكومة اليمنية والاستشاري وبمساعدة البنك الدولي. 2- تخلت الحكومة عن حقوق الشعب اليمني في قيمة المعدات والآليات التي كان ملزما بها الطرف الآخر " موانئ دبي " وأبقتها تحايلاً كحصتها في اتفاقية المشاركة. وبشكل أوضح ووفقاً للتقرير الحكومي بأن رأس مال الشركة المشتركة " مؤسسة موانئ خليج عدناليمنية + شركة موانئ دبي العالمية " 200 مليون دولار أميركي يدفع منها عند التأسيس 72 مليون دولار وبالتساوي بين الشريكين " حصة الجانب اليمني عبارة عن قيمة الأصول وفقاً لتقييم شركة " أركاديف" العالمية حيث قيمتها ب 36 مليون دولار أميركي . وبهذه العملية غير المدروسة من الحكومة توهمت أن باستطاعتها الهروب من دفع مبلغ 36 مليون دولار مقابل التخلي عن المعدات وإبقاء قيمتها كحصتها في هذا التأسيس المشترك إلا أنها بالمقابل جردت شركة دبي من التزامها بتوفير معدات وآليات جديدة وحديثة ترفع به المستوى العملي والإنتاجي . في نفس الوقت اكتفت شركة دبي بتشغيل الميناء بمعدات متهالكة ومتدهورة لا يرقى بنشاط الميناء إلى مرتبة المواكبة للتطور النشط والسائد في مجال تناول الحاويات في العالم . 3- كانت الاتفاقية السابقة تلزم الشركة بتوسعة وتطوير الميناء بطول (2000 متر) في خلال السنة الأولى من الاتفاقية وبواقع (650 مليون دولار ) على حساب الشركة دون حق استرداد أي مبلغ مقابل لها من الحكومة . بينما الأخيرة والحاضرة لا تلزم الشركة إلا بمبلغ (35 مليون دولار) للتطوير وذلك في خلال خمس سنوات وبطول 400 متر فقط. 4- في الاتفاقية السابقة لا تلزم الحكومة بدفع أي مبالغ عند انتهاء العقد بينما الحاضرة تلزم الحكومة عند انتهاء العقد بأعمال تقييم الأصول والبنية التحتية وتلتزم الحكومة بدفع 50% من قيمتها لشركة موانئ دبي . 5- الجدير بالذكر أن أطراف التعاقد هم مؤسسة موانئ خليج عدناليمنية " الحكومية " تقوم بإيجار الميناء إلى شركة مناصفة مكونه من مؤسسة خليج عدن 50% وشركة موانئ دبي وشركائها "بقشان " 50% حيث تحمل هذه الشركة المشتركة أسم " موانئ دبيوعدن لتطوير الموانئ " ثم قامت تلك الشركة المشتركة بالدخول في الاتفاقية مع شركة موانئ دبي العالمية / عدن التي تملكها موانئ دبي العالمية الأم بنسبة 100% بتشغيل وإدارة ميناء عدن للحاويات مقابل أتعاب إدارة ثابتة وقدرها " مليون ونصف المليون دولار " يزداد حسب نسبة التضخم إضافة إلى ذلك أتعاب متغيرة بنسبة 7.1% من الإيرادات الإجمالية مما يفضح نوايا الفساد والنصب نهاراً جهاراً للمال العام الوارد من ميناء عدن للحاويات المقدر بمئات الملايين من الدولارات وتقاسمه بين شركات صورية لا تدفع مساهمات تذكر ولا تلتزم بأي ضمانات لرفع مستوى حركة الحاويات في ميناء عدن . 6- وفيما يخص إيجار الأرض فإن الشركة المشتركة ستدفع 250 ألف دولار سنوياً عن مناطق التوسعة والتي تقدر بحوالي أكثر من 70 هكتار إي بواقع نصف دولار بالمتر المربع وهذه جريمة أخرى . 7- جاء في تقرير اللجنة الوزارية المقدم إلى مجلس الوزراء أن الإيجارات المتوقعة خلال فترة الاتفاقية تصل إلى 872 مليون دولار في حده الأدنى وزيادة 900% عن قيمة إيجار الأرض التي كانت محددة في الاتفاقية السابقة والسؤال الذي يفرض نفسه هنا كيف تم احتساب زيادة 900% ؟ إلا أن يكون تضليلاً متعمداً يدل على النوايا السيئة المبيتة . ومن الملفت للنظر أنه كان هناك إصرار شديدا من قبل بعض الأطراف الفاسدة في الحكومة بتسليم ميناء عدن لموانئ دبي و " بقشان " منذ ما قبل وأثناء المناقصة وبأي ثمن بصرف النظر عن ما يلحق ذلك التصرف بمصالح اليمن من ضرر كبير لا يمكن جبره .