اجمل ما سمعت وقرات في صياغة الالفاظ الثقافية هي (( اننا في ارض ورثناها من اجدادنا لنتحمل مسئولية بناء وطنا في هذه الارض )), فالأرض ليست وطنا الا بما يمتلك ابناءه من ثقافة بناء وتعلم ومشاركة وتحديث وتطور وقانون ودولة ومؤسسات وجيش ومن هنا المشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لجملة من العوامل الاجتماعية الاقتصادية والمعرفية والثقافية والسياسية والأخلاقية؛ تتضافر في تحديد بنية المجتمع المعني ونظامه السياسي وسماتهما وآليات اشتغالهما، وتحدد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدى توافقها مع مبدأ المشاركة الذي بات معلماً رئيساً من معالم المجتمعات المدنية الحديثة، المجتمعات التي أعاد العمل الصناعي وتقدم العلوم والتقانة والمعرفة الموضوعية والثقافة الحديثة بناء حياتها العامة وعلاقاتها الداخلية، على أساس العمل الخلاق، والمبادرة الحرة، والمنفعة والجدوى والإنجاز، وحكم القانون، في إطار دولة وطنية حديثة، هي تجريد عمومية المجتمع وشكله السياسي وتحديده الذاتي. بعبارة أخرى، المشاركة السياسية مبدأ ديمقراطي من أهم مبادئ الدولة الوطنية الحديثة؛ مبدأ يمكننا أن نميز في ضوئه الأنظمة الوطنية الديمقراطية التي تقوم على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، من الأنظمة الاستبدادية، الشمولية أو التسلطية التي تقوم على الاحتكار. مبدأ يقيم فرقاً نوعياً بين نظام وطني ديمقراطي قوامه الوحدة الوطنية، وحدة الاختلاف والتنوع والتعارض الجدلي، ونظام شمولي أو تسلطي قوامه التحاجز الاجتماعي والحرب الأهلية الكامنة التي يمكن أن تنفجر عنفاً عارياً وتدميراً ذاتياً في أي وقت. مبدأ سياسي وأخلاقي يقيم فرقاً نوعياً بين الحرية والاستبداد. ويمكن القول إن المشاركة السياسية هي التعبير العملي عن العقد الاجتماعي الطوعي، لا في مفهومه فحسب، بل في واقعه العملي أيضاً، إذ تعيد المشاركة السياسية إنتاج العقد الاجتماعي وتؤكده كل يوم؛ أي إنها تعيد إنتاج الوحدة الوطنية وتعزها كل يوم، وهذه أي الوحدة الوطنية من أهم منجزات الحداثة، ولا سيما الاعتراف بالحقوق الناجمة عن الاعتماد المتبادل بين مختلف الفئات الاجتماعية وإسهام كل منها في عملية الإنتاج الاجتماعي على الصعيدين المادي والروحي، ويمكن القول إن المشاركة السياسية هي جوهر المواطنة وحقيقتها العملية، وهي التي تحدد الفارق النوعي بين الرعايا والمواطنين وبين الامتيازات والحقوق. ذوو الامتيازات، في كل عصر وفي كل نظام، لم يكونوا مواطنين، بل رعايا. وذوو الامتيازات اليوم ليسوا مواطنين، بل هم رعايا وموالون وعبيد، فمن يظن نفسه سيداً على جماعة من العبيد هو أكثر منهم عبودية. وذوو الامتيازات اليوم ليسوا وطنيين، لأن الوطنية تتنافى مع الامتيازات على طول الخط. والنظام الذي يقوم على الامتيازات وتسلسل الولاءات ليس نظاماً وطنياً بأي معنى من المعاني. الوطنية هنا مرادفة لكلية المجتمع وعمومية الدولة وسيادة الشعب، وليست حكم قيمة أو صفة أخلاقية. المواطنون فقط هم ذوو الحقوق المدنية، الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي يعترف بها الجميع للجميع بحكم العقد الاجتماعي، ويصونها القانون الذي يعبر عن هذا العقد. باي حال ستاتي يا دستورنا المنتظر وباي ظرف ستؤول الى هذا المنطق فنحن هنا سننتظر بكامل اهليتنا الثقافية والقبلية والطائفية والحزبية كي نشارك في هذا العقد كي ننظم علاقة الحزب بالقبيلة وعلاقة الحزب بالوطن وعلاقة القبيلة والمذهبية وكذا علاقة الوطن بكل تلك الفئات فعندما تندمج تلك الفئات ستندمج تماما امام احكام الدستور ونصوصه وهنا تضع المدنية ودولة المؤسسات اقوى اللبنات لبناء هذا الوطن في هذه الارض التي زرعها وسورها اجدادنا كي نصنع وطنا موحدا كما يجب لا ان نضع شروطا لصياغة الدستور لبناءه او تطبيقه او حتى تكوينه دون شرط يجحف باي فئة والا فان افة الدستور هي تلك المشارطة التي ازاحت عنوان المشاركة. [email protected]