• كان السقوط السريع للعاصمة صنعاء بيد الحوثيين لغزاً لم يتمكن المحللون السياسيون والخبراء العسكريون من فك شفراته في حينه خاصة وأن جماعة الحوثي لم تتمكن من إسقاط قطعة جغرافية في صعدة يقال لها دماج في شهور وتسقط العاصمة المحصنة خلال ساعات.. آنذاك كانت أصابع الاتهام تشير إلى أطراف عدة مشاركة في هذا السقوط دونما أن يكون لدى المحللين أدلة تسند هذا القول أو ذاك. • صدمة السقوط السريع أذهل الجميع وشل تفكير المدنيين والسياسيين والعسكريين وما إن انقضت ساعات الحرب وكف الرصاص عن لعلعته وانقشع غبار القذائف ودخان الحرائق حتى بدأت المؤشرات بالظهور لتدعم الاتهامات التي كانت تشير إليها الأصابع والمتمثلة بصمت رئيس الجمهورية والذي تدور رحى الحرب عند قمة رأسه دون أن يحرك ساكناً ومثله وزير دفاعه حيث تدار المعارك عند قدمه في الفرقة وفي خاصرته بجامعة الإيمان. ثم كيف بجماعة لا تمتلك أدنى قواعد المعارك واستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة تتمكن من خوض معركة بتلك الصورة والدقة في القنص والأهم فيادة الدبابات والعربات المنهوبة من الفرقة والمواقع العسكرية التي تم السيطرة عليها، حينها كان الأمر شديد التعقيد والتفسير إلى أن خرجت المعلومات لتفيد أن التنسيق والتعاون بين الحوثي وصالح كان هو الركن الأهم والأبرز في المعركة، رجالات صالح وبالأخص في الحرس الجمهوري والأمن المركزي مع الدعم القبلي هم من أوقعوا العاصمة في يد الحوثي. إذا تحالف الحوثي مع صالح ووزيرا الدفاع والداخلة هو من أسقط العاصمة. لكن ما هي المصلحة الجامعة بين هذه الأطراف وخصوصاً هادي: مصلحة بل رغبة الحوثي وصالح كانت معروفة وهي التخلص من بيت الأحمر وبالأخص علي محسن والإخوان المسلمين، وهنا تقاطعت مصلحة هادي معهم في التخلص من هذه القوى التي شكلت عائقاً له خلال السنوات الثلاث الماضية وكبلت حركاته وقراراته وتوهم أن المسألة ستتفوق عند سقوط العاصمة ولم يكن يدرك أن ستتوقف صالح الحوثي لا يزال مستمراً وله امتدادات، فصالح ولديه رغبة الانتقام من شعب ثار ضده في العام 2011م وأجبره على ترك الحكم ومن ثم فإن ثأره لن يتوقف في صنعاء بل يجب أن يلحق الأذى بالحديدةوتعزوإب وعدن وكل المدن التي خرجت فيها مظاهرات تطالب برحيله ولمَ لا وهو المنادي دوماً بسياسة هد المعبد على الجميع. أما شريكه الحوثي فقد أخذته العزة بالنصر وغرته المكاسب والمغانم والذخائر وقبل ذلك كله السقوط السريع لصنعاء فاعتقد أن استمرار تحالفه مع صالح ومؤتمره سيحقق غايته وفعلاً تمادى الطرفان في غيهما. وسخر صالح الحوثي واستخدمه في نيل مآربه في الثأر فما كان من الحوثي سوى التوجه نحو الحديدةوإب وذمار وأوقفته تعز. هذه المغامرة جلبت على الحوثي اللعنة وإن اعتقد أنه حقق شيئاً فإن الشيء الوحيد الذي حققه سيكون السقوط السريع له ولجماعته مقابل الصعود السريع، فهو لم يكن بحاجة لخوض غمار القتال في إب ولم يكن بحاجة لاستعراض قوته في الحديدة خصوصاً أنه قد أصبح الحاكم الفعلي في صنعاء وأصبح الرئيس هادي أسير لجانه الأمنية مع وزير داخليته. المشهد أشبه بمسرحية هزلية من حصار عمران وسقوطها إلى زيارة هادي ليعلن عودتها إلى أحضان الدولة وما هي إلا أسابيع وإذا بمشهد الحصار يتكرر على العاصمة ويعقبها اتفاقية سلم وشراكة، هادي يؤدي دوره عمران في أحضان الدولة وهي حتى اللحظة رهينة وصنعاء لم تسقط ولن تسقط وهي مختطفة هادي ظهر في أدنى الأحوال أشبه بملك لعبة الشطرنج ليس بيديه سوى أن يتنقل كما يشاء لاعبه في حين كان صالح وأذنابه المؤتمريين هم الحاضرون في عمرانوصنعاء وكان الحوثي هو اليد الطولى والصوت المرتفع. المشهد ذاته يتكرر في محافظة إب إعلامياً الحوثي يعلن عن تواجده ولجانه في المحافظة وفي حقيقة الأمر رجال صالح وزبانيته هم من يخوضون القتال ويضعون لاصق الحوثي وشعاره على أسلحتهم وسياراتهم، صالح يصفي حسابه مع محافظة إب وثوارها والحوثي يقبل أن يكون قاتلاً للأطفال والشيوخ ومفجراً للمنازل الحوثي لم يكسب في معركته بإب كما لم يكسب في الحديدة أو في غيرها والمشكلة الكبرى هي في صمت هادي المتكرر والذي يمكن أن يدعم فكرة التحليل للمشهد من وجهة نظر أن هادي يسير في طريق فك الارتباط أو الانفصال السلس. فهادي يدير الدولة بطريقة النظام السابق وبآلياته ورجالاته كما أنه المسؤول عن خلق الذرائع الواهية التي تسلق عليها الحوثي فهو من يتغاضى عن تنفيذ مخرجات الحوار وفي المقدمة منها إعلان الحكومة وهو من أعلن الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار بمخالفة وكذا أيضاًللرقابة على مخرجات الحوار بمخالفة وكذا أيضاً لجنة الأقاليم وهنا لا بد من الإشارة إلى الموقف المسؤول للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والذي أعلن عن رفضه للإجراءات المتخذة من قبل هادي وبالمخالفة. بتلك التصرفات والقرارات وبصمته عن كل ما جرى يتحمل هادي بل يعد مشاركاً في ما يجري في البلاد من أعمال دمار وخراب وقتل. يلي هادي في المسؤولية حكومة الفشل ورئيسها التابع وأعضاؤها الفاسدون وقبلهم جميعاً يتحمل الرجل المريض المنتقم من النظام والبلاد صالح المسؤولية في التخطيط والتنفيذ وتشاركه جماعة الحوثي فيما وصلت إليه البلاد وهذا لا يعني إغفال الدور الخارجي لكل من السعودية وإيران كلاعبين رئيسيين ومعهم الدول العشر وبن عمر. المشهد في المحافظات الجنوبية هو الآخر ذو صلة بما يحدث في المحافظات الشمالية ولا ينفك عنه فحالات الاتساق والتنسيق بين بعض مكونات الحراك وبالأخص المسلحة مع إيران وارتباط البعض الآخر بالسعودية وكذا التنسيق بين مكون الحراك مع الحوثيين وتقاطع مصالحهما في إضعاف الدولة وإمكانية سيطرتهما على إرثها بحكم قوة المال والسلاح اللذين يمتلكانه فضلاً عن الدعم اللوجستي بين إيران والسعودية. الحراك يعيش هذه الأيام حالة من الترقب لدرامية المشهد الذي يقوم به الحوثي ويخرجه صالح في المحافظات الشمالية على أمل أن يؤتي ثماره فيوحد مكوناته وينمي لديها رغبة فك الارتباط وأمل الانفصال وإقامة دولتهم المزعومة. مع أن المتتبع للمشهد الجنوبي والمتفحص لأداء مكوناته العبثية والتي تحركها رغبة السلطة وبعضها رغبة الانتقام مع سلطة الشمال حتى وإن كان على حساب إخواننا في المحافظات الجنوبية وهنا يكفينا أن نستدل على مستقبل الجنوب في حالة ما تم فك الارتباط بما يحذر منه الرئيس الأسبق علي ناصر محمد. وهو الخبير بالسياسة ودهاليزها وصاحب تجربة الحرب والسلم في الجنوب بل هو باني الجنوب فقد أعرب مؤخراً في بيان له عن خشيته من أن لا يكون الجنوب جنوباً ولا الشمال شمالاً نتيجة ما يمر به اليمن من أوضاع صعبة ومعقدة قائلاً: كان الأمل لدى قطاع واسع من اليمنيين بأن تمثل مخرجات الحوار الوطني عنواناً للخلاص من الأزمات اليمنية على تنوعها. هنا تكمن الحكمة وتتمثل المسؤولية لدى السياسيين والمسؤولية الوطنية.