تعيش الجمهورية اليمنية في الآونة الأخيرة أوضاعاً سياسيةً وأمنيةً متأزمة بشكلٍ كبيرٍ جداً وذلك نتيجةً لذلك الصراع الذي اتخذ الشكل المسلح بين حركة وحزب تجمعهما النزعة الدينية وتفرقهما الرؤى والأفكار والأهداف فالحزب اتخذ طابعاً سياسياً واضحاً منذ فترة طويلة ويُعتبر امتداد فعلي لاتجاهات دينية سياسية تقع خارج النطاق الجغرافي للجمهورية اليمنية وتقاسمه الرؤى والأفكار والاتجاهات سواءً كانت الاتجاهات السياسية أو الدينية وقد ظهر هذا الحزب كلاعب أساسي في العملية السياسية للجمهورية اليمنية بعد ثورة 11 فبراير التي شكلت الممر الحقيقي الذي اتخذه هذا الحزب للوصول إلى السلطة وهو يشغل حالياً أغلبية مقاعد التشكيلة الحكومية الجديدة في البلد وهذا الحزب برغم من ادعائه التجرد من السلاح وعدم امتلاكه لجناح مسلح إلا انه في حقيقة الأمر يمتلك جناحاً مسلحاً له صفة عسكرية رسمية ينفذ أجندته ويخضع لأوامره الغير ظاهره للعلن . وأما الحركة فهي ذات نزعة دينية أصولية تحاول تحقيق مشروع امبريالي على الصعيدين الجغرافي والفكري يهدف إلى تكوين دولة ترسم ملامحها هذه الحركة وتحدد خصائصها وفقاً لرؤية دينية تشابه الرؤية الدينية لإحدى الدول الداعمة لهذه الحركة على الصعيد المادي والمعنوي ولهذه الحركة أجنحة قبلية مسلحة تقوم بدور الحماية والتأمين الجغرافي للمناطق التي تسيطر عليها الحركة وتعتبرها بؤراً للامتداد الجغرافي وقد حالت هذه الحالة من الصراع بين هاذين الطرفين دون الاستقرار على الصعيد الأمني والسياسي للجمهورية اليمنية منذ فترة ليست بالقصيرة . ومن المتعارف عليه أن الحكومات في هكذا حالات تتخذ وضعاً حيادياً بحيث تكون على مسافات متساوية من كل الأطراف المتنازعة كخطوة أولى في الطريق إلى حل النزاع القائم إلا أن هذا لم يحدث مع الحكومة اليمنية التي أقحمت نفسها في صراعٍ مسلح هي في غنى عنه بفعل الضغط الذي مورس عليها من قبل الحزب المتصارع مع الحركة التي سُلحت بأسلحة ثقيلة جداً و بطريقةٍ عجيبة تثير التساؤلات عن الكيفية التي تم بها التسليح . فالحكومة كانت قادرة على حل هذه المشكلة بسحب الأسلحة من جميع الأطراف . أو أن تواجه الطرف الرافض للتسلم بصفتها الحكومية وبسلطتها القانونية والفعلية لا الحزبية لان هذا الانحياز سيساهم في تأجيج الوضع وسيحول الصراع من صرع بين حركة وحزب إلى صراع بين حركة وحزب تسانده الحكومة .