كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقرأ معا كيف يتحول الانسان المتّدين الى مسخرة !
نشر في التغيير يوم 11 - 06 - 2015

بالرغم من كل التطورات الجذرية التي حصلت في الفكر السياسي الشيعي المعاصر، وتخلي الشيعة عن نظرية "الإمامة الإلهية" عمليا، وعدم بقاء أي شيء منها سوى الاسم وبعض الذكريات وشيء من التراث الفقهي وبعض الطقوس، إلا أن النظرية لا تزال تؤثر في حياة الشيعة نوعاً ما وتصوغ هويتهم، بعد أن تحولت لديهم إلى "عقيدة دينية" خالدة بسبب الإيمان بوجود "الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري" واستمرار حياته إلى اليوم، مدعما بمجموعة من الأحاديث السنية والشيعية حول "الاثني عشر إماما" الذين يقول الإمامية إن النبي الأكرم قد نصَّ عليهم وعينهم أئمة من بعده. ومن هنا لا يمكن إنجاز الإصلاح الكامل الشامل في صفوف الشيعة والتحرر من نظرية "الإمامة الإلهية" إلا عبر مراجعة فرضية "وجود الإمام الثاني عشر وولادته" والقيام بنقد أحاديث "الاثني عشرية" وتقييمها بصورة موضوعية.
1 - التحرر من أسطورة "المهدي المنتظر"
لقد كان مقدرا لنظرية "الإمامة الإلهية" أن تنتهي تماما في أواسط القرن الثالث الهجري عند وفاة الإمام الحسن العسكري سنة 260 للهجرة، وعدم إشارته إلى وجود ولد له، وعدم وصيته لأحد من بعده بالإمامة، وإدراك كثير من الشيعة الذين كانوا يعتقدون بالإمامة؛ أنهم على خطأ ويعيشون على أوهام.[1] ولكن قول فريق من الشيعة بوجود ولد مخفي للعسكري وأنه الإمام بعده، ثم تأليف روايات حول "الاثني عشري" أنقد نظرية "الإمامة الإلهية" من الانهيار التام على الصعيد النظري، بالرغم من انهيارها عمليا وفي الواقع منذ ذلك الحين.
ولذلك فمن المهم جدا بحث موضوع ولادة ووجود "الإمام الثاني عشر" والنظرية "الاثني عشرية". وقد بحثت في كتابي السابق "تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه" ذلك بالتفصيل ، وأثبت عدم وجود أدلة شرعية تاريخية على ولادة ذلك "الإمام" الذي يطلق عليه الشيعة عادة اسم "الإمام المهدي" وقلت انه لم يكن سوى فرضية فلسفية. وأرى من المناسب هنا تقديم ملخص عن كيفية نشوء تلك الفرضية و"أدلتها" ثم مناقشتها باختصار.
تقول الرواية التاريخية، التي يعترف بها وينقلها المؤرخون والمتكلمون الشيعة "الاثنا عشريون" كالنوبختي والاشعري القمي والنعماني والصدوق والمفيد: إن الإمام العسكري توفي دون أن يخلف ولدا ظاهرا، وإنه لذلك أوصى بأمواله إلى أمه.[2] ولكن فريقا من وكلاء العسكري الماليين (وعلى رأسهم الوكيل عثمان بن سعيد العمري) ادعى وجود ولد مخفي للإمام العسكري، وأنه الإمام من بعد أبيه، وأنه المهدي المنتظر. وفسر عدم إشارة أبيه إليه في حياته وعدم وصيته إليه، وعدم ظهوره من بعده، وغيبته، بالتقية والخوف من الأعداء . ونقل الوكلاء قصصا عن ولادة "الإمام" واللقاء به في حياة أبيه وبعد وفاته.
وجاء المتكلمون الإماميون فنظَّروا لذلك الادعاء، واحتجوا بضرورة استمرار الإمامة الإلهية بصورة عمودية وعدم جواز انتقالها إلى أخوين بعد الحسن والحسين. وجعلوا من هذا الكلام حجر الزاوية في عملية الاستدلال على وجود "ولد" للإمام الحسن العسكري. وقد نسجوا منه، ومن بقية القضايا الكلامية التي توجب العصمة في الإمام، أو توجب النص في أهل البيت، دليلا ً أسموه ب : "الدليل العقلي" .[3]
ثم جاء المحدثون الشيعة في القرن الرابع الهجري، فرووا (أو اختلقوا) مجموعة من الأحاديث على لسان النبي الأكرم والأئمة السابقين حول "الإمام الثاني عشر" واسمه وغيبته وما إلى ذلك.
وإذا أردنا أن نناقش أدلة "الاثني عشرية" التي يقدمونها على ولادة ووجود "الإمام الثاني عشر" فيكفي أن نناقش الأدلة التاريخية، لأنها الوحيدة التي يمكن أن تثبت أو تنفي حكاية الولادة السرية. وأما الأدلة العقلية أو النقلية (الروائية) فهي مجرد أدلة فرضية غير علمية لا تصمد أمام التحقيق والنقاش، ولا يعقل استخدامها لأجل إثبات حقيقة خارجية كولادة طفل مثلا، وهي تكشف عن أزمة نظرية مرّ بها ذلك الفريق من الإمامية ممن يشترط توارث الإمامة بصورة عمودية، وعدم جواز انتقالها إلى أخ أو ابن أخ، أو عمّ أو ابن عمّ، واضطراره إما إلى التنازل عن هذا الشرط، أو التسليم بانقطاع الإمامة بعد وفاة العسكري دون خلف، كما هو الظاهر من حياته، أو افتراض وجود ولد له في السر، بالرغم من عدم التصريح به، أو الإعلان عنه، أو وجود أي دليل عليه، وتفسير هذا الغموض والكتمان بالتقية والخوف من السلطة، بالرغم من عدم وجود مؤشرات تستدعي ذلك .
وإن تسمية عملية الاستدلال النظري على وجود ولد للحسن العسكري، بالدليل "العقلي"، هو في الحقيقة من باب التسامح والاستعارة، وإلا فانه أبعد ما يكون عن الاستدلال العقلي، إذ يعتمد على مجموعة مقولات نقلية، وبعضها أخبار آحاد بحاجة إلى إثبات الدلالة والسند، كمقولة "ضرورة الوراثة العمودية وعدم جواز انتقال الإمامة إلى أخوين بعد الحسن والحسين". وأن المناقشة في أية مقدمة من مقدمات الدليل "العقلي" الطويلة ، كضرورة العصمة في الإمام ، وضرورة النص عليه من الله ، وثبوت الإمامة في أهل البيت، وانحصارها في البيت الحسيني، وكيفية انتقالها من إمام إلى إمام، ودعاوى بقية الأئمة الذين ادعوا الإمامة والمهدوية كمحمد بن الحنفية وابنه أبى هاشم، وزيد بن علي، ومحمد بن عبد الله ذي النفس الزكية، وإسماعيل بن جعفر وأبنائه، وعبد الله الأفطح ومحمد بن علي الهادي .. وما إلى ذلك من التفاصيل الجزئية في نظرية الإمامة الإلهية، من البداية إلى النهاية، حتى وفاة الإمام الحسن العسكري .. إن المناقشة في أية مقدمة من تلك المقدمات تسد الطريق على الوصول إلى فرضية: "وجود ولد للحسن العسكري". وتؤكد أنه ليس إلا افتراضاً وهمياً، وظناً بغير علم. وقد نهانا الله عزّ وجلّ عن اتباع الظن، وخاصة في الأمور العقدية، حيث قال تعالى:" ولا تقفُ ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد، كل أولئك كان عنه مسئولاً" (الإسراء 36) وقال منتقداً أصحاب الديانات الأخرى الذين يبنون عقائدهم على الظن والتخمين والافتراض :" قل هل عندكم من علم، فتخرجوه لنا ؟ .. إن تتبعون إلا الظن، وان أنتم إلا تخرصون!" ( يونس 36) وقال:" إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم، ما أنزل الله بها من سلطان، إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى".( النجم 23) وقال:" وما لهم به من علم، إن يتبعون إلا الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ". ( النجم 28)
إذن فلمعرفة حقيقة "الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري" لا بد من مراجعة القصص التاريخية التي تتحدث عن ولادته واللقاء به، ولا سيما ادعاء "النواب الخاصين الأربعة" ( عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد، والنوبختي، والصيمري) والتأكد من رواياتهم.
وعند مراجعة تلك الروايات "التاريخية" حول الولادة المزعومة لابن العسكري، نجد أن المؤلفين الذين أوردوها، أراحوا أنفسهم من تهمة الاعتماد على هكذا روايات ضعيفة، وقالوا في البداية:" إننا نثبت وجود "الإمام الثاني عشر" بالطرق العقلية ( أو الفلسفية أو الاعتبارية أو النظرية) ، ولسنا بحاجة الى الروايات التاريخية، وإنما نأتي بها من باب الإسناد والتعضيد والتأييد". وألقوا عن أنفسهم عبأ المناقشة العلمية لتلك الروايات والتأكد من سندها والنظر الى متنها.

وقد كانوا يوردونها من باب "الغريق يتشبث بكل قشة" وإلا فانهم أعرف الناس بضعفها وهزالها.. ولو كانت فرقة أخرى تستشهد بهكذا روايات على وجود أئمة لها، أو أشخاص من البشر .. لسخروا منها، واستهزءوا بعقولها، واتهموها بمخالفة المنطق والعقل والظاهر..
إن روايات "الولادة" لم تكن معروفة في فترة ما يسمى ب :"الغيبة الصغرى" حيث لم ينقلها المؤلفون الذين قالوا بوجود الإمام الثاني عشر، وكتبوا حول ذلك في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، كالنوبختي في "فرق الشيعة" وسعد بن عبد الله الاشعري القمي في "المقالات والفرق" وعلي بن بابويه الصدوق في "الإمامة والتبصرة من الحيرة" ولا من جاء بعدهم كمحمد بن أبى زينب النعماني في :"الغيبة" أو الكليني في "الكافي". وإنما سجلها بعد ذلك بعشرات السنين، كلٌ من محمد بن علي الصدوق في:"إكمال الدين" (في القرن الرابع) والمفيد في :"الإرشاد" و"الفصول المختارة" و الطوسي في "الغيبة" (في القرن الخامس).
وهي تختلف فيما بينها اختلافا فاحشا وكبيرا بدءا من تحديد هوية أم "محمد بن الحسن" المفترضة، ومروراً بتاريخ ولادته، وانتهاء بأدق التفاصيل.. حيث اختلفت في اسم والدته بين الجارية نرجس، أو سوسن، أو صقيل، أو خمط، أو ريحانة، أو مليكة، أو مريم بنت زيد العلوية، وأنها حرة، أو جارية ولدت في بيت بعض أخوات الإمام الهادي .. أو اشتريت من سوق الرقيق في بغداد.. واختلفت تلك الروايات في تحديد تاريخ الولادة في اليوم والشهر والسنة.. واختلفت تبعا لذلك في تحديد عمره عند وفاة أبيه بين سنتين أو ثماني سنوات. واختلفت في طريقة الحمل في الرحم أم في الجنب، وفي الولادة من الفرج أم من الفخذ! واختلفت الروايات في تحديد لونه بين البياض أو السمرة. واختلفت في طريقة نموه بين الطريقة العادية المتعارفة، والقول بأنه كان يبدو عند وفاة أبيه بهيئة صبي، وبين الطريقة اللاطبيعية .. واختلفت في هذه الطريقة بين النمو السريع في اليوم مثل النمو خلال سنة اعتيادية، أو النمو في اليوم مثل النمو في أسبوع .. والنمو في الأسبوع مثل النمو خلال شهر.. والنمو في شهر مثل النمو خلال سنة. وبناء على ذلك فانه كان يبدو قبل وفاة أبيه بهيئة رجل كبير قد يبلغ سبعين عاما.. بحيث لم تتعرف عليه عمته حكيمة واستغربت من أمر الإمام الحسن لها بالجلوس بين يديه.
وقد مضى حوالي اثني عشر قرنا على "غيبة" ذلك الإمام المفترض "محمد بن الحسن العسكري" ولم يظهر. رغم أن غيبته المفترضة تناقض فلسفة وجوده التي يروج لها "الإمامية"، وهي:" ضرورة تعيين الله لإمام معصوم من أهل البيت ليقيم الحكم الإسلامي ويقود المسلمين ويعلمهم"، مما دعا ويدعو لإعادة النظر في وجود وولادة ذلك "الإمام". وفي الحقيقة إن كثيرا من الشيعة الذين صدقوا بحكاية وجود "الإمام المهدي" عادوا فتراجعوا عن الإيمان به بعد فترة من الزمن، حسبما يحدثنا النعماني ابن أبي زينب، والصدوق.
2 - نقد النظرية "الاثني عشرية"
ولكن ما دفع بعض الشيعة الآخرين للتصديق بوجود "الإمام الغائب" واستمرار حياته لمئات السنين، هي الأحاديث "الاثنا عشرية" التي ظهرت في القرن الرابع الهجري وتحدثت عن تسمية النبي لقائمة من "الأئمة الاثني عشر" بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم، وأن آخرهم المهدي المنتظر "محمد بن الحسن العسكري" الذي سيطول عمره حتى يظهر وإن بقي من عمر الدنيا يوم واحد، ليملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملأت ظلما وجورا. مما جعل الشيعة يعتقدون بأن مسألة طول عمر "الإمام المهدي" مسألة غيبية خارقة كطول عمر النبي نوح (عليه السلام). وقد استعرضنا تلك الروايات في فصل سابق (التشيع الاثنا عشري) وهي جزء مما تبقى من "التشيع الديني" الذي يعطي "الشيعة الاثني عشرية" اسمهم وهويتهم.
ولكي نتأكد من حقيقة "الاثني عشرية" لا بد أن نعود إلى القرون الثلاثة الأولى لنكتشف أن الشيعة لم يكونوا يعرفون فكرة أو اسم "الاثني عشرية". ولو القينا نظرة على تراث "الامامية" خلال القرنين الثاني والثالث لوجدنا نظرية "الإمامة الإلهية" لديهم مفتوحة وممتدة إلى يوم القيامة باعتبارها نظاما سياسيا دينيا موازيا لنظام الشورى المفتوح إلى يوم القيامة، وأنها لم تكن محصورة، ولم تكن تقبل الحصر في عدد محدد من الأئمة أو في فترة زمنية خاصة، ولذلك لم يشر اليها الشيخ علي بن بابويه الصدوق (توفي سنة 329 ه) في كتابه:"الإمامة والتبصرة من الحيرة" كما لم يشر اليها النوبختي في كتابه:"فرق الشيعة" ولا سعد بن عبد الله الاشعري القمي في:"المقالات والفرق" وهما من مؤرخي القرن الثالث الهجري.[4] وقد استعرضنا في فصل (التشيع الديني) بعض الأحاديث التي كانت تنص على استمرار الإمامة في الأعقاب وأعقاب الأعقاب هكذا أبدا إلى يوم القيامة. وتوجد في التراث الشيعي العشرات بل المئات من تلك الروايات التي تؤكد على استمرار الإمامة إلى يوم القيامة، مما يؤكد عدم تحديد الامامة في عدد معين، خلال القرنين الثاني والثالث واختلاق نظرية "الاثني عشرية" فيما بعد. إذ يلاحظ أن تلك الروايات المتواترة التي تتحدث عن امتداد الإمامة إلى يوم القيامة، عامة ومطلقة ومقصودة العموم الإطلاق، أي أنها آبية عن التخصيص والتقييد. ونظراً لأن نظرية "الإمامة الإلهية" كانت في بدو نشوئها ممتدة إلى يوم القيامة ولم تكن محددة في عدد معين من قبل، فقد كان من الصعب حصر أسماء الأئمة في قائمة محددة، ولذلك كانت النظرية تقول**** بأن النص قد حدث من رسول الله (ص) على الإمام علي فقط، وأن النص على الأئمة الآخرين يتم من قبل الأول للثاني وهكذا إلى يوم القيامة. ولم تكن النظرية تدعي وجود قائمة مسبقة بأسماء الأئمة "الإثني عشر". بل كانت تعترف أيضا بعدم وجود النص الصريح من بعض الأئمة على بعض، فكانت تتشبث بالوصية العادية وتعتبرها دليلاً أو مؤشراً على الإمامة، ولما لم تكن توجد أية وصية على بعض الأئمة من آبائهم (كالإمام زين العابدين)، أو كانت مشتركة بين عدد من اخوتهم (كالإمام الكاظم والرضا)، فقد كانت النظرية تقول أحياناً:**** بأن دليل الإمامة هو علم الغيب والمعاجز، أو الكبر ، أو العلم ، أو حيازة سيف رسول الله وما إلى ذلك.[5] بل إن روايات كثيرة تشير إلى عدم معرفة الأئمة أنفسهم بإمامتهم أو إمامة الإمام اللاحق من بعدهم إلا قرب وفاتهم.[6] أو تقول إنهم كانوا يسمون شخصا فيموت في حياتهم ويحدث "البداء" ( كما حصل مع إسماعيل بن جعفر الصادق، ومحمد بن علي الهادي) فضلا عن عدم معرفة الشيعة الامامية الذين كانوا يقعون في حيرة واختلاف بعد وفاة كل إمام، وكانوا يتوسلون بكل إمام أن يعين اللاحق بعده ويسميه بوضوح لكي لا يموتوا وهم لا يعرفون الإمام الجديد (كما فعل زرارة بن أعين الذي مات دون أن يعرف الإمام بعد الصادق) وإنهم كثيرا ما كانوا يقعون في الحيرة والجهل ويتبعون أئمة آخرين يتبين لهم فيما بعد أنهم ليسوا أئمة مثلا (كما حدث مع هشام بن سالم الجواليقي وأصحابه الذين ذهبوا إلى القول بإمامة عبد الله الأفطح ثم غيروا رأيهم فقالوا بإمامة الكاظم).
ومع ذلك فان نظرية "الاثني عشرية" لم تستقر في العقل الإمامي حتى منتصف القرن الرابع الهجري .. حتى أن الشيخ محمد بن علي الصدوق أبدى شكه بتحديد الأئمة في اثني عشر إماما فقط، وقال:"لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماما، واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده".[7] وروى عدة روايات حول احتمال امتداد الإمامة بعد الثاني عشر، وعدم الاقتصار عليه، وكان منها رواية عن الإمام أمير المؤمنين (ع) حول غموض الأمر بعد القائم ، وان رسول الله (ص) قد عهد اليه :" أن لا يخبر أحدا بذلك إلا الحسن والحسين". وانه قال:" لا تسألوني عما يكون بعد هذا ، فقد عهد إليّ حبيبي أن لا اخبر به غير عترتي" . [8]
ونقل الكفعمي في (المصباح) عن الإمام الرضا، الدعاء التالي حول (صاحب الزمان): "... اللهم صلِّ على ولاة عهده والأئمة من بعده".[9]

وروى الطوسي : أن رسول الله (ص) قال لعلي:" يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما، ومن بعدهم اثنا عشر مهديا، فأنت يا علي أول الاثني عشر الإمام ... ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا". [10]
وعندما نشأت فكرة تحديد عدد الأئمة، بعد القول بوجود وغيبة " محمد بن الحسن العسكري" كاد الشيعة الامامية يختلفون فيما بينهم حول تحديد عددهم باثني عشر أو ثلاثة عشر، إذ برزت في ذلك الوقت روايات تقول: بأن عدد الأئمة ثلاثة عشر، وقد نقلها الكليني في "الكافي".[11] وَوُجدت في الكتاب الذي ظهر في تلك الفترة ونُسِبَ الى "سليم بن قيس الهلالي" حيث تقول إحدى الروايات: ان النبي قال لأمير المؤمنين : "أنت واثنا عشر من ولدك أئمة الحق" . وهذا ما دفع هبة الله بن أحمد بن محمد الكاتب، حفيد أبى جعفر محمد بن عثمان العمري، (الذي كان يتعاطى الكلام) لأن يؤلف كتابا في الإمامة، يقول فيه : إن الأئمة ثلاثة عشر. ويضيف الى القائمة المعروفة (زيد بن علي) كما يقول النجاشي في (رجاله) .
وقد ذكر المؤرخ الشيعي المسعودي (توفي سنة 345 ه ) في "التنبيه والاشراف":" أن أصل القول في حصر عدد الأئمة باثني عشر ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه" .[12]
وكان "كتاب سليم" هذا، قد ظهر في بداية القرن الرابع الهجري، وتضمن قائمة بأسماء الأئمة الاثني عشر، التي يقول عنها : إنها كانت معروفة منذ عهد رسول الله، وانه هو الذي قد أعلنها من قبل. وأدى ظهور هذا الكتاب الى تكوّن الفرقة "الاثني عشرية" في القرن الرابع الهجري.. ثم بدأ الرواة يختلقون الروايات شيئا.. فشيئا . وذكر الكليني في (الكافي) سبع عشرة رواية ، ثم جاء الصدوق بعده بخمسين عاما ليزيدها الى بضع وثلاثين رواية.. ثم جاء تلميذه الخزاز ليجعلها مائة رواية!
وكان اعتماد الكليني والنعماني والصدوق في قولهم بالنظرية "الاثني عشرية" على كتاب سليم الذي وصفه النعماني:" بأنه من الأصول التي يرجع اليها الشيعة ويعولون عليها". ولكن عامة الشيعة في ذلك الزمان كانوا يشكون في وضع واختلاق كتاب سليم، وذلك لروايته عن طريق الكذاب المشهور (محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة) والغالي الملعون (أحمد بن هلال العبرتائي). وقد قال ابن الغضائري :" كان أصحابنا يقولون : إن سليماً لا يُعرف ولا ذكر له... والكتاب موضوع لا مرية فيه، وعلى ذلك علامات تدل على ما ذكرنا ".[13] وقد ضعّف الشيخ المفيد (كتاب سليم) وقال:" إنه غير موثوق به ولا يجوز العمل على أكثره، وقد حصل فيه تخليط وتدليس، فينبغي للمتدين أن يتجنب العمل بكل ما فيه، ولا يعوّل على جملته والتقليد لروايته، وليفزع الى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه على الصحيح منها والفاسد".[14] وانتقد الشيخ المفيدُ الصدوقَ، على نقله الكتاب واعتماده عليه، وعزى ذلك الى منهج الصدوق الأخباري، وقال عنه:" إنه على مذهب أصحاب الحديث، في العمل على ظواهر الألفاظ والعدول عن طرق الاعتبار، وهذا رأي يضرّ صاحبه في دينه، ويمنعه المقام عليه عن الاستبصار".[15]
ومن هنا فقد اعترض الزيدية على الامامية وقالوا:" إن الرواية التي دلّت على أن الأئمة إثنا عشر، قولٌ أحدثه الامامية قريباً، وولّدوا فيه أحاديث كاذبة" . واستشهدوا على ذلك بتفرق الشيعة بعد وفاة كل إمام الى عدة فرق وعدم معرفتهم للإمام بعد الإمام، وحدوث البداء في إسماعيل ومحمد بن علي، وجلوس عبد الله الأفطح للإمامة، وإقبال الشيعة اليه، وحيرتهم بعد امتحانه، وعدم معرفتهم الكاظم حتى دعاهم الى نفسه، وموت الفقيه زرارة بن أعين دون معرفته بالإمام . [16]
وقد نقل الصدوق اتهاماتهم للامامية بإحداث النظرية "الاثني عشرية" في وقت متأخر، ولم ينفِ التهمة ولم يردّ عليها، وإنما برر ذلك بالقول: " إن الامامية لم يقولوا : إن جميع الشيعة بما فيهم زرارة كانوا يعرفون الأئمة الاثني عشر". ثم انتبه الصدوق الى منزلة زرارة وعدم إمكانية جهله بأي حديث من هذا القبيل، وهو أعظم تلامذة الإمامين الباقر والصادق، فتراجع عن كلامه وقال باحتمال علم زرارة بالحديث وإخفاءه للتقية، ثم عاد فتراجع عن هذا الاحتمال وقال:" إن الكاظم قد استوهبه من ربه لجهله بالإمام، لأن الشاك فيه على غير دين الله ". [17]
أ - مناقشة الأحاديث السنية
وإضافة الى ذلك فان الأحاديث التي استعان بها أنصار "الاثني عشرية" كانت ضعيفة جدا من حيث المتن والسند، حيث يلاحظ:
أولا: أن الروايات السنية تتحدث عن أثني عشر "خليفة" أو "أميرا" يملك المسلمين، أي بمعنى: الحاكم المعروف، أو: الرئيس، وليس الخليفة بالمفهوم الإمامي بمعنى وصي الرسول ، وهو الذي قصده السائل والمجيب، وبالتالي فإن تلك الأحاديث لا تنطبق على أئمة الشيعة الذين لم يحكم منهم سوى الإمام علي وابنه الحسن.
ثانيا: أن تلك الروايات لا تحدد عدد الخلفاء بعد النبي، وليست بصدد تبيان هذا الموضوع، وإنما هي تتحدث عن النصر للأمة إلى فترة انتهاء اثني عشر خليفة. أو وقوع بعض الأمور كالهرج والمرج، والنقف والنفاق، بعد الاثني عشر.
ثالثا: أن تلك الأخبار لا تعدد الأئمة أو الخلفاء بالتسلسل العمودي إبناً فإبناً كما هو في نظرية (الإمامة الاثني عشرية) وبالتالي فقد تنطبق على عدد من الخلفاء القرشيين من مختلف البيوت ، وبأي شكل جاؤا.
رابعا: أن تلك الأخبار المروية عند السنة لا يلتزم أحد منهم بمضمونها، وإن حسَّنها بعضهم سندا فهي ضعيفة متنا، ولا مصداق خارجي لها .. ويحتمل أن يكون الأمويون قد اختلقوها لمكافحة الحركات الثورية الشيعية في بداية القرن الثاني الهجري، واتهامها بالهرج. أو يكون البعض قد اختلقها لتصوير انهيار الدولة الأموية مع انحطاط الخليفة الثاني عشر: الأموي وليد بن يزيد بن عبد الملك، الذي كان يشرب الخمر فمقته الناس لشربه الخمر وخرجوا عليه وقتلوه
خامسا: أن الروايات السنية، ومن بعدها الشيعية، لا تنطبق على الأئمة "الاثني عشر" أبدا، لأنهم ببساطة ليسوا "اثني عشر" وإنما "أحد عشر" حيث لم يثبت شرعا ولا تاريخيا ولادة ووجود ابن للإمام الحسن العسكري.
سادسا: أن الشيعة الإمامية لم يعترفوا بصحة تلك الروايات طوال القرنين الثاني والثالث، ولم يذكروها في كتبهم.
ب - مناقشة الروايات الشيعية
وأما الأحاديث الشيعية حول "الاثني عشرية" فإنها أيضا ضعيفة من حيث المتن والسند، ولا تشكل أية حجة، لأنها واردة عن طريق الفرقة "الإثني عشرية" وهم متهمون بوضعها واختلاقها لدعم مذهبهم الجديد، في القرن الرابع الهجري.[18] ولذلك لا حجية فيها ولا تشكل دليلا شرعيا على حصر الأئمة في عدد معين، فضلا عن ضعف نظرية "الإمامة الإلهية لأهل البيت" من أساسها، وعدم ثبوت تبني "الأئمة" أنفسهم لها، كما بينا في الفصول الماضية.
إن الشك بأحاديث الفرق، المؤيدة لنفسها، كان شكا منهجيا معقولا اتبعه حتى الاثني عشرية أنفسهم في نقدهم للفرق الأخرى. فقد رفض الشيخ الطوسي في "الغيبة" أحاديث صحيحة يرويها ثقاة "الواقفية" الذين لا يشك بصدقهم، لأنهم متهمون بجر النار إلى قرصهم ومحاولة تأييد مذهبهم ، فقال:" أما ما ترويه الواقفة فكلها أخبار آحاد لا يعضدها حجة ، ولا يمكن ادعاء العلم بصحتها ، ومع هذا فالرواة مطعون عليهم ، لا يوثق بقولهم ورواياتهم ، وبعد هذا كله فهي متأوّلة".[19] وقال في رد خبر أورده علي ابن أبي حمزة : "هذا خبر رواه ابن أبي حمزة وهو مطعون عليه وهو واقفي".[20] وأضاف:" إذا كان أصل هذا المذهب (الوقف) أمثال هؤلاء كيف يوثق برواياتهم أو يعوّل عليها؟..واما ما روي من الطعن على رواة الواقفة فأكثر من ان يحصى وهو موجود في كتب أصحابنا".[21] وقال أيضا:"والطعون على هذه الطائفة اكثر من أن تحصى ...فكيف يوثق بروايات هؤلاء القوم؟..وهذه أحوالهم وأقوال السلف فيهم ، ولولا معاندة من تعلق بهذه الأخبار التي ذكروها لما كان ينبغي أن يصغى إلى من يذكرها".[22]
وإذا أردنا استخدام منطق الطوسي نفسه فانه يمكن القول إن الروايات التي يوردها أصحاب النظرية "الاثني عشرية" كلها أخبار آحاد لا يعضدها حجة ولا يمكن الادعاء بالعلم بصحتها ، ومع هذا فالرواة مطعون عليهم، لا يوثق بقولهم ورواياتهم ، لأنهم يجرون النار إلى قرصهم ، ثم إن رواياتهم أخبار متأولة.
ومع ذلك فان تلك الأحاديث ضعيفة بمقاييس علم الدراية والرجال عند "الاثني عشرية" أنفسهم، فهي متناقضة أو مرسلة أو مروية عن ضعاف أو كذابين أو غلاة أو مهملين أو مجهولين أو مختلقين، أو تحتوي على أساطير صارخة أو تخالف الحقائق التاريخية الثابتة. وخصوصا: انها مروية في فترة الحيرة التي أعقبت وفاة الإمام الحسن العسكري سنة 260 ، وينهونها عادة إلى رجال من الفرق الشيعة الأخرى كالكيسانية أو الواقفية أو الزيدية أو الفطحية أو غيرهم ممن لا يؤمن بالإمامة أصلا، فضلا عن "الاثني عشرية". وذلك من اجل الإيحاء بصدورها وتأييدها من قبل الخصوم.[23]
وإذا نظرنا في الروايتين الأوليين (رواية جابر والخضر)[24] فسوف نجد أنهما لا تحددان الأئمة في إثني عشر، وإنما تذكران أسماء إثني عشر منهم فقط، ولا تذكران ماذا سوف يحدث بعد الثاني عشر، هل تنتهي الدنيا؟ أم تستمر الإمامة في عقبه؟ كما كان يقول بعض الشيعة الإمامية حتى أواسط القرن الرابع الهجري (كالشيخ محمد بن علي الصدوق في "إكمال الدين") . وأن (رواية جابر) متناقضة في كثير من النقاط مع رواية الصدوق لها، مما ينبئ بوضعها واختلاقها والتلاعب بها من قبل الرواة. حيث يقول محمد بن علي الصدوق:" لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع) عند الوفاة دعا بابنه الصادق فعهد إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي بن الحسين :
لو امتثلت فيّ تمثال الحسن والحسين لرجوت أن لا تكون أتيتَ منكرا ، فقال :
يا أبا الحسن إن الأمانات ليست بالتمثال ، ولا العهود بالرسوم وإنما هي أمور سابقة عن حجج الله تبارك وتعالى ، ثم دعا بجابر بن عبد الله فقال له : يا جابر حدثنا بما عاينت في الصحيفة ؟ فقال له جابر:
نعم يا أبا جعفر دخلت على مولاتي فاطمة لأهنئها بمولود الحسن فإذا هي صحيفة بيدها من درة بيضاء ، فقلت: يا سيدة النسوان ما هذه الصحيفة التي أراها معك ؟ قالت فيها أسماء الأئمة من ولدي، فقلت لها : ناوليني لأنظر فيها، قالت : يا جابر لولا النهي لكنت افعل لكنه نهي أن يمسها إلا نبي أو وصي نبي أو أهل بيت نبي ، ولكنه مأذون لك ان تنظر إلى باطنها من ظاهرها .. قال جابر : فقرأت فإذا فيها:
أبو القاسم محمد بن عبد الله المصطفى أمه آمنة بنت وهب .
أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
أبو محمد الحسن بن علي البر .
أبو عبد الله الحسين بن علي التقي أمهما فاطمة بنت محمد .
أبو محمد علي بن الحسين العدل أمه شهربانويه بنت يزدجرد ابن شاهنشاه .
أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، أمه فاطمة بنت الحسن بن علي.
أبو عبد الله جعفر بن محمد، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.
أبو ابراهيم موسى بن جعفر الثقة أمه جارية اسمها حميدة .
أبو الحسن علي بن موسى الرضا أمه جارية اسمها نجمة .
أبو جعفر محمد بن علي الزكي أمه جارية اسمها خيزران .
أبو الحسن علي بن محمد الأمين أمه جارية اسمها سوسن .
أبو محمد الحسن بن علي الرفيق أمه جارية اسمها سمانة وتكنى بأم الحسن .
أبو القاسم محمد بن الحسن هو حجة الله على خلقه القائم أمه جارية اسمها نرجس صلوات الله عليهم أجمعين" .[25]
وكما يلاحظ فإن رواية الكليني تقول: إن نزول اللوح حدث في ميلاد الحسين بينما تقول رواية الصدوق : إنه نزل في ميلاد الحسن.
وتقول رواية الكليني : إن الصحيفة كانت خضراء كأنها زمرد، بينما تقول رواية الصدوق : إنها درة بيضاء .
وتقول رواية الكليني : إن الزهراء قد أعطت جابر الصحيفة فقرأها واستنسخها ، بينما تقول رواية الصدوق: إنها رفضت أن يمسها، وسمحت له أن ينظر إلى باطنها من ظاهرها.
ويختلف نص رواية الكليني تماما وبشكل جوهري عن نص رواية الصدوق .
وتذكر رواية الكليني أسماء الأئمة الاثني عشر من دون ذكر أسماء أمهاتهم ، بينما تذكر رواية الصدوق أسماء الأمهات وأسماء آباء أمهات خمس أو ست أئمة فقط ولا تذكر أسماء آباء أمهات بقية الأئمة الآخرين الذين كانت أمهاتهم جواري. وفي هذا أيضا ما يدل على الوضع، فلو كانت الصحيفة من الله لذكر أسماء أمهاتهم وآبائهم.
وتقول رواية الكليني: إن الباقر طلب من جابر أن يحدثه بقصة اللوح، في أحد أيام حياته العادية، وانه مشى إلى بيت جابر، بينما تقول رواية الصدوق: إن الباقر دعا جابر لرواية القصة على مسامع زيد الذي اعترض على وصية الباقر للصادق، عند احتضاره سنة 114 أو 116 ه. علماً بأن الإمام الصادق لم يدرك جابر بن عبدالله الذي توفي سنة 73 أو 78 ، حيث ولد بعده بسنوات (في سنة 83).
وإضافة إلى ذلك تقول رواية الكليني: "إن الله قد وضع أعباء النبوة على علي الرضا". وهذه فكرة من أفكار الغلاة .
وهناك عدة أسئلة مثيرة أخرى على الرواية بصورة عامة.. منها: أن الله تعالى لم ينزل القرآن الكريم مكتوبا في صحيفة، فكيف أنزل هذا اللوح بهذه الصورة؟ ..ولماذا لم يحتفظ أهل البيت بهذه "الزمردة السماوية" ويعرضوها أمام الناس لتكون أكبر دليل على إمامتهم؟ وهل كان أمر اللوح سريا؟ أم علنيا؟ فإذا كان سريا، فكيف علمه جابر؟ ولماذا أخبرته فاطمة الزهراء به؟ وإذا كان علنيا، فلماذا لم يعرف بقية المسلمين بالخبر؟ خاصة وأنه كان في السنة الرابعة للهجرة، ولماذا لا توجد أية إشارة إلى أن الأئمة قد تحدثوا عن هذا اللوح السماوي أو استشهدوا به في يوم من الأيام ؟
وهذا ما يثبت اختلاق هذه القصة في عصر "الحيرة" بعد تكّون النظرية "الاثني عشرية" في القرن الرابع الهجري.
ومما يؤكد اختلاق قصة اللوح والقائمة المسبقة ، الحديث الذي يرويه الكليني عن الإمام الباقر حول وصية السيدة فاطمة الزهراء والتي جاء فيها :"بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله (ص) أوصت بحوائطها السبعة: العواف، والدلال، والبرقة، والميثب، و الحسنى، والصافية، وما لأم إبراهيم إلى على بن أبى طالب ، فان مضى علي فإلى الحسن فان مضى الحسن فإلى الحسين فان مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي. شهد الله على ذلك والمقداد بن الأسود والزبير بن العوام وكتب على بن أبى طالب".[26] ولم تسم الزهراء في هذه الوصية أسماء الأئمة القادمين، أو الإثني عشر، وإنما تركت الوصية مفتوحة في الأكبر من ولدها.
وأما (رواية الخضر) فهي أيضا عجيبة غريبة، وتدعي اختبار الخضر للإمام علي وعدم معرفته مسبقا أنه إمام، وسؤاله أسئلة لا علاقة لها بالإمامة. إضافة إلى أن الرواية لم تثبت نسبتها إلى أبي هاشم الجعفري، حيث يحتمل أن تكون من أناس متأخرين، وحتى إذا ثبتت فهي ضعيفة وتحتمل الاختلاق منه، لعدم معرفة الأئمة السابقين وعامة الشيعة بها خلال القرون الثلاثة الأولى الماضية، واختلافهم عقب كل إمام للجهل بخليفته، وسؤالهم كل مرة من كل إمام مَن خليفته بعده؟
ونظراً لوجود الشك المعقول والمعتبر بهذه الرواية، فقد حاول راويها (محمد بن يحيى) أن يرقعها فقال إنه عبر عن شكه للراوي الثاني: (محمد بن الحسن الصفار) بالراوي الثالث (أحمد بن أبي عبد الله) ، وسأله: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة (أحمد بن أبي عبد الله) قال: فقال: لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين. [27]
وأما رواية سليم بن قيس عن عبد الله بن جعفر الطيار فهي تنضح بالأساطير من كل جانب، إذ أن شخصية سليم نفسها في محل شك، ويحتمل أن يكون مختلقا وشخصية أسطورية، ورواياته ضعيفة عند الشيعة أنفسهم، وهو ينقلها عن عبد الله بن جعفر الذي كان صغيرا في زمان رسول الله، هو والحسن والحسين فكيف يشهدهم؟ ثم إن الرواية تقحم اسم معاوية وأن عبد الله بن جعفر قال له الحديث، في محاولة لإعطاء الحديث مصداقية أكبر، ويعود سليم ليقول إنه سمع ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله (ص). [28]
وأما حديث أبي الطفيل الذي يقول أنه شهد الإمام علي يقول ليهودي:" يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل" فهو بالإضافة إلى ضعف السند، يعاني من ضعف المتن، حيث يقول إن الإمام علي كان يتحدث مع يهودي حول الأئمة الإثني عشر، في حين كان ينبغي عليه أن يتحدث معه حول الإسلام، ثم يضيف بأن اليهودي قد صدقه وذكر أنه وجد أسماءهم في كتب هارون.[29] وهذا من الخيال الذي لا يوجد في أي نسخة من التوراة، وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا لم يسلم اليهودي من قبل؟ علما بأن أبا الطفيل كان كيسانيا، قبل تبلور نظرية الإمامة في ذرية فاطمة.
وكذلك رواية الأشباح الأسطورية، الموضوعة من قبل الغلاة، والتي لا يوجد عليها أي شاهد من القرآن الكريم أو السنة النبوية أو أحاديث أهل البيت الصحيحة.
وأما رواية الأوصياء الإثني عشر للنبي محمد (ص)، فهي تحاول استخدام القياس الباطل على ما تدعيه من وجود أوصياء إثني عشر للنبي عيسى (عليه السلام) . [30] وهذا غير ثابت وغير صحيح، حيث لم يكن له اثنا عشر وصيا وإنما كان له اثنا عشر صحابيا، والفرق بينهما كبير، ومن ثم لا يصح القياس.
وأما رواية الملائكة الذين استأذنوا ربهم بإهلاك الخلق عند قتل الحسين، فهي رواية عن الله تعالى دون سند من نبي أو رسول، ويكفيها بذلك كذبا واختلاقا.
وأما رواية ابن عباس عن "الأئمة المحدَّثين"، فهي مرفوضة لأنها تتحدث عن نزول الملائكة على الأئمة بعد النبي. وقد بينا ضعف هذه الروايات وتناقضها مع القرآن الكريم وخاتمية النبي محمد (ص) في فصول سابقة.
وربما كانت رواية عودة النبي للحياة وتحدثه مع أبي بكر ومطالبته بإعادة الخلافة للإمام علي، من أبرز الأمثلة على الوضع والاختلاق، وكأن النبي لم يكتف بإبلاغ الناس في حياته حتى جاء يوعظ أبا بكر بعد وفاته. ومع ذلك فإنها لم تكتف بقول النبي له:" يا أبا بكر آمن بعلي" وإنما أضافت "وبأحد عشر من ولده".[31]
وأما روايات زرارة فيكفي للكشف عن كذبها واختلاقها، موت زرارة حائرا دون أن يعرف الإمام بعد الصادق، باعتراف الإمامية ومشايخ الإثني عشرية، وقد ذكرناه من قبل.
وإضافة إلى ذلك فإن الكليني نفسه، ينقل في "الكافي" عن سليم بن قيس الهلالي أحاديث تذكر أن عدد الأئمة ثلاث عشر. وأن رسول الله (ص) قال:" إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم يُنظروا". [32] وأنه قال: " من ولدي اثنا عشر نقيبا، نجباء، محدثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحق يملاها عدلا كما ملئت جورا". [33] وهذا ما يضعف حديث "الإثني عشرية".
تقييم سند روايات "الإثني عشرية" الشيعية
هذا ويلاحظ أن في روايات الكليني (- 329) مجموعة من الكذابين والغلاة والمجاهيل ، وعلى رأسهم :
1 محمد بن الحسين بن سعيد الصائغ ، الضعيف الغالي.
2 سهل بن زياد ، الكذاب الشهير.
3 الحسن بن العباس بن الحريش ، الكذاب الغالي الكبير.
4 أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ، الغالي الضعيف.
5 علي بن ابراهيم ، الغالي الضعيف.
6 احمد بن محمد بن خالد ، الضعيف .
7 معلى بن محمد ، المضطرب الضعيف.
8 أبو علي الاشعري ، المجهول.
9 الحسن بن عبيد الله ، المجهول.
10 عبدالله بن محمد الخشاب ، المجهول.
بينما يوجد في روايات الصدوق ( 381 ) حوالي عشرين مصدرا رئيسيا من الرواة الغلاة والضعاف والكذابين ، من أمثال:
1 سهل بن زياد.
2 الحسن بن العباس بن الحريش.
3 جعفر بن محمد بن مالك الفزاري.
4 احمد بن محمد بن خالد
5 علي بن احمد الكوفي ، المخمس الغالي
6 محمد بن الحسن الصفار
7 يعقوب بن يزيد
8 علي بن عاصم
9 حمزة بن محمد القزويني
10 سعد بن عبدالله
11 محمد بن همام
13 محمد بن الحسين بن أبي الخطاب
14 جعفر بن محمد بن مسرور
15 احمد بن الحسن القطان
16 أبو زيد محمد بن يحيى بن خلف
17 الحسن بن موسى الخشاب
18 عبدالله بن مسلم الدمشقي ، مدعي الوكالة عن المهدي
19 احمد بن محمد بن أبي عمير
20 عبدالله بن جعفر الحميري
وإذا نظرنا إلى رواة أحاديث "الإثني عشرية من خلال كتب الرجال الشيعية الإثني عشرية، فسوف نجد ما يلي:
1- محمد بن احمد بن يحيى بن عمران بن عبدالله بن سعد بن مالك الاشعري القمي أبو جعفر.
الطوسي في الفهرست: اخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدة من أصحابنا ...إلا ما كان فيه من تخليط ...
و النجاشي: ان أصحابنا قالوا : كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ولا يبالي عمن اخذ ... وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثني من روايته ما رواه عن : محمد بن موسى الهمداني، أو عن رجل، أو يقول : بعض أصحابنا ، أو عن محمد بن يحيى المعاذي، أو عن أبي عبد الله الرازي الجاموراني، أو عن أبي عبد الله السياري ، أو يوسف بن السخت ، أو وهب بن منبه ، أو أبي علي النيشابوري ، أو محمد بن علي أبو سمينة ، أو يقول : في حديث أو في كتاب ولم اروه ، أو سهل بن زياد الآدمي ، أو محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع ، أو أبو يحيى الواسطي ، أو احمد بن هلال، أو محمد بن علي الهمذاني، أو عبد الله بن محمد الشامي، أو عبد الله بن احمد الرازي، أو احمد بن الحسين بن سعيد ، أو احمد بن بشير الرقي ، أو محمد بن هارون ، أو ممويه بن معروف ، أو محمد بن عبد الله بن مهران ، أو الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، أو جعفر بن محمد مالك ، أو يوسف بن الحارث ، أو عبد الله بن محمد الدمشقي ..

وهو يروي عن: محمد ابن الحسين بن سعيد الصائغ ( - 269) الضعيف الغالي، الذي يقول عنه ابن الغضائري: كوفي غال ضعيف لا يتلفت إليه. ويقول النجاشي: ضعيف جدا، قيل انه غال .

2- سهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي
يقول عنه النجاشي: كان ضعيفا في الحديث غير معتمد فيه ، وكان احمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب ، وأخرجه من قم إلى الري وكان يسكنها.كما ضعفه الطوسي في الفهرست وقال: ضعيف . وقال ابن الغضائري: كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والمذهب ، وكان احمد بن محمد بن عيسى الاشعري أخرجه من قم وأظهر البراءة منه ونهى الناس عن السماع منه والرواية ، ويروي المراسيل ويعتمد المجاهيل. وضعّفه العلامة الحلي في الخلاصة وجملة من كتبه الفقهية ك (المنتهى) و ( المختلف ) وغيرهما. وضعّفه ابن داود في (رجاله) . وقال المامقاني: (التضعيف) هو المشهور بين الفقهاء وأصحاب الحديث وعلماء الرجال .

3 - عبد الله بن عبد الرحمن الأصم المسمعي
النجاشي: بصري ضعيف غال ليس بشيء ، له كتاب المزار ، سمعت ممن رآه فقال لي: وهو تخليط .
ابن الغضائري: ضعيف مرتفع القول ، وله كتاب في الزيارات ما يدل على خبث عظيم ومذهب متهافت وكان من كذاّبة أهل البصرة.
4- الحسن بن العباس بن الحريش الرازي ..
النجاشي: ضعيف جدا ، له كتاب إنا أنزلناه في ليلة القدر) وهو كتاب رديء مضطرب الألفاظ .
ابن الغضائري: ضعيف روى عن أبي جعفر الثاني فضل (إنا أنزلناه في ليلة القدر) كتابا مصنفا فاسد الألفاظ تشهد مخايله على انه موضوع ، وهذا الرجل لا يلتفت إليه ولا يكتب حديثه.
5- معلى بن محمد البصري :
النجاشي : مضطرب الحديث والمذهب
ابن الغضائري : ان حديثه يعرف وينكر ويروي عن الضعفاء .
6- محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى ( 280) :
النجاشي: ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد انه قال ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه .
وقال الكشي مشككا فيه : انه اصغر من ان يروي عن ابن محبوب ( -224) وقال : يونسي ضعيف.
وقال الطوسي في الفهرس : ضعيف استثناه أبو جعفر ابن بابويه من رجال نوادر الحكمة وقال : لا اروي ما يختص بروايته، وقيل انه كان يذهب مذهب الغلاة .
وهو يروي عن الأصم المسمعي الضعيف الغالي .
7- محمد بن الفضيل .
الكشي: ضعيف يرمى بالغلو .
8- علي بن ابراهيم وأبوه .. يونسيان غاليان ضعيفان يقولان بتحريف القرآن (كما في تفسير القمي) المنسوب إليه .[34]
وقد أهمل علماء الرجال هاذين الرجلين ، إلا ان النجاشي يوثق علي بن ابراهيم ، ومع ذلك فانه يقول عنه: ان له كتابا يعرف بالمشنّد) والله اعلم أنه مضاف إليه .

9- سليم بن قيس الهلالي ..
ابن الغضائري : ينسب إليه الكتاب المشهور باسمه، وكان أصحابنا يقولون: ان سليما لا يعرف، ولا ذكر في خبر ، وقد وجدت ذكره في مواضع من غير جهة كتابه ولا رواية أبان بن أبي عياش ..والكتاب موضوع لا مرية فيه ، وعلى ذلك علامات تدل على ما ذكرنا منها ما ذكر أن محمد بن أبي بكر وعظ أباه عند الموت ، ومنها أن الأئمة ثلاث عشر ، وغير ذلك .
وأسانيد هذا الكتاب تختلف تارة برواية عمر بن أذينة عن ابراهيم بن عمر الصنعاني عن أبان بن أبي عياش عن سليم ، وتارة عن عمر عن أبان بلا واسطة .
ويقول الشيخ المفيد: " ان هذا الكتاب غير موثوق به ولا يجوز العمل على أكثره وقد حصل فيه تخليط وتدليس فينبغي للمتدين ان يجتنب العمل بكل ما فيه ولا يعول على جملته والتقليد لروايته، وليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه على الصحيح منها والفاسد والله الموفق للصواب" .[35]
10- احمد بن محمد بن خالد البرقي ( 280) :
النجاشي: روى عن الضعفاء واعتمد المراسيل.
ابن الغضائري: طعن القميون عليه وليس الطعن فيه ، إنما الطعن فيمن يروي عنه فانه كان لا يبالي عمن أخذ على طريقة أهل الأخبار ، وكان احمد بن محمد بن عيسي أبعده عن قم ثم أعاده إليها واعتذر إليه.
الطوسي في الفهرس: كان ثقة في نفسه غير انه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل ، وصنّف كتبا كثيرة منها (المحاسن) وغيرها ، وقد زيد في (المحاسن) ونقص ...
11- عبدالله بن القاسم ..البطل الحارثي الحضرمي :
الكشي والنجاشي والطوسي وابن الغضائري : كذاب غال ضعيف واقفي متهافت ! متروك الحديث معدول عن ذكره.
12- أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري..
وهو ضعيف وله أحاديث شاذة كثيرة وغلو وأساطير.
ويقول عنه الكشي: يقال فيه ارتفاع ، ورواياته تدل على ذلك ، وكان مقدما عند السلطان (!) وكان يدعي انه سفير صاحب الزمان .
وأما روايات الصدوق ففيها من الرواة الغلاة والضعفاء ما يلي:
13- المفضل بن عمر .. الغالي المفوض الملعون على لسان الصادق، الضعيف .
الكشي: ذكرت الطيارة الغالية في بعض كتبها عن المفضل انه قال: لقد قتل مع أبي إسماعيل (يعني أبا الخطاب) سبعون نبيا ...
ابن الغضائري: ضعيف متهافت مرتفع القول خطابي ، وقد زيد عليه شيء كثير وحمل الغلاة في حديثه حملا عظيما ، ولا يجوز ان يكتب حديثه .
النجاشي: فاسد المذهب ، مضطرب الرواية لا يعبأ به وقيل انه كان خطابيا ، وقد ذكرت له مصنفات لا يعول عليها..والرواة له مضطربو الرواية.
14- محمد بن الحسن الصفار .. وهو غال ضعيف
15- محمد بن علي الصيرفي ، ويكنى أبا سمينة :
وقد قال الكشي عنه: قال حمدويه عن بعض مشيخته انه رمي بالغلو ، ونقل عن الفضل بن شاذان قوله: كدت أقنت على أبي سمينة محمد بن علي الصيرفي ، وذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه الكذابين المشهورين وقال: وأبو سمينة أشهرهم .
وقال ابن الغضائري عنه: انه كذاب غال دخل قم واشتهر أمره بها ونفاه احمد بن محمد بن عيسى الاشعري ، وكان شهيرا بالارتفاع لا يلتفت إليه ولا يكتب حديثه .
وقال الطوسي في الفهرست: له كتب ...اخبرنا بذلك جماعة عن ...محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الصيرفي إلا ما كان فيها من تخليط أو غلو أو تدليس أو ينفرد به ولا يعرف من غير طريقه .
وقال النجاشي: انه ضعيف جدا فاسد الاعتقاد لا يعتمد في شيء ، وكان ورد قم واشتهر بالغلو فجفي ، وأخرجه احمد بن محمد بن عيسى عن قم وله قصة ...
16- محمد بن خالد البرقي :
الذي قال عنه النجاشي: انه كان ضعيفا في الحديث .
وقال عنه ابن الغضائري: ان حديثه يعرف وينكر ويروي عن الضعفاء كثيرا ويعتمد المراسيل.
17- احمد بن هلال الكرخي العبرتائي ( 267 )
الذي كان من أركان النظرية (المهدوية الاثني عشرية ) وأيّد وكالة العمري ، ولكنه رفض الاعتراف بوكالة ابنه محمد بن عثمان العمري وخرج فيه (توقيع) باللعن وكان غاليا ومتهما في دينه، كما يقول الكشي والطوسي والنجاشي .
18- جعفر بن محمد مالك الفزاري ..
الذي يقول عنه ابن الغضائري : انه كذاب متروك الحديث جملة ، مرتفع ، يروي عن الضعفاء والمجاهيل وكل عيوب الضعفاء مجتمعة فيه ، روى أعاجيب في ولادة المهدي .
ويقول عنه النجاشي: انه كان يضع الحديث وضعا ويروي عن المجاهيل وكان فاسد المذهب والرواية.
19- محمد بن سنان
الذي يروي عنه الصيرفي . وهو لا يقل عنه غلوا وكذبا وتدليسا .
وقد قال عنه الكشي: قال حمدويه: كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح ولا استحل ان أروي أحاديث ابن سنان ..فانه قال قبل موته :كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماع ولا رواية ، إنما وجدته ، وقال الفضل بن شاذان : لا استحل ان اروي أحاديث محمد بن سنان ، وذكر في بعض كتبه : ان من الكذابين المشهورين ابن سنان .
وقال ابن الغضائري: ضعيف غال لا يلتفت إليه .
وقال الطوسي في الفهرست: له كتب وقد طعن عليه وضعّف ...وجميع ما رواه إلا ما كان فيه تخليط وغلو اخبرنا بها جماعة ...
وقال النجاشي: هو رجل ضعيف جدا لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد به ...
20- داود بن كثير الرقي :
ابن الغضائري: فاسد المذهب ضعيف الرواية لا يلتفت إليه .
النجاشي: ضعيف جدا والغلاة تروي عنه ، قال احمد بن عبد الواحد: قلّ ما رأيت له حديثا سديدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.