لا يبدو أن ثمة بوادر للإنفراج لكل مانحن فيه اليوم ، ولقد أوقعنا اندفاعنا العاثر في أيدي جماعة من اللصوص لا تقل سوءاً عن أولئك الذين قذفوا بنا غيلةً باتجاه خياراتنا السيئة. لقد نجح المشترك تماماً في نسف ومصادرة وتشويه الفعل الذي كنّا نعتقده جميلاً، وسيدفعنا - كسابقه- باتجاه خياراتنا الأكثر سوءاً. ينتابني شعور من أدرك أنه تعرّض لاستغلالٍ سيءٍ لأحلامه ، وحاجته لأن يفوز بلحظة طمأنينة غير مُكلفة، وتوْقِه لأنْ ينعمَ بدفء وطنٍ لا عصابةٍ تدفعه باتجاه الكارثة المحققة. يلوح أمامي الحضور المطلق للرعب، والذي يستمد شرعية تواجده من جملة المخاوف الناجمة عن غياب الدولة ومشروعها الجامع ، وأكاد أعجز اليوم عن إيجاد التوصيف اللائق لكل ما قمنا به خلال العام2011م، وقد تساوى في السوء من ثُرْنا معهم، ومنَْ ثُرْنا عليهم. لا أدري كيف أخفي -وجميع رفاقي- حقيقة تعرضنا لعملية نَصْبْ مُحْكمة ، نُفّذتْ بخِسَّةٍ ووضاعةٍ نادرة ،ستكون قادرة على أن تخطو بنا ،وبتسارعٍ صوب النهايات المؤجلة. تفزعني المآلات التي وصلنا إليها، وصور الشهداء على سور جامعة صنعاء، وهي تشهد خيانةً جماعية ، وموتاً نالَ من تضحياتهم، وحوّلهم إلى خونةٍ في عيون فقراء الوطن وبسطائه الكثيرين. هكذا يتقن ساسةُ البلد تسديد رصاصات فشلهم باتجاه الآمال الأخيرة لشعبٍ .... ربما لنْ يبخل عليه الفندم محمد اليدومي فيخصُّه ب( منشور ) على صفحته في (الفيسبوك) يتهم فيه الطائفية ، محملاً إياها نتائج ما حدث وسيحدث، وسيحظى -حتماً- بلحظة سخاء وطنية لن يجد الناصريون حرجاً في إدّعاء رفضهم لهذه الخطوة (الجرعة)، ومؤكدين على إنحيازهم للفقراء والكادحين، مكتفين بإنجاز عَقْد مؤتمرهم العام ، ودعوتهم الباهتة لتشكيل حكومة كفاءات، تشارك فيها كل المكونات السياسية، فيما سيجد لدى الدكتور ياسين الحلّ عند تصفحه لكتابه الجديد- والذي سيخصّ به صحيفة الشارع-و الموسوم ب( ما بعد عبور المضيق) ، وكأن الشعب في درسٍ من دروس السيرة ليس عليه سوى استخلاص المقاربات والعبر والدروس من كل ما حدث، وهل سيلتفتْ قائد المسيرة القرآنية عبدالملك الحوثي وهو يطل من على شاشة قناة المسيرة- ليلقي خطابه الأسبوعي داعياً الشعب اليمني لتفهم الحاجة التي وجدتْ من أجله جماعته، وهدفها المقتصر على رفع الظلم والفساد عن كاهل هذا الشعب ( المسكين) حدّ قوله- ويتمتع بلحظة إنحياز حقيقيةٍ خاليةٍ من الإدعاء والمزايدة الرخيصة..؟؟ يبقى الرئيس السابق( علي صالح) الوحيد الذي لا يمكن أن يُعَوَّلَ عليه- بحسب اعتقادي الشخصي- في تبنِّي موقفٍ ما، وأتخيله اليوم- وقد نال قسطاً من الرضى- مسترخياً وبشعور مَنْ رُدَّ له اعتباره، بعد أن تعلم ( صالح) كيف يُدير أحقاده، ويشرف بمهارة عالية على رعايتها- كطفلٍ مدللٍ- كثيراً ما وجد في إخفاقات معارضيه التقليديين- الذين تقاسموا معه الحكم-بيئةً خصبةً لتكاثر الرغبة لديه - والتي لم تكن جديدة - في الإنتقام والثأر. وسيجدها مناسبةً منحتْه الوقت لسماع الكثير من عبارات ( سلام الله على عفاش)، والتي لم تكلفه سوى القليل من حماقات خصومه. لن يجد الشعب من يقف إلى جانبه البتة، وعليه أن يدرك ذلك جيداً، إذْ أن المشترك لا يمكنه التخلي عن حكومةٍ، يمتلك رئاستها ونصف وزرائها... وأن مثل هذا الإجراء ما كان له أن يكون، لو لم يوافق المشترك على مثل هذه الخطوة القاتلة لأحلام وحناجر الملايين، حيث يظهر ذلك جلياً في الدور الذي يقوم به المشترك -من خلال مواقعه ووسائله الإعلامية- في طمأنة الناس وخداعهم ، وأن رفع الدعم لن ينعكس سلباً على حياة الفقراء والتأكيد على ثبات الأسعار ، مع تغيير طفيف في أجور النقل الداخلي والخارجي، عموماً لن يعترف المشترك بجريمته تلك ويكاد يشبه أحدهم عندما طرده والده من البيت، فلم يجد سوى الجامع مكاناً لينام فيه، وفي عتمة الليل أراد الخروج لقضاء حاجته، لكن الخوف حال دون خروجه ، فما كان منه إلا أن فعلها في( كوفيته)، وعند الفجر أيقظه أحدهم: قم صلاة ولكي يخفي ما فعله صرخ بغضب وذهول: من فعل هذا في الكوفية حقي؟ فرد عليه الرجل : تمام يا إبني ذلحين قُم غَسِّل......... وبعدها نِبْصِرْ مَنُهْ.