أسوة بما فعله عبدالمطلب بن هاشم - جد الرسول الأعظم- محمد (ص) يوم أن ذهب إلى أبرهة الحبشي الذي قدم إلى مكة من اليمن لهدم الكعبة..... ذهب عبدالوهاب الآنسي أهم صانعي سياسات حزب الإصلاح وأحد صمامات الأمان لهذا الحزب إلى السيد عبدالملك الحوثي في عرينه بصعدة ليقول له قولة عبدالمطلب الشهيرة ولكن بصيغة مختلفة وفي زمن يدين فيه الطرفان بدين واحد هو دين الإسلام: أنا رب مقراتي ومصالحي ولليمن رب يحميها. موقف الإصلاح هذا أثار كثيراً من النقاش ومن الجدل ومن ردود الأفعال لاسيما بين أوساط منتسبي هذا التنظيم، كان في معظمها في غير صالح قادة الإصلاح، حيث وصلت إلى حد قول النائب العديني: أن على الإصلاح التصالح أولاً مع علماءه ومع الشريعة الإسلامية، بل أن أحداً من منتسبي هذا التنظيم فضل الارتماء في أحضان القاعدة على الذهاب إلى السيد عبدالملك كما جاء في قوله، أما الحاصلة على ثلث جائزة نوبل فقد وصفت قيادات حزبها بأنهم مجرد عبيد، متناسية يوم هروبها من منزلها وغرفة نومها يوم أن دخل أنصار الله إلى العاصمة ذعراً من هؤلاء الأنصار، ناهيك عن تناسيها حكمة قادتها يوم أن جنبوا تنظيمهم ومنتسبي هذا التنظيم سيما من القيادات مصير المواجهة غير المحمودة عواقبها مع أنصار الله في 21 سبتمبر 2014م الذي فر فيه جنرالهم وحامي حماهم علي محسن الأحمر إلى وجهة غير معروفة. السؤال الذي كان يجب أن يتقدم ردود الأفعال المعارضة لتقارب الإصلاح مع السيد عبدالملك وأنصاره هو: ما الذي كان بوسع قادة الإصلاح فعله كبديل لهذا التقارب؟. كل ما يحيط بالإصلاح يمثل خناقاً محكماً على هذا التنظيم، إذ من أبرز وأوضح صور هذا الخناق التوجه الدولي في محاربة الأخوان واستئصال شأفتهم في كل مكان يتواجدون وينشطون فيه، يوازيه توجه إقليمي في هذا الاتجاه مرصود بدعم مالي غير محدود وبمواقف سياسية لا لبس فيها أو مواربة تجسدت بوضع تنظيم الأخوان في قائمة الإرهاب، يقابل هذا التوجه الدولي والإقليمي مواقف داخلية تصب في هذا الاتجاه ذاته سواء كانت دوافعها انتقامية كما هو موقف المؤتمر الشعبي العام أو في سياق التوجه الدولي والإقليمي كما هو موقف نظام "هادي" حتى وإن لم يعلن صراحة عن هذا الموقف. إذا أضفنا لهذين العاملين الداخليين طبيعة الصراع المذهبي بين الإصلاح وأنصار الله في الوقت الذي يقبض فيه أنصار الله على كثير من مفاصل الحياة في هذا البلد، عند هذا المشهد الموجه بمجمله ضد الإصلاح سنعرف كم هي الحاجة لقادة عقلانيين كالآنسي واليدومي على رأس هذا التنظيم، وكم هي الحكمة في أن يتوجه قادة هذا الحزب إلى "مران" لعقد اتفاق مع السيد الحوثي، هذا الاتفاق الذي لا أجد له من عنوان غير هذا المثل الشعبي الدارج وهو: فك لي ولك عنبك، أي اتركني وشأني وافعل ما شئت بهذا البلد. السؤال الذي يفرض نفسه على قيادات الإصلاح بعد أن يستردوا أنفساهم في إطار هذه الاستراحة التي سيمنحها الاتفاق بين طرفي الصراع المسنود بالقبيلة وبالفتاوي الدينية – الإصلاح وانصار الله- هو ما هي أولويات قادة الإصلاح في ضوء هذا الاتفاق؟ من وجهة نظري أجد أن من أهم هذه الأولويات هو النظر في تحالفهم مع أحزاب اللقاء المشترك؛ طالما أثبتت الأيام ان هذا الخليط السياسي هو خليط غير متجانس وغير قابلة مكوناته للذوبان مع بعضها لتكوين مادة جديدة وفاعلة في الساحة الوطنية. انخراط الإصلاح في تحالف يضم أهم القوى التقدمية في الساحة الوطنية المنفتحة على الحياة العصرية كالحزب الاشتراكي الأممي والحزب الناصري القومي لم يشفع للإصلاح لدى الغرب أو لدى أنظمة الخليج أو المؤسسة السياسية في الداخل في أن يُجنب هذا التنظيم العقوبات الدولية ومن حشره في زاوية الاستهداف الدولي والإقليمي والمحلي، إذ أثبتت الظروف الصعبة التي مر بها هذا التنظيم لاسيما بعد ولوج أنصار الله إلى العاصمة وتمددهم في اكثر من محافظة عدم فاعلية تحالف المشترك وعدم قدرته على حفظ ماء وجه هذا التنظيم؛ كونه تحالفاً كان محصوراً في مناوئة حكم صالح وفي الوصول إلى إزاحته من على كرسي الحكم أكثر منه تحالفاً وطنياً لبناء الدولة أو للنهوض بالوطن من كبواته وتعثراته. كثيرٌ ما يطرح سؤال في أكثر من مكان يدور فيه النقاش حول هذا الاتفاق المفاجئ للجميع، هذا السؤال هو: هل سيصمد هذا الاتفاق كثيراً؟ الجواب: إذا كانت بواعث الخلاف بين الطرفين هي بواعث داخلية بحتة فإن عمر هذا الاتفاق سيطول وسيؤتي أكله؛ كونه سيوفر لكلا الطرفين حالة من الهدوء ومن الاستقرار ومن استرداد الأنفاس، ومن التفرغ لبناء الذات ولترتيب الأوراق، ولإعادة النظر في كثير من القضايا والمسئوليات. أخطر ما في هذا الاتفاق هو فيما إذا كانت بواعث خلافات هذين الطرفين خارجية بامتياز، إذ عند هذا الامر يمكنني الجزم بان اتفاق كهذا هو تكتيكي أكثر منه اتفاقا استراتجياً هدفه استرداد الانفاس واخذ استراحة قصيرة هي ما يطلق عليها عادة باستراحة المحارب. ما اتمناه على الرئيس هادي هو أن يلتقط هذه الفرصة بأن يدعم هذا الاتفاق فضلاً عن دعم أية اتفاقيات اخرى تقوم بها القوى السياسية المتصارعة في الساحة، كما أتمنى عليه العمل في اتجاه بلورة هذا الاتفاق إلى واقع عملي، كون تقارب مثل هكذا قوى متصارعة في الساحة الوطنية وتضييق مساحات خلافاتها يصب في الأساس في تمكين الرئيس من التفرغ لمهامه ولمسئولياته الوطنية بدلا ً من تفرغه لمثل هكذا صراعات بات الوطن وأهله في غنًا عنها، طالما لن يجني أحد من وراءها غير الخراب والدمار والدوران في حلقة مفرغة طال الدوران فيها لسنوات ولعقود طويلة فضلاً عن إبقاء البلد في ذيل قائمة الدول والشعوب والتي من أخطرها وأكثرها مذلة بقائه في مؤخرة ذيل الشعوب المتخلفة التي عادة ما يطلق عليها بدول العالم الثالث المتخلف. [email protected]