فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس التعاون الخليجي: خمس استراتيجيات لاعادة التموضع الجيوسياسي واطلاق العهد الثاني للمجلس(2)
نشر في التغيير يوم 10 - 12 - 2015

(قراءة تحليلة للعهد الاول للمجلس بدون اليمن..وتصورمقترح للعهد الثاني بانضمام اليمن)
الجزء الثاني: تصورمقترح لاطلاق العهد الثاني لمسيرة المجلس بانضمام اليمن
من منطلق ان الاسباب الحقيقية التي تقف خلف استمرارموقف دول مجلس التعاون من انضمام اليمن الى منظمة مجلس التعاون الخليجي على حاله، اي من دون تحقيق اي اختراق عملي وحاسم بهذا الشان طوال كل هذه الفترة التي تمتد منذ بدء التحضيرات لانشاء مجلس التعاون مرورا بسنوات عمرالمجلس وحتى الوقت الراهن، وذلك على الرغم من كل التغيرات والتبدلات المشاراليها اعلاه، تتعلق بالاساس بتواصل هيمنة الارث الثقيل "للفكر" و"الرؤى الاستراتيجية" و"المواقف السياسية" و"الاوضاع" القديمة اجمالا التي بينا خطوطها العريضة فيما تقدم، على محددات رسم السياسة وصناعة القرار وعلى طرق تفكيروثقافة اهل الحكم عموما في دول مجلس التعاون، حتى انه يمكن القول ان دورقوى الممانعة لانضمام اليمن الى مجلس التعاون، وكذلك لان تلعب دول مجلس التعاون اي دور قيادي على مستوى المنطقة العربية والاقليم اجمالا، لم يكن له ان "يعمل" لولا البيئة العامة التي تشكلت في ظل هيمنة الافكاروالرؤى والمواقف المذكورة.
ومن ثم واذا كانت الاموراومعظمها قد جرت بالفعل على هذا النحو، فاننا ننظرالى التحولات الكبيرة التي ظهرت جليا في مواقف وقرارات قيادات دول مجلس التعاون خلال الاونة الاخيرة وتحديدا في ما يتصل بقضايا المنطقة العربية وبالاخص تطورات الوضع في اليمن،على كونه يمثل تحول ملموس واستراتيجي في رؤية هذه الدول لما يجب ان يكون عليه دورها وتوجهاتها في المستقبل، وعلى كون دول المجلس قد قررت اخيرا الخروج من الشرنقة التي حبست نفسها فيها طويلا، وانها حسمت امرها بقيادة المملكة العربية السعودية على مغادرة مواقع الانتظاروالتردد، والاكتفاء بممارسة ردود الافعال ازاء الاحداث المتلاحقة، والانتقال الى مواقع المبادءة والمساهمة في صناعة الاحداث، والانخراط الحاسم والفاعل في تشكيل مستقبل المنطقة والاقليم والعالم، من منطلق رؤيتها الشاملة "الخاصة" بها والمعبرة عن مصالحها وتطلعات بلدانها وشعوبها، بما يؤذن بان رؤى استراتيجية جديدة وتوجهات وقرارات وتحركات مصيرية، من المتوقع ان تضع منطقة الجزيرة العربية برمتها على اعتاب حقبة جديدة، هي الان قيد التبلوروالتنفيذ ايضا.
وسواء اكان ماذهبنا اليه يعبربالفعل عن ما يجري في الواقع اوانه جاء من باب القراءة المسرفة في التفاؤل لهذا الواقع، فان تحقيق الاهداف المتمثلة باعادة التموضع الجيوسياسي الاستراتيجي لدول منظمة مجلس التعاون، والعبوربالمجلس الى مرحلة جديدة من التاثيروالعمل السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والثقافي وغيرذلك من مناطق التأثير، ولكي تمضي الاموربالصورة التي تتجاوزفيه فعالية هذا التاثيرونطاقه حدود الجزيرة والخليج العربي الى باقي الاقليم والعالم، لايمكنه ان يتم من دون الاقدام على مجموعة من الخطوات الاستراتيجية الشجاعة بل والمصيرية، والتي ياتي في مقدمتها الاستراتيجيات (الخطوات، المحاور) الخمس الرئيسية التي تشكل محتوى هذا التصور(السيناريو) الذي يقترحه كاتب هذه السطورعلى النحوالمبين ادناه.
الاستراتيجية(الخطوة) الاولى: اعادة التموضع الجيوسياسي لتكتل دول مجلس التعاون..
اعادة تموضع تكتل دول مجلس التعاون الخليجي بحيث تقوم هذه العملية على دعامتين اساسيتين هما: الأولى؛ قبول العضوية الكاملة لليمن في المجلس، والثانية؛ تتمثل في نقل مركزالثقل الاستراتجي من مفهوم "الخليج" الى مفهوم "الجزيرة العربية" والخليج العربي كجزء لايتجزاء منها، فتصبح التسمية الاكثرموائمة للتكتل في الوضع الجديد هي " دول مجلس تعاون الجزيرة والخليج العربي " .
على ان تشكل هذه الخطوة المدخل الشامل الذي من المفترض ان يجري وفقا لابعاده المختلفة - وبالاخص البعد المتعلق ببناء وامتلاك القدرات الذاتية لصيانة الامن القومي لدول المجلس - اعادة رسم التصورات وكذلك خطوط وملامح الجغرافيا السياسية للمنطقة بخلاف "السيناريو" الراهن، الذي يكرس المكانة المصطنعة "المفروضة" لايران باعتبارها الطرف الاخرلمعادلة الخليج "الفارسي"، وكأنه لا امن ولا استقرارلدول المجلس من دون "توازن" طرفي المعادلة المذكورة "كقدر" لافكاك منه، اي بما يترك امام هذه الدول طريق وحيد للحفاظ على امنها واستقرارها لابد له ان يمربصورة اوباخرى عبرالعاصمة الايرانية طهران، تماما كحال الصادرات النفطية لهذه الدول وبالاخص صادرات الكويت وقطروالبحرين، التي (كما يراد لها ان تبقى) ليس امامها للخروج الى العالم سوى منفذ واحد هو مضيق هرمزفي الخليج العربي.
ان ابرزالتوقعات من هذه الخطوة يكمن في انها ستفضي بطريقة عملية فعالة الى اعادة ترتيب وابرازالاولويات فيما يتعلق بالعوامل الحاسمة لتحديد الاهمية الجيوسياسية لفضاء/فضاءات التكتل، بالصورة التي تعكس "التضاريس" الحقيقية لخارطة عناصرالقوة السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها من عناصرالقوة المتاحة لدول المجلس السبع في الوضع الجديد، وذلك بما يخدم مصالح هذه الدول ويضاعف ويفولذ قدرتها الذاتية في حماية امنها وصون استقرارها، وكنتيجة لهذا تعظيم مساهمتها ودورها في حماية الامن القومي العربي، وتبوأها مكانة وازنة في الحفاظ على الامن والسلم الاقليمي والدولي.

الاستراتيجية (الخطوة) الثانية: انضمام اليمن الكامل الى عضوية المجلس ..
تمثل هذه الخطوة العمود الفقري لهذا التصور(السيناريو)، ويعتبرانضمام اليمن الكامل الى عضوية مجلس التعاون الخطوة الاساسية الاولى لسد اخطرواكبرثغرة في بنيان المجلس منذ تاسيسه الى يومنا هذا، فمن الراجح بل من المؤكد ان هذه الخطوة ستقود الى احداث تغيراستراتيجي واسع وعميق ستكون له اثاره المتنوعة والملموسة الفورية والمستقبلية على دول المجلس منفردة ومجتمعة، وستشمل هذه الاثار ولاول مرة منطقة (شبه) الجزيرة العربية بكامل جغرافيتها الطبيعية، بما في ذلك المسطحات المائية الاستراتيجية الهائلة التي تحيطها من الاتجاهات الثلاثة الشرق والجنوب والغرب، حيث سيكتسب تكتل دول مجلس التعاون وضع استراتيجي جديد ونوعي بالمرة، يصبح بمقتضى هذا الوضع في حالة اشراف وسيطرة "كلية" تقريبا على خطوط الملاحة البحرية للتجارة الدولية المتجهة من (الشرق) الخليج العربي (قناة "سلمان" مستقبلا) وبحرالعرب والمياه المفتوحة للمحيط الهندي المتجهة عبرمضيق باب المندب والبحرالاحمرالى البحرالابيض المتوسط والمحيط الاطلسي (الغرب) اوالقادمة بالاتجاه المعاكس. كما ان استكمال العمل على هذا المحورواستيعاب اليمن ضمن العضوية الكاملة لمنظمة مجلس التعاون، سيؤدي الى اضافة "حزمة" ضخمة من المزايا النسبية الى الرصيد القائم من المزايا التنافسية التي تتمتع بها دول المجلس حاليا، ومن ضمن حزمة المزايا النسبية المضافة المتوقعة تلك المرتبطة بالموقع "الفريد" لليمن والتي اشرنا الى ابرز تجلياتها فيما تقدم والتي بضمنها ايضا اتاحة منفذ مائي لدول التكتل الى بحرالعرب (قناة "سلمان")، ثم هناك المزايا النسبية المرتبطة بخارطة الموارد الطبيعية المتنوعة والثرية لليمن، وهي بالمناسبة خارطة تتكامل بصورة تلقائية مع خارطة الموارد الطبيعة لباقي اجزاء الجزيرة والخليج العربي (وفقا للتصنيف القديم لجغرافيا جزيرة العرب الى العربية السعيدة والعربية الصحراوية والعربية الجبلية) ،بالاضافة الى المزايا النسبية المتولدة عن الكتلة السكانية الكبيرة مقارنة بمعظم باقي الدول الاعضاء.
هذه هي ابرزالاوضاع الاستراتيجية والمزايا المضافة التي سيجلبها انضمام اليمن الى تكتل دول مجلس التعاون، ولكنها بالتاكيد ليس كل ما ينتظران يتحقق من وراء اتمام عملية الانضمام المذكورة ، فا التوقعات المبنية تحديدا على التحليل بعيد المدى لهذه الخطوة تتجاوزكثيرا ماذكر. بالمجمل ومن منظورزمني متوسط فان انضمام اليمن الى عضوية مجلس التعاون سيقود الى خلق عدد هائل من الفرص الاستثمارية والتجارية والاقتصادية الجديدة، كما سيتيح مستوى اعلى من القدرة التنافسية لهذه الدول وان بدرجات متفاوته من دولة الى اخرى تتعلق بمقدرتها على الامساك بالفرص المتاحة واستخدامها بالصورة المثلى، وهومايفترض ان يؤدي في نهاية المطاف الى زيادة صافية للرفاهية لدول المجلس.
ان هذه الخطوة المتعلة بالانضمام الكامل لليمن الى عضوية تكتل مجلس التعاون تتطلب النظرالى القيام بها كأولوية اولى في الوقت الحالي، فاالى جانب ان الظروف الراهنة مهيئة تماما للاقدام عليها، فان كافة المعطيات والتحليلات والاوضاع الماثلة امامنا تدلل باقصى مايمكن من الوضوح على ان القيام بهذه الخطوة تاخركثيرا جدا، وان الكلفة التي تدفعها دول مجلس التعاون واليمن معا جراء هذا التاخيركما نشاهدها ونلمسها جميعا في هذه الايام باهضة للغاية، وبالتالي فلم يتبقى هناك من مجال يحتمل اي قدراضافي من الجدل حول الاهمية الاستثنائية الشاملة لهذه الخطوة، التي ستتيح لدول المجلس اولا وقبل كل شيء وفي المدى القصيروالمنظورامتلاك البنى والقدرات المادية والبشرية والفضاء الاستراتيجي النموذجي لتعزيزوحماية امن واستقراردول المجلس السبع (الدول الست الحالية + اليمن) كما لم يكن ابدا متاحا في السابق.


الاستراتيجية (الخطوة) الثالثة: تنفيذ مشروع حفرقناة "سلمان" ..
الخطوة الاساسية الاستراتيجية الثالثة بالتزامن، تتمثل في عقد العزم على المضي قدما لتفيذ مشروع حفر قناة " سلمان"، كقناة مائية تربط بين الخليج العربي وبحرالعرب، ومن المعروف ان هذه الفكرة طالما راودت قيادة المملكة العربية السعودية ومعها باقي دول مجلس التعاون، وهي بحسب المعلومات التي رشحت مؤخرا عن دراسة حول المشروع قام باعدادها مركز"القرن العربي" للدراسات ومقره الرياض، ستتكون من مساررئيسي ومسارين احتياطيين، حيث تبدأ من الجزء السعودي المطل على الخليج العربي وتحديدا من على خورالعديد وتشق طريقها عبر الاراضي الصحراوية السعودية ومن ثم اليمنية وصولا الى بحر العرب بطول حوالي (950) كم، منها حوالي (630) كم في الاراضي السعودية وحوالي (320) كم في الاراضي اليمنية وبعرض 150م وعمق 25م، ويمثل انجازشق قناة "سلمان" اهمية استراتيجية كبيرة لدول المجلس كونها ستوفرلهذه الدول ممرا بحريا لتصديرنفطها الى الاسواق العالمية بعيدا عن مضيق هرمز، ويتبع كليا لادارتها دون تدخل لايا من مراكزالنفوذ الاقليمية اوالدولية. كما انه من المنتظران توفر قناة سلمان بديلاعالي التنافسية لمضيق هرمزباختصارها المسافة لبلوغ السفن العابرة خلالها الى بحرالعرب الى النصف مقارنة بابحارهذه السفن الى نفس الوجهة من طريق الخليج العربي عبرمضيق هرمز.
ان انضمام اليمن الى دول التكتل واستكمال حفر"قناة سلمان" سيؤمن بصورة تامة تدفق صادرات دول المجلس والصادرات النفطية بصورة اساسية عبرالمرافئ اليمنية الى مشارق العالم ومغاربه بكل انسيابية، وفي وضع يتيح قدركبيرمن المرونة وتعدد الخيارات المرتبط بتسليم واستلام شحنات التجارة الخارجية، وغيرذلك من عوامل استقراروحرية تدفقات التجارة الدولية من والى دول المنطقة، اضافة الى كون هذه الخطوة ستجرد ايران تماما من استخدامها لورقة مضيق هرمز لممارسة الضغوط والابتزازوالتهديد المستمرتجاه دول مجلس التعاون، وايضا كوسيلة لاثارة التوترالدائم في هذه المنطقة الحساسة بالنسبة للعالم.

الاستراتيجية(الخطوة) الرابعة: قيام دول المجلس بتنفيذ خطة "مارشال" لاعادة اعمار وتأهيل اليمن ..
خطة "مارشال" لاعادة اعماروتاهيل اليمن التي نتحدث عنها يجب ان تجمع باحكام وتفصيل مدروس بدقة وعناية بين المسارين المتمثلين باعادة الاعمارفي جانب وتاهيل اليمن الى المستوى الذي يضعه اقرب بدرجة مقبولة (يتم القياس عبر حزمة متفق عليها من المؤشرات) من متوسطات المؤشرات الاساسية لمستوى التنمية القائم في دول المجلس الست في الجانب الاخرالمتمم في اطاربرنامجي واحد، بحيث يتم تقييم اي مشروع اواجراء اوماشابه ضمن الجانب الخاص باعادة الاعمارفي الخطة وفقا للالتزام التام بتلبية متطلبات الانظمة والمعاييروالمقاييس والمواصفات المعتمدة والمعمول بها في دول المجلس، وعلى ان يجري تنفيذه في ضؤالمهام والاهداف التي يتضمنها الجانب الخاص بالتاهيل المستهدف.
ان الربط المشار اليه سيمكن من توفيرالكثيرمن الجهد والمال، وسيجعل من انجازاي مفردة ضمن اي من المسارين على حده حافزللدفع باتجاه انجازمفردات المسارالاخر. ولاجل تحقيق هذا الغرض فان الخطة يجب ان تعد بحيث ان لاتتكفل بانجازالجانب الخاص بعملية اعادة الاعماركيفما اتفق، ولكن تجري برمجتها حتى تمضي في الانجازمن المنظورالمحدد والمرسوم بدقة ضمن الجانب المتعلق بتاهيل اليمن تنمويا الى مستوى يقارب المتوسطات القائمة في باقي الدول الاعضاء في المجلس، بهذا الاسلوب اوالمنهج في العمل نضمن ان يحقق كل تقدم يتم احرازه على صعيد اعادة الاعمارتقدم مماثل يتم احرازه على صعيد عملية التاهيل، فتكون النتيجة ان يصب كلما ينجزفيما يتعلق بالجزء الخاص باعادة الاعمارمن الخطة بصورة مدروسة ومخططة في ازالة التباينات وسد الثغرات وتجسيرالفجوات في مختلف النواحي والبنى الادارية والفنية والقانونية والتنموية بصورة شاملة بين كل من اليمن ودول المجلس الست الاخرى.
في السابق اي تحديدا الى ماقبل العام 2011 كان موضوع الهوة الكبيرة بين مستوى التنمية المتواضع الذي يتوافرلليمن مقارنة مع المتوسطات التنموية المرتفعة المحققة في دول المجلس، سواء تمت تلك المقارنة باستخدام المؤشرات التقليدية التي من اهمها مؤشرمتوسط نصيب الفرد السنوي من الناتج القومي الاجمالي، اوالمؤشرات الحديثة نسبيا والاكثرشمولا والتي من ابرزها مؤشرمستوى التنمية البشرية في الدولة، ابرزعائق تقريبا يعطل انضمام اليمن الكامل الى عضوية مجلس التعاون، وبالنظرالى سياق الاوضاع حينها فقد اعتبرت هذه المسئلة بالنسبة لدول المجلس شأن خارجي يتعلق بدولة اليمن، التي يتعين عليها التعامل معه والتغلب عليه ان ارادت اكتساب عضوية المجلس، مع اظهاردول المجلس استعدادها الدائم بل وقيامها بالفعل بدعم ومؤازرة اليمن بهذا الخصوص ولكن في حدود دورالعامل الثانوي المساعد لا اكثر، وقد كان من اللافت بهذا الخصوص عدم قيام الامانة العامة لمجلس التعاون بتحديد المؤشرات الكمية والنوعية المطلوب من اليمن بلوغها لقبوله عضوا كاملا في المجلس.
اليوم وبالنظرالى التغيرات الكثيرة التي حدثت منذ العام 2011 وماتلاه حتى يومنا هذا، ووفقا لما يمليه الكم الهائل من المعطيات الجديدة المنبثقة عن التغيرات المشاراليها، فان خطة مارشال لاعادة اعمار اليمن في الوضع الحالي لم تعد كما كان الامرفي ما يتعلق بمسئلة تاهيل اليمن في السابق شانا خارجيا بالنسبة لدول المجلس، بل ستصبح من الان فصاعدا احد ابرزالقضايا المطروحة على جدول اعمال منظمة مجلس التعاون، بافتراض ان اليمن قد اصبح بالفعل جزء لايتجزاء من المجلس. فالمتوقع ان تلعب دول التكتل الدورالرئيسي في الاعداد والتمويل والتنفيذ لهذه الخطة حتى يستعيد اليمن عافيته على اقل تقدير، وخصوصا بالنسبة للمرحلة من الخطة المتعلقة بالاستجابة العاجلة لحاجات الاغاثة الانسانية واعادة تاهيل البنى التحتية والمرافق المنتجة للخدمات الاساسية التي دمرتها الحرب اواخرجتها من حالة الصلاحية لتادية وظائفها، وذلك في مجالات الصحة والكهرباء والمياه والتعليم والاتصالات والمواصلات وغيرها.
ان هذه الخطة يجب ان لاتنطلق من فراغ، وانما ينبغي ان يتكون جزء مهم منها من طريق اعادة برمجة ماتم التعهد به من تمويلات من قبل دول المجلس لليمن خلال الفترة الماضية، والتي حال عجزالحكومة اليمنية في السابق عن استيعابها دون تخصيصها واستخدامها حتى اللحظة، وخصوصا تلك التي التزمت بها دول المجلس اثناء مؤتمري الرياض ونيويورك للمانحين لليمن العام 2012 التي اعقدت بغرض جمع التمويلات اللازمة لسد فجوة الموارد المحلية للبرنامج المرحلي للاستقراروالتنمية للاعوام 2012-2014 والتعهدات اللاحقة عليها، وكذلك التعهدات السابقة عليها التي تمت اعادة برمجتها ضمن الخطة الاستثمارية للبرنامج المذكور.
ومن باب تحصيل الحاصل الاشارة الى اهمية قيام خطة مارشال لاعادة اعماروتاهيل اليمن باعادة الحياة للمشاريع الاستراتيجية التي تعثرت في السابق بسبب حالة العجزالمتفاقم للحكومة اليمنية، وتفشي الفساد الى مستويات غير مسبوقة، واتجاه منظومة الحكم اجمالا في اليمن الى وضع الفشل التام. فهناك العديد من المشروعات التي بدات الاعمال التحضيرية والدراسات الاولية بشانها، ومن امثلتها ما يتصل بمشروع انشاء خطوط السكة الحديد في اليمن والتي تنطلق من ربط اليمن من خلال الخط الرئيسي الساحلي بدء من اقصى نقطة حدودية مع المملكة العربية السعودية على السواحل الغربية على البحرالاحمروتمتد حتى اقصى نقطة حدودية مع عمان على ساحل البحرالعربي في الجنوب الشرقي ومنها للارتباط بالمنافذ البرية مع المملكة، اضافة الى مشروع الربط الكهربي لليمن بشبكة كهرباء دول المجلس وخصوصا المملكة لما سيوفره انجازهذا المشروع من تعظيم الاستفادة من قدرة الطاقة المتاحة وتخفيض الفاقد منها الى ادنى مستوى، الى جانب الاستفادة من الافاق الكبيرة جدا فيما يتعلق بالتوسع في انتاج الطاقة الجديدة والمتجددة وخصوصا طاقة الشمس في منطقة المثلث الصحراوي (الربع الخالي) بين كل من اليمن والسعودية وعمان وغيرذلك من المشروعات التي تبلورت الافكاربشانها وتم التوافق حول جدواها وحول الروابط الامامية والخلفية الهائلة التي ستعود بها على الاقتصاد والمجتمع اليمني وعلى اقتصاد المنطقة ككل.
كما سيكون مجديا من باب توفيرالجهد والمال ان تتضمن عملية الاحياء المشاراليها اتخاذ التدابيراللازمة لافساح المجال لعودة المشروعات الاستثمارية الخاصة التي قدمت الى اليمن من دول مجلس التعاون عقب انعقاد مؤتمرالترويج لفرص الاستثمارفي اليمن في عام 2007 الذي تم التحضيرله برعاية خاصة من الامانة العامة للمجلس، والتي عادت لتغادراليمن لنفس الاسباب المذكورة انفا، ومن امثلتها مشروع ربط قارة اسيا بقارة افريقيا عند اقرب نقطتين تفصل السواحل اليمنية وسواحل دولة جيبوتي والتي لاتزيد المسافة بينهما عن 30 كم، وكانت الدراسات لهذا المشروع الحيوي قد انجزت وبدات عملية الترويج للمشروع فعلا العام 2009 من قبل تحالف من المستثمرين بقيادة مجموعة بن لادن السعودية، ولهذا المشروع افاق تطويرية غاية في الاهمية، بالاضافة الى المشروعات العديدة التي توقفت عند مراحل مختلفة من التنفيذ وماتزال تنتظرالدفع بها الى مرحلة الاستكمال ودخولها الفعلي في مضمارالانتفاع بها والاستفادة من ثمارها في قادم الايام.
وفي نفس هذا السياق من المهم التنويه الى انه وبحسب الدراسة الخاصة بمشروع حفرقناة "سلمان" المشاراليها فيما تقدم، فان انجازالمشروع من المتوقع ان يوفر حوالي مليون فرصة عمل لليمنيين طوال سنوات تنفيذه، كما سيوفرعند اتمامه حوالي 750كم من السواحل النظيفة في الاراضي اليمنية عبرمناطق صحراوية مهملة في الظروف الراهنة وستكون هذه السواحل مهيئة تماما لانشاء المدن السياحية والمنتجعات وغيرذلك من منشات صناعة السياحة والخدمات.

الاستراتيجية (الخطوة) الخامسة: مواصلة الانفتاح المدروس على مفاهيم وتطبيقات "الحكم الرشيد" ..
زيادة انفتاح حكومات دول المجلس (وتحديدا اليمن) على مجتمعاتها في الوضع الجديد، من خلال ترسيخ المفاهيم والتطبيقات المرتبطة باعلاء شأن الانتماء الى مواطنة الدولة وتقديمه على ماعداه من الانتماءات الفرعية الاولية ايا كانت هذه الانتماءات، وهوامرشديد الارتباط بتعزيزمبداء سيادة حكم القانون في النظرية والممارسة اليومية لمؤسسات الدولة (الحكم) وكذلك بباقي مفاهيم وتطبيقات "الحكم الرشيد"، بحيث تتم عملية الانفتاح المشاراليها بما يتلائم مع عادات وتقاليد وخصوصيات وثقافة هذه المجتمعات، وايضا حاجاتها واغراضها الوطنية الحقيقية، بعيدا عن النقل الميكانيكي للنماذج الجاهزة، اوان يكون الهدف من "تبني" هذه النماذج مجرد ارضاء دوائرالتاثيرذات الصوت المرتفع في الدول الغربية والمنظمات الدولية التي برهنت على اختلاف مسمياتها انها تدور بالمجمل في فلكها، وبحيث يفضي الانفتاح والمساعي الحثيثة في هذا الصدد الى ارساء دعائم راسخة لمؤسسات حكم حديثة لدولة المواطنة، بما يوطد بصورة شاملة انتمائها الى العصرومواكبتها المقتدرة لمتغيراته، من خلال الرفع المستمروالتدريجي لمنسوب مشاركة المجتمع في تقييم عمل واداء هذه المؤسسات ومسائلتها عبرالوسائل المناسبة والفعالة التي يختارها ويتوافق عليها المجتمع باسلوب ديمقراطي تشاركي.

الخلاصة..
من الاهمية بمكان التاكيد على ضرورة ان يتم التوافق حول فهم مشترك لهذ السيناريومن قبل دول المجلس كاساس لتبنيه وتحويله بالتالي الى مخطط عام، ينبغي ان يتمتع بكافة المسوغات السياسية والقانونية والادارية وغيرها باعتباره ملكا لمجلس التعاون ويجري تنفيذه باسمه وتحت مظلته، ويضمن من جانب اخراستبعاد اي احتمال مهما كانت فرصته ضئيلة لتكوين مقاربات مختلفة ومتباينة من قبل دول المجلس كل على حده ازاء نفس المفردات المكونة للمخطط، اضافة الى كونه يمثل اجراء احترازي لتفادي الاضرارالتي قد يتسبب بها الخلط بل والتعارض وربما التصادم احيانا بين المخطط العام من ناحية وبين اي اجندات خاصة بهذه اوتلك من الدول الاعضاء ازاء نفس المهام التي يتصمنها ويستهدف تحقيقها.
بالاضافة الى ما تقدم فان من عوامل نجاح المضي قدما في تنفيذ هذا المخطط، هوان يتم التحديد الدقيق للالتزامات المتنوعة الناجمة عنه وبالارتباط بهذا المسؤليات المترتبة عليها على مستوى كل دولة عضوعلى حدة من ناحية، وعلى مستوى المجلس ومؤسساته كاطارتعاوني يجمع وينسق جهود هذه الدول ويعمل لخدمة مصالحها واهدافها المشتركة من ناحية ثانية، وبحيث يتم تحديد الالتزامات والمسؤليات والادوارالمشاراليها في المستوى الاول بناء على حسابات منصفة للمصالح والاعتبارات الوطنية لكل دولة من الدول الست على حدة، وان تجري موازنة الالتزامات والمسؤليات لكل دولة مع القدرة الفعلية لها للوفاء بالتزاماتها والقيام بمسؤلياتها، واما بالنسبة للمستوى الثاني فمن المفترض ان يشتمل على الاليات والوسائل الضرورية المطلوبة لتنسيق الوفاء باالالتزامات وتولي القيام بالمسؤليات والادوارالتي انبثقت وتحددت في المستوى الاول وذلك وفقا لما هومتضمن في المخطط العام.
وكما تمت الاشارة اليه في السابق فان الخطوة المتعلقة بقبول عضوية اليمن الكاملة في مجلس التعاون الخليجي تمثل العمود الفقري لهذا "السيناريو" بمحاوره الاستراتيجية الخمسة، كما انه لاجدوى لاي تعاطي منفرد مع اي من هذه المرتكزات اوالمحاوراوالخطوات الخمس اوبعضها (اسلوب انتقائي) اذ لابد من اخذها جميعا كحزمة واحدة لاتقبل التجزيئ، وتكتسب الخطوة المتعلقة بانضمام اليمن الى القوام الاساسي للمجلس اهميتها الاستثنائية كونها ستشكل نقطة الانطلاق الحقيقية للمضي قدما في وضع هذه الرؤية على محك التنفيذ العملي، وستهيئ كافة الشروط والعوامل الممكنة للتحفيزوالدفع باتجاه العمل على باقي الخطوات الاخرى بصورة تلقائية ومتزامنة وفقا للمخطط العام، حيث سيؤدي مجرد اتخاذ قرارالقمة لدول المجلس بقبول العضوية الكاملة لليمن الى ازالة كافة العوائق ذات الطابع السياسي والقانوني والاداري وما الى ذلك من هذا النوع من العوائق، فاليمن حينذاك سيصبح دولة عضوفي المجلس وجزء من هيكليته التنظيمية وبيئته الداخلية.
باستكمال الترتيبات السياسية والقانونية والادارية واللوجستية اللازمة واتخاذ قرارانضمام اليمن فعليا سيقفزعدد سكان دول مجلس التعاون الى نحواكثرمن سبعين مليون نسمة، وستصبح مساحة دول مجلس التعاون حوالي 3.000.000 مليون كم مربع، وسيتسع الفضاء الجيوسياسي لدول المجلس الى "نطاقات" ممتدة بحيث يحتاج الواحد منا الى قدرضاف من الخيال لتصورها جوا وبرا وبحرا، حيث سيشمل الاخيرالاشراف المباشرعلى كافة الممرات وخطوط الملاحة البحرية للتجارة الدولية في جميع المسطحات المائية العملاقة في المنطقة، ناهيك عن "النطاقات" الافتراضية التي سيتيحها هذا التطورالهيكلي الشامل لوضع المجلس التي لن تحدها نهاية.
ومن دون الاستمرار في سرد سلسلة المكاسب التي ستتحقق لدول وشعوب المجلس (استعرضنا عددا منها في مواضع متفرقة من هذه المقالة)، فانه يمكن القول بثقة ان تبني هذا السيناريوبخطواته الاستراتيجية الخمسة من دون انتقاص اوتجاوزلاي منها، وفي ظل افق مفتوح للاضافة اليها وتطويرها، سيكون بمثابة اعلان تاريخي عن ميلاد عهد جديد في مسيرة مجلس التعاون، من المؤكد انه سيعود بالامن والاستقراروالازدهاروالتقدم على كافة دول وشعوب (شبه) الجزيرة العربية بل وجميع دول العالم العربي والاقليم باسره. حيث ستفتح افاق واسعة وغير مسبوقة بمختلف الابعاد الامنية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ما سيقود في الحصاد الاخيرالى حضورقوي وحاسم لدول المجلس خلال العهد الجديد على كافة الاصعدة ومن ذلك ما يتصل بااعادة رسم خطوط وملامح الجغرافيا السياسية للمنطقة والاقليم باكمله .
كما ستفرض الاوضاع التي من المتوقع ان تتمخض عن تبنى وتنفيذ السيناريوالمقترح، جملة من الحقائق والمعاييرالجديدة ستفضي الى اعادة تقييم الاهمية الجيوسياسية الاستراتيجية لمنطقة الجزيرة والخليج العربي كوحدة جغرافية متماسكة ومتكاملة، وستؤدي الى خلق بيئة خصبة وناضجة يتوافرلها المزيد من العوامل المحفزة والميسرة لعملية مراكمة عناصرالقوة والتاثيرلدول المجلس، وبما يعززبناء قدراتها الذاتية الحقيقية بصورة مضاعفة في الوضع الجديد، وتمكينها من الامساك بخيوطها مجتمعة لادارتها من منصة واحدة ضمن اطارالمجلس، وتسخيرها بصورة مثلى لخدمة مصالح الدول الاعضاء منفردة ومجتمعة كاولوية اولى لاتقبل المساس ولا المساومة، من خلال صيانة امنها القومي والحفاظ على استقرارها في سياق رؤية واضحة لدورمتعاظم في صيانة الامن القومي العربي وبالارتباط في الوقت ذاته بتعزيزدورها وزيادة مساهمتها في ارساء دعائم الامن والسلم العالميين.
من المسائل المهمة التي ينبغي الانتباه اليها هوالطابع المعقد للصراع الراهن الذي تمربه دول المنطقة العربية بدرجات متفاوته والتحديات التي تنتصب امامها منفردة ومجتمعة، وهوما يلقى تفسيره في الحالة المركبة لما يجري من صراع مصالح وارادات تتشابك وتتداخل متجاوزة المستوى الوطني الى الاقليمي والدولي، وتزداد حدة هذا التشابك بين الداخلي والخارجي وفقا لعاملين رئيسيين: الاول: قوة الروابط وقنوات التاثيرالتي خلقتها الاندماجات المتتالية في ظل موجة العولمة المعاصرة التي خضعت لها هذه الدول كغيرها من دول العالم خلال العقود الاخيرة وذلك في مختلف جوانب التفاعل والنشاط الانساني، والثاني: الاهمية التي تتمتع بها دول المنطقة سواء من ناحية الموقع الجغرافي واهميتها الاستراتيجية الجيوسياسية اومن ناحية الموارد التي تتوفرلها ومدى حاجة باقي دول العالم لتلك الموارد.
ووفقا لهذه العوامل فان تقوقع وسائل وافاق المواجهة التي تخوضها الدول والشعوب العربية ازاء هذه التحديات، وابقاء طريقة انخراطها وتعاطيها مع هذه الصراعات ضمن الاطارالداخلي المحلي بصورة منعزلة عن قراءة واستيعاب متغيرات ومعطيات المحيط الاقليمي والدولي، بمعنى الاكتفاء بالتحرك وفقا لما يمليه حساب المتغيرات الوطنية الداخلية دون الاحاطة الشاملة بمايدوروارتباطاته المتشعبة مع باقي دول المنطقة والعالم، وخصوصا تلك الاجزاء منه التي ترتبط معها هذه الدول بمصالح حيوية متنوعة ومهمة، قد يتسبب ليس فقط في اخفاق هذه الدول الكلي او الجزئي في التغلب على التحديات الرئيسية في هذه المواجهة ولكن ايضا في اضاعة كثيرمن الفرص التي تخلقها نفس هذه التحديات والتي لولاها لما لاحت امامنا تلك الفرص.
تتمثل اهم الفرص المهددة بالضياع في عدم قدرة الدول العربية في الظروف الراهنة من الاستفادة من مواردها وطاقاتها الهائلة (الفعلية والكامنة)، التي لاتكتمل رؤيتها الا في اطار مستوى معين من التنسيق والتعاون والتكامل، بغرض تشكيل مركزقوة اقليمية مستقلة ومؤثرة وقطب راسخ وفاعل في صناعة التغييرالقادم، مع ملاحظة ان ابرزوقائع انطلاقة "التغيير" المنتظرجرت ومازالت على مسرح دول العالم العربي، هذا التغييرالذي تشي ارهاصاته ونذره التي تتخلق من يوم لاخرالى اتجاه الولايات المتحدة الامريكية المتزايد الى التسليم بعدم قدرتها على الاستمرارفي فرض هيمنتها المنفردة على العالم وتحمل الكلفة الباهضة للقيام بدورالدولة الوحيدة التي تتربع على عرشه، الامرالذي لاقى انعكاسه الفعلي فيما شهدته السنوات الاخيرة من نشاط وتحركات محمومة للدول والتكتلات الكبرى الطامحة حول العالم لاخذ مواقعها في اطار"مجلس ادارة" النظام العالمي الجديد، الذي سيتاسس هذه المرة على الارجح – كما تنبئ عن ذلك مجريات الاحداث وتطوراتها على الاقل حتى هذه اللحظة - على قاعدة التعدد القطبي كبديل لتراجع هيمنة القطب الاوحد.
فهل يكون لنا كمجموعة الدول العربية شرف عضوية هذا "المجلس" ، هذا هوالسؤال الذي ينتظران تاتي اجابته هذه المرة، في ظل الارتباك والفراغ "القيادي" التقليدي العربي الحالي من مجلس دول الجزيرة والخليج العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.