الجزء الأول من المشهد الثالث (يجلس الملك سيف على كرسي العرش متضمخا بالعنبر وبيض المسك من مفرق رأسه، وعليه بردان أخضران، اتزر باحدهما وارتدى بالآخر، وبين يديه سيف، والملوك عن يمينه، وشماله أبناء الملوك). الحاجب : رجال قريش:(عبدالمطلب بن هاشم، وأمية بن عبد شمس، وأسد بن عبد العزي، وعبد الله بن جدعان، وأمية بن أبي الصلت) ينتظرون، ويطلبون الأذن بالدخول لتقديم التهنئة لمولاي الملك . سيف : مرحباً بهم..يدخلون حالاً..عين الملك سيف وعيون الحاضرين على الباب، وقد خيم الصمت عليهم، حتى إذا دخلوا، وقف الملك سيف مرحباً بهم، ويعانقهم . سيف : مرحباً (يا ابن أختنا) عبد المطلب بن هاشم..مرحباً بكم..تفضلوا اجلسوا على يميني . المطلب : (جالساً) هل يأذن لي الملك سيف بالكلام ؟ سيف : تفضل، فما أنت إلا (واحدً من الأسرة اليمنية)، ولن أناديك إلا (يا ابن اختنا) . المطلب : شكراً، وأعز ملكك (وإن الله تعالى، أيها الملك ملكك محلاً رفيعاً وصعباً منيعاً، باذخاً شامخاً، وأنبتك منبتاً طابت أرومته وعزت جرثومته ونبل أصله، وبعد فرعه، في الكرم معدن وأطيب موطن فأنت أبيت اللعن، رأس العرب الذي به تغضب، وملكها الذي به تنقاد) . سيف : قلت، وأفضت (يا ابن اختنا)، ووضعتني في مكان أنت فيه أولى . المطلب : بل أنت، فأنت من تحقق على يديك ما كنا لا نقدر عليه..أنت من طرد من كانوا يريدون غزونا والاعتداء على الكعبة..أنت أبيت اللعن رأس العرب الذي به تغضب.. عامر : (الجالس في مؤخرة المجلس)..أحسنت يا عبد المطلب وأجدت، لسان عربي مبين، يحسن الكلام ولا يحسن الأفعال، فأين كان رأس العرب يوم أن زاركم وطلب مساعدتكم، في طرد من تقول بأنه كان يريد الاعتداء على الكعبة..( هرج ومرج داخل القاعة، وعيونهم عليه، يتهامسون، من هو.) عامر : (واقفاً)..أنا عامر بن يزيد بن كبشه..أنا ابن الثائر أم أنكم قد نسيتم الثائر، وزوجتي أخت سيف . الحارث : (من بين الملوك-واقفاً) لقد بلغت يا هذا مبلغاً من غلظة القول ونقص الأدب، ما يوجب طردك من مجلسنا هذا..قلت ما قلت عن كبير قريش، وتسمي مولانا الملك باسمه . المطلب : لا تأبه لما قاله فينا يا ابن خالنا . الحارث : ثم متى كنت زوجاً لأخت مولانا الملك، أنا من آل ذي جدن، وأم مولانا وأخته من آل ذي جدن.؟ عامر : مادمت من آل ذي جدن فأنت تعرف أن لسيف أخت اسمها لميس من أبيه وأمه، أم أنك لا تعرف يا هذا . الحارث : لكنها تزوجت بابن النعمان أحد أقيال قبيلة كدت، أنت تكذب يا هذا . عامر : والنعمان بينكم فاسألوه . النعمان : ( من بين الملوك..طاعن في السن-واقفاً)..نعم هو ابن يزيد..هرج ومرج داخل المجلس للحظات.. الحارث : (دهشاً..عير مصدق)..ابن يزيد بن كبشه..كيف؟ النعمان : تلك قصة طويلة، فهل يأذن لي مولاي الملك أن أرويها . سيف : (بغيظ مكتوم)..ليس الآن، دعونا نرحب بضيوفنا، فمرحباً(بابن أختنا) وصحبه الكرام . الحارث : وما قاله هذا، ولو كان ابن يزيد، ولو كان صهر مولانا الملك . عامر : قلت هذا، وتقول الآن، وأنا أساويك درجة ومكانة وأفوقك مجداً، فأنا أبن الثائر . الحارث : أقول وأقول، حتى تعتذر أو يأذن لي مولاي بطردك، وإيداعك السجن . المطلب : لا تكن غليظ القول مثله يا ابن خالنا الحارث آل ذي جدن، دعه يقول ما بداخله حتى يستريح ويريحنا،خير له أن يستريح حتى لا يضمر لنا شراً، وخير لنا أن نعرف حتى لا تكون عقدة بصدورنا لا تحل إلا بما لا يحمد عقباه..دعه فخير لنا أن نعرف . الحارث : وهل يوافق مولانا الملك سيف على ما قاله كبير قريش . سيف : (منزعجاً) مادامت رغبة (ابن اختنا)، وحتى لا يكون عقدة، كما قال . عامر : كأنكم تمنحونني الكلام، ذلك من حقي أنا ابن الثائر يزيد. سيف : نمنح، أم حقك، ذلك شأنك، إن أردت أم لا. عامر : حقي..حقي..فهل تجيب على سؤالي يا عبد المطلب ؟ المطلب : (مستغرباً)..أي سؤال!! عامر : لا بأس إن نسيت فذهنك مشغول بإبلك التي تركتها بدون رب، وأتيت إلى هنا. المطلب : حسناً..لا بأس، فهل تذكرني بالسؤال؟ عامر : كنت سألتك فأين كان رأس العرب يوم أن .. المطلب : ذكرت..ذكرت، لو كنا نستطيع، كنا صدينا أبرهة. عامر : (ساخراً)..لو..لو، ولو لبيتم طلبه، كان استغنى عن الذهاب إلى فارس. المطلب : وكيف نلبي وحالنا لا يسمح؟ عامر : (ساخراً) حالكم يسمح في منازلة بعضكم..حالكم يسمح في إيذاء بعضكم، حالكم يسمح في طلب الثأر من بعضكم، أما الكعبة فلها رب يحميها، أما سيف فذلك شأنه، فإن انتصر كان رأس العرب الذي به تغضب، وإن انهزم كان رأس العرب الذي به تسخر. المطلب : (منفعلاً) لا ورب الكعبة..ما كنا لنقول. المرافقون: (لعبد المطلب..بصوت واحد) لا ورب الكعبة. عامر : (مشيراً للمرافقين..ساخراً) عبد المطلب رب أبله. الحارث : (واقفاً..منفعلاً) هل سمعتم، وشاهدتم..يقول ويشير.. يتبع